بديع خيرى، 58 عامًا على رحيل رائد الكتابة المسرحية وزجَّال المسرح.. أبدع في الأغنية الشعبية والوطنية.. ونجح في إضحاك الناس رغم حياته البائسة
بديع خيرى، فنان متعدد المواهب، مخرج ومؤلف، بدأ بالكتابة المسرحية فقدم أشهر أعمال نجيب الريحانى، كما كتب الأغنية فلحن له سيد درويش، له تراث يعانى الإهمال بالرغم من أهميته وقيمته الفنية، لقب برائد الكتابة المسرحية وزجال المسرح الأول.
كلماته كانت وما زالت باعثا للوطنية فمن منا ينسى “ قوم يا مصري، صبح الصباح فتاح يا عليم"، وصف بديع خيرى ضحكات الجمهور التى تصل إليه فى الكواليس بحقن الفيتامين التى يستمد منها الحياة وتخفف عنه أحزانه بعد رحيل ابنه الفنان عادل خيرى، ورحل في مثل هذا اليوم عام 1966.
بديع خيري، عشق ماري منيب فرفضت الزواج منه، أضحك الملايين بأعماله فمات حزينا
ولد الفنان متعدد المواهب بديع خيرى عام 1893 بحى المغربلين بالقاهرة، من أصل تركى وأم مصرية، عمل والده في دائرة حسابات الخديو عباس الثانى، حفظ بديع القرآن الكريم كاملا، حصل على دبلوم المعلمين ظهرت موهبته في كتابة المونولوجات، وعمل بعد تخرجه مدرسا للجغرافيا ثم موظفا بمصلحة التليفونات، وتنقل بين المقاهى والموالد في منطقة الجمالية والإمام الشافعى يستمع إلى الأشعار والسير الشعبية، حتى أنه يقول (هذه المقاهى هي مدرستى الأولى في التأليف المسرحى، حتى لهجات البلاد العربية عرفتها وحفظتها في هذه المقاهى).
بديع خيري، ترعرع في أحضان الحزب الوطني وألف أشهر أغاني سيد درويش، وهذا سر خطابه لعبد الناصر
دعوة للوحدة الوطنية
من أشهر عبارات الفنان بديع خيرى: "إن كنت تخدم مصر أم الدنيا علشان تتقدم لا تقول لى نصرانى ولا مسلم، يا شيخ اعلم اللى أوطانهم تجمعهم عمر ما الأديان تفرقهم"، فقد كان ضد التفرقة الدينية بين المصريين مسلم ومسيحى داعيا إلى الوحدة بينهما.
أحب بديع خيرى السياسة وهو صغير، حتى أنه انضم إلى الحزب الوطنى الذي أسسه الزعيم مصطفى كامل وبدأ نشر قصائده بجريدة الحزب "اللواء" بتوقيع "ابن النيل" وكانت أول قصيدة عام 1914 باسم " الحرب" هاجم فيها الاحتلال البريطاني، وهو في الخامسة عشرة من عمره، كذلك نشر بجريدة المؤيد مؤلفاته من الشعر الفصيح حيث كان والده صديقا للشيخ على يوسف صاحب المؤيد، ثم اتجه إلى كتابة الزجل والمونولوج الذي كان يعرض في فواصل مسرحيات الريحانى والكسار وفاطمة رشدى.
بديع خيري.. رائد الكتابة المسرحية وزجال مصر الأول الذي هجرته ماري منيب بسبب زوج شقيقتها
بدأ بكتابة المونولوج
كما كتب المونولوج معلقا على الأحداث التاريخية والأزمات التي تمر بها البلاد أيام الاحتلال، فكتب بديع خيرى أول مونولوج عام 1917 للمونولوجست فاطمة قدري، يقول مطلعه: (ليلة العيد كنت مخدر.. في ميدان عابدين ماشى أتمختر) وكان مقابل 50 قرشا أول مبلغ يتقاضاه بعد كتاباته المجانية للمونولوج، وبهذا المونولوج دخل بديع خيرى عالم المسارح، حيث شارك مجموعة من الفنانين فى تأسيس فرقة مسرحية باسم "جمعية أنصار التمثيل" لعرض مسرحياته وأزجاله فقدم أولى مسرحياته "أما حتة ورطة " التى شاهدها نجيب الريحانى وأعجب بها وكانت بداية التعاون الفنى الطويل بين الريحانى وبديع خيرى عام 1941، ووقع معه عقد احتكار مؤلفا لفرقة الريحانى، وكانت باكورة هذا التعاون مسرحية "على كيفك، والعشرة الطيبة".
