رئيس التحرير
عصام كامل

سر هروب الدواعش من جحيم غزة.. لا يوجد رابط بين المقاومة الفلسطينية وتنظيم الدولة.. وحماس فى نظرهم «كافرة»

تنظيم داعش الإرهابي،فيتو
تنظيم داعش الإرهابي،فيتو

زادت التساؤلات حول أسباب غياب داعش والقاعدة وباقى الحركات الجهادية والتكفيرية عن معركة المقاومة فى غزة ضد الاحتلال الإسرائيلى، إذ طالما اخترعت هذه الحركات معارك لا تنتهى مع الجيوش الوطنية فى المنطقة، بينما لا يسمع لهم أحد صوتا فى المعارك الحقيقية التى تدور الآن فى الأرض المحتلة.

اللافت أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى سارع بإلقاء التهم ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس ووضعها فى خندق تنظيم داعش، فى محاولة لوصم الحركة وتشديد الحصار عليها دوليًا، كما هو الحال مع تنظيم داعش، ويروج لأهمية أن يتحد أبناء الحضارة الغربية فى مواجهة ما يعتبرها «قوى التطرف والإرهاب».


 

على خطى نتنياهو، سارع وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن بعد نحو أسبوع ونصف من عملية السابع من أكتوبر الماضى، ووصف حماس أنها أسوأ من داعش، فى الوقت الذى ذهب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بعيدا وطالب بالحشد ضدها عالميا للقضاء عليها.

استغلت الإدارة الصهيونية التعاطف الغربى الواسع معها خاصة فى الأيام الأولى بعد عملية طوفان الأقصى، وخرجت التصريحات الإسرائيلية تباعا تحاول إلصاق التهمة بحماس، وتصف أفرادها بالحيوانات البشرية، وهو تكتيك فعال بحسب العديد من الباحثين لتصوير المقاومة مع جميع سكان غزة على أنهم غير إنسانيين ولا يمكن إصلاحهم والحل الأكثر منطقية إبادتهم جميعا.

علاقة حماس وداعش

وبعيدا عن التصريحات الإسرائيلية، يجمع حماس بداعش تاريخ متوتر، إذ سبق لما يسمى بأنصار الدولة الإسلامية تكفير حماس على خلفية علاقاتها مع حزب الله وإيران.

وحسب ياسر أبو هلالة، الكاتب والباحث، هناك فروق واضحة بين حماس وداعش، لهذا لن يتوحدا فى جسد، ولن تجمعهم معركة واحدة أبدا، موضحا أن حماس تدافع عن شعبها المحتل وعلى أرضها، وهذا يختلف عن حركات الجهاد العالمى مثل داعش والنصرة والقاعدة.

وأضاف: عندما هاجم تنظيم القاعدة الولايات المتحدة ودبر تفجيرات عام 2001، هنا بادرت الجماعة الجهادية بالاعتداء على أرض ليست لها، ونفس الأمر فى حروب داعش كلها، بينما غزة أرض فلسطينية، ويشكل اللاجئون 75‎%‎ من سكانها الذين هجرتهم عصابات الصهاينة فى النكبة، والمستوطنات كانت أراضيهم وقراهم التى ولد فيها آباؤهم وأجدادهم.

أوضح الباحث أن حماس لم تقم بأى عملية خارج فلسطين -أرضها التاريخية- فى المقابل نفذت إسرائيل عمليات ضد حماس فى كل أنحاء العالم، أبرزها محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسى فى عمان، رغم معاهدة السلام مع الأردن، كما قتلت المبحوح فى الإمارات، وقتلت قيادات أخرى فى ماليزيا وسوريا ولبنان.

وأكد أبو هلالة أن أحد الفروق القوية أيضًا بين داعش وحماس، أن الأولى لا تعترف بالديمقراطية والانتخابات وتكفّر من يشارك فيها، بينما تشارك حماس فى كل انتخابات متاحة، بلدية، وطلابية، ونقابية، وفازت فى أكثرية الأصوات آخر انتخابات تشريعية، كما تقبل بالمنافسة مع تنظيمات ماركسية ووطنية وغيرها.

ولفت الباحث إلى أن داعش وغيرها من الجماعات الدينية التكفيرية لا تعترف بالمواطنة وتحارب المخالفين لها فكريا وسياسيا ودينيا، بينما تؤمن حماس بالهوية الوطنية الفلسطينية، ولا يتعرض المسيحيون والماركسيون والقوميون للقتل والقمع تحت حكمها، بالعكس هم حلفاء وشركاء لها فى المقاومة.

واستكمل: بينما لا تفرق داعش بين مدنى وعسكرى، حماس خلال المواجهة العسكرية مع جيش محتل تجنبت استهداف المدنيين ما أمكن، لكنها مثل كل حركات المقاومة التى تدعمها أمريكا وجيوش العالم تقع فى أخطاء، ومع ذلك تبقى أقل بكثير من أخطاء الجيش الإسرائيلى والأمريكى فى العراق وأفغانستان.

