تصاعد الغضب ضد قراء الفجر والجمعة بعد تكرار الأخطاء.. اتهامات بالمجاملة على حساب القرآن الكريم.. مطالب بقصر الظهور على المُتقنين.. و"فيتو" تهدي واقعة السادات-النقشبندي للمسئولين
القضية لم تعد مجرد قارئ ينسى آيتين في قرآن الجمعة المنقول على الهواء مباشرة بحضور كبار القيادات الدينية، بل هي أعظم وأخطر من ذلك بكثير.
القضية تكمن في أن هناك ما يعتبره البعض إهمالًا متعمدًا وممنهجًا ضد القرآن الكريم. الوقائع كثيرة ومتنوعة ومتعددة، والتبريرات لم تعد مقبولة ولا مُقنعة، والغضب ضد مسئولي ماسبيرو يتعاظم، ولا شيء يتغير.
المدرسة الشعبية.. اللهو الخفي الذي أسقط دولة التلاوة المصرية بالضربة القاضية.. وما علاقة نكسة 1967؟
وَقْفُ قارئ الجمعة الماضية أو تجميدُه أو حذف اسمه نهائيًا من سجلات الإذاعة والتليفزيون لن يُغير الأمور إلى الأفضل؛ فهو ليس وحدَه من يخطئ ويُلحن ويرتبك وينسى من قراء الإذاعة، بل ينضم إلى مجموعة أخرى غير قليلة من القراء الهواة. الأمر أصبح ظاهرة مؤسفة ومثيرة للغضب والاستهجان والقلق. الوقائع كثيرة لا يمكن إنكارها.
جنون المشايخ.. قراء القرآن الكريم على خُطى الفنانين لتحقيق الشهرة بأقصر الطرق وركوب الترند
القاريء نفسُه أخطأ غير مرة، ورغم ذلك احتفظ بحظوظه كاملة في الظهور بالإذاعات الخارجية، كما أخطأ غيرُه كثيرون، وبقيت قرارات الوقف صورية وحبرًا على ورق؛ لخداع الغاضبين من أجل كتاب الله. غياب المنطق هو الحاكم بأمره في خريطة قراء الهواء، وتغييب العدالة هو السبب في إبعاد القراء المُتقنين وتهميشهم لحساب زملائهم ممن لا يتلون كتاب الله حق تلاوته، ولكنهم يمتلكون أدوات وأساليب أخرى. لجنة التخطيط الديني ورئيسها أصبحا في مرمى الانتقادات والشائعات، لا سيما في ظل التزامه الصمت التام وعدم تقديم أية تفسيرات منطقية لما يحدث بوتيرة متصاعدة، ويشاركه في حالة الصمت المريب رئيس الإذاعة نفسه محمد نوار، الذي كان الكثيرون ولا يزالون يظنون به خيرًا، ولكن يبدو أنه مشغول بالتجديد لنفسه في منصبه عامًا آخر!
السطور التالية ترصد جانبًا من هذه الظاهرة التي تتماسُّ مع ظواهر أخرى بالمجتمع وتتقاطع معها، وجميعها يؤكد أن هناك أخطاءَ وخطايا، يتضاعف تأثيرُها السلبي ويتفاقم في ظل استمرار التغاضي هناك وتجاهلها.
سفير دولة التلاوة في الولايات المتحدة
قرآن الجمعة والفجر.. ولماذا فشلت توصية السادات على النقشبندي؟
ظلَّ قرآن الجمعة والفجر مشهودًا سنوات طويلة مشهودًا من المصريين، يحرصون على متابعته باهتمام شديد، عندما كان يتم التدقيق في اختيار القراء، ولا يتم اعتماد قارئ أو تمريره ثم تصعيده دون حفظ وإتقان وإحكام وإمتان.
كأنه في فرح، قارئ يتمايل على طريقة السلكاوي أثناء تلاوة القرآن وقرار عاجل من نقابة القراء (فيديو وصور)
كانت لجان الاستماع تُحكم قبضتها على الأمور، وتنحاز لكتاب الله فقط، فلا تخضع لمسئول، ولا تخون الأمانة التي ائتمنها الله عليها. كان قراء مصر هم الطبقة الأولى من قراء العالم، وكانوا خير سفراء لها، وكانوا مُلهمين ومُعلمين لغيرهم.
