حسن الإمام، مخرج الروائع والعوالم ومكتشف المواهب.. عامل الكلاكيت الذي أخرج أكثر من 100 فيلم.. وحكاية اتهامه بإفساد روايات نجيب محفوظ
حسن الإمام، لقب بمخرج العوالم والراقصات ومخرج الروائع في السينما، كما لقب بملك الكاميرا ومكتشف المواهب.. هو أحد نجوم العصر الذهبى قدم للسينما أكثر من 100 فيلم، منها قصص لكبار الكتاب مثل: ثلاثية نجيب محفوظ؛ قصر الشوق، بين القصرين، السكرية، ورحل في مثل هذا اليوم 29 يناير 1988.
محطات في حياة مخرج الروائع حسن الإمام في الذكرى 35 لرحيله، بدأ رحلة الفن من الصفر
ولد المخرج حسن الإمام عام 1919، درس بمدرسة الفرير، ومنها إلى مدرسة الخرنفش بالإسكندرية حتى أتقن اللغة الفرنسية، فوالده من كبار تجار السجائر، إلا أنه عشق الموسيقى والغناء خاصة الموسيقى الشرقية وتواشيح الشيخ سيد درويش، التي يقول عنها إنها تجعله يبكي ويضحك ويشعر بالسعادة في نفس الوقت، ولذلك كان متقمصا لشخصيته.
استغله يوسف وهبى فى ترجمة الروايات العالمية
في البداية تأثر حسن الإمام بالعروض المسرحية للفرق التي كانت تقدم عروضها بالمنصورة ـ حيث كان يقيم في صباه ـ فانبهر بيوسف وهبي، واتخذه قدوة له حتى إن يوسف اتخذه مساعدًا له في ترجمة وتمصير المسرحيات العالمية لإتقانه الإنجليزية والفرنسية، ليستمر في احتراف ترجمة النصوص المسرحية والمونولوجات، وأهم ما كان يميزه انه يذكر اسم المؤلف الأصلى أو اصاحب النص الأصلى لأعماله.
تدرج حسن الإمام في أعماله الفنية منذ عمل حاملا للكلاكيت ومحضرا لملابس الفنانين، وأصبح بعد ذلك ممثلا ومساعدا للإخراج في استديو مصر، قدمه يوسف وهبى لأول مرة إلى المخرجين نيازى مصطفى وأحمد بدرخان وهنرى بركات، الذين عمل معهم مساعدا فى البداية، فقدم كمساعد مخرج أفلام: عودة الغائب، القرش الأبيض، حسن وحسن، شارع محمد علي، وكانت أول تجربة سينمائية اخراجية له إخراجه لفيلم "ملائكة جهنم" عام 1946، والذى يعتبر من علامات السينما المصرية تلاه فيلم “الستات عفاريت”.
في ذكرى وفاته.. حسن الإمام المخرج المتهم بإفساد روايات نجيب محفوظ
كتابة السيناريو والحوار
ساهم حسن الإمام، فى كتابة السيناريو والحوار، لعدد كبير من أفلامه، ومعظمها مأخوذة عن روايات شعبية فرنسية، وإن كان الإمام أكثر شجاعة من غيره، إذا كان دائم ذكر مصادر روايات أفلامه في مقدمتها.
قدم حسن الإمام أيضًا مجموعة من الأفلام الناجحة الأخرى مثل: شفيقة القبطية، البوسطجى، اليتيمتين، الراهبة، الخرساء، قمر الزمان، بائعة الخبز، ظلمونى الناس، وبالوالدين إحسانا، خلى بالك من زوزو، الخطايا، سر طاقية الإخفاء عام 1944، كما قدم حياة العوالم من خلال فيلم "بمبة كشر" والذى منع لسنوات طويلة من العرض على الشاشة الصغيرة، واختير ثلاثة من أفلامه ضمن قائمة أشهر مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية هي الخطايا، خلى بالك من زوزو، بين القصرين.
في ذكرى رحيله.. هل تأثر حسن الإمام بالثقافة الغربية في إخراج أفلام جريئة؟
خلى بالك من زوزو أشهرها
وفى بداية السبعينيات اتجه المخرج حسن الإمام إلى الاستعراض والرقص في أفلامه، فقدم خلى بالك من زوزو وأميرة حبى أنا لسعاد حسنى وحسين فهمى، حكايتى مع الزمان لوردة الجزائرية، كما قام بالتمثيل في أكثر من عشرين فيلما في أدوار ومشاهد بسيطة منها: فيلم مدافن مفروشة للإيجار مع نجلاء فتحى ومحمود يس وخلى بالك من زوزو، وله في الإخراج التليفزيونى تجربة واحدة فقط لم يكررها "صاحب الجلالة الحب".
ابنة المخرج حسن الإمام تكشف الساعات الأخيرة في حياته ووصيته لأبنائه
حول اتهامه بتقديم أفلام عن قصص حياة الراقصات يقول المخرج حسن الإمام: أنا لا أتعمد تقديم فيلم عن راقصة أو مطربة لكني مثل العازف الذي يعزف نوتا موسيقية متعددة لموسيقيين مختلفين مثل بيتهوفن وموزارت وعبد الوهاب وأحمد فؤاد حسن وأنا.. حسن الإمام.
احتضان المواهب الشابة
ساعد المخرج حسن الإمام في اكتشاف المواهب واحتضن الوجوه الجديدة، وكان له فضل اكتشافهم مثل سمير صبرى، بوسى، ماجدة الخطيب، نورا، نور الشريف في قصر الشوق، هند رستم في الجسد وبنات الليل، حسين فهمى في خللى بالك من زوزو، حسن يوسف وصلاح قابيل في فيلم "زقاق المدق" وغيرهم.
في ذكرى رحيله.. حسن الإمام مساعد يوسف وهبي ومكتشف النجوم
إعادة إخراج أفلامه
في المرحلة الأخيرة من حياته، أعاد حسن الإمام إخراج عدد من أفلامه مرة أخرى قد يصل عددها إلى 10 أفلام، مثل (وبالوالدين إحسانًا، الشيطانة الصغيرة، لواحظ، قلوب العذارى، بائعة الخبز)، وكانت الأفلام ملونة، مع تغيير في بعض أسماء الأفلام ونجومها بطبيعة الحال معتمدا على الجيل الجديد من الممثلين.
في عام 1962 اهتم حسن الإمام بإخراج قصص مأخوذة عن روايات نجيب محفوظ، حيث حل بديلًا للمخرج صلاح أبو سيف في إخراج فيلم بين القصرين عن رواية نجيب محفوظ، بسبب انشغال أبو سيف بإدارة المؤسسة المصرية العامة للسينما، وكانت “بين القصرين” بداية تعامل الإمام مع أعمال نجيب محفوظ، فقد قام بعدها بإخراج زقاق المدق 1963، قصر الشوق 1966، السكرية 1973.
نجيب محفوظ يبرئ حسن الإمام
واتهم حسن الإمام بإفساد روايات محفوظ، بعد تقديمها للسينما، نظرا إلى تركيزه على قالب إخراجي واحد في كل رواياته، بالإضافة إلى الإفراط في مشاهد الرقص والغناء مخالفا لسياق الرواية الأصلية وخاصة في زقاق المدق ـ وقال عنه أحد الكتاب إنه حوَّل روايات نجيب محفوظ إلى مرقصة، إلا أن الأديب نجيب محفوظ صاحب الرواية برأه من كل هذه التهم.
وأكد أن هذه المشاهد هي من صميم رواياته وقال: في الخارج يقدمون من النص الواحد أكثر من عمل سينمائى، وهذا يعني أن الرواية الواحدة يمكن أن تستغل سينمائيا بأكثر من وجه حسب رؤية وتفسير كل مخرج للنص الأدبى، ويجب أن نحترم المخرج لأنه ليس مترجما.. ولكنه في النهاية مبدع وفنان وخلاق.
اتهم النقاد المخرج حسن الإمام أيضا بتقديم أعمال تعتمد على الرقص فقط بسبب ميله في تلك الفترة لتقديم أعمال استعراضية ليميز أعماله عن غيره من المخرجين حتى جمعه القدر بالفنان صلاح جاهين والسندريلا سعاد حسنى ليقدموا معا خلى بالك من زوزو، واتهم أيضا بتغييب الجمهور بهذا الفيلم فترة الاستعداد إلى الحرب إلا أن الجمهور خالف النقاد وأقبل على الفيلم الذى حقق نجاحا غير مسبوق.
صلاح حافظ يدافع عن الإمام
وفي مجلة روز اليوسف عام 1968 كتب الكاتب الصحفي صلاح حافظ مقالا يدافع فيه عن مخرج الروائع حسن الإمام ضد كل الهجوم الذى صادفه قال فيه: “لا أدري لماذا اعتادت صحفنا ونقادنا أن تعلق آثام السينما المصرية جميعها على شماعة حسن الإمام، قد يكون هو نفسه مسئولا إلى حد ما، فالمخرجون المؤمنون بأن الفيلم سلعة تجارية يحرصون في العادة على إخفاء هذه العقيدة عندما يتحدثون إلى الصحف، كما يحرصون على تغليف أفلامهم بأغلفة فلسفية ومبررات فكرية تخفي سوءاتها”.
وأضاف حافظ: "أما حسن الإمام منذ فيلمه الأول "ملائكة جهنم" عام 1946 وهو لا يحاول أن يخفي شيئا لا في أفلامه، ولا في تصريحاته، ونظرية الفيلم التجاري في أعماله صفة صريحة مباشرة تغري الكُتَّاب أن يتخذوا منه إماما لهذه الطريقة وشماعة يعلقون عليها أخطاءها، إن النظرية التي ترى الفيلم سلعة ليست صادرة عن حسن الإمام وإنما مصدرها وصاحبها وفارضها هو النظام الاجتماعي. فالسينما ولدت أصلا صناعة، وأول مؤسسة كبيرة لإنتاج الأفلام في مصر أنشأها بنك مصر وكافة الذين مولوا السينما قبل الثورة كانوا رجال أعمال ومال، وعندما جاءت الثورة كان يقال عن السينما إنها الصناعة الثانية بعد النسيج".
لماذا نفتري على حسن الإمام
ويختتم صلاح حافظ مقاله بقوله: “وأرى أن السينما تكون في أزمة يوم تتعثر أحوالها المالية، وتكون مزدهرة يوم تغزو الأسواق الأجنبية، وأقامت مؤسسة السينما حفل تكريم للمخرج حسن الإمام لأنه وفر مبلغا من المال من ميزانية فيلم “قصر الشوق”، إذن فتجارية السينما واقع اجتماعي واقتصادي في بلادنا، واقع لم يصنعه حسن الإمام وإنما هو فقط يعترف به ويرضخ لمقتضياته ويحصل على جوائزه. أولى من الهجوم على حسن الإمام أن نواجه هذا الواقع ذاته وأن ندرس بصراحة وشجاعة، مسئولياتنا عنه ومسئوليتنا بالتحديد أننا لم نقرر بعد هل السينما صناعة أم ثقافة وهل الفيلم سلعة هدمها الربح أم رسالة هدفها أن تبلغ الناس، والذي يحدث في النهاية هو أننا نتكلم عن السينما كثقافة ولكن نعاملها كصناعة، وإذا كان حسن الإمام فهم القضية فلماذا نفتري عليه”.
رحيل بتعب فى القلب
عانى المخرج حسن الإمام في حياته من مرض السكر، وزادته طبيعة عمله مرضا مما أثر عليه بشكل كبير وتأثر القلب بحالته الصحية وباشره الدكتور حليم جريس في مرضه الأخير، وبعد عشرة أيام تحت الملاحظة بمستشفى الانجلو أمريكان رحل مخرج الروائع حسن الامام في مثل هذا اليوم عام 1988 عن 69 عاما.
خفيف الظل حتى فى الساعات الأخيرة
تتحدث زينب عن الساعات الأخيرة في حياة والدها حسن الإمام وتقول إن والدها كان خفيف الظل، حتى أنني أثناء تواجدي معه بالغرفة، دخل أحد الممرضين لمتابعة حالته الصحية، وبعد خروجه قال لي والدي "الراجل دا أنا مش مرتاحله.. شكله كدا زي عزرائيل، فياريت تقوليلهم يخلوا واحد تاني اللي يدخل يغيرلي على رجلي"، واستمر الحديث بيننا طويلًا حتى فارق الحياة.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.