زغلول صيام يكتب: شوقي غريب في عيد ميلاده.. صاحب بصمة في تاريخ الكرة المصرية!
في حياة كل إنسان أشخاص ومواقف لا يمكن أن تُنسى، وبالنسبة إليَّ في عالم كرة القدم أكاد أجزم أني خرجت بمجموعة من الأصدقاء المميزين استفدت كثيرا منهم في طريقة تفكيرهم ونظرتهم للموضوع برؤية تختلف عن الآخرين… من أقرب الأصدقاء لقلبي هو الكابتن شوقي غريب النجم الكبير في الملاعب لاعبًا ومديرًا فنيًّا… الذي يوافق اليوم عيد ميلاده، متعه الله بالصحة والعافية.
شوقي غريب بالنسبة إليَّ ليس مجرد صديق أو زميل وإنما يتعدى ذلك إلى مرحلة أني أعتبره أحد أفراد أسرتي، وهو يعتبرني كذلك، لأن الرابط بيننا هو الحب في الله، بعيدًا عن أي مصالح، ولا تتوقف العلاقه عند عمل أو مصلحة، وإنما تتجاوز هذا الأمر كثيرًا.
شوقي غريب بالنسبة إليَّ هو أحد الأذكياء وشاطر جدًّا في مهنته، ويعبر عن المواطن المصري الأصيل الذي يعتز بنفسه وليس من روَّاد الكافيهات أو السهرات على الرغم من أنه (سهير ولا ينام قبل الفجر)، ولكن في بيته ومع أسرته.
الكابتن شوقي غريب
شوقي غريب لم يصل إلى ما وصل إليه بصداقة هذا أو محبة هذا، كما يردد العجزة، ولكنه حفر في الصخر حتى يحقق للكرة المصرية ما حقق من دون أن يكون لأحد فضل عليه غير جهد وعرق السنين… فهذا الشاب الذي خرج من إحدى قلاع الصناعة في مصر مدينة المحلة الكبرى عرف طريقه للمجد منذ نعومة أظافره، حيث مر بجميع المنتخبات والأعمار السنية حتى تقلد شارة قيادة منتخب مصر، وهو أمر لو تعلمون عظيم بالنسبة إلى لاعب قادم من الفلاحين ويرتديها على من؟! على نجوم بحجم طاهر أبو زيد وربيع ياسين وشوبير ومعظم أبناء جيله.
لم يتوقف عند الملعب فقط حيث كان كلمة السر في الفوز بالأمم الأفريقية التي فازت بها مصر عام 86، وهدفه الفاصل في كوت ديفوار إنما أهل نفسه ولم يعتمد على نجوميته التي فاقت الحدود في مدينة المحلة، واجتاز دورة ليبزج، وحصل على أعلى الشهادات في التدريب حتى يكون مؤهلًا في عالم التدريب الذي لم يخِب الظن فيه…
شوقي غريب تقدر تقول عليه إنه مدرب يحول التراب إلى ذهب، وأي منظومة يعمل فيها لا بد أن يخرج منها ببصمة واضحة للكرة المصرية… ولذلك عندما بدأ مشواره في تدريب المنتخبات كان مساعدًا للدكتور محمد علي في منتخب الناشئين والإنجاز الوحيد الذي حققته مصر في تلك الحقبة السنيه كان على يد محمد علي وشوقي غريب بالفوز بالبطولة لأول وآخر مرة عام 97 ببتسوانا.
ثم كانت البصمة الثانية عندما قاد منتخب الشباب في مونديال الأرجنتين ليحقق المجد والميدالية الوحيدة لمصر في تاريخ 100 سنة كورة، وتلاها بميدالية برونزية في بطولة الفرانكفون، ولكن مع دخول عوامل أخرى كان لا بد أن يخسر المنتخب الأولمبي، لأن الأندية بحثت عن مصلحتها من دون أن يستطيع اتحاد الكرة توفير الجو المناسب لهذا الجيل.
