نفايات غزة.. كارثة جديدة للضحايا وجريمة أخرى يرتكبها الاحتلال.. وزارة البيئة الفلسطينية تطالب الأمم المتحدة بإرسال فريق تقصى حقائق لتوثيق الجرائم البيئية
ما يحدث فى غزة منذ أكثر من 100 يوم أكبر مما يتخيله عقل، فالكوارث لا تستثنى البشر ولا حتى الشجر، هذا ما أعلنته الأمم المتحدة وأكدته الكوارث البيئية التى تهدد ما تبقى من حياتهم، فبحسب وزارة البيئة الفلسطينية فالكارثة البيئية هى أخطر ما يهدد قطاع غزة وفلسطين، وقد تمتد إلى الدول المجاورة أيضًا، فهناك كثير من المدن الفلسطينية تعانى من تفاقم مشكلة تراكم النفايات نتيجة لتدمير الحاويات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى خلال الاقتحامات المتكررة للمدن.
فى تصريحات خاصة لـ”فيتو”، أكد مصدر مسئول بوزارة البيئة الفلسطينية “أن هناك مشكلة كبيرة فى تراكم أنواع النفايات سواء كانت النفايات الصلبة الناتجة عن الأنشطة اليومية خاصة فى أماكن الاكتظاظ السكانى الموجود فى أماكن الإيواء واللجوء أو النفايات الطبية التى تتولد عن المراكز الصحية والمستشفيات وتعتبر من أخطر أنواع النفايات، لافتا إلى أن هذه النفايات لا تلقى طريقا إلى المكبات، خاصة مع انعدام وجود منظومة جمع ونقل المخلفات، فالسيارات التى كانت تنقل النفايات متوقفة بسبب عدم وجود وقود، أيضًا بسبب صعوبة الوصول إلى المكبات التى كانت تستقبل تلك النفايات والموجودة فى أماكن الاشتباكات خاصة مكب جحر الديك فى الشمال الشرقى لقطاع غزة.
وأوضح المصدر بسلطة جودة البيئة، أنه توجد تحديات كبيرة تواجه جهود إدارة النفايات فى فلسطين، وخاصة عملية جمع النفايات الصلبة ومواقع الحاويات فى المدينة، بسبب تكدس النفايات على جوانب الطرق وعمليات التجريف المتكررة للشوارع ومنع وصول سيارات جمع النفايات إلى بعض المناطق مما يؤدى إلى تعطيل الخدمة.
وأضاف المصدر أن بديل السيارات التى كانت تنقل النفايات هى سيارات “الكارو” التى تجرها الحيوانات والتى نستخدمها أحيانا فى عملية النقل، لكنها كانت لا تصل إلى المكبات، وكانت تلقى بالنفايات فى أقرب مكان، نظرا لعوائق الطريق والقصف العشوائى المستمر طوال اليوم، لذا معظم الأوقات تبقى النفايات متكدسة فى الطرقات بين الناس والمساكن وفى الساحات العامة والمدارس، وهذا أدى إلى انتشار كثير من الأمراض منها الجلدية والتنفسية وأمراض الكلى والتهاب الكبد الوبائى بين سكان القطاع خاصة الأطفال والمسنين نتيجة ضعف المناعة، وهذه كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
أما النفايات الطبية فهى كارثة أكبر خاصة أن كمياتها تتضاعف فى مثل هذه الأوقات الصعبة بسبب زيادة عدد الجرحى والمصابين والوفيات، وفى نفس الوقت لا تلقى هذه النفايات المعالجة الخاصة التى تتطلبها من جمع وفرز وفصل وتعقيم وتعبئة، حيث إن كل نوع من النفايات الطبية له نظام معالجة مختلف عن غيره مثل النفايات الحادة والنفايات المعدية والنفايات السامة وغيرها من الأنواع التى تمثل خطرا كبيرا على الصحة.
مؤشر جودة الهواء
ومن جانبه أكد المهندس زغلول سمحان مدير عام الإدارة العامة للسياسات والتخطيط بوزارة البيئة الفلسطينية أن مؤشر جودة الهواء العالمى كشف أن قطاع غزة سجل أكبر عدد نقاط من التلوث خلال الفترة الماضية، إذ سجلت مدينة رفح 100 نقطة على المؤشر، وسجلت جباليا 102 نقطة، بينما سجلت مدينة خان يونس 100 نقطة أيضًا، وهى معدلات تلوث ضارة جدا على الصحة العامة للبالغين والأطفال.
وأشار سمحان إلى أن مشكلة النفايات فى غزة لا تقتصر على النفايات المتولدة داخل القطاع فقط، بل هناك معاناة أخرى يواجهها القطاع نتيجة تهريب شاحنات محملة بالنفايات الصلبة المختلطة التى تحتوى على كميات من النفايات المنزلية وقطع إلكترونية وبلاستيكية وأتربة من المستوطنات الإسرائيلية القريبة.
وعن دور وزارة البيئة الفلسطينية فى مواجهة أزمة النفايات فى قطاع غزة، أكد سمحان أن المشكلة فى المشكلات البيئية أنها تتطلب وصول الخبير أو المفتش البيئى إلى مكان الأزمة وفحص العينات وعمل تحاليل لها وهذا غير متاح فى أغلب الأوقات، لذا فإننا نعتمد فى أغلب الأوقات على المؤسسات الدولية مثل أوتشا أو الأورومتوسطى نتيجة وجود تكنولوجيات متقدمة لديهم يمكنها التقاط الوضع بدقة من خلال الأقمار الصناعية، أو من خلال رعاياهم الموجودين فى المكان نفسه.
وتابع “سمحان” بأن سلطة جودة البيئة فى فلسطين تقدمت بطلب للأمم المتحدة لإيفاد فريق تقصى حقائق إلى قطاع غزة لتوثيق ما يحدث من جرائم بيئية على أرض الواقع، وحساب تكلفة ما خلفه العدوان من دمار بيئى فى فلسطين.