فتحي غانم.. الكاتب الذي لم يفقد ظله أبدًا.. دخل الصحافة من باب الأدب.. خاض معركة ساخنة ضد الناصريين.. وأثار غضب الشيوعيين لهذا السبب
الكاتب الأديب فتحى غانم قامة صحفية وأدبية متفردة، قدم أعمالا أدبية عبرت عن مراحل هامة في المجتمع، أحد عمالقة الصحافة في الزمن الجميل، واحد من أهم كتاب الرواية العربية، من أشهر رواياته: الرجل الذى فقد ظله، ست الحسن، عاشق للرواية، دخل الصحافة من باب الأدب، فأصبح كاتبا شديد التميز، يخلط الصحافة بالرواية في كتاباته، فانفرد بأسلوبه حتى أصبح أحد أعمدة الصحافة في مصر منذ نهاية الأربعينات حتى رحيله في مثل هذا اليوم 24 فبراير 1999.
فتحي غانم، هيكل يضطهده بسبب رواية الرجل الذي فقد ظله، ويوسف السباعي يصفه بـ"الراقصة"
جاءت رواياته تعبيرًا عن قناعاته ورؤيته للمجتمع بفئاته المختلفة فى هذه الحقبة وما تلاها وما طرأ عليها من متغيرات فقدم لنا أعمالًا مثل الرجل الذى فقد ظله وزينب والعرش وبنت من شبرا، والتى صدرت فى منتصف الثمانينيات وهى الفترة التى شهدت الظهور الجديد والمغاير للتطرف، وزادت فيها أعداد المسافرين لدول الخليج للعمل، كما عبرت الرواية عن صورة المتطرف الشاب والرجل المادى المتأثر بفكر المادة الاقتصادى، بل عبر عن حقبة الثمانينيات.
البداية فى تحقيقات وزارة المعارف
ولد الكاتب فتحى غانم عام 1924 بالقاهرة لأب يعمل بوزارة المعارف وكان والده صديقًا لكبار المثقفين آنذاك، مثل طه حسين والعقاد وعلى أدهم وعبدالرزاق السنهورى وعبدالرحمن صدقى، وتوفى والده وهو فى الثانية عشرة، وتركه مع أربع شقيقات تخرج فى كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول عام 1944 وعمل فى إدارة التحقيقات فى وزارة المعارف، وكان يعمل معه في نفس الإدارة الكاتبان أحمد بهاء الدين وعبدالرحمن الشرقاوى.
اتجه فتحى غانم إلى العمل بالنيابة الإدارية حتى أوائل الخمسينيات. ونشر بدايات قصصه بمجلة "فصول" عن طريق أحمد بهاء الدين الذى اصطحبه للعمل معه فى روزاليوسف ليحرر بابًا فيها ، وفى تلك الفترة نشر أول قصصه " الجبل " التي نجحت نجاحا كبيرا، بعد نجاح قصة الجبل قرر الكاتب فتحى غانم الاتجاه إلى بلاط صاحبة الجلالة وفي روز اليوسف استقبلته السيدة فاطمة اليوسف لينطلق فى عالم الصحافة بأسلوبه الرشيق فى الكتابة والتعبير وقد بدأ مسيرته الأدبية بكتابة القصص القصيرة، والمقالات الفنية بجانب عمله الصحفى، ووضعه الكثير من النقاد فى المرتبة الثانية بعد نجيب محفوظ من حيث حرفية السرد الروائى حيث التنوع وتدفق السرد وسلاسة الأسلوب، وعكست أعماله التحولات المتسارعة للمجتمع المصرى خلال النصف الثانى من القرن العشرين.
فتحي غانم.. الأديب الذي أغضب عبد الناصر وطه حسين ووصفه السباعي براقصة يهودية
الرجل الذى فقد ظله
من أهم وأشهر روايات فتحى غانم " الرجل الذي فقد ظله والتي فهمها البعض أنه ألمح فيها الى شخصية الكاتب محمد حسنين هيكل فناله الحرب والاضطهاد ومضايقات من هيكل ظلم بعدها كثيرا، وتعليقا على إنتاج أعماله بالتليفزيون والسينما يقول فتحى غانم: نجح التليفزيون فى تعريف الناس باسمى أما فكرى فلست متأكدا من ذلك، والإبداع هو العمل الوحيد الذي يفسده التخطيط.
