حدث في 9 رمضان، إعادة الأذان بمئذنة مدرسة السلطان حسن بعد طول انقطاع
حدث في رمضان، مدرسة السلطان حسن يعد تحفة معمارية ومن أعظم الجوامع فى مصر وعلى مستوى العالم كله، وتجمع مبانيه بين قوة البنا وعظمته ودقة الزخارف البديعة.
يصف المستشرق الفرنسي جاستون فييت هذا الأثر الخالد بقوله: "هذا الجامع هو الوحيد بين جوامع القاهرة الذي يجمع بين قوة البناء وعظمته، ورقة الزخرفة وجمالها، وأثره قوي في نفوسنا؛ إذ له خصائصه التي لا يشترك معه فيها غيره"، ويقول "جومار" في كتاب وصف مصر: "إنه من أجمل مباني القاهرة والإسلام، ويستحق أن يكون في الرتبة الأولى من مراتب العمارة العربية بفضل قبته العالية، وارتفاع مئذنتيه، وعظم اتساعه وفخامة وكثرة زخارفه".
مدرسة السلطان حسن
شيد هذه المدرسة السلطان الملك الناصر حسن بن الناصر قلاوون، وشرع في تشييدها عام 757 هـ “1356 م ” وقتل في عام 762 هـ “1361م” قبل أن تستكمل أعمال الزخرفة بها، وطوال السنوات الخمس التي استغرقها البناء ظل السلطان ينفق بسخاء على عمارتها، ونسب إليه أنه قال” لولا أن يقال إن ملك مصر عجز عن إتمام بناء بناه لتركت بناء هذا الجامع لكثرة ما صرف عليه ”.
وكان مقدرا لهذه المدرسة أن تضم أربع مآذن، وأتم السلطان في حياته ثلاثا، اثنتان منها تكتنفان القبة الضريحية بالواجهة الشرقية، والثالثة كانت فوق الكتف الأيمن للمدخل الرئيسي، ولكن هذه المئذنة الأخيرة سقطت يوم السبت 6 ربيع الآخر سنة 762 هـ “1361 م ”، فأبطل السلطان حسن بناء المئذنة الرابعة التي كان من المقرر تشييدها فوق الكتف الأيسر للمدخل الرئيسي، واكتفى بالمئذنتين الباقيتين إلى اليوم.
ويتكون المسجد من أربعة إيوانات متعامدة متواجهة مشرفة أكبرها الشرقى، حيث التمهيد المؤدى إلى القبة، ويبلغ طول الدهليز المؤدي إلى القبة 28 مترا.
ويأخذ المسجد في بناءه طراز المساجد الفارسية حيث يمكن للنظار استيعاب مساحته من أي زاوية. وتوجد نقوش محدودة على جدران البناء، مثل شريط الجس الموجود في الإيوان الشرقي وقد كتب عليه جمل بالخط الكوفي مستوحاة من أوراق النبات نصها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما، وينصرك الله نصرا عزيزا، هو الذى أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزًا عظيمًا»..
النص القرآنى هنا جزء رئيسى من البناء، ويسهم في إبراز الهدف منه، وبث السكينة في النفوس، وأرواح الموتى المفترض رقودهم تحت القبة، خاصة روح من أمر بتشييد المسجد، السلطان نفسه.
وصحن المسجد على هيئة مربع تقريبا، طوله 34.60 متر وعرضه 37.5 متر، الأرضية مفروشة بالرخام، في المركز تماما فسقية للوضوء تعلوها قبة خشبية تقوم على ثمانية أعمدة، كتب على القبة آية الكرسى وتاريخ الفراغ منها، هذه الميضأة تذكرنى بأخرى تتوسط مسجد السلطان برقوق في النحاسين، والذى يكون ملخصًا معماريًا جميلًا لمدرسة ومسجد السلطان حسن.
وعندما سقطت إحدى منارات مسجد السلطان حسن (762 هـ / 1361 م) واعتبر الناس ذلك نذيرًا بزوال الدولة، حتى سارع الشاعر بهاء الدين السبكي (توفى 773 هـ / 1372 م) ليجعل من ذلك بشير سعد للسلطان والدولة إذا ما سقطت المئذنة إلا إجلالًا للقرآن الذى يقرأ تحتها.
