رئيس التحرير
عصام كامل

45 عامًا على رحيل قارئ الملوك والرؤساء، أبرز المحطات في حياة الشيخ مصطفى إسماعيل، وسر علاقته بالسادات ومحمد عبد الوهاب

الشيخ مصطفى إسماعيل،
الشيخ مصطفى إسماعيل، فيتو

امتاز صوته بعذوبته وبالقوة، حيث امتلك خامة صوتية فريدة تمزج بين القوة والجمال، فكان مدرسة خاصة في التنقل بين المقامات بسهولة ويسر يظن من يسمعها أن الأمر يسير، لكن في حقيقة هو ترجمة للموهبة الفطرية التي كان يتمتع بها، إنه الشيخ مصطفى إسماعيل سلطان دولة التلاوة المصرية وصاحب المقام الرفيع الذي مازال يحتفظ بمكانته الخاصة في قلوب المصريين بل والعالم الإسلامي أجمع.

وتحل اليوم الثلاثاء الذكرى الـ 45 على رحيل الشيخ مصطفى إسماعيل والذي رحل عن عالمنا في 26 ديسمبر لعام 1978م، بعد رحلة عطاء مع القرآن الكريم وصحبة صادقة لتلاوة آيات الذكر الحكيم.

 

وتستعرض “فيتو” خلال التقرير التالي أبرز المحطات في حياة الشيخ مصطفى إسماعيل بداية من نشأته في إحدى قرى الغربية انطلاقًا إلى القاهرة ومنها إلى العالمية.

 

نشأة الشيخ مصطفى إسماعيل 

ولد الشيخ مصطفى إسماعيل في 17 يونيو عام 1905م، بقرية ميت غزال، مركز السَّنطة، محافظة الغربية، وأتمَّ حفظ القرآن الكريم في كُتَّاب القرية قبل أن يتجاوز الثانية عشرة من عمره، ثم التحق بالمعهد الأحمدي في طنطا؛ ليتلقَّى علوم التجويد والقراءات.

 تميَّز الشيخ منذ صغره بأداء فذٍّ في تلاوة كتاب الله عز وجل، وبراعة مُنقطعة النظير في التَّنقُّل بين أنغامها وألوانها، وحسنِ تعبيرٍ عن معاني آياتها وكلماتها بصوته وأدائه، ووقفِه وابتدائه، وتمكُّنه في تجويد وقراءات القرآن الكريم.

 

انتقال الشيخ مصطفى إسماعيل إلي القاهرة 


ذاعت شهرة الشيخ في محافظته والمحافظات المجاورة لها في بداياته، ثم انتقل إلى القاهرة، فزادت شهرته، وازدانت بصوته محافلُها ومناسباتُها.

حين انتقل الشيخ «مصطفى إسماعيل» للإقامة فى القاهرة أوائل الأربعينيات، سكن حارة العنانى بحى المغربلين، وسكن أخوه الشيخ محمد حارة «زُقاق المسك»، والمغربلين تتوسط منطقة الدرب الأحمر حيث يوجد عدد هائل من مساجد القاهرة التاريخية، التى تزدان بالمآذن، وكانت القاهرة تعج آنذاك بعدد كبير من كبار قراء القرآن، يتصدرهم الشيخ «محمد رفعت»، والشيوخ «عبدالفتاح الشعشاعى»، و«محمد الصيفى»، و«محمد سلامة»، ثم فتحت له المحروسة ذراعيها، كعادتها آنذاك مع المواهب الكبرى، فمثل إضافة مميزة لهذا الفن العظيم، وفتحًا لطرائق جديدة فى التلاوة، فذاع صيته، وشغل الجميع، لاستخدامه العفوى للمقامات، بفطرته وموهبته السخية، فتوحد بمعانى الآيات، وتشرّبتها روحه، وفاض صوته نهرًا صافيًا!