وأكد أن تنظيم داعش يتبنى القيام بالعمليات الانتحارية وتفجير الأهداف حتى وسط المدينين، بينما فى معركة حماس لم يكن هناك هجوم انتحارى واحد، أو تفجير فى وسط المدنيين، مؤكدا أن حماس تخلت عن العمليات التفجيرية الانتحارية منذ عقدين تقريبا.

وأضاف: خاضت داعش فى سيناء حربا ضد حماس، ونفذت فى عناصرها أحكام إعدام مصورة بالفيديو بحجة أنها مرتدة عن الإسلام، كما لا تعترف داعش بالدول حسب تعريف الأمم المتحدة، بينما تعترف حماس بأى دولة تبادلها الاعتراف، وتسعى إلى علاقات مع كل دول العالم، ولها علاقات بالفعل مع معظم الدول العربية والإسلامية وروسيا والصين.

واختتم: تقتل داعش أى أجنبى غير مسلم يدخل مناطق سيطرتها سواء كان صحفيا أم فريق إغاثة، بينما فى غزة يحظى الأجانب بمعزل عن جنسياتهم بالترحيب من سلطة حماس.

من ناحيته، قال سامح عسكر، الباحث فى شئون التراث والتاريخ، إن اتفاقية أوسلو فى أوائل التسعينيات وظهور ما يسمى بالتنسيق الأمنى بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، جلبت معها ظاهرة الاستيطان والكيبوتسات فى الضفة مستفيدة من حماية السلطة لها بموجب اتفاق أوسلو، وبدلا من آلاف المستوطنين قبل أوسلو فى الضفة، وصل عددهم الآن إلى 700 ألف مستوطن، وهذا الذى أدى لظهور شعبية حماس بين الفلسطينيين.

وأضاف: حماس كانت مجرد جماعة تلتف حول زعيم دينى روحى، وهو الشيخ أحمد ياسين، ولم يكن لها شأن بين الفلسطينيين حتى منتصف التسعينيات، لكن بمجرد ظهور وتوحش ظاهرة الاستيطان والكيبوتسات فى الضفة انتشرت حماس وظهرت حركة الجهاد وتعددت الفصائل المقاتلة، لافتا إلى أن حركات المقاومة الفلسطينية وفى القلب منها حماس، هى رد فعل على الاستيطان وفشل اتفاق أوسلو.

وأكد عسكر أن فلسطين بالأساس قضية إنسانية أخلاقية تتجاوز الأيديولوجيات والمعتقدات، وأكثر مناصريها فى العالم ليسوا عرب وليسوا مسلمين، وجزء كبير منهم لادينى يقدم نفسه على أنه ابن للحضارة الغربية.

وتابع: لو أن العالم اهتم بمقاومة الاستيطان ورعاية اتفاق السلام قبل 30 عاما ما ظهرت تلك الحركات ولا وجدت شعبية بين الفلسطينيين، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن هناك تشابها بين العقلية الصهيونية والداعشية وليس بين داعش وحماس، وما يربط بينهما أن الصهيونى يعتقد أن فلسطين أرضه المقدسة.

وأشار الباحث فى التراث إلى أن هذه المعتقدات الراديكالية تشبه معتقدات الجهاديين التكفيريين المسلمين بالضبط ناحية دولة الشريعة، فهم يقاتلون من أجل قيامها بعقلية الانتحار، ولا يأبهون لأى انتقادات أو صورة متوحشة يراهم بها الناس، موضحا أن تلك المعتقدات جرى هندستها وزراعتها فى عقول اليهود، على مدار أكثر من 130 عاما، منذ ظهور جماعات محبى صهيون وبيلو فى أوروبا أواخر القرن 19.

وتابع: مؤتمرات محبى صهيون وبيلو سبقت مؤتمر هرتزل فى بازل سنة 1897م، إذ بدأت منذ عام 1880 وكان أول مؤتمر لها فى أوديسا بأوكرانيا سنة 1884م، والغالب على هذه المؤتمرات ليس الحديث السياسى بل ما يسمى بالبعث الدينى والروحى، وضخ كم كبير من الشعارات والأحلام الأفلاطونية فى نفوس اليهود الغربيين.

وأوضح عسكر أن الحل فى فلسطين يبدأ بمعرفة أين تكمن فكرة الصهيونية، وعدم حصرها فى السياسة فقط، مؤكدا أن مثل هذه القناعات كانت جهلا منا، ودفعنا ثمنها غاليا فى العقود الماضية، لافتا إلى أن الصهيونية رابطة دينية قومية روحية كبيرة ومتعددة الملامح ومتشعبة لدرجة أنها خدعت بعض المسلمين وتصوروا أن معناها يعنى السلام.

واختتم عسكر: لم تعد جرائم إسرائيل ومذابحها مخالفة للقانون حسب وجهة نظرهم، ولكنها رد فعل على مقاومة الفلسطينيين، مشددا على ضرورة إعادة بناء المفاهيم، حتى تكون النتائج سليمة، على حد قوله.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية