آراء العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف
كثيرا ما يذهب المرء لأداء الصلاة ويجد نفسه منفردا خلف الإمام وما بين القول ببطلان صلاة المنفرد خلف الصف وصحتها نتعرف على آراء المذاهب الفقهية حول حكم الصلاة منفردا خلف الصف.
آراء العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف
اختلف العلماء في هذه المسألة إلى رأيين: فقال بعضهم: تصح صلاة المنفرد خلف الصف، لعذر ولغير عذر، لكن صرح بعضهم بكراهة ذلك لغير عذر، وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة.
واستدل القائلون بصحة صلاة المنفرد خلف الإمام بصحة صلاة المرأة خلف الصف؛ حيث قالوا: إن الرجال والنساء سواء في الأحكام الشرعية، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة حين ركع قبل أن يدخل الصف أن يعيد الصلاة لحديث أبي بكرة حيث يحكى أن أحد صحابة سيد خلق الله صلى الله عليه وسلم وهو الصحابي أبو بكرة رضي الله عنه دخل المسجد ذات مرة فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ومن خلفه راكعون فركع عند باب المسجد ثم أسرع الخطى ودخل الصف فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له: زادك الله حرصا ولا تعدُ ولا تعيد ولا تعود (رواه البخاري).
واستشهدوا أيضًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس من ورائه أثناء الصلاة، لحديث ابن عباس رضي الله عنه: صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُمْتُ عن يَسَارِهِ، فأخَذَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برَأْسِي مِن ورَائِي، فَجَعَلَنِي عن يَمِينِهِ، فَصَلَّى ورَقَدَ، فَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ وصَلَّى ولَمْ يَتَوَضَّأْ. [رواه البخاري 117 ومسلم 763]؛ فإذا جاز أن يكون الانفراد في جزء من الصلاة، جاز أن يكون في جميعها؛ إذ لو كان مبطلًا للصلاة لم يكن بين قليله وكثيره فرق، كالوقوف قدام الإمام.
وأجابوا عن الأحاديث النافية لصلاة المنفرد خلف الصف بأن المراد بها نفي الكمال؛ فهي كقوله صلي الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام) [ مسلم] ونحوه.
ورأى أصحاب القول الثاني أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح، وهذا مذهب الإمام أحمد المشهور عند أصحابه، وهو من مفرداته. وعنه رواية ثانية تصح وفاقًا للأئمة الثلاثة.
واستدل أصحاب القول الثاني بالأثر والنظر: أما الأثر: فما رواه الإمام أحمد عن علي بن شيبان – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف، فلما انصرف قال له النبي صلي الله عليه وسلم: (استقبل صلاتك فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف»، وهو حديث حسن، له شواهد تقتضي صحته.
وأما النظر: فإن الجماعة هي الاجتماع، ويكون بالمكان والأفعال؛ فالأفعال اجتماع المأمومين على متابعة إمامهم، والمكان اجتماعهم في صفوفهم؛ وإذا قلنا بجواز انفراد بعضهم عن بعض، فمتى تكون الهيئة الاجتماعية.
حكم صلاة المنفرد خلف الصف للشيخ ابن باز
ورد سؤال عبر موقع الإمام ابن باز أجاب فيه علي سؤال: ما حكم من صلى منفردًا خلف الصف؟
وأجاب الشيخ عليه رحمة الله قائلا: لا تصح صلاته، من صلى خلف الصف منفردًا لا صلاة له، يقول النبي ﷺ: لا صلاة لمنفرد خلف الصف ورأى رجل يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد، عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على المؤمن أن يلتمس فرجة حتى يقف في الصف، فإن عجز؛ صلى مع الإمام عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر؛ انتظر حتى يأتي من يصف معه. نعم.
حكم صلاة المنفرد خلف الصف للشيخ ابن عثيمين
وورد سؤال يقول نصه: هذه رسالة وصلتنا من الرياض، من أحد الإخوة المستمعين رمز لاسمه بطالب علم، يقول: ما هي الأقوال الصحيحة في صلاة الفرد وحده خلف الإمام، أرجو من فضيلة الشيخ محمد أن يعطيني إجابة وافية حول هذا الموضوع؟
وأجاب الشيخ عليه رحمة الله بالقول: صلاة المنفرد خلف الصف وحده، فيها للعلماء ثلاثة أقوال، القول الأول: إنها صحيحة، لكن الإنسان مخالف للسنة، سواء أكان الصف الذي أمامه تامًا أم غير تام، وهذا هو المشهور من مذاهب الأئمة الثلاثة، مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وأحد أئمة المسلمين جميعًا، وحملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف»، على نفي الكمال، لا نفي الصحة.
