بين الضرورة المؤلمة والواقع المعقد
إعادة تفعيل البرنامج النووي الليبي
بعد تصريح وزير التراث الاسرائيلي بخصوص مطالبته بضرب قطاع غزة الصامد بقنبلة نووية، وفوق ما يمثله كلامه العدوانى من اعتراف بحيازة أسلحة الدمار الشامل، وقد شاهدت شعوب الارض العنجهية والبربرية والقسوة والارهاب الذى تمارسه اسرائيل بدعم ومساندة امريكية..
كما أن جميعنا يعلم أن الدول الضعيفة والمسالمة والتى تملك الموقع الجغرافى الشاسع والثروات الطبيعية الوفيرة كبلادى ليبيا تصبح مطمع لمختلف الدول الاوربية الصناعية.. ونشاهد الان كيف تتكالب الدول القوية على احتلال وفرض سيطرتها على الدول الضعيفة..
ولأن بلدنا ليبيا دولة تتمتع بموقع جغرافى وتملك اطول ساحل يطل على البحر الابيض المتوسط وتواجه شمالا دول حلف الناتو ذات السياسات والطبيعة العدوانية والقوة العسكرية، وأحلام السيطرة وإعادة التاريخ الاستعمارى..
كما أن العالم يمر بركود اقتصادى وضائقة مالية نتيجة الحروب والصراعات وشح الموارد، والتنافس والكوارث والأزمات، والعالم يمر بحالة قلق نتيجة مشاكل الهجرة غير الشرعية من الجنوب الفقير الى الشمال المترف، ويعيش حالة تجارة وسرقة الثروات وتشتد الرغبة الملحة لدى الدول الصناعية في الحصول على الطاقة والمادة الخام سواء البترول أو الغاز أو المعادن وهى ثروات تملك منها بلادى ليبيا بفضل الله الكثير الذى يسيل له لعاب الدول الأخرى..
خصوصا بعد الحرب الروسية الاوكرانية التى تسببت فى شح كبير في امدادات الطاقة بسبب العقوبات المفروضة من دول الغرب الصناعى على روسيا، وهكذا وبدون تمحيص ودراسة نجد أننا أمام لحظة خطر قادمة إلى ليبيا، ونحن غير مستعدين لها، فليس لنا دولة قوية أو جيش مدرب يستطيع الحفاظ على الحدود البرية والبحرية والثروات وكيان الدولة وحدودها..
كل هذه المعطيات وغيرها تجعلنا نخشى على بلادنا ونخاف من المستقبل خصوصا بعدما سمعنا ما يردده بعض زعماء أوروبا من ضرورة الاستفادة من مساحة ليبيا لتوطين ملايين المهاجرين الافارقة، وحديث وزير مالية ألمانيا وحديث رئيس وزراء المجر، وحديث رئيسة وزراء إيطاليا وتركيا بالخصوص أمر مخيف..
تفعيل البرنامج النووى
ومع أننا لسنا في وارد البحث عن المشاكل أو الدخول في صراعات دولية أو السعى للإعتداء على الدول الأخرى، حيث أننا فى ليبيا شعب صغير ومسالم ولازال يبحث عن الاستقرار وبناء ذاته، ولديه مشاكل كثيرة، وله خطط طموحة في التنمية والتطور وبناء الطرق والمدن والمستشفيات والمدارس وملاعب الكرة والأسواق وهى خطط يريد بها الشعب الليبي أن يعيش حياته في سلام واستقرار ورفاهية..
ويبحث عن التعاون والعلاقات المثمرة مع جميع الدول الشقيقة والصديقة مستثمرا ما اعطاه الله من موقع وثروات وخيرات، لكن كما قلنا نحن نعيش فى عالم يموت فيه الضعيف وتنتهك فيه السيادة بسبب وبدون سبب، لذلك على الحكومة الليبية ومؤسسات المجتمع الليبي أن تكون على مستوى التحدى القائم، وأن تنظر للأخطار المحدقة بنا وليس أمامها وهى تتحمل مسؤلية الحفاظ على مصالح ليبيا وشعبها، أمام التاريخ ليس أمامها إلا أن تبنى قوتها المخيفة..
وأنا أعنى وأقصد هنا أن تعيد دراسة امكانية العودة إلى تفعيل البرنامج النووى والذى يتيح لبلادى إمتلاك سلاح الردع، الذى يجعل الدول الطامعة في بلادنا والمتربصة بها تفكر مليون مرة قبل أن تخطط للسيطرة على أرضنا أو بحرنا أو ثرواتنا..
ولابد أن أقول وأنا من قام بتأليف كتاب (البرنامج النووى الليبي: الخروج بالبطاقة الحمراء)، وهو الكتاب الذى صدر لى في القاهرة عام 2017م عن دار نشر ابن النديم، فقد تمكنت بعد البحث والدراسة ومقابلة علماء ليبيا الأفذاذ وبعضهم على قيد الحياة ويملك المعرفة والخبرة، وقد وصلوا كما نشرت في الكتاب إلى مراحل متقدمة علميا جدا، فلابد أن أقول أن إحياء البرنامج النووى سيشكل قوة حقيقية لليبيا..
وهو ما يؤمن بلادنا ويشهر خيار ردع أمام كل من يحاول الاقتراب منها أو من ثرواتها وترابها، وأنوه هنا إلى حقيقتين اثنتين بدون مبالغة أو تزييف للواقع، الأولى: أن المادة الخام تملكها ليبيا، والثانية أن المعرفة والخبرة متراكمة ومتوفرة..
والأهم من ذلك أن بعض علمائنا وقد قابلتهم خلال إعدادى للكتاب قالوا أن الأمر أصبح أسهل من أى وقت مضى لنضوج الفكرة وتوفر الامكانيات المالية للدولة الليبية، لذا أتمنى أن تقوم الحكومة الليبية ومؤسسات الدولة بجس نبض علمائنا الشجعان والبحث عمن بقى على قيد الحياة من الفريق العلمى والاستفادة منه قبل أن يخفيهم الزمن..
خصوصا وأن ليبيا أفقدها الموت عدد من العلماء ولم يبق منهم إلا عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد، لكن الفكرة والمعادلة والمعرفة موجودة، فلن نحتاج إلى مفاعلات وأموال ومعدات معقدة، فالعالم تغير والمعرفة إنسابت مع ثورة التقنية وعالم التواصل والانترنت، وقديما يقولون: سلاح الشدة يُبنى في زمن الرخاء، فهل نبنى في ليبيا سلاح الردع قبل أن يداهمنا الخوف ونفقد سيادتنا؟