حول اتجاهه الى الكتابة المسرحية بعد أن بدا عاشقا للتمثيل قال بديع خيرى إن اهتمامه بالمسرح وفنونه منذ شبابه بدأ من خلال غرامه بالتمثيل الذي كان هوايته الأولى، ولم يكن يتخيل يوما أن يتخلى عن التمثيل ليصبح كاتبا للمسرح، لكن كله فن وكله مسرح.
اتجه بديع خيرى إلى كتابة الأغنية الشعبية والوطنية ولحن له كبار الملحنين فكتب لسيد درويش "دنجى دنجى، الحلوة دى قامت تعجن فى الفجرية، هز الهلال يا سيد بركاتك لجل نعيد، قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك، يا واش يا واش يا مرجيحة، كما كتب له قصائد أوبريت العشرة الطيبة وغيرها.
بديع خيري.. حافظ القرآن الذي رفضت ماري منيب الزواج منه لسبب إنساني
كتابة سيناريو عشرة أفلام
شارك بديع خيري في كتابة أغنيات الأفلام التي ذاعت واشتهرت بين الناس منها: لى عشم وياك يا جميل التى لحنها وغناها محمد فوزى، أغنية يا خارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة تلحين محمود الشريف، وإلى جانب أغانى الأفلام كتب عدد ليس قليلا من حوارات الأفلام منها انتصار الشباب، لعبة الست، ورد الغرام، العزيمة وغيرها.
في عام 1912 تعرف بديع خيرى على فنان الشعب "سيد درويش" وكون معه فرقة مسرحية وقدم من تلحينه أوبريت العشرة الطيبة، الطاحونة الحمراء، الفلوس، أيام العز "الجنيه المصرى، الليالى الملاح، الشاطر حسن، ثم اتجه الى كتابة المسرحيات التاريخية التي بدأها بمسرحية "محمد على وفتح السودان " التي نال عنها جائزة من وزارة الأشغال في ذلك الوقت.
حفظ القرآن وصدفة جمعته بالريحاني.. حكاية بديع خيري من موظف تليفونات إلى رائد الكتابة المسرحية
الصحفى أبو فصادة
إلى جانب الكتابة المسرحية عشق بديع خيرى الكتابة الصحفية فعاش متنقلا بين الصحف، فكتب في صحف ذلك الوقت العديد من المقالات، الانتقادية، ونظرا لموقف بعض الصحف من كتاباته أصدر عدة مجلات ألف صنف، الغول، مجلة انهاردة، المسامير، الراديو، الفارس، الكشكول، وكان يوقع كتاباته فيها باسم " أبو فصادة " وكان نصيبهم جميعا الإغلاق والمصادرة بسبب مقالاته وأزجاله الانتقادية لأحوال المجتمع ومهاجمة القصر ودستور 23 حتى أنه كتب يقول " الحال في مصر أصبح بزرميط ".
حارب الألقاب وشكر ناصر على إلغائها
كما كتب بديع خيرى قصائد زجلية متعددة بتهكم شديد يهاجم فيه الألقاب البيه والباشا والأفندى وصاحب المعالى وصاحب وصاحبة السمو السمو، ويطالب بإلغائها في كتاباته، وعندما قامت الثورة وأصدرت قرارا بإلغاء الألقاب أرسل خيرى خطاب شكر إلى الرئيس جمال عبد الناصر وسلمه بنفسه فى مقر مجلس قيادة الثورة تعبيرا عن فرحته بتحقيق أمنيته ومطالبه بإلغاء الألقاب والمساواة بين الناس.
تعرف بديع خيرى على الفنانة مارى منيب ودامت بينهما صداقة كبيرة وأحبها كثيرا ورغب فى الزواج منها وبادلته حبا بحب، لكن وفاة شقيقتها أجبرها على ترك الحبيب والزواج من زوج شقيقتها لتربية أبناءها لكنهما صارا أصدقاء فيما بعد.
ذكرى بديع خيري.. الفنان الذي كتب للبسطاء وكره الألقاب
حياة كثير من الأحزان
ورغم الكوميديا التى كان يصدرها لنا بديع خيرى إلا أن حياته عاصفة من الأحزان والفواجع، حيث فقد ابنه الفنان عادل خيرى وهو فى شبابه وفى عز تألقه الفني، وكانت ابنته مصابة منذ طفولتها باعاقة دائمة، ومرضت الأسرة بالوراثة بمرض السكر، وتسلل حتى وصل إلى حفيدته، حتى أن بديع نفسه اضطر الى بتر أصابع قدمه بسبب هذا المرض اللعين، وفقدت زوجته بصرها أيضا جراء مرض السكر، برغم كل هذا العناء كان يقول في مذكراته: “من المدهشات أن أقوم بإضحاك الناس وقلبي مفعم بالحزن، وهذا من فضل الله، فضحكات الناس عزائي وقوتي”.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، القسم الثاني، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.