بداية انطلاقة الشيخ مصطفى إسماعيل 

في بداية عام 1943 ذهب مصطفى إسماعيل إلى القاهرة لتفصيل بعض الأقمشة فتقدم للاشتراك في رابطة تضامن القراء بحي الحسين والتقى برئيس الرابطة الشيخ محمد الصيفي، وبالصدفة كانت الإذاعة تسجل في الحسين، وسيقرأ في الحفل الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى إلا أنه لم يحضر، فما كان من الشيخ محمد الصيفي إلا أن أجلس مصطفى إسماعيل على دكة القراءة ليقرأ على مسئوليته، فقرأ إسماعيل سورة التحريم لمدة نصف ساعة وسط إعجاب الحضور، ثم امتدت قراءته حتى منتصف الليل، وكانت بدايات تعرف الجمهور عليه.

التحاق الشيخ مصطفى إسماعيل بالإذاعة المصرية  

وفي عام 1945م انطلق صوت الشيخ مصطفى إسماعيل؛ صادحًا بآيات الكتاب العزيز عبر موجات إذاعة القرآن الكريم، وتعلقت بصوته الآذانُ والقلوب، وطارت شهرته في آفاق مصر والعالم.

تعيين الشيخ مصطفى إسماعيل في القصر الملكي 

وعن سر اختيار الملك فاروق للشيخ مصطفى إسماعيل ليصبح قارئ القصر الملكي، عام 1945، والمصادفة التي قادت الشيخ مصطفى إسماعيل ليصبح القارئ المفضل للملك فاروق، بالرغم من عدم اعتماد الإذاعة له، فبينما كان الملك فاروق يجلس داخل قصره في عام ١٩٤٥ بجوار الراديو يستمع للتلاوة التي كانت تنقلها الإذاعة من مسجد الحسين وكان من المقرر أن تكون التلاوة للشيخ عبد الفتاح الشعشاعي إلا أن الأثير نقل بدلا من ذلك ما تيسر من سورة الحج لمقرئ شاب لم يكن معتمدا في الإذاعة وقتها وذلك بعد تغيب الشيخ الشعشاعي عن الحفل؛ وحينما التقطت أذنا الملك ذلك الصوت وأصدرت الإدارة الملكية بأن يصبح قارئا رسميا للقصر الملكي حيث طلب الملك من ناظر خاصته الملكية مراد محسن باشا أن يأتي بهذا الشيخ فورا إلى القصر، وفي الصباح كان مندوب الملك في أعماق ريف مديرية الغربية وتحديدا قرية ميت غزال ليعود مصطحبا الشيخ مصطفى محمد المرسي إسماعيل القارئ الرسمي للقصر الملكي".

قارئ الملوك والرؤساء

كما جعله الملك فاروق قارئ القصر الأول، حيث استحوذ الشيخ الشيخ مصطفى على إعجاب كل من تولى رئاسة مصر. ومن هؤلاء محمد نجيب الذي تولى مقاليد الأمور خلفًا للملك فاروق، فجعل الشيخ القارئ الأول لجمهورية مصر العربية بعد تحويلها من الملكية.

 

علاقة الشيخ مصطفى إسماعيل بالسادات 

ربطت علاقة خاصة بين السادات وإسماعيل، حتى إن الأول كان يقلد الثانى كلما سنحت له الفرصة لتلاوة القرآن الكريم، وتوج السادات هذه العلاقة عندما اصطحب إسماعيل معه في زيارته التاريخية لمدينة القدس.
 

جولات الشيخ مصطفى إسماعيل الخارجية 

وبعدما ذاع صيت الشيخ اسماعيل تلقى العديد من الدعوات والطلبات من دول عربية إسلامية للقراءة فيها، فلبى تلك الدعوات وسافر إلى العديد من تلك الدول حيث زار نحو 25 دولة عربية وإسلامية، منها تركيا وماليزيا وألمانيا والولايات المتحدة وعدد من الدول الأفريقية.

زيارة الشيخ مصطفى إسماعيل للقدس 

 وقد زار الشيخ إسماعيل القدس 3 مرات، أحداها كانت عام 1960 وقرأ فى المسجد الأقصى فى ليلة الأسراء والمعراج، كما زارها مرة أخرى عام 1977 ضمن الوفد الرسمى المصاحب للسادات فى زيارته للكنيست الإسرائيلي.

