فيتوريا أكل اتحاد الكرة “البالوظة”.. ومجلس علام “خيال مآتة”
زغلول صيام يفتح ملف فساد المنظومة الكروية: الكرة المصرية سواد العسل.. حل الجبلاية «التاريخ يعيد نفسه».. والسبوبة والمصالح الشخصية قادت منتخبنا إلى السقوط في بئر الفشل
ليلة سوداء حزينة عاشتها جماهير كرة القدم فى مصر بعد خروج المنتخب الوطنى من دور الـ16 لبطولة الأمم الإفريقية المقامة حاليا بكوت ديفوار... كانت تمنى نفسها بأن يخلف الله ظنها ويفوز الفريق الذى ظهر عاجزا منذ المباراة الأولى أمام موزمبيق وما تلاه من مباريات حتى الخروج الحزين على يد الكونغو... كانت الجماهير تمنى نفسها بفرحة حتى لو كانت كاذبة لأنها تعلم تماما أن كل المؤشرات تؤدى إلى كارثة كروية... الجماهير التى تعشق كرة القدم سئمت من إصلاح حقيقى يعطيها الأمل فى فرحة تعينها على مسئوليات الحياة ولكن عبثا خيب الجميع الظنون وإذا كانت موزمبيق وهدفها فى لقاء غانا فى ختام دورى المجموعات قد حافظت على ماء وجه المنتخب فإنه لم يساعد نفسه عندما واتته الفرصة للتغلب على الكونغو فى دور الـ16 والوصول إلى دور الـ8.
يا إلهي... لقد جهزوا الأبواق والأعلام والطائرة الخاصة التى ستتوجه إلى كوت ديفوار لمؤازرة المنتخب الوطنى فى مباراة دور الـ8 أمام غينيا ولكن لم يقدموا المشيئة حتى، فكانت الخسارة والخروج الحزين من البطولة لتبدأ صفحة سوداء فى تاريخ الكرة المصرية الممتد على مدار أكثر من مائة عام.
أصل الحكاية
الحكاية بدأت عندما أسند الأمر لغير أهله... لقد خرجنا كثيرا سواء من الأدوار الأولى أو دور الـ16 أو حتى دور الـ8 وكان الحل هو إقالة مجلس إدارة الاتحاد المصرى لكرة القدم ولكن هذه المرة المصيبة أعظم وأجل... لأن الأمر لا يتمثل فى خروج المنتخب بقدر ما هو ترجمة لكل سيئ فى صناعة كرة القدم المصرية بعد أن تم تجريف الأرض وباتت صحراء جرداء لا تعطى أملا فى غد أفضل... نعم أقيل اتحاد الكرة مرات عديدة عاصرت منها الكثير ولكن كانت هناك ثمار مزروعة تعطى الأمل فى غد أفضل...
تم حل اتحاد الكرة برئاسة سمير زاهر فى أغسطس ١٩٩٩ بعد الخسارة الثقيلة للمنتخب الوطنى أمام السعودية فى كأس القارات بالمكسيك وأيضا تم حله بعد الخروج من أمم أفريقيا 2004 بتونس وكان يرأسه اللواء يوسف الدهشورى حرب وتم حله ثالثا فى فبراير 2012 بعد كارثة بورسعيد والمرة الأخيرة بعد الخروج من دور الـ16 للأمم الإفريقية التى نظمتها مصر فى 2019 ولكن هذه المرة الأمر مختلف.. الأمر يحتاج إلى تطهير شامل بداية من كف يد كل من يعبث بالكرة المصرية وإبعاد هؤلاء الذين جاءوا فى غفلة من الزمن وتوجيه الشكر للمدير التنفيذى الذى نصب نفسه مرسال التعليمات من أولى الأمر... وحل رابطة الأندية التى أصبحت حبرا على ورق مثل أمور كثيرة فى كرة القدم المصرية أصبحت حبرا على ورق
آه لو استوعبتوا الدرس
لم يحاول أحد من هؤلاء الجاثمين على صدر الكره المصرية أن يفكر ولو قليلا سيدرك فداحة ما قدموا عليه ولما دخل عليهم فيلم المدرب المشروع لا سيما وأن المشاريع المشابهة كتب لها الفشل الذريع بعد أن أثبتت التجربة أن الوطنى الأفضل ولكن كيف والشبهات تحوم حول تلك الصفقات... وعلى مدار أيام وشهور كانت (فيتو) ترصد وتحذر وتخاطب كل من لديه ذرة وطنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وقد كان موقفنا هذا منذ اليوم الأول دون أن نتحرك قيد أنملة ولكن لا أذن سمعت ولا عين رأت حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
فى بداية تسعينيات القرن الماضى وبعد الوصول لمونديال 90 على يد الوطنى محمود الجوهرى بعد غياب 56 عاما تمت إقالته بعد مباراة ودية أمام اليونان تفتق ذهن المسئولين عن الكرة حينئذ فى شراء صفقة مدربين من رومانيا بقيادة رادليسكو وشركاه ولكن لم يعمروا كثيرا بعد أن ظهر أنهم صفقات مضروبة وعادوا من حيث أتوا.
