دعم اختيارات الشعب بين الواقع والخيال
"دعم اختيارات الشعب وتأكيد أنها إرادته" هكذا أكد المبعوث الأوروبى ولكنه لم يحدد لنا ما هى اختيارات الشعب هل يقصد بها ثورة 30 يونيو، ذلك التسونامى الذى هز العالم والذى قيل عنه إنه أكبر تكتل بشرى خرج ليعبر عن رفضه لحكم رئيس مازال يتمسك أعوانه بالحكم ويريدون عودته ويلفونه بهالة من القدسية الواهية .
أم أنهم يقصدون هذه التجمعات التى فى رابعة العدوية وميدان النهضة ومايأتونه من تصرفات وما يفرضونه من تحديات . والذين يرفعون شعارات تؤكد أنهم أصحاب الشرعية وأنهم يؤيدون الشرعية التى هى عندهم عودة الرئيس محمد مرسى والإخوان إلى الحكم مرة أخرى ..
فى الحقيقة أن الإخوان أنفسهم كانوا يعلمون أن تجربة الإخوان فى الحكم محكوم عليها بالفشل الذريع وأنهم قد أتوا إلى الحكم بحكم الظروف السياسية التى سادت بعد ثورة 25 يناير وذلك الفراغ السياسى الموجود والذى لم تكن هناك قوى سياسية أو أحزاب وتيارات سياسة تملك من القوة بأن تملأ ذلك الفراغ .
ولكنها فوجئت بالثورة ولكن وجودهم فى الشارع السياسى والقدرة التنظيمية لديهم وقدرتهم على الحشد وكذلك المسحة الدينية التى أكسبتهم فى ظل هذه الظروف قدرا من الصدق والمصداقية . هذه العوامل مجتمعة إلى جانب حالة التخبط التى فرضتها الثورة على معظم مؤسسات الدولة قد أدت إلى مجيء الإخوان . إذ أنها وجدت أن الساحة والملعب مهيأ لها لكى ما تحقق ما لم تكن تحلم به فى يوم من الأيام حتى ولو فى أحلام اليقظة ..
وكانت البدايات غير القانونية أو السياسية وغير الموفقة والتى أدت إلى وقوع الإخوان رغم أنهم قد رأوا أنها البداية التى يمكن أن تأتى بها إلى الحكم وهى الانتخابات أولاً لأنها وجدت تعاطفا كبيرا فى الشعب وانحيازا إن لم يكن نحو التيار الدينى فإنه سوف ينتخبهم نكاية فى النظام السابق بكل ممارساته وأفعاله . لقد خدع فيهم البسطاء بل إنهم قد انخدعوا أى الإخوان من أنفسهم وظنوا أنهم قادرون على الحكم . وأول ما تبادر إلى ذهنهم هو إحياء " الدولة الإسلامية " أو الخلافة الإسلامية وكأن الظروف لم تتغير والأوضاع لم تتطور . ولكنهم قد ربطوا أنفسهم عند مرحلة تاريخية معينة وعند خط دولة البداوة الأولى.
وقد كان ذلك هو قوة الدفع التى تجذبهم إلى الوراء ولم يكن لديهم أية رؤية للحداثة والتطور . وقد بدأوا بالفعل فى تحقيق هذا الحلم وتركوا شئون الدولة تتدهور ولاسيما الأحوال الاقتصادية على نحو كبير جداً وصل إلى حد الانهيار التام . وقد زاد الانقلاب الأمنى وأصبحت الخدمات فى حالة تدهور، وكل مؤشرات المال أكدت على أن مصر على أبواب كارثة ولم يكن لديهم أية رؤية سياسية تخص أحوال الحكم والرعية . ذلك هو ما أدى إلى فشلهم وخروج الشعب عليهم فى 30 يونيو.
ولكن الغرب مازال على موقفه المائع ويزداد الشك والريبة فى موقفهم ولماذا يحاولون أن يمسكوا العصا من المنتصف . من المؤكد أن وراء ذلك أسبابا ومبررات تحمل مصالح معينة حتى ولو كانت هذه المصالح مغلوطة وحتى وإن لم تكن صائبة وأن أضرارها أكثر من نفعها، وحتى لو كانت لمصلحة طرف آخر يجيد عملية الضغط من خلال اللوبى الصهيونى ألا وهو إسرائيل التى لها أحلامها وأطماعها فى المنطقة، والتى ترى فى وجود الإخوان فى مصر مصلحة لها لكى ما تظل سيناء مفتوحة أمام الاختراقات الأمنية ولكى ما تظل بمثابة الحدود المطاطة التى يمكن أن تصدر لها الفلسطينيين أو الحمساويين، وأن الانهيار الاقتصادى فى مصر يعد أحد أبواب ضمان ضعف مصر الدولة المحورية التى تعد السد المنيع أمام الأحلام والطموحات الإسرائيلية .
gamilgorg@gmial.com