وائل الدحدوح، كيف أصبح البطل الجديد للرواية الفلسطينية بلا منازع؟ قدم تضحيات غير مسبوقة.. وتحول إلى رمز للصبر والصمود
وكأنها حكاية من زمن الروايات، حبكة درامية بانتقالات غاية في الدهشة والغرابة، تماسك غير مسبوق في ظل انكسارات تهدم أقوى الرجال، ثبات يليق بالأبطال الملحميين، هذا ما انتهى إليه الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح بتضحياته النادرة، وصموده الأسطوري، وقبوله بالحتمية التاريخية والثمن الذي يتوجب على أبناء جلدته دفعه للفوز في معركة الصراع على الأرض والتاريخ.
وائل الدحدوح، بطل الرواية الفلسطينية
وائل الدحدوح لم يعد صحفيا ينقل الصورة والحدث، بل أصبح بطلا للرواية الفلسطينية بامتياز في العالم أجمع، المهني والخبير المتمرس الذي يغطي أخبار غزة لأكثر من 20 عامًا، قدم ولايزال تضحيات غير مسبوقة، ولا يتوقف لحظة عن أداء عمله في فضح انتهاكات الاحتلال بشجاعة وثبات نادرين.
شارك وائل الدحدوح العالم أحزانه على الهواء، بعد أن علم خلال بث مباشر في شهر أكتوبر الماضي بمقتل أربعة من أفراد أسرته، زوجته آمنة، وحفيده آدم، وابنه محمود البالغ من العمر 15 عامًا، وابنته شمس البالغة من العمر 7 سنوات، جميعهم استشهدوا في غارة إسرائيلية على مخيم اللاجئين في النصيرات.
انفطر قلب الرجل، لكنه سريعا استعاد توازنه، حضر مراسم الدفن، وخرج على الهواء مباشرة في مفاجأة لم يتوقعها أحد، استمر بثبات وذهن متقد، يقدم التقارير في حضور براق، يكشف المزيد من الحقائق، ويهتك عرض الرواية الإسرائيلية المزيفة للأحداث في غزة.
لم يترك الاحتلال صورة البطل تكتمل على هذا النحو، مرة أخرى يلجأ إلى كسر الأيقونة الفلسطينية الجديدة ذاتيا، ووجه أصعب الضربات إلى قلب الرجل وكيانه، تعقب الطيران الإسرائيلي ابنه الصحفي حمزة الدحدوح، ابن الـ 27 ربيعا، واستهدفه في هجوم غادر مع زميله مصطفى ثريا أثناء عودتهما من مهمة عمل في رفح ليرتقي كلاهما، ويخرج الرجل المكلوم يودع إبنه على رؤوس الأشهاد.
بكى الدحدوح ابنه الأكبر بشدة وابكى العالم معه، ظهر في بث مباشر من مراسم الدفن، نقل العالم صورته وهو يقف بجانب جثة ابنه ممسكًا بيده للمرة الأخيرة قبل أن يوارى الثرى، لكن سريعا يستنفر روحه القتالية، ويعلن من مرقد حمزة إن الصحفيين في غزة سيواصلون عملهم رغم الظروف التي اضطروا للعمل فيها:
«هذا هو الطريق الذي اخترناه بوعي، لقد قدمنا الكثير، وقدمنا الكثير من الدماء لأن هذا هو قدرنا وسوف نستمر، وعلى العالم كله أن يرى ما يحدث هنا، حمزة كان كل شيء بالنسبة لي، الابن الأكبر، كان روح الروح، وهذه دموع الفراق والفقد، دموع الإنسانية».. كلمات الدحدوح في رثاء ابنه حمزة.
وائل الدحدوح بطل ملحمي
أفضل وصف للأبطال الملحميين يعود إلى اليونان القديمة، السردية اليونانية عن البطل الملحمي تعده رجلا مميزا، قويا، نبيلا، يملك قدرات نادرة وخارقة للعادة.
يحدد اليونانيون القدماء سبع صفات في الأبطال الملحميين، وكلها للمفارقة تطابق مميزات الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، على رأسها «المولد النبيل».
وُلد وائل حمدان الدحدوح في 30 أبريل عام 1970 بحي الزيتون، أقدم أحياء غزة، المدينة الكبرى في القطاع الساحلي الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومترًا.
نشأ الدحدوح وترعرع طفلًا في كنف أسرة غزية ميسورة الحال ونبيلة، أصولها من الجزيرة العربية، تعتاشُ من الفلاحة والعمل في زراعة الأرض الواسعة، وبقي وائل مهتديا بمسار العائلة حتى بعد أن عمل في الإعلام، دائما ما كان يرعى أرضه التي ورثها عن أجداده، واعتبرها أصل العز والثروة الحقيقية والانتماء للوطن.
وفق المواصفات اليونانية، يجب أن يتمتع الأبطال الملحميين بالقوة والشجاعة التي لا تصدق، وعليهم القيام بأفعال غير عادية بل تعتبر مستحيلة بالنسبة لمعظم البشر، وهذا ما شاهده العالم في سيرة الدحدوح، رجل فقد أسرته على الهواء مباشرة واستكمل عمله في إباء وقوة وشجاعه نادرة ورفض التراجع خطوة واحدة.
أحد أهم مميزات الملحميين أيضا، التمتع بصفة المقاتل، القادر على البقاء في أخطر الحروب والنزال دون خوف، وهذا نص إعلان وائل الدحدوح عندما طالبه الكثيرون بالخروج من غزة والاكتفاء بما قدمه بعد استهداف الدفعة الأولى من أسرته، كان رده أنه لن يخرج وسيبقى يمارس دوره ويؤدي واجبه.
والبطل الملحمي تذاع صيت بطولاته في الخارج، يصبح ملهما في بلدان آخرى، وهذا ما بات عليه الدحدوح، في موطنه يعامل كبطل، وفي العالم وصل مرتبة الأسطورة، والجميع يريد الاحتفال به، وسبقت نقابة الصحفيين المصريين الجميع، بمنحه جائزة حرية الصحافة، ودعمت ترشحه للحصول على جائزة الشجاعة التي تقدمها اليونسكو عرفانا بفضله.
أحد أهم سمات الإنسان «الملحمي» التواضع، على الرغم من أعماله العظيمة التي ترفعه إلى مرتبة الأبطال، لا يظهر عليه التفاخر أبدا بما يفعله أو يحققه من إنجازات مدهشة يصعب الوصول إليها، وهذه من أهم صفات الدحدوح، كريم بسيط، متواضع، ابتسامته الطفولية التسامحية لاتفارقه، مع الصغير قبل الكبير.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.