من دولة يوليو إلى عصر السيسي، الدولار وسنينه، حكم محمد نجيب آخر ملامح العصر الذهبى للجنيه، سعر العملة المصرية بـ4 دولارات.. وديون البلاد الخارجية «صفر»
لا حديث يعلو فى مصر على حديث الدولار، الشبح الذى يقف خلف كل الأزمات المعيشية الصعبة التى يحياها المصريون، بعدما وضعهم ربما لأول مرة منذ عقود طويلة أمام ضائقة مالية لا تنتهي، اضطر معها الغالبية العظمى منهم إلى تغيير خطط الحياة ونمط المعيشة، تعاظمت الضغوط الاقتصادية على مصر بشكل حاد منذ أوائل العام الماضي، طغى شح العملة الصعبة وانعكاساتها -ولاسيما ارتفاع الأسعار- على الإصلاحات وإجراءات التقشف التى اتخذتها الدولة، بما يطرح الثقة فى السياسة المالية والاقتصادية التى تتبعها الحكومة الحالية منذ تصدرها للمشهد فى البلاد، وجعل المؤيد قبل المعارض لها يطالب برحيلها واليوم قبل الأمس.
سنوات من الاقتراض حمّلت حكومة مدبولى مصر فاتورة ديون ثقيلة، هى السبب الرئيسى فى نقص الدولار.
الأشهر القليلة الماضية انخفضت فيها العملة الوطنية (الجنيه) بشكل كبير، وأصبح سعر الصرف فى السوق السوداء يتجاوز ضعف السوق الرسمى 31 جنيها، يحدث ذلك ومصر تواجه هذا العام أصعب تحد لها، إذ تبلغ أقساط الديون المستحقة للدفع 42.26 مليار دولار على الأقل، وفقًا لبيانات البنك المركزي!
«فيتو» تفتح ملف الدولار وإشكالياته وتحدياته فى مصر من دولة يوليو إلى عصر الرئيس السيسى.
فى مذكراته “كنت رئيسًا لمصر” يقول اللواء محمد نجيب: “عندما قامت الثورة، كان يقطن مصر حوالى 22 مليون نسمة، يعيشون على إنتاج ومحاصيل 6 ملايين فدان.
وباستثناء حوالى 3 ملايين شخص كانوا يعيشون حياة معقولة فى مصر، فإن باقى السكان كانوا يعيشون عند أدنى مستوى من مستويات المعيشة فى العالم كله، وكان ملاك الأراضى قبل الثورة يدفعون للفلاح الأجير 8.5 قرش يوميًا، فى حين أن التكاليف اليومية للحيوانات كانت أكثر من ذلك، البغل على سبيل المثال كان يحتاج 12 قرشًا، والجاموسة 22 قرشًا، والحمار 9 قروش”.
وفى كتاب “تطور الاقتصاد المصري” يقول باتريك كلاوسن: “بعد الحرب العالمية الثانية خرجت مصر من الحرب دائنة لبريطانيا بمبلغ 430 مليون جنيه إسترلينيًا، إلا أن الحال لم يستمر على هذا الوضع، فبعد ثورة يوليو 1952، واصل الجنيه تراجعه أمام الدولار الأمريكى، خاصة أن الجنيه المصرى كان مرتبط رسميًا بالعملة الإنجليزية حتى عام 1947، وشهد الجنيه بعض التراجع فى قيمته خلال هذه الفترة، وأن ظل يحتفظ بمكانته أمام عملات العالم المختلفة وأهمها الدولار”.
وفى عام 1945 انضمت مصر إلى معاهدة بريتون وودز، التى نصت على تأسيس صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى للإنشاء والتعمير، وتم تحديد سعر الجنيه المصرى بقيمة ثابتة من الذهب تعادل 3.6728 جرام، وفى 1947، فكّت الحكومة المصرية ارتباط الجنيه بالجنيه الإسترلينى، وظل الجنيه المصرى يعادل 4.1 دولارًا حتى عام 1949.
كانت مصر تملك خلال الحرب العالمية الأولى وما تلاها احتياطيا كبيرا من النقد الأجنبى، وارتفعت قيمة صادرات القطن، وجرى استخدام الإيرادات المتزايدة فى تصفية الديون وتراكم الحيازة بنحو 150 مليون جنيه مصرى فى الاستثمارات الأجنبية.
وساعدت هذه الأموال فى التخفيف من الانهيار فى مصر خلال أواخر عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضى، عندما انخفض سعر القطن انخفاضا حادًا، على خلفية توقف الصناعة الأوروبية عن التوسع.
وبلغ متوسط صادرات القطن 23.4 مليون جنيه إسترلينى فى ثلاثينيات من القرن الماضى، وخلال تلك الفترة عانت مصر من ضغوط حادة فى أسعار الصرف الأجنبى.
وتركز العبء الأكبر للانخفاض فى الواردات على السلع الاستهلاكية، حيث انخفضت وارداتها بأكثر من 70% فى ثلاثينيات القرن الماضى مقارنة بعشرينياته، وسد الإنتاج المحلى نصف الانخفاض فى واردات المستهلكين بقيمة 30 مليون جنيه إسترلينى، وارتفعت القيمة المضافة الصناعية إلى حد أقصى قدره 25 مليون جنيه إسترلينى فى عام 1940، بما لا يزيد على 18 مليون جنيه إسترلينى.
كان التصنيع المصرى قد نشأ فى الثلاثينيات، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وفرت الصناعة المصرية الاستهلاك المحلى من السكر، والملح، والسجائر، و90% من الأحذية والأسمنت والصابون، و80% من الأثاث والثقاب، و40% من المنسوجات.
لكن مع بداية ثورة 1952، ومع تولى اللواء محمد نجيب رئاسة الوزراء ثم الحكم، عمل مجلس قيادة الثورة على إنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى 1952، وضم المجلس عدد من الخبراء التكنوقراط، ووضع المجلس خطة تنموية شاملة، تعتمد على مبدأ التكامل الاقتصادى فيما بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، القطاع الصناعى والزراعى وباقى القطاعات، وعهدَ للقطاع الخاص المساهمة بتنفيذ 60% من مشروعات الخطة، أما الـ 40% الباقية فيتولاها القطاع الحكومى العام.
تغيرت مصر كثيرًا منذ أيام اقتصاد القطن، هكذا قال باتريك كلاوس فى دراسته “تدويل الرأسمال فى الشرق الأوسط”، مشيرًا إلى أن “الخط البيانى لقيمة صادرات القطن المصرى مثير للغاية من عام 1880 إلى أوائل العشرينيات من القرن الماضى، إذ كان الاتجاه فى ارتفاع مستمر.
ويعتبر الدكتور على الجريتلى فى بحثه: “25 عامًا دراسة تحليلية للسياسات الاقتصادية فى مصر من 1952 وحتى 1977”، أن قطاع الزراعة من أهم الركائز الأساسية للدخل والإنتاج القومى وسوق العمالة قائلا: “فى أوائل الخمسينيات أى قبيل قيام الثورة، وصلت المساحة المحصولية إلى تسعة ملايين فدان، وكان نصف الدخل القومى يستمد من الزراعة، ويعمل بها 70% من قوة العمل، وكان القطن يمثل وحده 40% من قيمة الإنتاج الزراعى، ونحو 70% من حصيلة الصادرات.
أما عن الدين العام الخارجى، فقد عرفته مصر للمرة الأولى فى عهد سعيد باشا عام 1876 وبلغ 23.4 مليون دولار، وزاد عام 1878 فى عهد الخديوى إسماعيل ليبلغ نحو 118.3 مليون دولار، بعد أن أصبحت إدارة المالية المصرية فى يد المراقبين الماليين من الأجانب، وفى عام 1900 بلغ الدين الخارجى إلى 348 مليون دولار، وتم سداد الديون الخارجية لمصر من خلال قانون تمصير الدين المصرى عام 1943.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.