رئيس التحرير
عصام كامل

طقوس وعادات الحداد في اليهودية من لحظة الدفن وحتى السنة الأولى للوفاة

طقوس وعادات الحداد
طقوس وعادات الحداد في اليهودية من لحظة الدفن،فيتو

 زادت مشاهد رؤية جثامين قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال القتال مع المقاومة فى قطاع غزة، وأثناء تشييع الجثامين إلى مثواها الأخير، وخلال السطور القادمة نقدم لكم عادات وطقوس الحداد في اليهودية من لحظة الدفن وحتى السنة الأولى للوفاة.

 تنص الشرائع السماوية ومنها اليهودية بالطبع على ضرورة مواراة جثمان الميّت الثرى وإهالة التراب عليه.  كما يعد إكرام الميت دفنه في هذه الشرائع وترتبط عادات الدفن في اليهودية بعقيدة الإيمان بمجيء المسيح، حيث يقول هذا التصور إن الموتى سيُبعثون عند وصول المسيح،  وقد خلت التوراة تمامًا من ذكر الجنة والنار، والبعث والنشور، وكذلك سائر الكتب الملحقة فيه إلا نزرًا يسيرًا. 

  

دفن اليهود الاربعة الذين قتلوا في هجوم باريس في اسرائيل - YouTube
طقوس وعادات الحداد في اليهودية من لحظة الدفن وحتى السنة الأولى للوفاة

 

 

صلاة الكاديشا وتمزيق الملابس

 من المعتاد لدى اليهود تأبين الميّت عند قبره وتعديد مناقبه، وأيضًا تمزيق قطعة من ملابس أقرب المقرَّبين إلى الفقيد بما يوحي ضمنيًا بالمصاب الجلل اللاحق بهم، كما يقف أبناء عائلة الميت وغيرهم من المشيّعين عند قبره المفتوح في الوقت الذي يضع فيه عمال المقبرة جثمان الميت في الحفرة المعدَّة له ثم يهال التراب عليه. 

ويقوم ابن المتوفي بصلاة "الكاديش" (وهي صلاة خاصة تُتلى باللغة الآرامية) ليقرأ السلام على روح الفقيد، وإذا لم يُرزق المتوفي  بالأبناء الذكور ينوب عنه في قراءة "الكاديش" أحد أقرباء العائلة.

 

ومن المعتاد لدي اليهود عند الوصول بالميت إلى المقابر الوقوف بالنعش كل أربعة أذرع قبل دفن الميت في قبره؛ معتقدين أن هذا التوقف من الممكن أن يتسبب في إبعاد الأرواح النجسة والشريرة التي تريد أن تتعلق بالميت وتدخل معه القبر. 

 

الطواف سبعا حول الميت 

عند الوصول إلى القبر يريحون النعش على الأرض بالقرب من فتحة القبر، ويضعون على بطن الميت سبع قطع من الفضة أو النحاس أو من أي معدن آخر.

 ويطوف رجال الحفرا قاديشيا - قاديشيا كلمة آرامية تعني الصلاة المقدسة-بأداء صلاة تسابيح مكتوبة باللغة الآرامية وتقوم الطائفة بترديدها.- في شكل حلقة سبع مرات حول النعش، يمسك الواحد منهم أخاه من اليد أو من الوسط، وينبغي ألا ينفصلوا أثناء الطواف، كما يكون الطواف من اليمين إلى اليسار.

 وفي حالة أن يكون الميت رجلًا ذا مكانة، أو من حفظة ومفسري التوراة، من الممكن أن يشارك طلابه في الطواف أو أقاربه".

ومن باب التيسير، سواء عند السفاراديم أو الأشكنازيم اليهود، فقد استبدلوا بالسبع قطع من المعدن سبع قطع أحجار صغيرة، ويكون هذا الطواف للرجل لا للمرأة ولا للصبي الذي لم يبلغ الثالثة عشرة، وهو سن التكليف، وهناك من يقول بأنه لا ينبغي تكوين هذه الحلقات لا في الليل ولا بعد منتصف الليل.

وبعد الطواف سبع مرات يكلف الأكبر سنًا من طائفة الحفرا "قاديشيا" أحد الأشخاص بإدخال الميت إلى القبر، وهناك بعض الأمور التي تتعلق بحفر القبر منها؛ أنه يحفر بعمق من 130 إلى 140سم، ويُوصيِ بعض اليهود بأن يكون عمق القبر ما يقارب وقفة رجل أي 1.70سم. ويكون من الداخل على شكل خيمة أو ما يشبه القوس لدخول الميت.

ويتم إنزال الميت عن طريق قدميه وتكون ناحية بيت المقدس. ويوضع في القبر على ظهره ووجهه إلى أعلى وقدميه ناحية بيت المقدس؛ وذلك دليل على أن الإنسان عندما يبعث بعد ذلك ينهض من مرقده ويتجه ناحية بيت المقدس. ويوضع حجر تحت رأس الميت، ومن يدفن خارج فلسطين وقد توافر له تراب منها ينثر قليل من هذا التراب تحته وأيضًا عليه؛ معتقدين في ذلك أن وجود هذا التراب أو الثرى برفقة صاحبه يكفر عنه ذنوبه. ويُضفي على الميت وعلى كل أعضائه نوعًا من البركة والقداسة.

وبعد ذلك تفك الثلاث عقدات المؤقتة الموجودة في الكفن، ثم تسد بعد ذلك الفتحة التي دخل منها الميت والتي على شكل القوس بالحجارة ثم يردم القبر بالتراب.

وأثناء ردم القبر لا يمنع أحد من المشاركة في ردم القبر، كما يحذر تناول الأدوات التي تستخدم في ردم القبر كالمعول أو الفأس وغيرهم، الواحد من يد زميله، بل لابد أن يضعها الأول على الأرض ثم يتناولها الآخر من على الأرض.

 

وتوصي الشريعة اليهودية،  عند عملية  دفن الميت بوجوب اتصال الجسد بالتراب، كما ورد في التوراة "لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ". وبأن يكون دفن الميت اليهودي بواسطة اليهود، ولا يشارك في الدفن غير اليهود. كما شددت الشريعة اليهودية على اليهود عدم السماح لغير اليهود النظر إلى وجه الميت، ولا إلى الميت وهو في القبر، حتى وإن كان وجهه مغطى.

 

وإذا استعان أبناء جماعة "الحفرا قاديشيا"، وهي الجمعية التي تتولي تغسيل الميت وتكفينه، بغير اليهود في إحضار الأحجار أثناء عملية الدفن لتغطية القبر، يجعلونهم يتركونها بعيدًا عن القبر حتى لا ينظر أحدهم إلى داخل القبر قبل ردمه بالتراب.

وبعد الانتهاء من الدفن يبتعد المشيعون أربعة أذرع عن القبر ويكونون صفوفًا ينبغي ألا يقل عدد أفراد الصف عن عشرة رجال، ولا يكون من بينهم أقرباء الميت. ومن الممكن أن يكونوا صفين عدد أفراد كل صف منهم خمسة أفراد، يمر قريب الميت خالعًا نعله بين هذه الصفوف ويقوم المشيعون بتقديم التعازي له.

نبش التراب واقتلاع العشب

ومن المعتاد عند العودة من المقابر نبش التراب واقتلاع العشب من الأرض، ونثر هذا العشب والتراب الذي يخرج معه عند اقتلاعه على ظهورهم، وعندما ينبشون التراب يقولون: "يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ".

بينما اقتلاع العشب هو رمز لبعث وإحياء الموتى، كما ورد في العهد القديم: "وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ". بينما لا يتم نثر التراب واقتلاع العشب في أيام الأعياد أثناء تواجدهم في المقابر مثلما يفعلون في الأيام العادية.

ثم يضع قريب الميت بعض التراب في نعله، ويقوم بلبسه إلى أن يصل إلى بيته، إلا أنهم لم يعتادوا ذلك في هذه الأيام. وعقب الخروج من المقابر اعتاد المشيعون غسل أيديهم ووجوههم من تراب المقابر، ولا يقومون بتجفيفها بالمناشف بل تترك لتجف وحدها، واعتادوا أيضًا أن يضعوا ما يشبه خزانات المياه على أبواب المقابر من أجل ذلك.

 

وينبغي عند الغسل عدم تناول الواحد إناء الماء من يد زميله، بل لابد أن يضع زميله الإناء على الأرض ويتناوله هو من على الأرض. كما ينبغي أيضًا سكب كل الماء الذي في الأواني بعد ذلك على الأرض، وتترك الأواني فارغة. ويحظر على أي يهودي أن يدخل بيته أو أي بيت آخر قبل غسل يديه ووجهه وهو عائد من المقابر، وأن يجلس بعض الوقت في المعبد.

 

ولا يجوز إخراج جثة اليهودي المدفونة من الأرض إلا لإعادة دفنها في مدافن العائلة، أو في أرض "إسرائيل"، ويُقال في التراث الديني الشعبي في التلمود: إن جثة الميت خارج فلسطين تزحف تحت الأرض بعد دفنها حتى تصل إلى الأرض المقدّسة وتتوحد معها".

 

وتسمح الشريعة اليهودية للمشيّعين بأن يطلبوا السماح من الشخص المتوفي ويضعوا باليد اليسرى حجرًا أو كتلة صغيرة من التراب على قبره ويودّعونه بالقول "ارحل بسلام وارتَحْ بسلام ليأتي حكم مصيرك يوم القيامة". كما صار من المعتاد غسل اليديْن دون مسحهما عند الخروج من المقبرة.. 

