كريمان حمزة.. أيقونة الإعلام الديني تترجل عن صهوة الحياة.. تعرضت للإيقاف 11 مرة..مواقف وطرائف تعرضت لها أثناء مسيرتها..ولماذا أفزعت "الأربعين النووية" مسؤولي التليفزيون؟
طوى الموت ليلة أمس تاريخًا من الريادة الإعلامية برحيل المذيعة الكبيرة كاريمان حمزة عن عُمر ناهز 75 عامًا، توصف كاريمان حمزة بأنها رائدة الإعلام الديني، قدمت الراحلة عبر مسيرتها الممتدة بالتليفزيون المصري برامج دينية حقيقية، استضافت خلالها علماء بارزين، عانت "حمزة" خلال عملها في ماسبيرو الأمرَّين، وكان طريقها مفروشًا بالأشواك، وتعرضت للاضطهاد والوقف، وتعرضت برامجها للتعطيل والإلغاء.
وفاة كاريمان حمزة، رحيل مذيعة "الرضا والنور" أشهر برنامج ديني في الثمانينيات
تعتبر كريمان حمزة أول مذيعة محجبة تظهر على الشاشات المصرية، وكانت في ريعان شبابها. آمنت كريمان حمزة بربها فزادها هدى، وبرسالتها فحازت السبق، وحققت النجاح، وصغُرت أمامها الشهرة، ودان لها بالفضل كبار المذيعين ومشاهيرهم، وبرز ذلك في نعيهم لها وحزنهم عليها فور إعلان رحيلها.
إعلامية حديدية
يمكن وصف الراحلة كاريمان حمزة بـ" الإعلامية الحديدية"؛ لما كابدته من متاعب جمَّة خلال رحلتها في ماسبيرو، التي عاصرت خلالها 4 وزراء إعلام، آخرهم: الراحل صفوت الشريف الذي لم تكن على وفاق معه أبدًا.
استطاعت أن تكون استثناءً وحدها؛ منذ ارتدت الحجاب وهي ابنة 26 عامًا، وتخصصت في تقديم البرامج الدينية الجادة والهادفة، وليست ذات أغراض تجارية أو دعائية أو إثارية كما يحدث الآن. يُنسب إليها الفضل في ظهور علماء أجلاء وشيوخ بارزين عبر الشاشة الصغيرة مثل: الشيخ محمد الغزالي وياسين رشدي رحمهما الله، وعمر عبد الكافي وآخرين، فعرفهم الناس والتفوا حولهم واقتنعوا بهم. من أشهر برامجها: “الرضا والنور” والذي يحظى بنسب مشاهدات كبيرة جدًا في ذلك الوقت، كما ألفت عديدًا من الكتب الدينية التي تعكس فكرها الوسطي المعتدل، ومنهجها القويم، الذي لا يعرف تشددًا ولا غلوًا.
حوارات وذكريات ومواقف
في حوارات صحفية ومقابلات متلفزة سابقة..قالت إنها التحقت للعمل بالتليفزيون المصري في بداية سبعينيات القرن الماضي. وإنها ظهرت كأول مذيعة محجبة تُقدم برنامجًا دينيًا، وكان عمرها يومئذ 26 عامًا. لم تأبه المذيعة الشابة يومئذ بأي انتقاد، ولم تلتفت لأي استغراب، ولم تستسلم لأية مخاوف، وشقت طرقها الذي حددته لنفسها في شجاعة لا يتحلى بها كثيرٌ من الرجال؛ فهي لم تكن مجرد امرأة محجبة، بل كانت مثقفة واعية من الوزن الثقيل، وهو ما سوف ندرك جانبًا منه في نهاية هذا التقرير.