مآذن مسجد السلطان حسن
ولعبت المئذنتان دورا مهما في العديد من الصراعات التي دارت بين المماليك، فنظرا لوقوع مدرسة السلطان حسن أمام مقر الحكم في قلعة الجبل، دأب المتمردون ضد السلطان على أن يتخذوا من المدرسة حصنا لهم، يدافعون به عن أنفسهم، بل وكقلعة هجومية في مواجهة قلعة الجبل ومماليك السلطان المتحصنين بها، وما إن ينشب الصراع حتى يصعد بعض الأمراء وغيرهم إلى أعالي المئذنتين المطلتين على القلعة، وينصبون المدافع فوقهما، ويطلقون القذائف منهما على القلعة، وقد وقعت مثل هذه الأحداث غير مرة في عصر دولة المماليك الجراكسة أو إبان العصر العثماني، ففي سنة 791 هـ “1389 م ” نصبت مكحلة “ مدفع ” أعلى المئذنة رمي بها على باب السلسلة أحد أبواب القلعة، فهرب المماليك المدافعون عن هذا الباب.
ولما تكررت هذه الحوادث أمر السلطان الظاهر برقوق في 8 صفر سنة 793 هـ “1391 م” بهدم السلم الموصل إلى سطح المدرسة، وسد ما وراء الباب النحاسي الكبير مع فتح شباك من شبابيك المدرسة يوصل إلى داخلها. وفي شهر رمضان سنة 825 هـ “1422 م ” سمح بالأذان في المئذنتين بعد طول انقطاع، وأعيد درج الباب الرئيسي، وركب له باب عوضا عن القديم الذي حمله الملك المؤيد شيخ ليوضع في مسجده الملاصق لباب زويلة.
ولما عاد أمراء المماليك إلى مهاجمة القلعة من مدرسة السلطان حسن أمر السلطان أبو سعيد جقمق في سنة 812 هـ “1438 م ” بهدم السلالم الموصلة إلى المئذنتين، نتيجة لتوالي القصف المدفعي المتبادل بين القلعة ومئذنتي المدرسة، وعهد السلطان أبو النصر قايتباي في سنة 858 هـ “1454 م ” إلى بعض المهندسين بفحص المنارة الجنوبية خوفا من حدوث خلل بها، وبفحص المئذنة تبين لهم سلامتها.
وأثبتت المآذن جدارتها المعمارية مجددًا في عام 902 هـ، عندما تمرد الأمير أقبردي على السلطان، وحاصر القلعة ثم ضربها من أعلى مآذن مدرسة السلطان حسن بمكحلة “ مدفع ” أصاب أول حجر منه باب السلسلة، فرد مماليك السلطان على الاعتداء بمثله، وهاجموا المدرسة بالمدفعية واجتاحوا ونهبوا ما بها من بسط وقناديل ورخام، واضطر الأمير طومانباي الداودار في العام التالي إلى إصلاح ما تخرب من جدران المدرسة، وأقيمت الخطبة بها بعد أن كانت معطلة نحو عشرة أشهر، ولكن المئذنتين بقيتا دون حاجة لإصلاح أو ترميم.
مئذنة مسجد السلطان حسن
والمئذنتان متماثلتان مع اختلاف طفيف بينهما في الارتفاع، فلكل مئذنة قاعدة مربعة تذكرنا بالصوامع الأموية المبكرة، وتنتهي القاعدة من أعلاها بشطفات مائلة على هيئة مثلث قاعدته لأعلى، وهذه الشطفات الأربع حولت المربع إلى مثمن ينطلق منه الطابق الثاني المثمن الأضلاع، وازدانت أوجه هذه الدورة بأشكال حنيات معقودة، وينتهي هذا البدن المثمن بصفوف من المقرنصات الحجرية الدقيقة الصنع تحمل شرفة الأذان الأولى.
وبعد ذلك يأتي طابق ثالث له ذات الهيئة المثمنة، ولكنه أقل ارتفاعا من سابقه، وهو ينتهي أيضا بصفوف من المقرنصات تحمل شرفة الأذان الثانية، وأخيرا يأتي الجوسق الذي اتخذ هيئة دائرية تحمل ثمانية أعمدة صغيرة تنتهي بعقود من فوقها قبة صغيرة تعرف في مصطلح العمارة المملوكية باسم القلة، ويتجاوز ارتفاع المئذنة ١٨ مترا.
ولو اكتمل تصميم المدرسة بإنشاء المئذنتين الباقيتين على جانبي المدخل الشمالي الرئيسي، لاكتملت صورة المدرسة كصرح معماري مهيب، تماما مثلما أراد لها السلطان حسن أن تكون، وكما خطط لذلك مهندسها محمد بن بيليك المحسني، وكانت الحيرة قد استبدت بالعلماء الذين كتبوا عن هذه المدرسة بشأن مهندسها وانتهى بعض المؤرخين إلى أنه محمد بن بيليك المحسني سليل أسرة اشتهرت بأعمال البناء خلال العصر المملوكي.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.