 

بعد طقوس الدفن اليهودية يتم إقامة مأدبة خاصة تُدعى "مأدبة الشفاء" حيث يقدم أصدقاء الميت وجيرانه ومعارفه لأبناء عائلته بعض أصناف الطعام تعبيرًا عن مشاركتهم حزنهم. ومن الأطباق المعتاد تناولها في هذه المناسبة بعض الأطعمة ذات الشكل الدائري مثل البيض والعدس والكعك التي توحي باكتمال دوران الحياة. 

دفن الموتى والحداد على الميت في اليهودية / X
طقوس وعادات الحداد في اليهودية من لحظة الدفن وحتى السنة الأولى للوفاة

 

 

السابع

يجتمع ذوو المتوفي وأصدقاؤه، بحكم التقاليد اليهودية المتعارف عليها، في بيت العزاء خلال الأسبوع الأول التالي للموت حيث تُعرف هذه الفترة بـ"الشفعاه" (الأيام السبعة). ويُحظر القيام بأي عمل خلال الأيام الثلاثة الأولى المخصصة حصرًا للبكاء والنواح. ويجتمع 10 رجال خلال كل يوم من الأيام السبعة المذكورة لأداء صلاة الجماعة على روح الفقيد.

ويأتي تواجد المعزّين مع أهل الفقيد المكلومين بهدف مواساتهم والتأكيد لهم أنهم لا ينفردون بخسارتهم. وهناك عائلات من اليهود المتدينين تعتاد الجلوس على الأرض طيلة فترة الأيام السبعة وتغطية جميع المرايا في المنزل فيما يمزّق أبناء عائلة المتوفي ثيابهم بل يضع بعضهم الرماد على رأسهم. 

ومن المحظورات في الفترة ذاتها كل ما من شأنه أن يمتّع النفس مثل الاغتسال وقص الشعر واللحية وتغيير الملابس وغسلها وانتعال الأحذية المصنوعة من الجلد وحضور الحفلات والسهرات. 

 وهناك من يتجنب أيضًا تناول اللحوم والنبيذ كونها ترمز إلى مشاعر البهجة والاحتفال. ومن المعتاد كما ذكرنا ارتداء نفس الملابس التي تم تمزيقها خلال الجنازة طيلة فترة الأيام السبعة وعدم استبدالها بملابس جديدة أو مكويّة. ودرجت العادة أن تزور عائلة المتوفي قبره عند انقضاء فترة "الشفعاه" ثم تستعيد مجرى حياتها اليومية.

 

يهود العالم العربي وعادات الموت والجنائز: الغرق في الخرافة
طقوس وعادات الحداد في اليهودية من لحظة الدفن وحتى السنة الأولى للوفاة

الـ30 وليس الـ40

 

 بعد مرور 30 يومًا على رحيل المتوفى يعود أبناؤه وعائلته وأصدقاؤه ومعارفه ليجتمعوا عند قبره، ويُسمح لأبناء العائلة خلال فترة الـ30 يومًا (عدا عن فترة الأيام السبعة الأولى) بممارسة العمل والخروج من المنزل لكن أصبح من المعتاد عدم قص الشعر واللحية وعدم ارتداء الملابس الجديدة طيلة هذه الفترة. كما يتجنب البعض المشاركة في أي حفلات أو ارتياد أماكن اللهو أو حتى الاستماع إلى الموسيقى ولو إلى الأغاني المقدَّمة عبر وسائل الإعلام، وصار من المعتاد إقامة مراسم تدشين شاهد القبر في هذه المناسبة.

 

عام الحداد الأول 

تظلّ المحظورات سارية المفعول لدى بعض الناس، وفق ما هو معتاد، طيلة الأشهر الـ12 التالية لموعد رحيل فقيدهم، ما يعني عدم مشاركتهم في الحفلات والاجتماعات الحاشدة وعدم السهر واللهو وعدم ارتداء الملابس الأخرى. ويتجنب البعض قص الشعر واللحية لفترة تزيد على 30 يومًا. وعند انقضاء فترة العام الأول للوفاة (أو لموعد الدفن في بعض الحالات النادرة) حسب التقويم العبري، يقوم أبناء العائلة بزيارة القبر حيث تجري هناك طقوس دينية قصيرة وتُلقى الكلمات التأبينية.

 

ذكرى الوفاة

من المعتاد وفق الشريعة اليهودية إحياء ذكرى وفاة الميت كل عام (وفق التقويم العبري) من خلال إيقاد شمعة خاصة وزيارة القبر وإقامة الطقوس القصيرة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية

 

الجريدة الرسمية