كواليس فيلم الكرنك.. أحمد مظهر يرفض دور خالد صفوان.. ويوسف السباعي يصدر قرارًا بمنع عرضه لهذا السبب
فيلم الكرنك، مصنف سياسيا عن قصة قصيرة للكاتب الكبير نجيب محفوظ يسجل من خلالها اعتراضه على القمع السياسي والفكري والاستبداد، احتل الفيلم مكانا بارزا بقمة أفلام السينما المصرية على مدار تاريخها، منذ إصداره، وأثير حوله جدل شديد ويحمل كواليس كثيرة، واختير واحدا ضمن أفضل 100 فيلم في السينما وعرض في مثل هذا اليوم عام 1975.
يتناول فيلم الكرنك قصة مجموعة من الشباب الجامعي الذي يتم اعتقاله دون جريمة بسبب التقائهم في مقهى “الكرنك” الذي عرف عنه تجمع بعض المفكرين فيه وتعرضهم أحيانا لنقد الثورة، وفي المعتقل يتم تعذيبهم واجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، ويتم إجبار البعض منهم على العمل كجواسيس لصالح النظام وأجهزة الأمن داخل الجامعة وكتابة تقارير عن أي نشاط أو فكر معارض داخل أسوار الجامعة.
ثورة التصحيح
وينتهي فيلم “الكرنك” بقيام ثورة التصحيح في بداية عهد الرئيس أنور السادات وصدور قرار بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وإذا بالضابط الكبير الذي كان يقوم بإصدار أوامر التعذيب وانتزاع الاعترافات الملفقة يدخل هو نفسه المعتقل.
جاءت فكرة القصة على مقهى ريش
وفى كتابه "أصداء السيرة الذاتية" الذي وضعه الكاتب رجاء النقاش عن قصة حياة الأديب نجيب محفوظ، يروي محفوظ كيف ولدت فكرة "الكرنك" قائلا: إن فكرتها وردت إلى ذهني وأنا أستمع إلى أصدقاء مقهى ريش وهم يقصون عليّ ما لاقوه من صنوف التعذيب أثناء فترة اعتقالهم. فقلت لنفسي لماذا لا أسجل هذه الأحداث في عمل روائي لألفت الأنظار إلى هذه القضية؟ واختمرت الفكرة في رأسي بعد أن قابلت اللواء حمزة بسيوني الذي كان مديرًا للسجن الحربي، وجلست أتأمل في ملامحه التي لا تظهر عليها علامات الخشونة والجفاء بما يتفق مع ما كان مشهورًا عنه من غلظة في التعامل، وكان وقتها قد خرج من الخدمة.
يضم فيلم الكرنك أكثر من أربعين نجما من الفنانين الكبار ومجموعة من الشباب الذين أصبحوا نجوما فيما بعد منهم: سعاد حسني، كمال الشناوي، نور الشريف، محمد صبحي، فريد شوقي، تحية كاريوكا، يونس شلبي، شويكار، عماد حمدي، صلاح ذو الفقار، حسن حسني، مصطفى متولي، عبد العزيز مخيون، وحمد توفيق، أحمد بدير، أسامة عباس، فايز حلاوة، سيناريو وحوار ممدوح الليثي وإخراج علي بدرخان.
احمد مظهر يرفض دور خالد صفوان
شهدت كواليس فيلم الكرنك حالات رفض ورغبة من النجوم فمثلا عندما عرض الفيلم في البداية على الفنان أحمد مظهر وكان في أوج نجوميته للقيام بدور خالد صفوان في الفيلم رفض رفضا تاما وقال كيف أخون رفيق دفعتي وصديقي جمال عبد الناصر زعيم الضباط الأحرار واعتذر عن الدور الذي قبله وقام به كمال الشناوي.
كما عرض دور إسماعيل في فيلم الكرنك الطالب اليساري الذي أداه نور الشريف مسبقا على الفنان أحمد زكي وكان في بداياته لكن قال له الإنتاج دى قسمة ونصيب وقالوا وقتها: معقول هذا الشاب الأسود وشعره الأكرت يحب سعاد حسني في الفيلم، وصرح زكي بأن حرمانه من التمثيل في الفيلم كان أكبر صدمة في حياته وكان دافعا على استمراره لأنه كان يرى نفسه الأقرب إلى شخصية إسماعيل في الفيلم وكان قد حفظ الدور، وعوضته سعاد حسني باختياره أمامها في فيلم شفيقة ومتولي.
