صحة المصريين في خطر.. رحلة عذاب أهالى المرضى بسبب نقص الألبان.. يسافرون المحافظات بحثا عن عبوة إضافية.. وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الخالية من البروتين والتحاليل يزيد من حجم الأزمة
تعيش مصر مشكلة صعبة، تعد أخطر تداعيات الأزمة الاقتصادية، وأصعب انعكاسات تدهور سعر الصرف للجنيه أمام الدولار، وهى نقص الأدوية، الأزمة التى تزايدت بشكل ملحوظ وتفاقمت بشدة خلال الأشهر الماضية، وأصبح لها تأثير سلبى كبير على رعاية المرضى وعواقب لا تحمد عقباها على صحة المصريين والمجتمع بأكمله. ورغم خطورة المشكلة إلا أنها لا تزال بدون حلول جذرية تتناسب مع مخاطرها، كما لا توجد مقترحات تساهم فى مساعدة صانع القرار بفهم أفضل للمشكلة من خلال نقل آراء كل عناصر الصناعة والمستهلك من كل الطبقات. من أجل ذلك تطرح «فيتو» آراء عناصر الصناعة فى سياق ملف خاص، يبحث فى أسباب نقص الأدوية وانعكاسات انخفاض قيمة العملة والاعتماد المفرط فى استيراد مدخلات الإنتاج، وممارسات التوزيع غير القانونية، والبيروقراطية المفرطة والإجراءات المعقدة، ومشاكل التصنيع، وسوء إدارة سلسلة التوريد، وندرة المواد الخام.
وتكشف “فيتو” أسباب استمرار الأزمة على الرغم من أن الحكومة بذلت العديد من الجهود لمعالجة نقص الأدوية، لكن الفجوة تزيد من آلام المرضى وتهدد بما هو أكثر خطورة للجميع ولذلك ندق ناقوس الخطر ونطرح الملف لجميع الجهات الفاعلة على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
غلاء الأسعار وأزمة توفير الدولار تأثر بهما قطاع كبير من المرضى وبالأخص مرضى التمثيل الغذائى، ومنهم المصابون بمرض الـpku، وهو أحد الأمراض النادرة الوراثية وأكثر أمراض التمثيل الغذائى انتشارا.
واشتكى أهالى المرضى من نقص الألبان التى يحتاجون إليها بجانب ارتفاع أسعار التحاليل التى يتم إجراؤها شهريا، فضلا عن ارتفاع أسعار الأكلات التى تعتبر ضمن البروتوكول العلاجى لهؤلاء المرضى، إذ زادت تكلفة الإنفاق على المريض المصاب بالـpku حاليا فى ظل التضخم وارتفاع الأسعار ووصلت للمريض الواحد إلى 10 آلاف جنيه ما بين تحاليل وشراء أطعمة خالية من البروتين ودقيق خاص بهم يصل سعر الكيلو منه لـ100 جنيه، فيما بلغت أسعار التحاليل الخاصة بالكشف عن مرض الـpku فى المعامل الخاصة من 2290 إلى 2500 جنيه.
«فيتو» التقت عددا من أهالى المرضى المصابين بمرض الــpku للكشف عن معاناة المرض وصعوبة توفير الألبان العلاجية والتى تعتبر طوق نجاه لهؤلاء المرضى.
تروى والدة حمزة، من دمياط مصاب بمرض الــ”pku”، أنهم يجدون صعوبة فى توفير الألبان العلاجية، لافتة إلى أن تلك التى توفرها وزارة الصحة لا تكفى الأطفال، حيث يتم صرف 8 عبوات شهريا، مشيرة إلى أن ابنها يحتاج إلى حمية غذائية مدى الحياة.
وأوضحت لـ”فيتو” أن هذه الفترة تشهد نقصا فى الألبان العلاجية فى عدة محافظات، وهناك محاولات للبحث عن عبوة اللبن فى كل مكان، لافتة إلى أن الطفل يحتاج شهريا لإجراء تحاليل للكشف عن نسبة وجود الفينيل كيتون يوريا، والتأمين الصحى يوفر أدوية لمرضى الـ”pku” إلا أنه لا يتم صرفها للأطفال.
بدوره قال هشام عز الدين، والد طفل مصاب بمرض الـpku، إن المرضى المصابين وفقًا للبروتوكول العلاجى المعمول به فى مصر يتبعون حمية غذائية قاسية ويتناولون ألبانًا علاجية، ولكن يجب أن نحصل على أدوية بجانب توفير الألبان وتصرف للمرضى بكميات تكفى الاحتياجات.
وأشار لـ”فيتو” أن التأمين الصحى لا يوفر الأدوية للمرضى إلا بعد تقديم شكاوى فى مجلس الوزراء ولا يوفر إلا عبوتين فقط بصعوبة ويساعد العلاج على تكسير الفينيل كيتون يوريا الموجود فى الدم.
وتابع حديثه مؤكدا أن خطورة وجود نقص فى الألبان وعدم الحصول عليها يصيب الطفل بخلل فى الجهاز العصبى خلال فترة قصيرة إذ تعتبر الألبان مكملات غذائية بها كل الفيتامينات التى يحتاج إليها المريض، لافتا إلى أن ما يغنى عن هذه الألبان هو تناول حقنة أسبوعيا تحت الجلد من عمر 16 سنة إلا أنها غير متوفرة أيضًا.
وأشار إلى أن المرض يصاحب الطفل طوال عمره، وهو مرض وراثى، ويمكن أن يظهر فى أى عائلة ليس بها مصاب ولكن بها إنسان حامل للمرض، مشيرا إلى أن ضمن المشكلات التى تواجه المرض توفير منتجات غذائية خالية من البروتين.
وقالت والدة حلا: “لدى أربعة أطفال مصابون بهذا المرض اللعين، ومحرومون من أبسط حقوقهم فى الحياة”، مؤكدة أن الأطفال الثلاثة الذين سبقوا حلا توفوا جميعا بسبب التمثيل الغذائى.
وطالبت بتوفير الألبان التى تعد طوق النجاة لطفلتها فى المحافظات وكذلك توفير بدائل الطعام بأسعار تستطيع الأسر تحمل تكلفتها، بالإضافة إلى التحاليل، حيث يضطر الأهالى إلى السفر للقاهرة لإجرائها فى مكان واحد فقط.
وتروى والدة الطفل فارس، المعاناة مع المرض قائلة: “كل حاجة صعبة مع مرض التمثيل الغذائي” من أسعار المنتجات الغذائية المرتفعة للغاية وكذلك اللبن العلاجى الذى يعيش عليه هؤلاء الأطفال وبدونه قد تحدث لهم مضاعفات خطيرة مثل الإعاقات الحركية أو العقلية.
وتحدثت والدة الطفل فارس عن النظام الغذائى لمرضى التمثيل الغذائى والذى يتكون من خضار وفاكهة فى معظم الأوقات وبحسابات معينة لكل طفل طبقًا لحالته التى يتم تحديدها من خلال التحاليل، وكذلك الدقيق المخصص لهم والذى يتحصلون عليه إما من المراكز التابعة لوزارة الصحة أو من خلال شركة مصرية واحدة فقط هى التى تقوم بتصنيعه، ويباع إما فى أماكن محدودة أو بإحدى الصيدليات بشبرا.
بينما قال والد الطفل محمد الذى يعانى من مرض الـpku وأيضًا لديه خلل فى وظائف الكبد ويضطر للسفر كل شهر لعمل تحاليل للمرض تكلفه آلاف الجنيهات بجانب تكاليف السفر من العريش إلى القاهرة، مضيفا أنه إذا أصيب طفله بنزلة برد بسيطة تسبب له مضاعفات ويضطر لحجزه فى مستشفى خاصة لعدة أيام مما يكلفه آلاف الجنيهات.
بينما قالت نرمين، والدة إحدى حالات الـpku أن الأسعار مرتفعة جدا بالأخص الدقيق الذى لا يتوفر إلا فى صيدلية واحدة بشبرا وبلغ سعر الكيلو ١٢٥ جنيها.
كما أن اللبن المخصص للأطفال مرضى التمثيل الغذائى يبلغ سعره 1000 جنيه للكيلو، وأحيانا يحصلون عليه كتبرعات بمقابل ٥٠ جنيها لـ٢٠٠ مللى لدفع مصروفات الشحن من الخارج.