خاض فتحى غانم معارك صحفية كثيرة، كانت أولى معاركه الصحفية مع الأديبين إحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي حين كتب منشورًا فى مجلة آخر ساعة 1954 يتفق مع رشاد رشدى، فى رفض الجيل السابق من الروائيين وعدم الاعتراف بهم وغضب السباعى وكتب مقالًا بعنوان (ليز ولين)، وهما راقصتان يهوديتان معروفتان فى مصر ويقصد هنا التلميح إلى فتحى غانم ورشاد رشدى، فرد عليه غانم بمقال بعنوان (التلميذ البليد يكتب فى فؤاد الجديد).
أما معركته الثانية فكانت مع الناصريين حين نشر كتابه (بين الدولة والمثقفين)، يعرض فيه تجربته والأحداث التي عاصرها مؤكدًا عظمة عبد الناصر ومساوئ من كانوا حوله وأخطاء المرحلة التاريخية مما أغضب الناصريين ودخلوا معه فى معارك طويلة.
فتحى غانم يهاجم أم كلثوم بسبب صوتها الفلاحي.. وكوكب الشرق تلقنه درسا في القيم الدينية
لست نادما على مشوارى
ويحكي فتحي غانم كيف دخل الصحافة من باب الأدب فيقول: في نفس الوقت الذي كنت أعمل فيه موظفا كان بهاء الدين مشرفا على مجلة الفصول لصاحبها محمد زكى عبد القادر، ولاحظ بهاء ميولي الأدبية في الكتابة، فطلب مني كتابة شيئا في مجلة الفصول، فكتبت مقالات في النقد والتاريخ، ثم قابلت إحسان عبد القدوس أثناء ترددي على ندوة كامل الشناوي الأسبوعية وكان رئيسا لقسم الأخبار بالأهرام، فاتفق معي إحسان على الكتابة في روز اليوسف للمقالات والنقد الأدبي، ولم أستطع في هذه الفترة ممارسة الفكر الحر في الصحافة لكنى مارسته بكل حرية في رواياتي، وأخيرا أنا لست نادما على ما اخترته كطريق في الأدب والفن والسياسة.
وتابع فتحى غانم: اتجهت إلى كتابة الرواية لأكون أكثر حرية في التعبير، فقد أعطتنى الصحافة مساحة لنشر رواياتى، وكان هذا شيئا مهما جدا، إذا كان هناك عيبا في عملى الصحفى هو أننى لم أخلص للصحافة لكنى استفدت من وضعى الصحفى لأنشر رواياتى وأعرف كروائي.
بداية العمل فى آخر ساعة
وأضاف فتحى غانم: بينما كان محمد حسنين هيكل رئيسا لتحرير آخر ساعة عام 1952 وبدأ أصحابها مصطفى وعلى أمين تطوير المجلة عرض على مصطفى أمين العمل في آخر ساعة وقال لي: قرأت ما ترجمته عن شارلي شابلن في مجلة "القلم" التي يصدرها الشرقاوي وصلاح حافظ وزهدي ويسعدني تكتب معانا، التحقت بالعمل معه وكتبت فى كل الموضوعات النسائية العلاج والماكياج والمرأة، وكنت أوقع باسم أخصائية جمال.
وتابع: تعلمت حرفية العمل الصحفي في آخر ساعة وكتبت في كل الموضوعات الموضة والعلاج والماكياج والحمل والرضاعة وأحيانا كنت أوقع باسم أخصائية جمال، كان عمري 23 سنة وعوملت معاملة الكاتب ولم أوضع تحت الاختبار وبدأت أكتب بتوقيع فتحي غانم وأكتب في الأدب ومن أهم رواياتي التي كتبتها: الرجل الذى فقد ظله، زينب والعرش، الأفيال، الجبل، تلك الأيام، بنت من شبرا، الغبي، تجربة حب، ست الحسن والجمال، قليل من الحب كثير من العنف وغيرها، وتحول معظم رواياتى إلى أفلام سينمائية.
في الذكرى الـ 22 على رحيله.. فتحي غانم الأديب الذي لم يفقد ظله
سيناريو وحيد
كتب فتحي غانم السيناريو لفيلم "صوت من الماضي" مشاركة مع محمد التابعي، ولم يكرر تجربة السيناريو ووصفه نجيب محفوظ أنه من أهم الروائيين المصريين المثقفين، وقال عنه الدكتور الناقد جابر عصفور بأنه من اكبر الأدباء المثقفين وكان مقاتلا في معاركه.
وحصل وسام العلوم والفنون عام 1964، على جائزة الدولة التقديرية عام 1996.
صدام مع عبد الناصر
واصطدم فتحى غانم بالرئيس عبد الناصر حين كلفه الكاتب على أمين بكتابة موضوع عن حادث المنشية ـ محاولة اغتيال عبد الناصر ـ ولأن غانم يملك ملكة الصحافة الى جانب السرد القصصي لم يكتف بما جمعه من معلومات، إلا أنه ذهب إلى "محمود عبد اللطيف" المتهم بمحاولة الاغتيال، وكتب عن حياته على الطبيعة فى حى إمبابة، فجعل من بطل الحادث هو الجاني وثار عبد الناصر واتصل بـ علي أمين غاضبا، إلا أن أمين أفهمه أن النتيجة عند الجمهور ستكون في صالحه شخصيا، واقتنع الرئيس، وأصبح غانم بعدها من أشهر الصحفيين.
يقول فتحى غانم: إن الأدب أبقى وأفضل من السياسة، ولذلك كان هيكل يضحك ويقول لى: خلاص أنت بتاع الصفحة الأخيرة وأنا بتاع الصفحة الأولى" أى بتاع السياسة
حكاية نقد الخيط الرفيع
ويحكي غانم، عن بعضا من معاركه فيقول: كتبت عن قصة "الخيط الرفيع" لإحسان عبد القدوس أثناء نشرها بروز اليوسف أنها ليس فيها فن، وأنها رواية بايخة وليست أدب، فهدد إحسان عبد القدوس بأنه لن ينشر لي حرفا واحدا في مجلته فقلت له سلام عليكم وتركت المجلة وذهبت، وعلمت السيدة روز اليوسف بما حدث فقالت لإحسان لماذا زعلت فتحي غانم، فقال لها لأنه شتمني، فردت السيدة العظيمة روز اليوسف قائلة: وماله هو حر فيما يكتب، كان درسًا لن أنساه مهما لإحسان ولي، وهو أن يتقبل الآراء التي تختلف مع رأيه، بل أمرت السيدة روزا إحسان أن يتصل بى لأعاود الكتابة، عدت ونشرت رأيي بصراحة من جديد وعلى مدى أسبوعيـن كل ما أريد قوله عن الخيط الرفيع، وعندما نشر الأستاذ أحمد الصاوي محمد روايته "الشيطان لعبته امرأة" كتبت وقلت إن هذا كلام فارغ.
هجوم على عميد الادب العربى
وموقف آخر يقول عنه الكاتب فتحى غانم: انتقلت بعدها إلى مجلة آخر ساعة وكتبت أقول إن الدكتور طه حسين عقبة كبيرة في طريق القصة، وبعدها طلب طه حسين أن يراني، وذهبت إليه وتحدث معي طويلا عن مفهومي للأدب والقصة فقد راعني بل وضايقنى أن طه حسين كان يعامل الأدباء حتى توفيق الحكيم كمدرسي النحو والصرف، وقلت لطه حسين:إن الأدب ممكن أن يكون سببا من أسباب تطور اللغة بل ممكن الأديب يصنع ويخلق لغته ودللت على ذلك بأن شكسبير لم يكن النحو لديه صحيحا لكنه كان يخلق لغته لنفسه، وعموما وجدت مقالاتي صدى عند المهتمين بالأدب والثقافة، فهاجمت محمود أمين العالم بسبب هجومه على الشاعر محمد الفيتورى، هنا قامت قيامة الشيوعيين لأنى هاجمت العالم، وهو أحد مقدساتهم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.