علي بدرخان يخرج الفيلم
ويحكي المخرج علي بدرخان قصة إخراجه لفيلم الكرنك ويقول: قرأت يوما الأهرام فوجدت أن هناك قصة لنجيب محفوظ اسمها الكرنك فهاتفته تليفونيا وطلبت شراء القصة لكنه فاجأني وقال إن ممدوح الليثي اشترى حقوقها قبل ربع ساعة، فطلبت ممدوح الليثي وطلبت منه إخراج القصة في فيلم فوافق لكني تعرضت للاعتقال لمدة أسبوعين فكانت فرصة لدراسة المعتقل وتجسيده على الشاشة في فيلم الكرنك الذي استغرق تصويره ستة أسابيع.
رأى النقاد والجمهور عند عرض فيلم الكرنك أن نجيب محفوظ قصد بشخصية خالد صفوان في فيلم الكرنك صلاح نصر مدير المخابرات في عهد عبد الناصر الذي انتهت حياته في السجن.
يوسف السباعى يعترض على الفيلم
جاء عرض الكرنك بعد عودة النصر في أكتوبر مع بداية حقبة السادات في الحكم ويحسب للسادات عرض هذا الفيلم الجريء في عهده الذى أثار عاصفة من الجدل واعتبره البعض تجميلا لحقبة السادات في الحكم لكن شهر الأمر وقتئذ اصدار يوسف السباعى وكان وزير للإعلام والثقافة قرارا بمنع عرض الفيلم وحذف شخصية "حلمي" الطالب المثقف اليساري الذي أداه الفنان محمد صبحي من الفيلم الأمر الذي دفع منتج الفيلم ممدوح الليثي أن يستنجد بالسادات ويطلب مقابلته شخصيا.
وكما يشير مخرج الفيلم على بدرخان إلى أن “الكرنك” تم التصريح بعرضه بعد “تنازل” قدمه المنتج بتغيير في أحد المشاهد الأخيرة يتضمن الإفراج عن السجناء السياسيين بأمر من عبد الناصر، فجرى التعديل بأن خرجوا بأمر من السادات، وأصبحت قضية الموسم وتناولتها الصحف ووكالات الأنباء.
صلاح نصر يقاضي الكرنك
كما رفع “صلاح نصر” رجل المخابرات في عهد “عبد الناصر” دعوى قضائية ضد فيلم الكرنك يطالب فيها بمنع عرضه، باعتباره يتعرض له ويقدمه في صورة “خالد صفوان” الفاسد ورفضت المحكمة دعواه.
ويحكي عمرو الليثي في برنامجه “ كلام الناس” عن فيلم الكرنك كيف أن المحامي لبيب معوض محامي ممدوح الليثي في القضية وكان يعتبر قضية الفيلم قضيته الشخصية فصال وجال فيها، لكن كان هدف محامي صلاح نصر "على الرجال"إثبات أن شخصية خالد صفوان ليس معبرا عن هي صلاح نصر في الحقيقة، لكن رفضت القضية ولم يصرح بمواصلة عرض الفيلم إلا بعد موافقة الرئيس السادات الذي أرسل رسالة إلى وزارة الثقافة يقول فيها (وافق السيد الرئيس محمد أنور السادات على التصريح بعرض فيلم الكرنك كاملا وبدون حذف بدار سينما ريفولي بعد انتهاء الفيلم المعروض بها حاليا، وعلى السيد وزير الثقافة والإعلام العمل على تنفيذ ذلك)، وكان رد ممدوح الليثي عند عرض الفيلم تجاريا تبرعه بإيرادات فيلم الكرنك عن شهر مايو لصالح القوات المسلحة ورد عليه السادات برسالة شكر طالبا المزيد من إنتاج الأفلام الهادفة المعبرة عن مبادئ ثورة التصحيح.
مصادفات عجيبة
ومن الصدف العجيبة بعد ذلك أن نظمت وزارة الثقافة عام 1977 مسابقة لأحسن فيلم وفاز فيلم الكرنك كأحسن إنتاج وأحسن سيناريو وأحسن حوار وقام الوزير يوسف السباعي بنفسه في حفل كبير بتسليم ممدوح الليثي الجائزة الأولى في الإنتاج وفي السيناريو والحوار.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.