والقول الثاني: إن صلاة الإنسان منفردًا خلف الصف ركعة فأكثر صلاة باطلة، سواء أكان الصف الذي أمامه تامًا أم غير تام، واستدل هؤلاء بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف»، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة.
والقول الثالث الوسط وهو: إنه إذا كان الصف تامًا، فإن الصلاة خلفه منفردًا جائزة وصحيحة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصواب، فإذا أتيت إلى المسجد ووجدت المسجد تامًا إلى اليمين والشمال، فلا حرج عليك أن تصلي منفردًا، وصلاتك صحيحة لقول الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾، ولا استطاعة لك فوق ذلك، لأن ما سوى هذه الحال إما أن تجر أحدًا من الصف ليصلي معك، وإما أن تتقدم فتصلي مع الإمام، وإما أن تدع الصلاة مع الجماعة وتصلي وحدك، وإما أن تصلي مع الجماعة منفردًا خلف الصف لعدم القدرة على الدخول في الصف، فهذه أربع حالات.
أما الحال الأولى وهي أن تجر أحدًا ليصلي معك، فإن هذا يستلزم ثلاثة محاذير أو أربعة، فإنه يستلزم فتح فرجة في الصف، وفي هذا قطع للصف، ويستلزم نقل الرجل من مكان فاضل إلى مكان مفضول، ويستلزم التشويش عليه غالبًا، ويستلزم حركة جميع الصف، لأن العادة أنه إذا حصلت فرجة تقارب الناس بعضهم من بعض، فحصلت حركة لجميع الصف بدون سبب شرعي،
وأما كون الإنسان يتقدم ليصلي مع الإمام ففيه محظور، أو محظوران، أو أكثر، فمن ذلك أنه إذا تقدم وقام مع الإمام صار هذا خلاف السنة في كون السنة أن ينفرد الإمام وحده في مكانه، ليكون إمامًا يقتدى به، فإذا صف معه آخر صار كأن الناس بإمامين، ولا يرد على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء وأبو بكر يصلي بالناس، فجاء في أثناء الصلاة وجلس عن يسار أبي بكر، وأتم الصلاة وأبوبكر على يمينه، لأن هذه الحال ضرورة، وأبو بكر رضي الله عنه قد لا يكون له مكان في الصف الذي خلفه، ومن المحظور في تقدم الإنسان للإمام أنه يتخطى رقاب الناس، يتخطى الصف الأول، وإن كان في المسجد صفان، تخطى صفين، وإن كان فيه ثلاثة، تخطى ثلاثة، وهكذا، وهذا يوجب التشويش على المصلين، مع الأذية لهم، ثم إذا قلنا له: تقدم إلى الإمام، ودخل رجل آخر فلم يجد مكانًا آخر في الصف، وقلنا: تقدم إلى الإمام، فتقدم، وجاء ثالث، وقلنا: تقدم، فتقدم، صار الذي جانب الإمام صفًا كاملًا، وهذا بلا شك مخالف للسنة، وأما كونه يدع الجماعة، ويصلي وحده، ففيه تفويت الجماعة، وتفويت المصافة، ومن المعلوم أنه كونه يصلي مع الجماعة مع الانفراد بالصف خير من كونه ينفرد في المكان والعمل، فينفرد عن الجماعة، لا يوافقهم في صفوفهم، ولا في أعمالهم، وهذا القول كما ترى قد دل على رجحانه الأثر والنظر، والله عز وجل قال: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾ فالقول الراجح عندي أنه إذا جاء الإنسان والإمام والصف قد تم فإنه يصلي خلف الصف مع الجماعة.
حكم الصلاة في الصف منفردا الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يجيب
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه إذا جاء المسلم لأداء صلاة الجماعة والصفوف مكتملة، ولم يجد له فرجة ولا سعة في الصف، فصلاته وحده خلف الصف صحيحة.
وأضاف «الأزهر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف؟» أن صلاة المنفرد خلف الصفوف دون عذر صحيحة مع الكراهة، وتزول الكراهة بوجود العذر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية، والشافعية، واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، «أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ».
وتابع: وذهب المالكية إلى جواز الصلاة منفردًا خلف الصف، وهذا نص خليل: «ونقل المواق عن ابن رشد أن من صلى وترك فرجة بالصف أساء»، قال والمشهور أنه أساء ولا إعادة عليه.
وواصل: وذهب الحنابلة إلى أنه تبطل صلاة من صلى وحده ركعة كاملة خلف الصف منفردًا دون عذر، للحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، «أَنَّ رَجُلا صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاةَ».
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.