عندما تفوق "الحُصرى" على نجوم "دولة التلاوة"
ولأنَّ دوام الحال من المحال، فإن خللاً كبيرًا نخَرَ في هذا الملف وتوغَّل وانتشر عامًا وراء عام، وتخلت لجان الاستماع "الاختبار" بالإذاعة والتليفزيون تدريجيًا عن ضوابطها الصارمة، وفتحت الباب، إن لم تكن نزعته بالكامل، لأجيال من القراء تتنافس في الضعف وعدم الحفظ وقلة الإتقان والصوت الرديء!
ولأنَّ الشيء بالشيء يُذكر.. هنا لا بد للقارئ الكريم أن يعرف واقعة توصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان ذا ذائقة رفيعة، على المبتهل الشيخ سيد النقشبندي لاعتماده قارئًا، وتم اختباره ثلاث مرات -بحسب شهود عيان تحدثوا لـ"فيتو"- ولم ينجح في أيٍّ منها، رغم شهرته الفائقة في عالم الابتهالات، ورغم التوصية الرئاسية، ولم يغضب الرئيس السادات، بل وجَّه بالتعاون بينه وبين الملحن الراحل بليغ حمدي، وأثمر تعاونهما ثمارًا لا تزال يانعة ومتجددة حتى الآن، تسرُّ السامعين!
هذه الواقعة تكشف بوضوح كيف كان يتم التعامل مع قراء القرآن الكريم المتقدمين للاختبار والاعتماد إذاعيًا، وما حدث مع النقشبندي حدث مع غيره، فلا توصية ولا مجاملة على حساب كتاب الله.
وفي مقابل هذه الواقعة.. لم يغب عن ذاكرة الرأي العام حتى الآن تدخُل أحد رؤساء الحكومة السابقين لاعتماد القارئ صلاح الجمل دون اختبار، وقد كان له ما أراد فعلًا، دون أن تغضب اللجنة المختصة يومئذ أو يسجل أيٌّ من أعضائها موقفًا قبل أن يثور المستمعون ضده فور ظهوره قارئًا للجمعة والفجر، حتى تم حذف اسمه نهائيًا واستبعاده، ولكن بقيت المجاملات عنوانًا بارزًا لهذه المرحلة!
هاتان الواقعتان تكشفان بجلاء ملامح المشهد داخل المبنى العتيق وتحولاته وتقلباته، وتقدمان برهانًا عمليًا كيف أن مصر عندما كان عدد سكانها عُشر سكانها الحاليين كانت تمتلك أعلامًا بارزين في فنون التلاوة والأداء، وعندما زاد سكانها عن المائة مليون انقلب الأمر رأسًا على عقب!
اعتماد دون جدارة وتوريث غير مستحق
بالعودة إلى واقعة الجمعة الماضية، حيث نسي القارئ الآيتين 98-99 من سورة الأنعام، بحضور موظفي التخطيط الديني المنوط بهم تصويب أخطاء القارئ فورًا، وكذلك عدد من القيادات الدينية البارزة، ولم يرد أحد منهم القارئ، ولم يصوِّبوا له خطأه، ولكن رواد السوشيال ميديا هم مَن اضطلعوا بهذا الدور النبيل، ونبَّهوا إلى هذا الخطأ الذي كان سوف يمر مرور الكرام، وربما أعيدت التلاوة مرات ومرات بعد ذلك إذاعيًا، وبعد عشرين عامًا تُذاع خلال شهر رمضان؛ باعتبارها من "التلاوات النادرة"!
المؤسف.. أن القارئ نفسه تم إيقافه قبل عام، ثم عاد إلى الهواء سريعًا دون إكمال مدة العقوبة، وظهر في قرآن الفجر وأخطأ في نهاية إحدى الآيات، كما أخطأ في وقف وابتداء، فأفسد معنى إحدى الآيات تمامًا، وتم التغافل عن الواقعة؛ لأنها كانت بليل، رغم المذكرة التي رفعها مذيع الهواء إلى المسئولين في تاريخه، حتى جاءت واقعة الجمعة الماضية فأثارت شجونًا وجددت أحزانًا!