نتعلم من الدرس ونستفيد
طبعا لا... لا بد من إثبات أن تطوير الكرة المصرية لا يأتى إلا على يد خواجة ولابس برنيطة وحمل الدكتور عبد المنعم عمارة على عاتقه فى 94 تكرار الأمر والتجربة مع المدرسة الهولندية من خلال شروة مدربين من هولندا بقيادة نول دى رواتر للفريق الأول وكرول للمنتخب الأولمبي.
وكذا مدرب على حساب الوزارة لأندية الإسماعيلى والمصرى لم يتحمل رواتر كثيرا ورحل وأكمل محسن صالح المشوار ونجح فى تجديد الدماء وبعد فشل كرول فى التأهل للأولمبياد تم استبعاد محسن صالح والاستعانة بكرول الذى خرج من بطولة الأمم الأفريقية فى 96 بجنوب أفريقيا لتطوى صفحة الصفقات الهولندية.
جيرار جيلي
بعد فوز المنتخب الوطنى ببطولة الأمم الإفريقية على يد الجوهرى فى 98 تم إقصاؤه بعد الخسارة من السعودية وتم حل اتحاد الكرة جاءت لجنة برئاسة اللواء حرب وقررت أن تعيد التجربة واستعانت بالمدرب الفرنسى جيرار جيلى الذى هبر حفنة من الدولارات ورحل بعد خروج مهين من بطولة الأمم الإفريقية 2000
تارديللي
نستفيد من الدرس ونفوق... طبعا لا... لا بد من تكرار التجربة وراحة الدماغ من صداع المدربين الوطنيين ورحل محسن صالح ومجلس حرب بعد أمم أفريقيا 2004 وجاءت لجنة برئاسة الكابتن عصام عبد المنعم رئيسا وممدوح عباس أمينا للصندوق وقررت خوض المغامرة وتعاقدت مع النجم الإيطالى ماركو تارديللى الذى لم تكن له علاقة بالتدريب وتمت الاستعانة به وعلى يده خرج المنتخب من تصفيات مونديال 2006... رحلت لجنة عصام عبد المنعم ولكن قبل أن ترحل اعترفت بخطئها وتم إسناد مهمة قيادة المنتخب للكابتن حسن شحاتة والذى على يده عادت الكرة المصرية مصدر رعب للأفارقة... حصد ثلاثة ألقاب فى إنجاز قارى لم يحدث من قبل.
برادللي
بعد رحيل المعلم ونهاية جيل جاء التعاقد مع الأمريكى بوب برادلى بمعرفة الكابتن سمير زاهر ويعتبر هذا التعاقد وصمة فى تاريخ زاهر الحافل مع الكرة المصرية... خدعنا برادلى مع المباريات الأولى فى تصفيات مونديال 2014 ولكن عندما جاءت المباراة الفاصلة خسر لأول مرة فى التاريخ بالستة من منتخب غانا ورحل غير مأسوف عليه.
هيكتور كوبر
ثم جاءت اللحظة الحاسمة من جديد بعد كل إخفاق فى البحث عن مبررات بإقالة جهاز فنى والاستعانة بمدرب آخر فلو كان أجنبيا يأتى بعده وطنى ولو كان وطنيا يأتى بعده أجنبى (سنة الحياة وقاموس اتحاد الكرة) حيث تمت الاستعانة بهيكتور كوبر مديرا فنيا للمنتخب وللأمانة نجح الرجل فى إعادة الفريق عندما قاده للوصول لنهائى الأمم الإفريقية بالجابون 2017 وبلغ مونديال 2018 بروسيا ولكن جاءت نتائج المونديال والخسارة فى ثلاث مباريات لتطيح به من جديد.
خافيير أجيري
بعد المونديال وعلى غير المعتاد قرر مجلس أبوريدة الاستمرار فى استيراد المدربين الأجانب وقرر التعاقد مع المكسيكى خافيير أجيرى واتفقوا مع الرجل على ضرورة تغيير الدماء والبحث عن وجوه جديدة ولذلك أخذ أجيرى حبوب الشجاعة وقرر الاستعانة بوجوه جديدة ليس لديها الخبرة وكانت النتيجة الخروج الأليم من بطولة الأمم الإفريقية 2019 على أرض إستاد القاهر ولم ينفع اتحاد الكرة نفسه حتى يحمى الرجل الذى اتفق معه على تجديد الدماء ليرحل غير مأسوف عليه.