لم يكن للمعلم حسن شحاتة أن ينجح بمفرده بالفوز بثلاث بطولات أمم أفريقيا لولا جهاز معاون يقوده شوقي غريب بمعلمه، ولأننا نركز فقط مع الرجل الأول، ولكن في الخارج يعتبرون أن هذا النجاح ينسب لكل فرد من أفراد المنظومة، ومع المعلم كان غريب صاحب بصمة يدركها كل من كان قريبًا من المنتخب.
والإنجاز الوحيد للمنتخب الأولمبي وهو الفوز بالأمم الأفريقية متغلبًا على كل المنتخبات العملاقة في القارة، هو إنجاز غير مسبوق ولولا سوء التوفيق لحقق الميدالية هناك ولكن غاب هداف الفريق مصطفى محمد بسبب أن ناديه رفض.
مع كل إخفاق يظن البعض أن شوقي غريب قد انتهى، ولكنه يعود أقوى مما كان، فبعد أن ترك المنتخب الأول الذي تحالفت الظروف ضده من اعتزال لاعبين وانتهاء جيل كامل لم يصبر عليه أحد عاد للنجاح مع المنتخب الأولمبي.
نعم شوقي غريب صديقي وأفتخر بصداقته لأنه رجل يعتز بنفسه ولا يجري وراء هذا أو ذاك، ويفضل أن يعمل في صمت… في عز نجاحه لا يخرج وكذلك في عز انكساره لا يتحدث…
لم يحدث مرة أن برر إخفاقًا لإدارة اتحاد أو نادٍ، ولكنه يلتزم بالصمت ويتعامل بأخلاق الفرسان… في جعبته الكثير والكثير الذي يؤكد أن الفشل لم يكن من صناعته، وأن هناك أعداء للنجاح، ولكنه لا يميل إلى التبرير… يرفض الظهور على شاشات الفضائيات على الرغم من أنني أعتبره صندوق أسود الكرة المصرية، ولديه ما يجعل البعض من أصحاب الشوشرة وبث الأكاذيب لا يخرجون من بيوتهم، ولكنه يرفض حتى التعليق.
شوقي غريب صاحب عين خبيرة، وأعتقد أن الجميع بصم بالعشرة له في طريقته في اكتشاف المواهب منذ الجيل الذهبي محمد شوقي ورضا شحاتة وأبو المجد مصطفى وكتيبة من النجوم انتقلت جميعها للأهلي والزمالك… وتذكرت هذا بعد هدفي ناصر منسي للزمالك أمس في الكونفدرالية فهو الذي أتى إلى الداخلية ليضمه للمنتخب في بطولة أفريقيا ثم في الأولمبياد… انظروا إلى الجيل الأولمبي وأنتم تعرفون ماذا قدم شوقي غريب للكرة المصرية.
وفي تجربة المقاولون العرب كنت أحاول أن أثنيه عن موافقته ولكنه قبلها… هذا جون أوكلي المهاجم النيجيري الذي وجده في المقاولون، وهناك من يقول إن لديه إصابة مزمنة ليبدأ الاعتماد عليه ويصبح هداف الفريق وإحدى الأوراق الرابحة قبل أن تكون هناك مؤامرة لتهريبه إلى الدوري الليبي… وذاك الشاب عمر فايد الذي عاد بعد خسارة منتخب الشباب في السعودية ليعتمد عليه حتى يصل إليه عقد احتراف من أحد الأندية التركية الكبيرة مقابل مليون يورو.
ألم يكن هذا هو أحمد عاطف (قطة) الذي جلبه إعارة من بيراميدز ليصبح نجم المنتخب الأولمبي وتأتيه العروض لينتقل إلى نادي زد… وهناك نماذج كثيرة قد ينساها البعض، ولكن التاريخ لا ينسى.
نعم شوقي غريب صديقي وأفتخر بصداقته… نعم هو هو في عيني أفضل مدرب في مصر، وهذا حقي وحقه… كل سنة وأنت طيب يا كابتن كباتن مصر… كل سنة وأنت منور الدنيا.