مكاسب تاريخية للصين وروسيا من الجنون الصهيونى.. الموقف الأمريكى المساند للمذابح الإسرائيلية رفع شعبية المعسكر الشرقى
مبكرا ظهر حصاد إعصار غزة، فى نحو شهرين من الضربات المؤلمة للمدنيين والعزل، تعرّت مصداقية قوى الهيمنة على القرار العالمى، التى ساندت إسرائيل بتطرف وجبن فى عدوانها الغاشم على القطاع انتقاما من المقاومة التى تدافع عن شرف أمتها، بعد أن حاولت إنقاذ إسرائيل التى دخلت الحرب على قطاع غزة، مدعومة نفسيا بصورة وهمية عن الجيش الذى لا يقهر، وسياسيا بقوى دولية تخلت عن الإنسانية وأبعدت الأخلاق جانبا وتفرغت لمباركة قتل الأبرياء العزل الأطفال قبل النساء.
النزهة التى رسمتها تل أبيب فى مخيلتها حول القطاع اكتشفت فى نهاية المطاف أنها دخلت مصيدة الموت، مستنقعا أشبه بما حدث للأمريكان فى أفغانستان، كما وصفه الرئيس جو بايدن فى تصريحاته الأخيرة التى عكست انقلاب موقف إدارته تجاه حكومة بنيامين نتنياهو (المتطرفة) كما وصفها سيد البيت الأبيض.
فقدت إسرائيل الدعم الغربى، قفز كبار العالم من القارب قبل غرقه فى دوامة الغضب الشعبى الذى تفشى كالسرطان فى جسد العواصم العالمية متوقفا فى صداه على التظاهرات فى الشوارع العربية، بدت ملامح التراجع عن دعم إسرائيل تتجسد فى المؤسسات الدولية، بعد أن شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى آخر جلساتها دخول أصوات جديدة لصالح وقف إطلاق النار، تراجعت قوى عظمى تملك الفيتو عن التصويت بالرفض، لتبقى أمريكا وحدها طوق النجاة الوحيدة للمحتل.
مع إطالة أمد الحرب فى ظل رجال بواسل يدافعون عن الحق، وشعب جبار متمسك بالأرض، انكشفت العورة وتحولت غزة إلى قنبلة سياسية تعيد رسم خريطة القوى العظمى، تهدد مركز الولايات المتحدة الدولى سياسيا وأخلاقيا، لهذا برزت مخاوف من تهديدات تتعلق بالأمن القومى الأمريكى.
وفى أوروبا، الحليفة العمياء للموقف الأمريكى، وصلت شظايا الغضب المتطاير عواصم القارة العجوز، هناك خلف شمال المتوسط من بات يخشى على موضعه كحاكم وأحزاب أصبحت مهددة بفقدان قواعدها الشعبية.
مهدت قنابل دماء الشهداء الطاهرة الطريق للغريم التقليدى (المعسكر الشرقى) روسيا والصين للعودة إلى واجهة الشرق الأوسط والعالم، إذ كانت كلمات قادة تلك الدول المنحازة لقضية الشعب الفلسطينى وحقه التاريخى فى دولته المدخل إلى القلوب والعقول، واتجهت الأنظار إلى حليف جاهز يصدح أمام العالم بالحق بعيدا عن أي انحيازات فجة كشفت الوجه القبيح للغرب الذى رسب بامتياز فى اختبار الإنسانية بعد سقوط نحو 20 ألف شهيد بقنابل غبية تقصف الجميع بشكل عشوائى.
سقطت أيضًا منظماته الحقوقية التى ظلت لعقود تتحدث عن الإنسانية، وفشلت وسائل إعلامه المضللة فى ترويج الرواية الصهيونية التى لم تعد تنطلى على عاقل أمام مشاهد الجريمة الموثقة بالصوت والصورة.
ماذا فعلت غزة الجريحة بالعالم، لدرجة أنها دفعت بايدن ذاته لانتقاد نتنياهو، وأجبرت إدارته على اتخاذ خطوات سرية لتهدئة وتيرة الهجمات تمهيدا لإنقاذ طفلهم المدلل «إسرائيل» من المستنقع؟
فى السطور التالية ترصد «فيتو» على لسان الخبراء الهزة السياسية التى أحدثها دماء شهداء غزة فى العالم أجمع، ومهدت الطريق لرسم الخريطة الجديدة.
مهد الخذلان الأمريكى الذي نتج عنه تلك الروح العدائية تجاه أكبر دولة فى العالم بسبب الدعم الأعمى للاحتلال ضد غزة لصعود المعسكر الشرقى (روسيا والصين) أمام الوحش الأمريكى. بخلاف الصراع الداخلى فى النسيج الأمريكى، بما يهدد الموقف الأمريكى من الحرب بخسارة تأييد جيلين من الشعوب العربية والإسلامية التى تنحاز الآن تجاه بوصلة الصين وروسيا.
وتقول أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتورة نورهان الشيخ، إن الموقف الروسى والصينى كان مهما جدا سواء داخل مجلس الأمن الدولى والجمعية العامة للأمم المتحدة أو حتى خارجهم، لافتة إلى أن إدانة دولتين بثقل روسيا والصين لما يحدث من جرائم وانتهاكات دولة الاحتلال داخل قطاع غزة يمثل دعما كبيرا جدا للموقف المصرى والعربى والإسلامى الهادف لوقف هذه المذابح.
وتابعت الشيخ: “مواقف روسيا والصين أحرجت أوروبا، كما مثلت دعما قويا للقضية الفلسطينية، خصوصا بعد استقبال موسكو وفدا من حركة حماس داخل أراضيها، مضيفة: للأسف ما زال الموقف الأمريكى مؤيدا بشكل سافر لإسرائيل، بالإضافة إلى أن استخدامها لحق الفيتو فى مجلس الأمن يمثل مشكلة كبيرة ويحبط قرارات وقف إطلاق النار فى غزة وكل الإجراءات التى كانت ستترتب عليه.
وتابعت: “التحركات كانت هادفة، خصوصا روسيا التى كان موقفها أوضح كثيرًا عن الصين، وتتحرك على أكثر من مستوى سواء الإنسانى أو الدبلوماسى والسياسى، موضحة أنها أرسلت كميات كبيرة من المساعدات إلى القطاع المحاصر، بالإضافة إلى التصعيد الدبلوماسى من خلال دعم القضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وتقديم مشروعات تهدف لإيقاف العدوان الإسرائيلى على غزة، فى وقت كان الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة يتنافسون فيه على تأييد دولة الاحتلال وإدانة حماس”.
وأوضحت أستاذة العلوم السياسية: “بعد حرب روسيا وأوكرانيا اتضح أن العالم لم يعد ملكا للولايات المتحدة تديره وتتحكم فى شئونه، مؤكدة أن حرب غزة جعلت المشهد أصبح أكثر وضوحا”، مشددة على أن مواقف وتحركات روسيا والصين غيرت المعادلات الدولية فيما يتعلق بغزة وكانت ستختلف كثيرًا عما نشهده الآن لو انحازت الدولتان إلى الموقف الأمريكى.
أضافت: “الموقف الروسى والصينى أعطى من بداية الحرب شرعيه لما تقوم به حماس بشكل أو بآخر، ولغة الخطاب كانت مختلفة عن تلك الأمريكية والأوروبية، ومسار الأزمة أصبح أكثر توازنا بسبب موسكو وبكين”.
واستطردت نورهان الشيخ: “إسرائيل كانت تطرح نفسها باعتبارها ضامنا للأمن فى الشرق الأوسط، وأنها قوة لا يستهان بها، لكن حرب غزة بددت هذه الأوهام، ولن تخرج بمكاسب تستهدفها، بل لن تستطيع بأى شكل من الأشكال حسم الحرب لصالحها”.
واستكملت: “روسيا والصين حققتا بالفعل مكاسب استراتيجية بعد حرب غزة، إذ صرفت عملية طوفان الأقصى الاهتمام الأمريكى والغربى بعيدا عن أوكرانيا وتايوان، فلم نعد نسمع عن أي زيارات إلى كييف، فيما يتوافد المسئولون الأوروبيون والأمريكيون يوما بعد الآخر على تل أبيب”.
وأكدت الشيخ أن التوازنات الحقيقية ستظهر فى إدارة ملف غزة بعد انتهاء العدوان، وإن كانت إسرائيل تستطيع فرض إرادتها، أو تتغلب المقاومة وتستمر فى المشهد السياسى داخل القطاع، معربة عن اعتقادها أن المقاومة هى الأقرب إلى الانتصار، ما يبرر رغبة الولايات المتحدة فى التسريع بإنهاء العمليات العسكرية للاحتلال داخل غزة لإنقاذه وتخفيف خسائره، ولكن الاندفاع الإسرائيلى سيكون فى غير صالح الكيان الصهيوني”.
على جانب آخر، قال الدكتور كرم سعيد، الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المواقف الصينية والروسية تجاه العدوان الإسرائيلية على قطاع غزة تأتي فى إطار سياق مجموعة من التحركات، إدانة الممارسات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة، والمطالبة بضرورة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، ومحاولة توظيف دورهم فى المؤسسات الأممية للتأكيد على رفضهم لهذا العدوان.
وتابع كرم سعيد: هذه المواقف تأتي فى سياق التوظيف السياسى من قبل روسيا والصين للحرب الدائرة فى قطاع غزة لتعزيز الضغوط على الولايات المتحدة والقوى الغربية الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى، مضيفا: “موسكو توظف هذه الحرب لتخفيف الضغط عليها فى أوكرانيا، كما أن الصين أكدت أن ما يحدث فى غزة يتجاوز جميع الأعراف الدولية فى الحروب. لافتا إلى أن موقف الصين لا ينفصل أيضًا عن محاولة الرد على التحركات الغربية والأمريكية ضدها فى ملف تايوان.
واستكمل: الموقف الروسى والصينى ساعد فى توفير بيئة خصبة لتسويق وتقوية الصورة الذهنية لقوى الشرق وعلى رأسها موسكو وبكين فى المنطقة، والدولتان استفادتا من موقفهما الداعم للفلسطينيين من خلال إحداث المزيد من التشويه لخصومهما الغربيين والأمريكيين، مشيرا إلى أن تحركات البلدين ربما تفتح الأبواب فى المستقبل القريب لمزيد من الحضور السياسى والاستراتيجى لهم فى دول المنطقة.
وأكد سعيد أن المواقف العربية والإسلامية المتوافقة مع روسيا والصين مؤخرا، وزيارة وفد من الجامعة العربية للبلدين يأتى فى إطار توظيف الضغوط الدولية لحلحلة الأزمة فى قطاع غزة، مشددا على أن كل هذه التحركات ستساعد فى زيادة نفوذ البلدين خلال المرحلة المقبلة سواء على المستوى الرسمى أو حتى على الصعيد الشعبى داخل المنطقة.
وأضاف الخبير فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: النفوذ الأمريكى فى المنطقة تأثر بشدة، وانعكس على التوترات المستترة بين واشنطن وعدد من الدول فى المنطقة، كذلك هناك توتر حدث بين أمريكا وكل من تركيا وإيران وحتى مصر والأردن الذين شددوا على موقفهم الصارم والرافض لتهجير المواطنين الفلسطينيين خارج أراضيهم.
واستكمل: انعكس الموقف الأمريكى على زيادة حدة التوترات بين أمريكا والميليشيات العسكرية المتواجدة فى المنطقة مثل ما يحدث من الحوثيين فى البحر الأحمر، واستهداف الميليشيات للقواعد العسكرية الأمريكية فى سوريا والعراق طوال الشهرين الماضيين، مضيفا: كل هذا أثر بصورة كبيرة، وظهرت دعوات داخل أمريكا تطالب بضرورة انسحاب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط فى ظل تعرضها لكثير من الانتكاسات، ما سيؤدى لنتائج عكسية على الإدارة الأمريكية.
واختتم كرم سعيد: “التأثيرات الجيوسياسية بدأت فى الظهور بشكل مباشر، ويظهر ذلك فى الحراك الروسى تجاه حرب أوكرانيا خاصة فى ظل تراجع الدعم الغربى لكييف بسبب تكثيف دعم تل أبيب، كما رأينا رفض المجر دعم كييف بـ50 مليار يورو، والموافقة على بدء انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى توسع الدور الروسى فى ليبيا وسوريا، ووجود مزيد من الانفتاح مع الصين التى برز دورها فى الاتفاق السعودى الإيرانى، كما أن هناك رهان على دورها خلال الفترة المقبلة فى المنطقة”.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الأدبية والفنية والثقافية.