كيروش
كانت البداية مع الخبرة البرتغالية التى أثبتت ذاتها مع الأندية المصرية الممثلة فى مانويل جوزيه وفينجادا وغيرهما وفى عهد لجنة المهندس أحمد مجاهد تمت الاستعانة مع كارلوس كيروش أفضل المدربين الأجانب من حيث السيرة الذاتية وفعلا بدأ الرجل يعمل -ليل نهار- من أجل بناء فريق مصرى قادر على تحقيق الحلم الكبير ورغم الوصول لنهائى 2022 واكتشاف عدد من الوجوه الجديدة فى الدورى المصرى إلا أنه شعر بخيبة أمل مع انتخاب مجلس جديد بقيادة جمال علام واكتشف أنهم مجرد ديكور ووجودهم مثل عدمه وبالتالى أبعدهم عن الفريق وحدثت مناوشات كثيرة كان نهايتها تطفيش الرجل الذى وضع شرطا لتجديد عقده بعدم التدخل فى شغله من قريب أو بعيد ليرحل ومعه شهادة حب من الجماهير المصرية.
فيتوريا ومشروع الوهم
قالوا قديما (الجمل يطلع النخلة) والجميع قال للنجم الذى صدع رؤوسنا إنه كان على اتفاق مع هيرفى رينارد قبل التعاقد مع أجيرى ولكن تعرضا للخديعة من هانى أبوريده فأطلقه مجلس اتحاد الكره ليتعاقد بحرية مع من تهفو إليه نفسه وفاجئنا وفاجئ الجميع بتوقيع عقد مع البرتغالى فيتوريا وحاول إقناعنا أنه مشروع لتطوير الكرة المصرية حتى عام 2026 رغم أن الرجل لم يثبت عليه أنه درب منتخبا من قبل أو مشروعا هكذا... جاء فيتوريا وكل همه رضاء حازم إمام وشلته... يوم فى أكاديمية كذا ويوم فى ناد كذا ويوم فى دورى القسم الثانى أما عن متابعة الدورى المحلى فلم يحدث... وساعدته التجارب الودية الهزيلة والمباريات الرسمية الضعيفة والنتائج المبهرة فى أن ينتفخ اتحاد الكرة وتنتفخ أوداج الكابتن حازم ولسان حاله (مش قولتلكم)... حذرنا كثير ولكن تحذيراتنا ذهبت أدراج الرياح حتى اكتشف الجمهور المصرى أن الراجل فيتوريا أكل الجميع «البالوظة» وظهر على حقيقته فى أول اختبار حقيقى ووضح أنه قليل الحيلة ليخرج من البطولة غير مأسوف عليه وهو لايفكر إلا فى الشرط الجزائى الذى ورط فيه حازم إمام اتحاد الكرة.
أسطوانة التدخل الحكومي
أسطوانة التدخل الحكومى التى يتذرع بها المسئولون عن الرياضة فى مصر وأنه متبقى خمسة شهور على مجلس إدارة اتحاد الكرة الحالى ولا داعى للجان فإنه سيكون حقا يراد به باطل لأن واقع الأمر يقول إن الكرة المصرية أصبحت صحراء جرداء على يد هؤلاء...
منتخب الناشئين خرج غير مأسوف عليه من تصفيات الأمم الإفريقية ثم بعده خرج منتخب الشباب من الدور الأول لبطولة الأمم الإفريقية فى البطولة التى استضافتها مصر مارس 2023... وباقى الملفات حدث ولا حرج بعد أن أصبحت خزانة اتحاد الكرة خاوية على عروشها...
لم تعد تجدى الكلمات المعسولة بل أصبحنا فى حاجة ملحة إلى قرارات فورية بإبعاد هؤلاء الذين جاءوا فى غفلة من الزمن ولا يوجد من بينهم من لديه فكر أو رؤية وتضارب المصالح من راسهم إلى ساسهم كما يقولون ويصحبه قرار بحل رابطة أندية الدورى الممتاز والتى لا يعرف أحد من أعضائها بعد أن تم اختصارها فى أحمد دياب وعامر حسين... ومن قبلهما الإدارة التنفيذية برئاسة وليد العطار الذى وجد نفسه فى يوم وليلة من مجرد موظف داخل اتحاد إلى صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى اتحاد الكرة... من موظف شئون لاعبين راتبه لا يتجاوز الـ10 آلاف جنيه إلى مدير تنفيذى راتبه تجاوز راتب رئيس الوزراء ومعه أكثر من وزير.
أى كلام غير تطهير منظومة كرة القدم فى مصر سيكون استمرار مسلسل التخبط والانتظار معناه توقع كوارث كثيرة وفى هذه المرة فازت علينا الكونغو وأحرجتنا موزمبيق والرأس الأخضر فإن المرة القادمة ستتجرأ علينا المنتخبات حديثة العهد ويصبح تاريخنا الكروى فى مهب الريح.
التاريخ الذى صنعه أبطال ورجال يعرفون قيمة فانلة منتخب مصر أصبح فى خطر والبركة فيمن يبارك ذلك
وبحكم خبرتى فإن هذه لن تكون الصفحة الأخيرة التى نكتبها بل ستظل هناك صفحات وصفحات لأن التاريخ يقول إن المسئولين عندنا لا يستوعبون الدرس.