رئيس التحرير
عصام كامل

الطريق إلى «صفر أزمات».. روشتة سياسية للإصلاح العاجل والدائم.. سياسيون: يجب وقف الاستدانة وإطلاق الحريات وتشغيل المصانع المعطلة

 المصانع المعطلة،فيتو
المصانع المعطلة،فيتو

روح إيجابية تسرى فى أوردة الاقتصاد المصرى بعد صفقة مشروع رأس الحكمة الضخمة التى تنعش الاقتصاد المصرى بشكل عاجل بنحو 35 مليار دولار قادرة على سد الفجوة التمويلية فى البلاد لمدة 4 سنوات على الأقل.

لكن التساؤلات لم تنقطع، كيف وبأى آلية يمكن القضاء على الأزمة الاقتصادية فى مصر، والتى أدت إلى انخفاض قيمة العملة المصرية مقابل الدولار، بسبب شح العملة الصعبة الأخرى وعدم توافرها فى السوق، الأمر الذى تسبب فى كارثة للمواطن بعد غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق.

بعد صفقة رأس الحكمة الكل يسأل عن كيفية عدم تكرار الأزمات أو الطريق إلى «صفر أزمات»، وكيف يستقر سوق الصرف، وآليات مواجهة ارتفاع التضخم الذى جعل من الصعب على المصريين الوفاء بالتزاماتهم، بخلاف التدمير الذى لاحق المستثمرين والتجار، وخاصة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذين كسدت صناعتهم وتجارتهم أمام السعر المتقلب للصرف، والغلاء المبالغ فيه لكل شيء على أرض المحروسة بعد أن أصبح من الصعب استيراد المواد الخام والبضائع أو حتى البيع لمواطن يكافح بالكاد للحصول على قوت يومه.

ماذا يحدث فى اليوم التالى لضخ مليارات الدولارات فى السوق المصرية؟ وماذا عن المستقبل وملامح تعامل الحكومة بعد انفراج الأزمة؟ ولأى مدى يمكنها تغيير سياساتها؟ وما هو الحل لإنهاء الأزمات وإيجاد بدائل تتبنى نوعا آخر من الأفكار يبتعد بالبلاد عن هذه الدوامة التى كادت أن تدمر الأخضر واليابس فى مصر؟

«فيتو»  طرحت هذه الأسئلة على عدد من السياسيين وخبراء الاقتصاد والنواب فى سياق هذا الملف، فإلى التفاصيل:

 

خطوة مهمة على طريق الاستقرار، وإنعاش الاقتصاد المصرى، ولكنها ليست كل شيء، هذا ما يراه الساسة فى مصر، حول تداعيات صفقة رأس الحكمة، وإن كانت كافية لتصحيح المسار، أم أن هناك خطوات أخرى أكبر من توفير العملة الصعبة، والالتزام بتسديد الديون والقضاء على الفجوات التمويلية.

يقول عاطف مغاورى، نائب رئيس حزب التجمع وعضو مجلس النواب، إن صفقة رأس الحكمة، خطوة إيجابية لعبور الأزمة الاقتصادية التى نعانى منها، ولكن يجب عدم الاعتماد على مثل هذه الصفقات فى علاج الأزمات المزمنة، وعلينا التحول من الاقتصاد الريعى إلى الإنتاجى لتوفير احتياجات المواطن وتقليل حجم الاستيراد.

وشدد على ضرورة تشغيل المصانع المعطلة لتخفيف الضغط على العملة الصعبة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال خطة عاجلة للخروج بالاقتصاد من النفق الصعب.

من ناحيته، يرى مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبى الديمقراطى، أن الحكومة مطالبة بعد اتفاقية مشروع رأس الحكمة بوضع خارطة طريق للمستقبل، سواء اقتصاديا أو سياسيا.

أضاف: على المستوى الاقتصادى يجب وقف الاستدانة، حتى لا ندخل الفخ الخاص بالديون، وهذا يدفعنا للمطالبة بالإنتاج وتركيز الاستثمارات على تطوير الإنتاج الزراعى والصناعى حتى يمكننا علاج الخلل فى الميزان التجارى والتغلب على أزمة الدولار، خاصة أن مصر كان لديها العديد من الصناعات التى تدهورت مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والكوك وغيرها.

ويضيف الزاهد: يجب على الحكومة توحيد الموازنة العامة وإدخال الصناديق السيادية والخاصة الميزانية على أن تخضع لمجلس النواب، بالإضافة إلى ضرورة مكافحة الفساد من خلال أشكال الرقابة الشعبية، ومنها حرية الصحافة وتشجيع العمل النقابى والأحزاب، مؤكدا أنها إجراءات عادلة مطلوبة على وجه السرعة لربط الأجور بالأسعار.

وواصل الزاهد حديثه قائلا: لا بد من خطة طوارئ تناسب المرحلة، فلا نحصل على الأموال ليس لاستخدامها فى التنمية والإنتاج، وإنما لسداد الديون، وهذا هو الخطر مستقبلا على القرار والأمن القومى المصرى، بالإضافة إلى ذلك مطلوب من الحكومة اتخاذ خطوات نحو الإصلاح السياسى العميق من خلال مجلس نيابى مستقل وإصلاح النظام الانتخابى وتحقيق الدالة الاجتماعية.

على جانب آخر، يرى اللواء دكتور رضا فرحات نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية أن توقيع صفقة الاستثمارات الكبرى المباشرة لتطوير مدينة رأس الحكمة يضع مطروح على خريطة السياحة العالمية، ويسهم فى إنشاء مدن جديدة وخلق ملايين فرص العمل، موضحا أن الاستثمار بداية تصحيح مسار الاقتصاد المصرى.

وأضاف أن هذه الصفقة بمنزلة شهادة على التزام الحكومة بجذب الاستثمار الأجنبى وتعزيز الاقتصاد، حيث تتضمن الصفقة عددا من المزايا الرئيسية التى ستساعد فى دفع النمو الاقتصادى وخلق فرص جديدة للعاملة بما يسهم فى خفض معدلات البطالة، وهذا لن يفيد الاقتصاد فحسب، بل سيحسن أيضًا مستوى المعيشة للعديد من المصريين مطالبا بتكثيف الاستثمار الأجنبى فى الصناعات المحلية، وتطوير الاستثمار المحلى فى ظل الأزمات العالمية المتعددة فى الوقت الحالى.

وتابع: هذه الصفقة الكبرى وما ستوفره من سيولة نقدية كبيرة من العملة الصعبة، ستسهم فى استقرار سوق النقد الأجنبى، مؤكدا أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى الاقتصاد المصرى لها دور كبير فى تعميق الصناعة الوطنية، والنهوض بالاقتصاد المصرى.

ويضيف الكاتب الصحفى خالد داود، القيادى بحزب المصرى الديمقراطى، أن المطلوب من الحكومة لتغيير وتصحيح المسار سياسيا خلال الفترة المقبلة بعد اتفاق مشروع رأس الحكمة مع الإمارات الشقيقة هو فتح المجال السياسى والسماح للأحزاب بحرية كاملة لممارسة دورها، فضلا عن ضرورة تعديل أو تغيير قانون الأحزاب السياسية وإعادة النظر فى الحبس الاحتياطى مع رفع الحظر عن المواقع الصحفية.

وأضاف داود: صفقة رأس الحكمة تمثل طوق نجاة عاجل للخروج من أزمة التزامات مصر تجاه الديون وأقساطها، لكن هذا الأمر ليس الحل الأمثل، لأننا على مدى 40 عاما نعتمد على الإيرادات الريعية، وهى مجرد حلول مؤقتة ليست استراتيجية متكاملة للاقتصاد، مشددا على أهمية دعم الإنتاج المحلى وتشجيع القطاع الخاص على الدخول باستثمارات جديدة من خلال تقديم حوافز له مع دعم المشروعات الصغيرة والاستفادة من تجارب الدول السابقة فى هذا المجال.

 

الجريدة الرسمية