والأشد أسفًا من كل ذلك.. أن القراء -الذين يتعرضون لانتقادات شديدة؛ بسبب عدم حفظهم وعدم إتقانهم، وعدم إلمامهم بالحد الأدنى من أحكام التلاوة، فضلًا عن أصواتهم التي يغلفها النشاز، حتى أنهم لا يغدون أو يروحون دون الاستعانة بأجهزة صوت مستوردة من الخارج؛ لستر رداءة أصواتهم- يجهزون أولادهم وصبيانهم حاليًا لاعتمادهم إذاعيًا بالطريقة ذاتها التي تم اعتمادهم بها، على حساب القرآن الكريم؛ لما يدره ذلك عليهم من مكاسب مالية سهلة خالية من الضرائب!
قائمة مختصرة بالقراء المتقنين
خلال الفترة الماضية تلقى مسئولو ماسبيرو شكاوى مريرة، بعضها من إذاعيين وإعلاميين سابقين -حصلت "فيتو" على نُسَخ منها- يتضررون فيها من سوء أداء قراء الفجر والجمعة، مطالبين بتدقيق الاختيار، والاكتفاء بالقراء المُتقنين حَسني الصوت، ومن بين الأسماء التي ضمتهم هذه القوائم المقترحة: القارئ الطبيب أحمد نعينع، والقارئ الشاب ياسر الشرقاوي، والقارئ عبد الله عزب، والقارئ محمود الطوخي والقارئ الطبيب أحمد الزارع.. والأخيران يقيمان خارج مصر حاليًا.
إعادة اختبار.. وشهادة المعصراوي الصادمة
الباحثون في تاريخ دولة التلاوة المصرية ومؤرخوها يُجمعون على أن الخط البياني لمدرسة التلاوة المصرية في تراجع مستمر. وفيما يرى فريق أن إرهاصات الانهيار بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، كما قال الباحث في تاريخ دولة التلاوة هيثم أبو زيد لـ"فيتو"، يبدو فريق آخر أكثر مرونة، حيث يؤكد أن الانهيار الكامل حدث في السنوات القليلة الماضية "عقدين على الأكثر"، منذ أن تم التخلي عن الضوابط الصارمة في الاختيار التي كانت تشمل الحفظ الكامل لكتاب الله تعالى، والدراية التامة بأحكام التلاوة، فضلًا عن الصوت الطيب الذي لا يشوبه نشاز، ولا يفسده ضعف.. بحسب مؤرخ دولة التلاوة المصرية المستشار هشام فاروق الذي طالب عبر "فيتو" بضرورة إخضاع قراء العشرين عامًا الأخيرة على الأقل للاختبار أمام لجنة حقيقية وليست صورية، ومن ثمَّ استبعاد مَن لا يصلح منهم.
وما يؤكد وجهتي النظر السابقتين ويدعمهما رأيٌ ثالثٌ لشيخ عموم المقارئ المصرية الأسبق الدكتور أحمد عيسى المعصراوي الذي يقطع بأن 99% من القراء المعاصرين لا يراعون الله تعالى في تلاواتهم للقرآن الكريم، إما جهلًا وإما إهمالًا. تلك الشهادة تحديدًا لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل يجب أن توضع في اعتبار كل من يهمه أمر القرآن الكريم، وسُمعة مصر العالمية في مجالٍ كانت هي فيه صاحبة السبق واللواء المرفوع دومًا قبل انتكاسة بفعل فاعل أو فاعلين لا يُحصوَن عددًا.
شهادة نعينع وسياسة اللجنة الحالية
عضو لجنة الاستماع الموحد بالإذاعة والتليفزيون القارئ الطبيب أحمد نعينع قال في تصريحات خاصة لـ"فيتو" إن اللجنة -بتشكيلها الأخير- لم تعتمد قارئًا جديدًا حتى الآن، وجميع القراء المعتمدين حديثًا هم نتاج لجان أخرى سابقة، مؤكدًا أن أعضاء اللجنة الحالية اتفقوا فيما بينهم على التشديد والتدقيق في اختبارات واختيارات القراء الجدد، وعدم تمرير قارئ لا يحفظ القرآن الكريم كاملًا، وكذلك الالتزام بجميع الضوابط السابقة التي تم التخلي عنها؛ ما تسبب في ظهور طبقة من القراء ضعاف المستوى والأداء.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.