صاروخان.. مؤسس مدرسة الكاريكاتير المصري.. اكتشفه محمد التابعي.. رسوماته عبرت عن المصريين.. ونال التكريمات محليا وعالميا
صاروخان، فنان ورسام كاريكاتير، استطاع تأسيس مدرسة الكاريكاتير المصري الحديث وأن يتربع وبلا منازع على عرش الكاريكاتير السياسي المصري في القرن العشرين، وتقديرًا من الدولة المصرية لما قدمه صاروخان لفن الكاريكاتير والصحافة المصرية تم منحه الجنسية المصرية عام 1955، ليخرج برسوماته إلى الشارع المصرى، كما حصل على العديد من التكريمات والجوائز داخل مصر وخارجها.
جائزة صاروخان لفن الكاريكاتير لعام 2023
ولد الكسندر هاكوب الشهير بـ صاروخان ذو الأصول الأرمنية عام 1898، وجاء إلى مصر قادمًا من النمسا، بعد أتم دراسته بمعهد الفنون الجرافيكية هناك.
وحضر إلى مصر في صيف 1924، للعمل بمجلة الجريدة المصورة، لصاحبها عبد القادر الشناوي، وكانت الانطلاقة الحقيقية لصاروخان عندما تعرف على الكاتب الصحفي الراحل محمد التابعي وعمل معه بمجلة روزاليوسف عام 1927، ثم اصطحبه التابعي معه بعد ذلك للعمل معه بمجلته آخر ساعة عام 1934، واستقر المطاف بصاروخان في عام 1946 بدار أخبار اليوم التي عمل بها حتى رحيله في مثل هذا اليوم الأول من يناير عام 1977، بعد رحلة مليئة بالعطاء استمرت لأكثر من نصف قرن، في وقت لم يكن فيه رسامى كاريكاتير في مصر سوى " الرسام سانتس " الاسبانى الجنسية ورفقى الهارب من بطش مصطفى اتاتورك.
45 عاما ذكرى رحيل صاروخان أشهر رسامى الكاريكاتير فى مصر
ميلاد المصري أفندي
في عام 1932 ولدت الشخصية الكاريكاتيرية "المصري أفندى "الرجل القصير الذى يرتدى بدلة الأفندي والطربوش على رأسه وفي يده المسبحة، كعادة الموظفين في مصر منذ الثلاثينات وحتى الخمسينات على يد الكاتب محمد التابعى كفكرة رسمها صاروخان، فعبرت الشخصية عن المزاج العام والشكل العام للشعب المصرى، وكانت بداية نشرها في مجلة روز اليوسف. إلا أنه حين خرج التابعى من روز اليوسف لإصدار مجلة آخر ساعة عام 1934 أخذ معه عددا كبيرا من محررى روزا اليوسف وطلب من صاروخان الخروج معه..لكن بدأ الخلاف حين رغب التابعى فى أن ينقل شخصية المصرى أفندى إلى آخر ساعة وأصرت روز اليوسف على ملكيتها للشخصية.
اقتبس صاروخان شخصية المصري أفندي من صورة للرسام الإنجليزي "ستروب" في مجلة الديلي إكسبريس، حيث كان لايعرف الرسام الأرميني اللغة العربية آنذاك، كما ظهر أول كاريكاتير سياسي له منفذ بالحبر الأسود على الصفحة السابعة من العدد 132، وفي عام 1932 استطاع صاروخان أن يكون أول رسام يبتكر شخصية كاريكاتيرية في مصر تعبر عن العقل والمزاج العام للشعب المصري، وهي شخصية "المصري أفندي".
عائلة صاروخان تهدى قصر البارون كاريكاتير نادرًا لـ"جان إمبان"
بناء على فكرة محمد التابعى استطاع صاروخان ابتكار شخصية المصري أفندي في رسوماته على صفحات روز اليوسف عام 1932، تحكي السيدة روز اليوسف في مقال لها عام 1951 عن بداية ظهور شخصية المصري أفندي فقالت: في البداية كانت تصدر مجلة الكشكول تتضمن رسما كاريكاتيريا رسمه الرسام الإسباني سانتس، وفي هذا تفوقت الكشكول على روز اليوسف خاصة وأنها اختارت شخصية جحا فى رسوماتها، فكرنا فى رسام يمكن أن يملأ هذا الفراغ فى روز اليوسف وتذكرت الرجل الأرمني الكسندر صاروخان الذى طالما قدم رسوماته لنا فى روز اليوسف ورفضناها لأنها كانت تضم نكتا قديمة لا تعجبنا، أرسلت فى استدعائه ولم يكن يعرف العربية فأحضرنا له رسومات سانتس وتصوره للشخصية المصرية، وبذل الأستاذ محمد التابعى مجهودا كبيرا حتى يفهم ما نقصده، ونجح صاروخان في تقديم رسم يمثل المجلة.
وأضافت روز اليوسف:أردنا أن تكون لنا شخصية خاصة بنا فاخترنا من الرسومات الأجنبية شخصية رجل يشبه المصرى أفندى يلبس قبعة وفي يده مظلة، لكن البسنا الشخصية الطربوش بدلا من القبعة واستبدلنا المظلة بالمسبحة وفى روز اليوسف فأخذ يرسم وجوه الزعماء السياسيين بمساعدة التابعي وتشجيعه وبالفعل رسم صاروخان أول غلاف للكاريكاتير السياسي على غلاف العدد 118 من روز اليوسف الصادر في 22 مايو 1928، إلا أنه حين خرج التابعى من روز اليوسف لإصدار مجلة آخر ساعة عام 1934 أخذ معه عددا كبيرا من محررى روزا اليوسف وطلب من صاروخان الخروج معه ومعه المصرى افندى..
إهداء الدورة الخامسة للملتقى الدولي للكاريكاتير إلى روح صاروخان
مصطفى أمين يتحدث عن صاروخان
وفي مقال كتبه الزميل مصطفى أمين فى آخر ساعة عام 1938 قال إن صاروخان كان يرسم الكاريكاتير ويضع الأستاذ التابعى النكت والتعليق وأن صاروخان كان يتقاضى 50 قرشا ثمنا للرسمة الواحدة وأصبحت رسومه حديث مصر كلها حتى أنها اكتسحت رسومات سانتس فى الكشكول وأزاحته عن عرشه.
ولما كان فن الكاريكاتير ليس منتشرا بشكل كبير في العالم العربي في تلك الفترة، واجه صاروخان في بدايته العديد من الصعوبات، حتى صار لذلك الفن بالغ التأثير في الحياة الاجتماعية والسياسية منتصف القرن الماضي، وفي عام 1955 حصل على الجنسية المصرية بشكل نهائي، كما عمل بالعديد من المجلات والصحف المصرية آنذاك.
«صاروخان» يحتفل بتتويج فاروق ملكا على مصر
تربعت مجلات الكاريكاتير على عرش الصحافة، فقد كان الصراع بين الوفد وأحزاب الأقليات يعتمد على مجلة الكشكول وخيال الظل، ثم اتبعتها مجلة الفكاهة وروز اليوسف
والعجيب أن الكاريكاتير المصرى الحديث يحتاج إلى إثبات جنسيته بريشة مصرية، وأسلوب مصرى، خاصة وأن الكاريكاتير فيها ولد على أيد غير مصرية، وكانت مصر تتلمس طريقها نحو الاستقلال عن ثقافة الغرب.
صاروخان يسخر من حزب الوفد بكاريكاتير «نموت وتحيا الاشتراكية»
أصول الكاريكاتير المصري
وإذا كان أسلوب "سانتس" في البداية فرنسى الذوق، وأسلوب "رفقى" الحالم الأكثر تعبيرا عن الذوق الشرقى.. قد وضعا أصول الكاريكاتير المصرى.. فإن صاروخان هو الذي حمل كل ما فيهما من خصائص، وخرج بما حمل إلى الشارع..
رسوم كاريكاتيرية للمشاهير
كان لصاروخان مهارة فائقة وقوة ملاحظة في تخليص الملامح الشخصية التي تركها لنا، سجلها في رسوم كاريكاتيرية للزعماء والمشاهير في مصر وتخلص من فخامة الأسلوب ومظهريته المتعمدة التي كانت سائدة في الغرب حتى يستجيب للمطالبة الملحة لماكينة الطبع، واحتياجات الصحافة المتلاحقة التي لا ترحم.
مهندس الرسم الكاريكاتيرى
أيضا كان صاروخان سلس القيادة في العمل، فهو لا يخوض الصراع الإعلامي كصاحب رسالة اجتماعية أو سياسية، بل كمهندس في مهمة تكنيكية.. وهى صياغة الرسوم الكاريكاتيرية والاتجاه نحو الأسلوب الخاص به الذي يرتكن خلفه ظروف الواقع في الشارع المصري.
رحل رائد الكاريكاتير المصرى بعد أن ترك في ذاكرتنا أعدادا لا حصر لها من الأشكال الكاريكاتيرية المعبرة، بأسلوب لم يكن موجودا من قبله.. لكنه سيعيش ماعاش فن الكاريكاتير الجميل.
بعد رحيل الفنان المصرى الأرمني الكسندر صاروخان أهدت لوحة فنية مميزه إلى إدارة قصر البارون إمبان بعد افتتاحه مؤخرًا بحي مصر الجديدة فور الانتهاء من عمليات ترميمه لتعرض فى واجهة القصر وهى لابن الباروم إمبان جان امبان.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية