أزمات الاقتصاد.. المعركة الكبرى أمام صانع القرار.. مواجهة شبح التضخم أولوية قصوى أمام الرئيس الجديد
الاقتصاد هو الطامة الكبرى وخاصة العام المقبل المتوقع فيه تحمل المواطن المصرى ضغوطا غير مسبوقة بسبب ارتفاع فاتورة الدين الخارجى والمطلوب سداده، بخلاف استمرار ظاهرة انفلات الأسعار وتزايد التضخم، لهذا مع انطلاق انتخابات الرئاسة 2024، ودخول البلاد عتبة جديدة لاختيار رئيس للبلاد حتى عام 2030، تقدم “فيتو” هذا الملف المتخم بالقضايا التى تشغل بال الملايين فى مختلف محافظات الجمهورية إلى ساكن الاتحادية الجديد، مدعما بآراء الخبراء والحلول المناسبة للعديد من التحديات الاقتصادية التى نمر بها.
ويكشف عدد من خبراء الاقتصاد عن مطالبهم من الرئيس القادم للبلاد، فى ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التى تعانى منها مصر، والتى تتصدر المشهد خلال الفترة الحالية، سواء التى تتعلق بأزمة التضخم وأسعار السلع، بالإضافة إلى أزمة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وارتفاعها فى السوق السوداء، ناهيك عن ملف الصناعة والتوجيهات الحكومية بزيادة معدلات الإنتاج وتقليل الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى ملف الديون والقروض التى شهدت ارتفاعا بوتيرة كبيرة على مدى السنوات الأخيرة.
زيادة معدلات الإنتاج والبطالة صداع فى رأس الدولة والمواطن
البطالة من الملفات الصعبة للغاية فى مصر، والتى تحتاج تعاملا مختلفا من الرئيس القادم، خاصة مع تزايد عدد السكان بشكل جنوني، يقابل ذلك ضعف فى معدلات الإنتاج وتراجع لا يناسب الارتفاع المستمر فى الزيادة السكانية، ما ينعكس على تراجع جودة الحياة على جميع المستويات.
يقول الدكتور صلاح الدين فهمى، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الأزمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد من الممكن ترجمتها إلى شقين أساسيين فى الوقت الحالى، الأول يتمثل فى البطالة وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب تدعم المنظومة الاقتصادية والتوجهات الحكومية لزيادة معدلات الإنتاج والصناعة، والحد من عمليات الاستيراد من الخارج.
وأضاف فهمى فى تصريحات خاصة لـ”فيتو”، أن الشق الثانى يتمثل فى التضخم، وهذا من خلال خفض الأسعار كما كانت فى البداية، أو رفع المرتبات بما يعادل الزيادات المستمرة فى معدلات التضخم بالبلاد، مما يجعل الرئيس القادم أمام مهمة ليست سهلة.
وأكد أن الدولة تحتاج إلى التركيز على اقتصاد حقيقى يقوم على الصناعة والزراعة والتجارة، وليس الاقتصاد الريعى الذى نعتمد عليه فى الوقت الحالى سواء عبر دخل قناة السويس أو الاستثمارات الأجنبية، والسياحة، وغيرها من الوسائل المختلفة التى يقوم عليها هذا النوع من الاقتصاد، مما يدعم الوصول إلى الحلول المناسبة للمشكلات الاقتصادية التى تعانى منها البلاد.
وعن حلول الأزمات الاقتصادية، أشار الدكتور صلاح الدين فهمى، إلى أن مصر تحتاج فى الفترة المقبلة إدارة اقتصادية جيدة للدولة، تستطيع التعرف على الأسباب الحقيقية للأزمات التى تمر بها وإيجاد الحلول المناسبة لها سواء على المستوى القريب أو البعيد، حتى لا نستمر فى دوامة المشكلات التى نعيشها منذ أكثر من 3 سنوات.
وعن ملف الديون، أوضح أن هناك زيادة مستمرة فى الديون المصرية من أجل استيراد السلع الضرورية من الخارج، مما يجعل هناك أهمية لضرورة وضع خطط قصيرة وطويلة الأجل، حتى يتم السيطرة على زيادة معدلات القروض والديون على الدولة، والتى تمثل أزمة كبيرة فى الاقتصاد المصرى، وقد تؤدى معها إلى اللجوء لبيع أصول الدولة لمحاولة سدادها فى المواعيد المحددة لها.
أما بالنسبة لملف الاستثمارات، هناك العديد من الدول العربية والأجنبية التى تعزف عن المخاطرة فى الاستثمار داخل مصر، كما أن هناك مستثمرين مصريين يلجأون الآن إلى الاستثمار فى الخارج، نتيجة عدم وجود أى محفزات لاستمرار معدلات الاستثمار الخاصة بهم، بالإضافة إلى وضع الكثير من العوائق التى تجعلهم فى حالة من الإحباط.
وتابع: يجب على الرئيس القادم، التركيز على وضع نظام استثمارى جيد، حيث تفتقد البلاد إلى التسهيلات فى وجود بيروقراطية صعبة تعيق المستثمرين، مطالبا بضرورة تخفيف معدلات الضرائب والرسوم والإجراءات الصعبة حتى يكون هناك مناخ استثمارى قائم على الجذب وليس الهروب.
جنون الأسعار.. حديث الصباح والمساء فى مصر
ارتفاع الأسعار بشكل مستمر يلقى بثقل كبير على صدر المواطن المصري، وبسببها لا يوجد أى رضا عن واقع الحياة، بعد أن أصبح التضخم والعجز عن مسايرة ارتفاع الأسعار، حديث الصباح والمساء فى مصر.
يقول الدكتور عمرو الألفى الخبير الاقتصادى، إن أول الملفات أمام الرئيس الجديد تتمثل فى أزمة سعر صرف الجنيه، وتوفير الدولار الأمريكى فى السوق المصرفى لسد الاحتياجات اللازمة بالبلاد، مشيرا إلى أن توفير العملة الأجنبية تتطلب عدة إجراءات اقتصادية.
وتابع: الملف الثانى المطلوب من الرئيس القادم، حل أزمة التضخم فى أسعار السلع، والتى تسببت فى العديد من المشكلات داخل السوق المصرى خلال الفترة الأخيرة، مطالبا بضرورة إيجاد منظومة بين المورد والمستهلك، لمنع التلاعب فى السلع ووصولها إلى مستحقيها بأسعارها الرسمية.
واستكمل: أما عن الملف الثالث، فإنه يتمثل فى تشجيع القطاع الخاص، لزيادة معدلات الإنتاج والصناعة، وتشجيع المنتج المحلى، من خلال اتخاذ قرارات تستهدف توفير كافة الاحتياجات الاستثمارية للقطاع الخاص، وتسهيل إجراءات الصناعة، والحصول على الرخص الصناعية للبدء فى الإنتاج، مما ينعكس على زيادة المنتج المحلى وتقليل الاستيراد من الخارج.
وعن ملف الزراعة، أكد الدكتور عمرو الألفى، أن الدولة أحرزت تقدما كبيرا فى ملف الزراعة على مدى السنوات الأخيرة، لمحاولة سد الاحتياجات المحلية من السلع الغذائية، مضيفا أنه بالرغم من ذلك فإن هناك أهمية للتوسع فى العديد من الأنواع المختلفة من الزراعات لعدم استيرادها من الخارج، والاستفادة منها فى دعم المنظومة الغذائية فى ظل الأزمات العالمية.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن الديون الخارجية لمصر تخطت حاجز الـ 160 مليار دولار، ما يجعل الحكومة أمام مهمة كبيرة لإعادة جدولة هذه الديون على فترات طويلة، وهو الحل الوحيد للمديونية حتى لا تتفاقم مشكلاتها بما يضعنا أمام عجز فيما يمكن سداده خلال الفترة المقبلة.
وطالب بضرورة أن يكون للحكومة دور فعال فى هذه الفترة لمواجهة الأزمات التى تمر بها البلاد، والوصول إلى حالة من الاستقرار بالأسواق، مشيرا إلى تقاعس الحكومة أمام مواجهة المتسببين فى الأزمات بالأسواق، سواء من ناحية السوق السوداء للدولار، أو احتكار السلع وغيرها.
تحسين وضع الجنيه المصرى وإيقاف التعويم “روشتة إنقاذ”
التعويم أصبحت كلمة سيئة السمعة فى البلاد، بسبب ما تكبده المواطن المصرى من أجلها فى أقل من 10 أعوام، لهذا أصبح من الضرورى إعادة الاعتبار للجنيه المصرى أمام العملات الأخرى ولاسيما الدولار والبحث فى آليات أخرى واعتماد طرق جديدة لحل الأزمة الاقتصادية.