سر اصطحاب السادات للشيخ مصطفى إسماعيل للقدس 

ومن جانبه كشف الدكتور مصطفى الفقي، الكاتب والمفكر السياسي، سبب اصطحاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات الشيخ مصطفى إسماعيل في زيارته الشهيرة إلى القدس.

وقال «الفقي» خلال حواره في برنامج «يحدث في مصر»، والذي يعرض عبر قناة «إم بي سي مصر»، أن السادات اصطحب الشيخ مصطفى إسماعيل في زيارته إلى القدس، لأن الرئيس الراحل كان يعلم تأثير القوى الناعمة.

وأشار إلى أن جزءًا كبيرًا من قبول الشعب المصري للملك فاروق، هي ليالي رمضان في ميدان عابدين، إذ كان يجلس لسماع الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ الفشني، موضحًا أن هذا مظهر لفكرة الشعبية الدينية.

 

تكريم الشيخ مصطفى إسماعيل 

وقد حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على العديد من الأوسمة والتكريمات المحلية والعالمية، من بينها وسام الأستحقاق الذى منحه إياه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1965 بمناسبة عيد العلم، وكانت تلك هى المرة الأولى التى يمنح فيها الرئيس وساما لأحد المقرئين فى تلك المناسبة، ووسام الفنون عام 1965 ووسام الإمتياز عام 1985 من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى حين حصل على وسام الأرز من رئيس وزراء لبنان تقى الدين الصلح 1958، ووسام الاستحقاق من سوريا، كما حصل على أعلى وسام فى ماليزيا ووسام الفنون من تنزانيا عام 1978، كما كانت من أقيم الهدايا التى حصل عليها مصحف شريف مكتوب بماء الذهب، منحه آياه الرئيس التركى الأسبق فخرى كوروترك.

صداقة فنية


ثمة عدد من عمالقة التلاوة في حياة الشيخ مصطفى، لكنه كان يحب أن يسمع القرآن من الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي والشيخ محمد رفعت، وكان المقربون منه من القراء محمود علي البنا ومحمد رفعت وعبد الباسط عبد الصمد وأبو العينين شعيشع. ومن خارج الوسط، كانت تجمعه صداقة بالموسيقار محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وبليغ حمدي.

 

وفاة الشيخ مصطفى إسماعيل
 

وبعد صحبةٍ صادقةٍ لتلاوة آيات القرآن الكريم دامت إلى آخر أيام حياته؛ رحل الشيخ عن عالمنا في 26 من ديسمبر عام 1978م، ودُفن في قريته ميت غزال، بمركز السنطة، محافظة الغربية؛ تاركًا خلفه ثروة كبيرة من التِّلاوات القرآنية الرائعة والمُتقنة.

قالوا عن الشيخ مصطفى إسماعيل 

 

الموسيقار محمد عبد الوهاب فقال مرة عن الشيخ مصطفى إسماعيل: "إنه قارئ لا أستطيع مجاراته في صوته. أي شخص كان يغني أو يقرأ كنت أعلم بماذا سيبدأ وكيف سينتهي، لكن الشيخ مصطفى هو الشخص الوحيد الذي لا يمكن توقعه لقدرته الكبيرة على تكييف المقامات خدمة لصوته"، مضيفًا: "كبير في المفاجأة وكبير في الارتجال وكبير في مستوى الصوت".

وقال أيضًا الموسيقار «محمد عبدالوهاب» لعاطف ابن الشيخ «مصطفى إسماعيل» ذات مرة: «كان والدك يتمتع بمقدرة فائقة فى تركيب السلالم الموسيقية، كان عبقرى زمان كان يحيى ليالى رمضان عند الملك فاروق، وكنت أحرص على سماعه كل ليلة، وأتعجب، أربعين سنة فشلت فى ضبط ودنى مع صوته لأنه كان عنده عنصر المفاجأة فى كل آية من البداية للنهاية. فإذا حاولت اللحاق به يفاجئك حتى فى حالة تكراره الآيات».

ووصفته الفنانة العظيمة «أم كلثوم» بجملة بليغة: «تخت موسيقى كامل»!.

نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية