تأثير المؤشرات الاقتصادية الرئيسية على قيم الأسواق
شهد نشاط التداول في العالم العربي انتشار كبير في السنوات الأخيرة، خاصة مع تطور وسائل الاتصال، وقيام شركات التداول بالتوسع والانتشار بين مواطني الدول في الشرق الأوسط بشكل عام، عبر مختلف وسائل التواصل.
كان تداول العملات الاجنبية والمعروف باسم سوق الفوركس صاحب نصيب الأسد في هذا النوع من الانتشار خاصة مع تطوره وعدم حصره على تداول العملات الأجنبية خاصة مع تطوير أفضل واقوى شركات الفوركس المرخصة في السوق من الأصول المتداولة وضمها للمؤشرات، وأسواق الأسهم الأكبر حول العالم، والعملات الرقمية والمشفرة في التداول. حيث انضمنت فئة أكبر من المهتمين بالتداول في الأصول الاخرى.
من الأهمية بمكان معرفة ما هي أبرز العوامل التي تؤثر في حركة الأصول المالية صعودًا وهبوطًا. في هذا الشأن، هناك مقولة شهيرة في عالم التداول مفادها أن الأخبار هي وقود الأسواق. عند تحليل اي أصل مالي ينقسم نوع التحليل ما بين تحليل أساسي والتحليل الفني. اما التحليل الأساسي فهو متابعة التقارير والبيانات الاقتصادية والتي يكون عليها العامل الأكبر في تحريك الأسواق بداية من بيانات التضخم، أسعار الفائدة، التضخم، إجمالي الناتج المحلي... وغيرها. اما نوع التحليل الثاني فيقتصر على تحليل الرسوم البيانية والتي تظهر تحرك العملة في محاولة لاستكشاف الاتجاه العام للأصل المالي صاعد او هابط، كذلك أبرز الانماط الفنية التي قد تحدد تحرك الاتجاه المستقبلي للأصل المالي.
أهمية المؤشرات الاقتصادية في تقييم حركة العملات
في هذا التقرير سوف نستعرض البيانات والمؤشرات الاقتصادية التي تؤثر على حركة الأصول المالية والمعروفة باسم التحليل الأساسي. تتباين البيانات الاقتصادية من حيث الأهمية التي تحرك بها الأصول وتتغير بها قيم العملات. فنجد أن أخبار الفائدة والتضخم غالبًا ما تصاحبها تحركات قوية في الأسواق مثل مؤشر الدولار – الذي يقيس تحرك العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية – كذلك نجد تحركات قوية في أسعار الذهب العالمية والتي يكون لها تأثير قوي على أسواق المعدن الأصفر في الأسواق المحلية.
على سبيل المثال، لبيان مدى أهمية تلك البيانات نضرب مثال بقرارات الفائدة فبينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية ترفع أسعار الفائدة منذ بداية الربع الثاني من عام 2022 حافظ بنك اليابان على أسعار فائدة في المنطقة السلبية، وهو ما ظهر جليًا في تحركات الدولار الذي ارتفع بشدة مقابل الين الياباني الذي تراجع بشكل قوي. حيث هرع المستثمرون لعملة تجلب الفائدة اذا تم وضعها في البنك مقابل عملة ثانية يتم الخصم من رصيدك اذا قمت بإيداعها في البنك. في النقاط التالية نستعرض أهم البيانات الاقتصادية التي لها التأثير الأهم على حركة الأسواق:
الناتج المحلي الإجمالي
مؤشر يعكس الناتج الاقتصادي للبلد. فهو يعتمد على أرقام الإنتاج، والدخل في تقييم الوضع الاقتصادي لبلد ما. تظهر أهمية إجمالي الناتج المحلي في تأثيرها المباشر على قيمة العملة فنمو الناتج المحلي يمثل عامل انتعاش اقتصادي يجذب الاستثمار، وبالتالي ارتفاع قيمة العملة والعكس بالعكس.
بيانات التوظيف
تمثل أرقام التوظيف وبيانات سوق العمل على معنويات المستثمرين وبالتالي تأثير غير مباشر على قيمة العملة. حيث ترتبط مؤشرات التوظيف الإيجابية، مثل انخفاض معدلات البطالة وأرقام الوظائف غير الزراعية القوية، عامل جذب للاستثمار الأجنبي، وهو يعكس زيادة الطلب ولما له من تأثير مباشر على التضخم. وهو ما يكون له أثر على سياسات البنك المركزي، وأسعار الفائدة.
معدلات التضخم وأسعار الفائدة
التضخم هو الزيادة العامة في مستوى أسعار السلع والخدمات، يؤثر التضخم على قيم العملات حيث يقلص من قوتها الشرائية. وتلعب البنوك المركزية دورًا رئيسيًا في إدارة التضخم حيث تضع لها هدف عام يتمحور حول نسبة 2 في المئة، تسعى البنوك المركزية للوصول لتلك النسبة من خلال أدوات السياسة النقدية، والتي أبرزها تحديد أسعار الفائدة بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار. حيث إن تعديلات أسعار الفائدة لها تأثير مباشر على قيم العملات، فعند اقرار زيادة في الفائدة ترتفع قيمة العملة مع زيادة الاقبال عليها بهدف رغبه المستثمرين او حتى المواطنين العاديين من الاستفادة من العائد المرتفع. في المعتاد تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة في حال ارتفاع التضخم، حيث تعمل على سحب السيولة النقدية من الأسواق. بينما تقوم تلك البنوك بتحفيز السياسة النقدية في حال تراجع التضخم بسبب انخفاض الطلب، حيث تخفض أسعار الفائدة لدعم ارتفاع الطلب والعمل على عدم دخول الاقتصاد في مرحلة من الركود.
تأثير التوجيهات المستقبلية على توقعات المتداول
تعتبر البيانات السابقة هامة من حيث التأثير على قيم العملات، لكنها جزء من كل فالبيانات المؤثرة أكثر من هذه بكثير وتتفاوت من حيث التأثير تبعًا لأهميتها. لكن بشكل عام للمؤشرات الاقتصادية تأثير على معنويات السوق وثقة المستثمرين والتي تحرك الرغبة في المخاطرة. قد تجذب البيانات الاقتصادية الإيجابية المستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى، مما يعزز العملة. ومن ناحية أخرى، قد تؤدي البيانات الاقتصادية السلبية إلى النفور من المخاطرة وضعف العملة.
من المفترض أن يقوم المتداولون بتحليل هذه البيانات لتكوين قناعات حول حركة الأسواق، واضافة نوع من الواقعية حول التوقعات المستقبلية لاتجاه السوق، وتحديد حركة الأصول المالية بشكل أفضل. يساعد التوجيه الواضح والمتسق المتداولين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الاستثمارات وإدارة المخاطر وتحديد مواقع المحفظة.