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادى أبو بكر الديب، إن الرئيس الجديد، تنتظره ملفات اقتصادية، أهمها تحسين وضع الجنيه، وحمايته من التعويم، وسداد مستحقات مصر خلال السنوات المقبلة بانتظام، والتفاوض مع صندوق النقد الدولى لاستكمال برنامج الإصلاح، وتوطين الصناعة، وزيادة الصادرات، ودعم القطاعات الإنتاجية والسياحة، وجذب الاستثمار، ومواجهة التضخم، وارتفاع الأسعار، وتحقيق الأمن الغذائى.
وأضاف فى تصريح خاص لـ “فيتو” أن هناك حالة من التفاؤل بين المستثمرين بشأن برنامج الإصلاحات الاقتصادية، وسط توقعات أن يشهد النشاط الاقتصادى فى مصر انتعاشة خلال الـ 5 سنوات المقبلة، مدعوما بزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعافى قطاع السياحة وارتفاع إنتاج الغاز والبترول، وتعديلات قوانين الاستثمار والتراخيص الصناعية والإفلاس، والتأمين الصحى الشامل، وضريبة الدخل، وقانون ضريبة القيمة المضافة، وطرح شركات القطاع العام فى البورصة.
وأشار إلى أن الحكومة تستهدف زيادة إيراداتها الدولارية إلى 190 مليار دولار سنويا بحلول عام 2026، مقابل 70 مليار دولار حاليًا وذلك بنحو 70 مليار دولار فى السنة، من خلال زيادة إيرادات السياحة بنحو 20% سنويا، والصادرات السلعية 20%، وتحويلات المصريين من الخارج 10% والاستثمارات الأجنبية المباشرة 10% وإيرادات قناة السويس 10% وخدمات التعهيد 10%.
وأشار إلى أن البنك المركزى والبنوك العاملة فى مصر، ستتمتع بوفرة فى السيولة الدولارية، بعد القضاء على السوق الموازية للدولار، موضحا أن معدلات التضخم تنخفض محليا فى حالتين، الأولى توفر الدولار بشكل يقلل من الضغوط عليه محليا والثانية فى حالة حدوث ركود فى أسعار السلع عالميا، مضيفا أن المشروعات القومية التى تم أو جار تنفيذها فى مصر سنجنى ثمارها خلال العام المقبل والأعوام القادمة.
وطالب بحماية الفئات الأقل دخلا بعد فرض ضريبة القيمة المضافة والتى ستعفى سلعا غذائية أساسية من الضرائب ودعم الرعاية المجتمعية لأطفال المدارس عن طريق زيادة الوجبات المدرسية وزيادة الدعم على ألبان الأطفال وتوجيه دعم خاص لتدريب الشباب وزيادة تأمين وسائل المواصلات.
من ناحيته، يقول الدكتور طارق حماد العميد الأسبق لكلية التجارة جامعة عين شمس، أن مكافحة السوق السوداء بأوجهها كافة تحد ملح وكبير للدولة المصرية، حتى تستطيع تحقيق استقرار اقتصادى واجتماعى، وحماية الفئات الفقيرة والمعدمة من شبح زيادة معدلات التضخم.
وتابع: عندما يكون هناك فرق كبير بين السعر الرسمى للعملة والسوق السوداء فإن المستثمرين يخشون من خسارة الأموال سريعًا لذلك يحجمون عن شراء الأصول أو الاستثمار مع زيادة مخاوفهم من التقلبات الحادة فى سعر الصرف والتضخم.
وأوضح «حماد» أهمية تشجيع الاستثمار العربى والأجنبى والمحلى، مشيرا إلى أن مصر تواجه تحديا بشأن تزويد الرقعة الزراعية وزيادة إنتاجية السلع الغذائية وتشجيع الصادرات.
وأكد أن نجاح انضمام مصر إلى تجمع البريكس يعتمد على مرونة الاقتصاد المصرى ومدى إمكانية التصدير لدول التجمع، مع ضرورة توافر العملات المحلية لهذه الدول للتعامل بها، إضافة إلى تشجيع السياحة من هذه الدول، وتشجيع مستثمرى دول البريكس لاستثمار فى مصر، وهذا كله سيساهم فى تخفيف الطلب على الدولار.
أما الدكتور علاء رزق رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية، فيقول إن هناك العديد من الملفات الكبيرة والشائكة جدًا على مكتب الرئيس المقبل لمصر، منها ملفات ذات طبيعة مشتركة فى كل دول العالم.
وأوضح «رزق» أن الزراعة من أهم الملفات الشائكة لكل دول العالم بعد الأزمات العالمية المتتالية، من جائحة كورونا أو الأزمة الأوكرانية الروسية، ثم العدوان الإسرائيلى على غزة التى ألقت بظلالها على نقص إمدادات سلاسل التوريد وخاصة السلع الاستراتيجية، على مستوى العالم وخاصة الدول النامية.
وأضاف أن القيادة السياسية أيقنت ذلك واتجهت لجعل ملف الزراعة أحد رءوس مثلث عملية الإصلاح الاقتصادى، التى بدأت فى نوفمبر 2021، فالزراعة هى الضلع الأساسى للدولة التى تضمن به تحقيق الأمن الغذائى، موضحا أن الأزمة الروسية الأوكرانية كانت السبب فى تيقن مصر أنها لا بد أن تعتمد على نفسها بمضاعفة المساحة المزروعة من السلع الاستراتيجية، وأن يكون هناك ظهيرًا آخر لتوريدها.
وأوضح أن ملف الزراعة به العديد من المشكلات الشائكة، منها تفتيت الأراضى الزراعية، مشيرا إلى أهمية عودة التعاونيات إلى دورها، فضلًا عن نقص الأراضى الصالحة للزراعة والمياه وهما من التحديات الكبيرة جدًا التى تواجه الدولة.
وأكد «رزق»، أن الفجوة التمويلية الناتجة من أزمة الدولار التى تتجسد فى توجه مصر لسداد مديونية لا تقل عن 42 مليار دولار خلال عام 2024، ثقل كبير على موارد الدولة الدولارية، وهذا الملف يعد شائكًا على مائدة الرئيس المقبل.
وأشار إلى أن إعادة الجنيه المصرى إلى قيمته الحقيقة أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار إحدى الإشكاليات أيضا للوصول إلى الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى ونستطيع تخطى الأزمات العالمية ومواجهة ارتفاع معدلات التضخم.
وتابع: يلتصق بذلك تحد آخر وهو استكمال المشروعات القومية العملاقة التى اتجهت الدولة المصرية لإنشائها على التوازى، مثل تنمية محور قناة السويس، الدلتا الجديدة، توشكى، العلمين والمثلث الذهبى، وهى مشروعات كبيرة الاستمرار فى تنفيذها سيحقق المطلوب فى زيادة الصادرات وتوفير السلع الأساسية، وفى جذب الاستثمارات الأجنبية، والإرادة المصرية قوية جدًا لاستكمال هذه المشروعات وتحقيقها على أرض الواقع.
وأضاف «رزق» إن أحد تحديات مصر الكبيرة الذى يواجه الرئيس المقبل لمصر، هو تعمير واستكمال مشروع تنمية شبة جزيرة سيناء، موضحا أنه الرد المنطقى لتعرض هذه المنطقة لمهاترات أو افتراءات أو تحديات أمن قومى، الذى لن يكون إلا بمواجهة صريحة وضمنية من الشعب المصرى بالكامل مع الحكومة، بالتوجه لتنفيذ استراتيجية حقيقية ومتكاملة لتنمية هذه المنطقة، حتى نضمن ابتعاد أى أعين تحاول أن تنال منها، فضلًا عن الاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية الهائلة.
وأوضح أن الاستراتيجية موجودة قائلًا: «أتمنى أن يتبنى الرئيس المقبل استراتيجية الرئيس السادات بشأن تنمية سيناء، فهى استراتيجية مهولة تضمن تحقيق الأمن القومى المصرى من الجهة الشرقية، ونستطيع أن ننقح هذه الاستراتيجية وفقًا للمستجدات الراهنة خاصة مع مرور أكثر من 40 عامًا على صياغتها، لكن محاورها الرئيسية ما زالت صالحة للتنفيذ».
وأشار إلى أن هناك تحديات بسبب عدم وجود رؤية حقيقية لإدارة ملف الثروة السمكية، حيث لا يوجد أى استغلال لمقومات مصر أو لتعظيم هذا المورد ليصبح عوضًا عن نقص اللحوم لعدم وجود مراعى طبيعية، لذلك نحتاج إلى تنويع مصادر البروتين فى مصر، باعتماد الشعب على الأسماك وتنمية الثروة السمكية وتحقيق الاكتفاء الذاتى والتصدير.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.