حكايات عمر الجيزاوي مع فن المونولوج من السقالة إلى فرح السادات.. دوره في حرب الاستنزاف.. وماذا قال لأنيس منصور عند تكريمهما؟
عمر الجيزاوى، مونولوجست فكاهى من الزمن الجميل، عرف بخفة ظله ومونولوجاته المضحكة، وطريقة إلقائه للأغاني بشكل كوميدي وحركات ساخرة، فهو أفضل من أدى الأغاني بطريقة تمثيلية، مع حركات إيقاعية مع اللحن على المسرح، متمسكًا بالزي الصعيدي من جلباب وطاقية وعصى في يده، برع فى دور مساعد كبير الرحيمية رحل عام 1983 عن 76 سنة.
اضطهده ملك وكرمه رئيسان ودولة.. محطات في حياة عمر الجيزاوي | فيديو
ولد عمر سيد سالم الشهير بـ عمر الجيزاوى في مثل هذا اليوم 24 عام 1917 بقرية أبو تيج محافظة أسيوط، حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، لم يكمل تعليمه واضطر في صغره للعمل في ورش الطوب والمعمار، وحتى بعد أن توسع والده في مهنة المقاولات والمعمار، ظل عمر الجيزاوي بمعاونة شقيقيه يعملون مع والدهم قبل أن ينتقلوا إلى محافظة الجيزة “بوابة الصعيد” للبحث عن مصدر رزق أوسع.
عمر الجيزاوي.. المونولوجست الذي أغضب الملكة نازلي ووصف جلوسه مع أنيس منصور بـ"قلة أدب"
الكسار يكتشف الجيزاوى
وكان قيام عمر الجيزاوى بالغناء صدفة فبينما كان في وسط عمال رفع الأسمنت على السقالة، كان يغنى وبالمصادفة سمعه حينذاك أحد المقاولين فطلب مشاركته فى إحياء حفل زفاف ابنته، لينطلق بعدها فى كل أفراح المنطقة ومنها لمناطق أخرى قريبة حتى وصل إلى فرح جيهان السادات على أنور السادات، ومن إحياء الأفراح إلى عالم السينما، حيث اكتشفه الفنان علي الكسار على إحدى المقاهي وهو يغني مونولوجات فألحقه بفرقته ليستمر بعدها فى الغناء فى الحفلات والتياترات.
من اشهر المونولوجات التي غناها عمرو الجيزاوى ومازالت محفورة ومحفوظة في أذهان الجمهور المصري والعربي، لعقود طويلة: اتفضل اشرب شاي، معانا الفاكك والفكوك معانا الكحل والنشوق، والتي تعد من تراثيات الفن المصري أداها الفنان الراحل بطريقته الكوميدية مرتديًا جلبابه الصعيدى وعمامته الملفوفة ممسكًا بيده عصاه الطويلة، وبمجرد صعوده المسرح حتى يشعل حماسة جمهوره متفاعلين معه.
غنى لكبار الشعراء
أغاني عمر الجيزاوي جمعت ما بين البساطة في الكلمات والأداء وبين السمو في المعاني، وذلك لأن أغانيه جمعت ما بين الإرتجال أو الشعر العامي المقتبس من الشارع، علاوة إلى تغنيه للكثير من كبار الشعراء، أمثال مصطفى الطاير وحسيب غباشي، وأيضًا عبد الرحمن الأبنودي الذى كتب له أغنية نادرة اسمها "البندقية" لحنها حسن نشأت.
عمر الجيزاوي اضطهده الملك وكرمه عبد الناصر والسادات.. وفرنسا طبعت صورته على علب الكبريت
رجل وطنى من الطراز الأول
رغم بساطته التي يراها جمهوره من طريقته وملابسه على المسرح في الأدوار التي يؤديها، إلا أن حياة عمر الجيزاوى وتفكيره كانت أعمق من أنه يرى نفسه مجرد مؤد للأغاني بشكل كوميدي ومبهج فحسب ولكن كان يرى في مهنته دور أسمى من مجرد الغناء فكان رجل وطني من الطراز الأول فكان من أوائل الذين أدوا الأغاني الحماسية ضد العدوان الثلاثي عام 1956، وكذلك أدى الأغاني الحماسية وقت حرب الاستنزاف، فحصل على التكريم من قبل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وكرمه أيضا الرئيس محمد أنور السادات، وعلى النقيض من ذلك أنه قبل ثورة يونيو 1952، اتهمته الملكية بالشيوعية عندما رفض الغناء والمديح للملك.
