روشتة مواجهة «الفجوة الدولارية».. هانى جنينة لـ«فيتو»: الأداء الروتينى البطيء للحكومة كارثة على مصر.. يمن الحماقى: أهم أولوياتنا توفير سيولة دولارية بشكل سريع وعاجل
أزمة الدولار فى مصر ليست وليدة الفترة الحالية، ولكنها نتيجة تراكم أحداث عالمية كثيرة، أثرت على الاقتصاد فى مصر، منها جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وما تلاها من تأثر سلاسل الإمداد، وعلى إثر ذلك ارتفعت معدلات التضخم وارتفعت الأسعار بشكل جنونى.
ويزداد الأمر صعوبة فى العالم، جراء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها التى خلقت أزمات فى أسواق الطاقة والنقل والسياحة والمحاصيل والزراعات والحبوب، وساهم ذلك فى ارتفاع معدلات التضخم بنسبة كبيرة وحاول المجتمع الدولى السيطرة عليه برفع أسعار الفائدة، وهو ما كان مثل الطامة الكبرى بالنسبة لدول كثيرة خاصة بلدان الأسواق الناشئة ومنها مصر.
«فيتو» تحدثت مع عدد من خبراء الاقتصاد حول أزمة نقص السيولة الدولارية التى تمر بها مصر حاليا، وأهم المصادر الدولارية الحالية والمتوقعة على المدى العاجل والمتوسط خلال الفترة المقبلة، ومتى يمكن القول إن هناك وفرة دولارية فى سوق المال المصرى.
الخبير الاقتصادى هانى جنينة تحدث عن صفقة مشروع “رأس الحكمة” والتى أشيع أنها ستدر مليارات الدولارات على مصر، قائلا إنه حتى الآن لم يتم الإعلان رسميا عن قيمة صفقة مشروع “رأس الحكمة”، وننتظر خلال الفترة الحالية معرفة كل شيء تفصيليا، إذ سيتم الإعلان الرسمى فور الانتهاء منها وضخ تلك الأموال مباشرة فى البنك المركزى المصرى.
وعن الأصول الحكومية التى يتم تجهيزها للبيع مستقبلا، أكد جنينة أن هناك أصولا يتردد الحديث عن الاستثمار فيها بشكل قوى مثل، مصرف البنك المتحد، الذى ترغب قطر فى شرائه وبقوة، بالإضافة إلى الحديث الذى يدور عن الشركة المصرية للاتصالات وفودافون.
ورأى جنينة أن الاقتصاد المصرى يستطيع إتمام العديد من الصفقات الاستثمارية بعد إجراء توحيد سعر الصرف بشكل سريع وعاجل، وكلما كان هناك اقتراب من إنهاء الفجوة الدولارية فى السوق المصرى سيعمل ذلك على إدخال الدولار بشكل تلقائى وذاتى.
وعن رأيه فى رفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة وطرح شهادات الادخار الجديدة، أكد الخبير الاقتصادى أن المستثمرين ممن يملكون الدولار حاليا سيقوم البعض منهم ببيع ما لا يقل عن نصف تلك الدولارات لاحتياجهم إلى السيولة النقدية، وبالتالى سيتم وضعها فى الشهادات البنكية لمدة سنة على الأقل، الأمر الذى ينعكس على الاستقرار فى السوق المصرى.
وتوقع جنينة أن يتعافى السوق من أزمة الدولار مع هدوء الأوضاع فى المنطقة بشكل عام وغزة بشكل خاص، بالإضافة إلى عودة قطاع السياحة إلى العمل بكامل طاقته فى مصر، والذى تأثر بالسلب نتيجة الأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة خلال الأشهر الماضية، مبينا أن الدولار الأمريكى سيستقر عند مستوى الــ45 جنيها، أو 50 جنيها على المدى القصير نظرا للمنافسة الخارجية، وهو الأمر الذى سيعكس استقرارا على المدى المتوسط إذا استمر على هذا الوضع خلال سنة أو سنتين على الأقل بالسوق.
وأشارت الحماقى إلى أن مصر تملك مناطق جاذبة للاستثمار فى مصر، وعلى رأسها ما يتم تداوله الآن عن مشروع رأس الحكمة بالساحل الشمالى، والذى سيسهم فى حل أزمة الدولار عن طريق ضخ سيولة دولارية فى البنك المركزى خلال الأيام المقبلة، ما بين 22 إلى 40 مليار دولار.
وأضافت الحماقى قائلة: إن الدولة المصرية تعكف حاليا على إنهاء مخطط تنمية مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالى، لتكون ثانى المدن التى يتم تنميتها من خلال الشراكة مع كيانات عالمية ذات خبرة فنية واسعة وقدرة تمويلية كبيرة.
وتابعت: جارٍ التفاوض أيضًا مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى للوصول إلى اتفاق يتم إعلانه قريبا بخصوص بدء تنمية المنطقة التى تبلغ مساحتها أكثر من 180 كم مربع، بما يمكن الدولة المصرية من وضعها على خريطة السياحة العالمية خلال 5 سنوات كحد أقصى، بحيث تصبح أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط والعالم فى ضوء البنية الأساسية التى أقامتها الدولة لخدمة المنطقة.
وأضافت الدكتورة يمن الحماقى، أن مصر تمتلك الآن العديد من الفرص الاستثمارية المهمة، ومنها ملف التصدير، وهو طاقة كامنة قد تمكننا من الحصول على الدولار بشكل سريع وعاجل.
وأكدت أن الاعتكاف على تنمية قطاعات الاقتصاد المصرى وتصدير منتجاتها للخارج مثل القطاع الغذائى والصناعى والطبى، مشيرة إلى أن المشكلة الكبرى تكمن فى الأداء البطيء والروتينى فى إدارة الملفات الاقتصادية، والتى أدت بنا إلى دخول الاقتصاد المصرى فى أزمة حالكة وحلقة مفرغة جعلت السوق فى تعطش دائم للدولار الأمريكى.
من جهته، يقول الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية: قناة السويس، تحويلات المصريين بالخارج، السياحة، الصادرات، الاستثمار الأجنبى المباشر، مصادر مضمونة الدخل فى العملة الصعبة ويمكنها إسعاف الاقتصاد المصرى إذا أُحسن استخدامها.
وأكد عامر أن مصر تستورد ما يقدر بحوالى 7٠% من احتياجاتنا من الخارج والحل الوحيد والأنسب هو ترشيد الاستيراد من السلع الترفيهية، مشيرا إلى أن تلك السلع لا علاقة لها بالأمن الغذائى مطلقا.
وتابع عامر قائلا: ما دامت الدولة فى أزمة اقتصادية دائمة تعلق بالدولار فى الوقت الحالى فمن المهم استيراد الأولويات من السلع الاستراتيجية المهمة فقط.
وشدد على ضرورة تحديد سعر الصرف، وأن يكون ملزما على الجميع لوقف فوضى السوق السوداء الآن فى مصر.
وبالحديث عن مشروع رأس الحكمة قال عامر: خلال الأسبوعين القادمين سيتم ضخ ما يقدر بــ36 مليار دولار فى البنك المركزى المصرى، نتيجة الاتفاق على ثمن الصفقة، مؤكدا أنها أحد حلول توفير سيولة دولارية سريعة وعاجلة للسوق المصرى.
أما هانى أبو الفتوح الخبير الاقتصادي، فيحلل الأزمة قائلا إن السب هو استبدال زراعة القمح بزراعات أخرى تدخل عائدا أعلى يتم تصديره ونستورد بهذا العائد قمحا من الخارج ومن ثم أُهملت زراعة القمح، كما أهملنا الصناعة واستبدلناها بالاستيراد، وأصبحنا نستورد الكثير من المنتجات والسلع من الخارج، خاصة من الصين بينما كان الممكن صناعتها بدلًا عن استيرادها.
وأضاف أبو الفتوح لـ “فيتو”: لقد وصلنا إلى حد الشراهة فى الاستيراد، الأمر الذى يكلف الدولة مليارات الدولارات، وهو أساس المشكلة الحالية، ما تسبب فى الارتفاع الجنونى بأسعار الدولار والعملات الأجنبية وظهور السواق الموازية.
وشدد الخبير الاقتصادى على أهمية تقليل الاستهلاك والاستيراد، مشيرًا إلى أننا أصبحنا مجتمع استهلاكيا بالدرجة الأولى وهناك خدمات أو سلع وبضائع كان من الممكن الأستغناء عنها، ولذلك يمكن أن نستغنى عن لمدة سنتين عن السلع غير الضرورية، وتخفيض الاستيراد بنسبة 25%؛ حيث أن إتفاقية الإيجات ذاتها يتواجد بها بنود تسمح باتخاذ الدولة بعض الإجراءات الاستثنائية لمدة محددة.
وأوضح، إنه إذا ما تم تضييق الفجوة ما بين السعرين الرسمى والموازى سيعود الكثير من المصريين العاملين بالخارج إلى السوق الرسمي؛ مطالبا بوضع مميزات وتحفيزات خاصة لهم مثل وضع شهادات ادخارية خاصة بسعر فائدة مرتفع عن نظرائهم او غيرها من المميزات لتحويل أموالهم عبرالمسار الرسمى للدولة.
من جهته، أرجع رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، سبب أزمة الدولار فى مصر إلى مسألة العرض والطلب؛ حيث يطلب الكثيرون ولا يجدونه ما يتسبب فى ظهور السوق السوداء، فإن كان الدولار متوفرا فى البنوك لن يذهب أحد إلى السوق الموازية ونفس الأمر إذا كان السعر واحدًا فى الحالتين فالجميع سيذهب إلى السوق الرسمى وسيختفى فورًا السوق الموازي.
وأضاف عبده، لـ”فيتو”، أنه لا يفضل حلول صندوق النقد التى تأتى فى صالح المساهمين به وليس المدينين، والحل يكمن فى زيادة الاستثمار والصناعة لزيادة الصادرات وضبط الميزان التجارى للدولة، وفى هذه الحالة سيتم الموازنة بين العرض والطلب على الدولار وسينخفض سعره بشكل كبير للغاية.
و وصف عبده، ما يجرى فى قناة السويس من تطوير وإنشاء مناطق صناعية ولوجستية وصناعة حاويات وميناء جديد، بالكنز الكبير، مشيرًا إلى أن الأهم هو الإدارة ولذلك يجب إيجاد شركات عالمية متخصصة فى فن التسويق والترويج لتعظيم المكاسب.