..وماذا أخذ الأقباط من وطنيتهم؟
في هذه الأيام ولوجود مشروع وطني مشترك يجمع المصريين وخطر واحد يوحدهم - في حالة لم تشهدها مصر منذ حرب أكتوبر 1973- ترتفع نبرة الوحدة الوطنية بين غالبية المصريين، ولهذا ازدادت شهادات الحق تجاه الأقباط والثناء علي وطنيتهم وإخلاصهم لبلدهم وللمجتمع الذي يعيشون فيه. وكيف أنه رغم كل من تعانيه تلك الأقلية إلا انه لم تحاول ايجاد حلول خارج المنظومة الوطنية أو حلول تضر بالمجتمع الذي يعيشون فيه وله. واذا كان الوطن يتجاوز الانتماء للأرض والأفراد إلا ان الوطن هو المكان الوحيد في ذلك الكون الذي يتمتع فيه افراده بالحد الأقصي من الحقوق، من حق الدخول والخروج الي حق الترشيح والانتخاب للمشاركة في صناعة مستقبل ومسار هذا الوطن، فمن حقنا ان نسمي الأشياء بمسمياتها بعد عبارات الثناء التي يستحقها الأقباط علي وطنيتهم ونتساءل “وماذا أخذ الأقباط من وطنيتهم؟؟
هل تمتدح الموقف الوطني للمتنيح البابا شنودة ومن بعده البابا تواضروس ومن خلفهما الأقباط تجاه زيارة أقدس مقدساتهم في فلسطين بسبب وضعها تحت الاحتلال الاسرائيلي؟. بكل أسف ، فبينما تتمتع سفارة اسرائيل بكل الحماية في مصر، تم الاعتداء علي كاتدرائية الأقباط حيث يقيم البطريرك الذي اخذ هذا القرار الوطني. بل ان الاعتداء علي الأقباط في مصر ربما تجاوز الاعتداءات علي الجيش الاسرائيلي كاملة في حرب الاستنزاف، الاسرائيليون في مصر يتمتعون بالأمان عشرات المرات أكثر من الاقباط.
هل تمتدح موقف الاقباط الوطني من رفض الاستقواء بالخارج وأنهم طوال تاريخهم لم يطلبوا عوناً من الغرب المسمي مجازاً “بالمسيحي”؟. للأسف كان المقابل هو مزيدا من الاستقواء الأمني والبوليسي عليهم. بينما مع فصيل غير وطني استعدي العالم علي جيش بلاده، فصيل كبر امام الشاشات حينما اقتربت بارجتان امريكيتان من حدود وطنه، كان المقابل من جانب الدولة هو الصمت تجاه هذه الجرائم ومزيد من الغزل من قبل النخبة في وطنية ذلك الفصيل طمعاً في إرضائه.
هل تمتدح الأقباط علي سلميتهم وأنهم لم يلجأوا للعنف يوماً وهم الطرف المُعتدي عليه دائماً، للأسف لم يكن رد الدولة علي مدي تاريخها علي تلك السلمية سوي إجبارهم علي تنازلهم عن أي حق لهم سواء جنائي او مادي بعد كل اعتداء عليهم وتنحاز للطرف المعتدي خوفاً. بينما الجماعة التي لها اكثر من شهر تمارس كل انواع العنف اللفظي والبدني تجاه الوطن ومواطنيه وتنقله الشاشات بعبارات لو قالها غربي حتي ولو في تليفونه الخاص ربما تقوده الي عدة أعوام في السجن، لم تحرك السلطة ساكناً مع تلك الجماعة التي تتوعد الوطن والمواطنين، وللأسف نحن في دولة تركع أمام البلطجي والأكثر عنفاً بينما تستقوي علي الوطني المسالم.
هل تمتدح موقف الاقباط الوطني حينما صاموا رمضان يوم السادس والعشرين من يوليو الماضي مشاركة مع اخوتهم المسلمين في "عبادتهم". وبرغم هذا الموقف الوطني فالأقباط لا يسمح لهم ببناء دار "عبادتهم".
هل تمتدح مواقف الأقباط الوطنية؟ .. فلا تتعجب ان تجد جزاء وطنية الأقباط هو اضطهادا وجعلهم الشعب الأكثر هجرة خارج بلادهم.
اقرأ معالجة الدولة في الاعتداء علي الأقباط، من أحداث "فرشوط" مبارك الي "أطفيح" طنطاوي الي "خصوص" مرسي الي "بني احمد" عدلي منصور، لتعرف انه سلوك دولة كاملة وليس نظاما مهما تغيرت أشكاله. ويالغرابة وطن يرفع من قاله عنه "طظ"، بينما يُحقر من قال عنه "وطن يعيش فينا" … إنها مأساة بالفعل.