إيقاف وتعطيل برامج بعد تصويرها
رغم أنه تم إيقافها عن العمل 11 مرة – كما تروي - فضلًا عن تعطيل عديد من برامجها بعد تسجيلها؛ لأسباب واهية واهنة، إلا إنها لم تهُن ولم تضعُف ولم تستسلم ولم تتنازل، بل أصرت على جميع مواقفها وأكملت رسالتها حتى النهاية، تاركةً وراءها سيرة طيبة ومسيرة حافلة واسمًا لامعًا، فكم من الرجال يطويهم النسيان فور إحالتهم إلى التقاعد، ولكن الراحلة ظلت ملء السمع والبصر بعد ابتعادها عن بؤرة الأضواء وحتى يوم الرحيل.
الأربعين النووية والدار الآخرة.. وما خفي كان أعظم
تُرجع كريمان حمزة مخاوف وهواجس بعض المسؤولين – أثناء وجودها في ماسبيرو- من المذيعة المحجبة إلى ما وصفته بـ"فوبيا الإسلام"، أو انحيازهم إلى ثقافة غربية وجهلهم بالثقافة الإسلامية الصحيحة والقويمة التي تحرض صاحبها دائمًا على إتقان عمله والانضباط والالتزام المهني والأخلاقي.
تقول كريمان حمزة: إنها كانت تضع مثل هذا الأمر في حسبانها وكانت تتفهمه وتستوعبه وتتعامل على أساسه؛ وهو ما مكَّنها في إكمال مسيرتها الإعلامية إلى نهايتها.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر..هنا تتذكر كريمان حمزة عندما طرحت فكرة تقديم برنامج عن الأحاديث النووية التي جمع متونها الإمام يحيى بن شرف النووي المتوفى في العام 676 هجريًا، بعنوان: "الأربعين النووية"، فأصاب الفزع مسؤولي ماسبيرو من دلالة الاسم، وأجابوها: "لا عاوزين نووية ولا ذرية ولا إرهابية"، قبل إن تذهب بالفكرة لاحقًا إلى فضائية عربية حديثة النشأة، وحقق البرنامج من خلال شاشتها نجاحًا اعتادت عليه صاحبته. كما لم تنسَ الراحلة حتى وفاتها يوم أن ذهبت إلى رئيس التليفزيون في ذلك الوقت؛ تطلب إليه تقديم برنامج يستضيف الشيخ عمر عبد الكافي؛ ليتحدث في حلقات عن "الآخرة"، فما كان منه سوى أن سألها مستنكرًا ساخرًا: "وهو جاب منين معلومات عن الدار الآخرة، هو فيه حد مات ورجع تاني وبلغه"؟!
هذان الموقفان على طرافتهما.. يعكسان طبيعة الأمور داخل ماسبيرو في ذلك الوقت، ويقدمان أدلة وبراهين عملية على حالة الضعف العام التي أصابت كثيرًا من برامجه، وفي القلب منها البرامج الدينية التي تشهد في السنوات الأخيرة تراجعًا حادًا على المقاييس كافة.
تقول كريمان حمزة إن المسؤولين كانوا يتعمدون إدراج بث برامجها في "توقيتات ميتة"، ورغم ذلك حصلت غير مرة على جائزة "أحسن برنامج تليفزيوني" من مؤسسات وجهات رسمية كمؤسسة "الأهرام".
تحولات الإعلام الديني
من الماضي إلى الحاضر.. تأسى كريمان حمزة على مستوى البرامج الدينية، سواء في ماسبيرو أو الفضائيات المصرية، وتؤكد أن الفوضى أصابتها، وتحولت إلى برامج دعائية وتجارية وإثارية، لا تخدم دعوة، ولا تقدم وعيًا، بل ترفع درجة الجهل والسطحية، بل إن بعضها تحول إلى رأس حربة ضد الإسلام؛ بسبب ما يقدمه من محتويات بائسة يائسة، تضر ولا تنفع.
تبدو الإعلامية الراحلة محقة في أساها وحزنها على المستوى العام للبرامج الدينية بالإعلام المصري إذاعة وتليفزيونًا، ولا يحتاج الأمر هنا سوى أن نعقد مقارنة خاطفة بين ضيوفها على غرار الشيخ محمد الغزالي مثلًا، وبين الضيوف الدائمين على البرامج الدينية في السنوات الأخيرة، ومعظمهم – إن لم يكن جميعهم- من الباحثين عن الترند، ولا شيء غيره، على حساب الدين!
ولأن الأشياء تتميز بأضدادها.. هنا تُلمح كريمان حمزة إلى الفضائيات الدينية العربية وإلى محتوياتها الجادة وإلى رسالتها الحقيقية ومنهجها الإعلامي القويم، وكيف أنها سحبت الريادة المصرية إلى ملعبها، واستطاعت خلال وقت قصير أن تجذب الأنظار إليها والاهتمام بها.
4 وزراء إعلام
عاصرت كريمان حمزة خلال مسيرتها الإعلامية الحافلة 4 وزراء إعلام هم: الدكتور عبد القادر حاتم، الدكتور أحمد كمال أبو المجد، عبد المنعم الصاوي، وصفوت الشريف. وفي حين تبدو ممتنة للثلاثة الأوائل بمواقف طيبة وداعمة، فإن علاقتها بالرابع لم تكن على ما يُرام أبدًا..بحسب تصريحاتها.
نعي ورثاء وامتنان
بعد لحظات من إعلان رحيلها..حرص عدد كبير ممن زاملوها وتتلمذوا على يديها واقتربوا منها وشربوا من مهنيتها على نعيها وإبراز مناقبها.
الإذاعية الكبيرة نفيسة شاهين:"..اليوم تمضي في موكبها إلى المقر الدائم في انتظار البعث والنشور زميلة رحلة الإعلام الديني السيدة الفاضلة كاريمان حمزة"، مضيفة: "زاملتها في رحلة عمل إلى تركيا، وعرفت عنها مروءة المرء وحُسن خلقه،فكانت نعم الزميلة والسفيرة،وكانت تستغل كل دقيقة في العمل الدؤوب".
واستطردت: "كانت نجمة لامعة متألقة،كل كلامها ولقاءاتها لصالح الدعوة الإسلامية..كانت كاريمان متعددة المواهب غزيرة الإنتاج،رفيقة رقيقة حبيبة لكل من يعرفها أو يلتقي بها".
وكتب الدكتور أحمد الطباخ على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ناعيًا الراحلة: "استولت كريمان حمزة على الألباب مع ثقافة واسعة وعقل حصيف ومنطق مقنع ولسان طلق وبلاغة سهلة وحوار عميق وعرض رائع مع إعدادٍ أحدث نقلة نوعية غير مسبوقة للبرامج الإسلامية"، متابعًا: "كانت عنوانًا رائعًا للمرأة المسلمة التي جمعت بين التدين الحقيقي والعمل الدعوي، فصارت فارس الميدان بلا منازع".
وأردف: "قدمت الكثير من المادة العلمية في الدعوة بكل ألوانها وأشكالها ما بين البرامج الحوارية والكتب الإسلامية بلغة عربية سهلة هينة لينة جعلت الأمر يصل إلى قلوب الناس بذلك الأسلوب الرائع والفصاحة والبلاغة جعلت الجمهور ينتظر كل طلعاتها وطلاتها الإعلامية"، متابعًا: " هي المرأة الداعية التي استضافت قمم الفكر من أمثال إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي وأديب الدعاة العلامة الشيخ محمد الغزالي الذي كان مدرسة جمعت بين الفكر الرصين والعلم العميق".
فيما كتب الإذاعي الكبير الدكتور محمود خليل: "أنعي إلي نفسي والعالم أجمع رحيل السيدة الفُضلي كريمان حمزة الرائدة الأولي للإعلام الإسلامي، بعد عمر كله فضل وعلم ودعوة وخلق ونبل وإصلاح".
وكتب عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الإعلامي تهامي منتصر: "أمي العظيمة كريمان حمزة، عز البكاء، وسكت الكلام، وسأظل محتفظًا بمجلد من الأسرار".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.