«اتفضل قهوة».. عمر الجيزاوي مساعد كبير الرحيمية بدأ من شارع الهرم ومات بالاكتئاب
رفض مديح الملك
اهتم عمر الجيزاوى بنقد الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر عن طريق تقديم المونولوجات الساخرة، وحدث أن سخر في أحد مونولوجاته من الملك فاروق والملكة نازلي، فغضب القصر عليه، وتمت ملاحقته حتى اتهم من البوليىس السياسي بانتمائه إلى الشيوعية وتوقف عن الغناء، بعد أن سدت أمامه كل أبواب المسارح والصالات، وتوسط لدى الملك رئيس الديوان أحمد حسنين لكى يغنى ثانية لكن بشرط أن يقدم مونولوجا جديدا فيه مديح الملك فاروق، ورفض الجيزاوى ذلك، وانعزل عن المجتمع وأغلق بابه على نفسه حتى إنه أُصيب بالاكتئاب.
شارل شابلن العرب
بعد قيام ثورة يوليو 1952 عاد إلى الغناء لكن من خلال الأفلام السينمائية وبعض الحفلات فقدم شخصية الصعيدى الساذج، وأطلق على نفسه "شارلي شابلن العرب"، وقدم أثناء العدوان الثلاثي أغنية "يالي من البحيرة ويلي من آخر الصعيد"، ثم قدَّم مونولوج "من بعد طاقية وجلابية"، "إسماعيل يا ولد الزين" و"اتفضل قهوة اتفضل شاى ".
اتجه عمر الجيزاوى الى السينما ومن الأفلام التي قدمها:خضرة والسندباد الذى غنى فيه زرع أيدينا ياقطن مصر..يانور عنينا ياقطن مصر ، لسانك حصانك، المقدر والمكتوب، فالح ومحتاس، بنت الجيران وغيرها الا أنه كانت أشهر الشخصيات السينمائية التي قدمها على الإطلاق مساعد كبير الرحيمية قبلي، أمام الفنان محمد التابعي، من خلال ثنائي قدما خلاله عددا من الأفلام السينمائية مع كبار نجوم الكوميديا منهم الراحل إسماعيل يس
«عمر الجيزاوي» يعتبر تكريمه «قلة أدب»
سافر عمر الجيزاوى لكثير من دول العالم بفرقته المسرحية وعرض على مسارح إيطاليا وباريس، ونظرًا لما حققه من نجاح مدوي فى فرنسا فقررت عدد من الشركات الفرنسية طباعة صورته على علب الكبريت.
شاءت المصادفة أن يتواجد الفنان عمر الجيزاوى جنبًا إلى جنب بجوار الكاتب أنيس منصور يوم أن تسلم كل منهما شهادة الزمالة الفنية من أكاديمية الفنون في عام 1978 فكتب أنيس منصور يقول: دعيت إلى حفل تحت إشراف بلدياتي الدكتور رشاد رشدى وجلس بجوارى الفنان الشعبى عمر الجيزاوى في انتظار دخول الرئيس السادات، وقطع الجيزاوى الصمت وقال: تعرف أنى زفيت أنور السادات يوم تزوج من السيدة جيهان السادات كنت ممَّن شاركوا في الزفة من الفنانين، وقال إنه كان نفسه يحضر معه المزمار البلدى والطبلة ليزف الرئيس مرة أخرى، مش حينفع الرئيس يزفنى، قال له أنيس منصور كان من الممكن تجيب فرقتك تزفك، رد الجيزاوى: فاتتنى دى بعد كده فيه جوائز إيه، قال أنيس بعد كده كلها جوائز أدبية، قال له: يعنى في الأدب؟ أنا كده لن أحصل على شيء غير لما أبقى مؤدب، يعنى أنا أستحق جائزة قلة الأدب لأنى مليش في الأدب لا اتعلمت ولا دخلت مدرسة ومع ذلك أخذت شهادة الزمالة الفخرية.
قصة اغنية ياللى من البحيرة
فى عام 1956 غنى عمر الجيزاوى أغنية "يالى من البحيرة ويالى من الصعيد"، وحدث أن ضاعت سيناء بعد النكسة ثم عادت إلينا فطلب عمر الجيزاوى من الملحن جمال سلامة إجراء بعض التعديلات على اللحن، فقام الشاعر عبد الوهاب محمد بتعديل كلمات الأغنية ولحنها جمال سلامة، وفوجئ عمر الجيزاوى بالمطربة شادية تغنى الأغنية، فقدم الجيزاوى شكوى إلى جمعية المؤلفين والملحنين، وكان الرد عليه من الموسيقار محمد عبد الوهاب رئيس الجمعية بأن كلمات الأغنية ليس لها صاحب فهى فولكلور فقط.
عُرف عن عمر الجيزاوي حبه للنساء، فتعددت زيجاته، وكانت نتيجة أول زيجاته أن أنجب 4 بنات هن، "فرفش، أسرار، تحفة، جلاء"، و3 أبناء ذكور هم، "الجيزاوي، عمار، مصطفى"، ثم تزوج من الراقصة اللبنانية أنوار حسين وأنجب منها "معين"، كما أنه تزوج من إحدى الإيطاليات التى كانت تذهب لمشاهدته عليه كل يوم وفعلها فى فرنسا أيضًا، وفق ما صرحت به نجلته في حوار صحفي سابق.
يا حلوة ضمى الغلة
وكما كانت الكوميديا ملازمة له في أدائه الفني سواء كان الغنائي أو التمثيلي، فلم تخل مسيرته من الكوميديا والمواقف الطريفة أيضًا ففي عام 1957 تقدم عمر الجيزاوي بشكوى يطلب فيها التحقيق مع زكي طليمات بحجة أنه يعوق عمله في فرقة الفنون الشعبية، حيث حدد طليمات مساحة 3 أمتار فقط للجيزاوي كمساحة مسموح له فيها بالحركة أثناء غناء مونولوج "يا حلوة ضمي الغلة"، بل طلب الجيزاوي تشكيل لجنة تقصي للحقائق مكونة من السيد بدير وحمدي غيث، وكانت الواقعة الأخرى عام 1958 عندما رفع عمر الجيزاوي قضية ضد رئيس مصلحة الفنون؛ لأنه رفض أن "يهرش" بالعصا في مسرحية ليل وعين، ليتلقى بعدها دعوة لبحث شروط الصلح، تلك الواقعة التي لاقت تعاطف كبير من الوسط الصحفي وكان الكاتب الساخر أحمد رجب واحدًا ممن دافعوا عن الجيزاوي؛ واطلق عليها واقعة "الهرش"، حيث انتقد الكاتب الساخر احمد رجب ما يتعرض له عمر الجيزاوي، بل وتطور الأمر أن رفع شكوى إلى الوزير عبد القادر حاتم ضد الفرقة، وخصص رجب مقالًا لواقعة "الهرش" على صفحات مجلة المصور.
عاش بعد حجزه بالمشرحة
والقصة الطريفة المبكية أيضًا في حياة عمر الجيزاوي، عندما كان يجلس بجوار سائقه الخاص فى سيارته، وهم عائدون من سهرة ريفية وإذا بالسيارة تنحرف وتغطس فى الترعة وينجو السائق الذى قفز فيما تستقر السيارة وداخلها الجيزاوي لمدة 13 ساعة فى بطن الترعة، حتى جاءت الشرطة والإسعاف ونقلت الجيزاوى على أنه جثة إلى المشرحة، وعندما جاء الطبيب ليمارس عمله فى تشريح الجثة، فوجئ بعمر ينتفض جالسًا ليصاب الطبيب بصدمة أودت بحياته، وعاش عمر الجيزاوى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية.