الشعوذة فى الأدغال، العظام تنتظر الفراعنة فى نسخة 2002.. وجيامفى ينهى أسطورة الدجالين فى البلاك ستارز
انطلقت قبل أسبوعين بطولة الأمم الأفريقية كوت ديفوار 2023 وسط أحلام وطموحات منتخبات القارة السمراء للظفر بالبطولة، حيث حشد الجميع صفوفه وتعاهد كبار القارة الأفريقية على ضرورة الفوز باللقب هذه المرة فى بلاد الأفيال.
ونستعرض فى السطور التالية بعض الحكايات التاريخية من دفتر أحوال أمم أفريقيا، ولتكن البداية مع رحلة السحر والشعوذة فى البطولات الأفريقية، حيث تبقى أسطورة السحر الذى عاند الإيفواريين بمنزلة مشهد تاريخى فى هذا الملف وفقًا لما تكشفه الحكايات التالية، حيث تأتى البداية مع قصة السحر الذى تعرض له المنتخب الكاميرونى وبعدها قصة أخرى تعرض لها المنتخب الغانى، ولكن كان سحرًا بين اللاعبين ضد بعضهم بعضا فى منتخب البلاك ستارز.
السحر الأسود برعاية الشرطة في نسخة مالي 2002
القصة الأولى حدثت مع منتخب الكاميرون فى كأس أمم أفريقيا 2002 فى مالى، وقتها كان منتخب الكاميرون يستعد لمواجهة مالى صاحب الأرض فى نصف نهائى البطولة.
توماس نكونكو مدرب حراس مرمى الكاميرون وقتها، والحارس الشهير فى التسعينيات للأسود غير المروضة كان بطل الواقعة وأثناء الإحماء قبل المباراة انتبه نكونكو لأحد أفراد الشرطة فى الملعب يرش مادة غريبة فوق أرض الملعب.. ركض نكونكو بسرعة نحو الشرطى واشتبك معه، تصرف نكونكو لم يكن بلا سبب، لأن الشرطى كان يرش السحر فى الملعب ومدرب حراس الكاميرون فطن له.
الأزمة تصاعدت والمشادة احتدمت بين الثنائى الشرطى يريد رش السحر فى الملعب بالكامل، ونكونكو يحاول منعه، واعتقد الشرطى أنه يساعد منتخب بلاده للفوز على الكاميرون حامل لقب البطولة والمرشح الأول للفوز باللقب وهو ما حدث فعلا.
ورفض منتخب الكاميرون خوض المباراة، وبعد الكثير من المفاوضات من كل الأطراف تم إطلاق سراح نكونكو، ووافقت الكاميرون على اللعب.. بالفعل ما كان يخشى منه فرد الشرطة حدث، فاز منتخب الكاميرون بثلاثية وتأهل للنهائى وحصد اللقب.
فضيحة البلاك ستارز فى أمم أفريقيا 2012
الواقعة الثانية حدثت فى كأس الأمم الأفريقية 2012 وهى البطولة التى أقيمت فى غينيا الاستوائية والجابون.
وقتها ظهر منتخب غانا بمستوى ضعيف وودع البطولة من نصف النهائى أمام زامبيا، كانت مفاجأة كبيرة اكتملت بتتويج زامبيا بالبطولة على حساب كوت ديفوار.
الصربى جوران ستيفانوفيتش مدرب غانا وقتها برر هزيمة المنتخب أمام زامبيا بالسحر الذى تسبب فى خراب معسكر فريقه ولكن السحر هنا كان من لاعبى غانا ضد بعضهم بعضا.
المدرب الصربى أبدى إحباطه من تصرفات بعض لاعبى منتخب غانا واستخدامهم السحر ضد زملائهم ما أدى إلى الهزيمة والخروج من البطولة.
وقال ستيفانوفيتش: “أتمنى من اللاعبين استخدام السحر فى أى شيء آخر بدلا من استخدامه فى إيذاء زملائهم فى المنتخب”.
فضيحة السحر الإيفوارى
ثالث الحواديت كانت فى عام 1992 عندما كان يستعد منتخب كوت ديفوار للسفر إلى السنغال من أجل المشاركة فى كأس أمم أفريقيا.
الأحلام وقتها كانت تتويج كوت ديفوار بالكأس لأول مرة فى التاريخ، والاستعدادات فى المنتخب كانت تسير بشكل رائع وبكل قوة لكن فى الوقت ذاته كانت هناك استعدادات أخرى خارج المنتخب للفوز بالبطولة، ولكن على مستوى أكبر.
رينيه ديبى وزير الرياضة فى كوت ديفوار وبمساعدة مسئولى اتحاد كرة القدم، أحضروا بمجموعة من السحرة والمشعوذين من قرية صغيرة معزولة تدعى أكراديو، والطلب هو عمل السحر لتفوز كوت ديفوار بكأس أمم أفريقيا حيث قالوا لهم: “نريد أن يركض لاعبى فريقنا مثل الغزلان، كل مدافع يلعب بقوة لاعبين، واستدعاء حشرات ونحل لقرص لاعبى المنتخبات المنافسة لنا وتشتيت تركيزهم”.
كانت هذه هى طلبات وزير الرياضة واتحاد الكرة من السحرة ليفوز منتخب كوت ديفوار بكأس الأمم الأفريقية.
بدأت رحلة كوت ديفوار فى البطولة، بعبور المنتخب دور المجموعات ووصوله لنصف النهائى، فاز على الكاميرون بركلات الترجيح وتأهل للنهائى.
وبعد نهائى طويل جدا فاز منتخب كوت ديفوار على غانا بركلات الترجيح بنتيجة 11-10.
لكن بلدة أكراديو لم تشهد الكثير من الاحتفالات، والسبب هو عدم دفع مقابل للسحرة الذين اتفقوا مع وزير الرياضة على عمل التعويذات للمنتخب حتى يفوز بالبطولة.
رفض وزير الرياضة دفع أى أموال لهم رغم أنه وعدهم بذلك فى حالة الفوز بالبطولة، الأمر الذى تسبب فى حالة غضب شديدة لدى السحرة، وهنا قرروا الانتقام من منتخب بلادهم. وهذا ما تحكيه الأسطورة الإيفوارية.
قرر السحرة عمل تعويذة أخرى تصيب منتخب كوت ديفوار بلعنة عدم الفوز بالبطولة مرة أخرى لمدة 20 سنة.
الأمر يبدو أنه ولّد الشك داخل منتخب كوت ديفوار قبل أى بطولة أمم أفريقيا يذهب لخوضها بعد عام 1992 وما زاد من الاقتناع بهذه اللعنة والأسطورة أن بالفعل منتخب كوت ديفوار كان يخسر اللقب فى كل مرة.
فى عام 2006 ومع الجيل الذهبى بقيادة ديديه دروجبا ويايا توريه وباقى الأسماء، استطاع منتخب كوت ديفوار التأهل للنهائى لثانى مرة فى تاريخه لكن أبناء المعلم حسن شحاتة كان لهم رأى آخر، وفازت مصر بالبطولة بركلات الترجيح وفى بطولة 2015 نجح أخيرا منتخب كوت ديفوار فى إنهاء أسطورة اللعنة عليه، والذى استمرت لمدة 23 سنة وفاز باللقب، لكن الفوز أيضًا كان غريبا وليس سهلا عندما وصلت المباراة النهائية ضد غانا إلى ركلات الترجيح وكل منتخب سدد 11 ركلة، ولكن النتيجة النهائية كانت لصالح الأفيال.
فاز المنتخب أخيرا باللقب الثانى لكأس الأمم الأفريقية، ولكن بدون دروجبا.. الشعب الإيفوارى شعر أخيرا أن اللعنة زالت بعد 23 سنة من الإخفاقات.
حدوتة نيجيريا فى نسخة 2000
من أبرز المزاعم المتعلقة باستخدام السحر فى كأس أمم أفريقيا، ما حدث فى نسخة عام 2000، حيث زُعم أن أحد مسئولى الاتحاد النيجيرى لكرة القدم قد تسلل إلى أرض الملعب لإزالة تعويذة تم وضعها فى مرمى حارس السنغال، خلال مباراة ربع نهائى البطولة التى أقيمت فى لاجوس.
تدخله “المزعوم” قبل 15 دقيقة من نهاية الوقت الأصلى، ضمن لنيجيريا تسجيل هدفين متأخرين بفضل جوليوس أغهاوا، ليحرم أسود التيرانجا من التأهل إلى الدور نصف النهائى.
مصر تعانى من السحر فى 2002
فى مواجهة مصر والسنغال بدور المجموعات لكأس الأمم 2002، وجد الجهاز الفنى للمنتخب المصرى عددًا كبيرًا من العظام داخل كيس به طلاسم تحت مقاعد البدلاء.
المباراة انتهت بفوز السنغال بهدف نظيف.
السحر فى غانا
وفى غانا تأخذ الأمور منحنى آخر تماما، فالبعض يربط سنوات النجوم السوداء العجاف فى كأس أمم أفريقيا منذ تحقيق اللقب الرابع عام 1982 للعودة لممارسة أمور السحر.
شخص واحد فقط هو من وقف ضد الخرافات وحقق لغانا 3 ألقاب وساهم فى الرابع وهو تشارلز جيامفى الذى يعد أول مدرب يحقق لقب كأس أمم أفريقيا 3 مرات وتبعه فقط حسن شحاتة مع الجيل الذهبى لمنتخب مصر.
أصبح جيامفى أول مدرب غانى يقود منتخب بلاده فى التاريخ خلفا للمجرى جوزيف إيمبر عام 1963، بعدما كان أول محترف فى تاريخ الكرة الغانية عندما لعب لصفوف فورتونا دسلدورف الألمانى، وفى بداية مهمته سار عكس التيار السائد.
عُرف دائمًا وجود ساحر يُلازم الفرق والمنتخبات فى غانا، لكن الأمر توقف مع تولى جيامفى المهمة عام 1963.
نُقل عن جيامفى فى كتاب “السحر والسحرة فى الكرة الأفريقية “ لكاتبه فرانسيس بوتشواى: “قبل أن أتولى مهمة النجوم السوداء، كان هناك سحرة ودجالين يساعدون الفريق، وبعض منهم كان يسافر معنا خارج غانا”.
وأكمل: “كأفارقة لم يكن يفاجئنا ذلك لأن الخرافات فى كرة القدم كانت أمرا معتادا، وشيئا يدور فى القارة خلال هذه الأيام”.
وأردف: “بخبرتى التى اكتسبتها كرويا فى ألمانيا وتشيلى والبرازيل أقنعتنى أن السحر لا يلعب كرة القدم”.
وواصل: “قرر فريقى ألا يعتمد على خدماتهم، واعتمد على الصلوات والأنظمة التكتيكية الجيدة، والعمل الجاد والالتزام والتحفيز”.
وأشار الكاتب إلى أن جيامفى طلب المساعدة من الله من أجل أن يتفوق على تلك الخرافات، حيث صرّح قائلا فى عبر قناة (Lifestyle tv) الغانية: “طلب جيامفى مساعدة الله فى قضية محددة ونجح لأنها كانت فى صف الله مثل فعل سيدنا يوسف فى مصر”.
وشدد بوتشواى أنه إذا تمسكت غانا بـ”طريقة جيامفى فى إدارة الفريق” منذ عام 1982، وحتى وقتنا هذا لأصبحت الأمور أفضل، حيث قال: “عندما تركنا هذا الطريق بعد عام 1982 لم تسر الأمور بشكل جيد معنا، أؤمن بشدة أن هذا هو سبب عدم حصولنا على لقب أمم أفريقيا فى آخر 40 عاما”.
ابتعدت غانا عن الطريق السليم منذ الذهبية الأخيرة للنجوم السوداء، وعادت غانا لطريق الخرافات مجددا بعد جيامفى.
كوابينا يوبواه رئيس رابطة النقاد الغانيين سبق أن صرح سابقا فى تصريحات نقلها موقع “غانا سوكر نت”: “أتذكر أننا فى أمم أفريقيا 1978 كان لدينا قس ونصلى دائمًا فى أى وقت”.
واستدرك “فى 1991 جاء روحانى إلى معسكر الفريق وأحاطنا بالشموع وبدأنا بالصلاة، وأتذكر أننا قبل مواجهة زامبيا كنا نردد: “alima alima shankara”، كنا نكرر تلك الأشياء فى تلك الأيام، ذهبنا وخسرنا تلك المباراة.
كما روى أيضًا قصة ملاقاة روحانى قبل مباراة ودية بين غانا وكوت ديفوار فى عام 1984، فقال: “لسوء الحظ، أتذكر جيدا مرة أخرى أيام أتو أوستن كمدير تنفيذى للشباب والرياضة. ذهبنا إلى كوت ديفوار لخوض مباراة ودية. سافر الفريق إلى كوت ديفوار وقيل لنا أن نذهب إلى كيب كوست (مدينة فى غانا) لرؤية روحانى معين”.
وكشف ما دار عند زيارة الروحانى قائلا: “أخبرتنا امرأة أنه يتعين علينا الانتظار لبعض الوقت لأن الملاك سافر، وكان علينا الذهاب إلى الشاطئ للجلوس تحت شجرة جوز الهند لعدة ساعات ثم عادت وفى النهاية وصل الملاك. وقالت إن المباراة كانت صعبة للغاية، وكنا سنخسر بنتيجة 2-0 لكنها تمكنت من تغيير النتيجة،.
تأهل النجوم السوداء لنهائى أمم أفريقيا 3 مرات فقط منذ ذلك الحين، وخسروها جميعا بواقع 2 ضد كوت ديفوار بركلات الترجيح فى 1992 و2015، وأمام مصر فى 2010 بفضل هدف محمد ناجى “جدو” الشهير.