عبده السروجى.. غريب الدار الذي بدأ حياته بائعًا للصحف.. تعاون مع بديعة مصابني.. وأم كلثوم أجبرته على الاعتزال
عبده السروجى، مطرب مصري اشتهر منذ ثلاثينات القرن الماضى، غنى الشعبى والوطنى والعاطفى، غنى في الأفلام السينمائية لكن دون وضع اسمه على الأفيش، وغنى أغنية “ على بلد المحبوب ودينى” التي غنتها أم كلثوم بعده، ومن أشهر أغانيه أغنية غريب الدار.
تقول كلمات أغنية غريب الدار التي كتبها الشاعر التونسى على الشيرازى ولحن محمد قاسم وغناها عبده السروجى التي تنتمي إلى نظام الطقطوقة في الموسيقى:
غريب الدار عليّ جار زماني آٍسي وظلمني.. مِشيت سواح مسا وصباح أدور ع اللي راح مني.
انا اللى الدهر عادانى وباعنى واشترى فيا..وخد احبابى وادانى بدالهم فكر واسيه،
ومين شاف اللى انا شفته.. ومين اسى اللى اسيته، وفيت بالعهد وحفظته وغيرى خان وحبيته، سافرت بلاد وطفت بلاد ومين عالشوق يصبرنى، ما خانش الود يا حبايب هيظلم حبكم حالى، وكان عشمى وانا غايب تصونوا عهدنا الغالى.. مليت بالدمع كاساتى رويت منها زهور حبى..وغنى الطير بأهاتى وردد لحنها قلبى.
«شورت وفانلة وكاب».. البطولة الأولى «وش السعد» على أحمد السقا
ابن الأحياء الشعبية
في مثل هذا اليوم 13 ديسمبر 1978 رحل المطرب حافظ أحمد حسن الشهير بـ عبده السروجى الذى ولد عام 1911 في قلب الأحياء الشعبية بقلعة الكبش، السيدة زينب، ومارس الغناء فى الأفراح والحفلات الخاصة، وعمل في بدايته متعهد توزيع للصحف وكان من أمهر وانشط متعهدى تلك المهنة، من خلال تلك المهنة عشق القراءة والثقافة وتذوق الأغنيات والألحان ومنذ شهرته فى الثلاثينيات وغنت أم كلثوم أغنيته الشهيرة على بلد المحبوب.
ونظرا لشهرته الواسعة والسريعة استغلت السيدة أم كلثوم نجاحه واستعانت بصوته في الغناء معها في فيلم وداد بأغنية "على بلد المحبوب ودينى، ونجح الفيلم وانتشرت الأغنية، فغارت سيدة الغناء أم كلثوم من نجاحه وطلبت تسجيل اغنية على بلد المحبوب بصوتها وطبعها على أسطوانات وتوزيعها وتقديمها في الإذاعة المصرية والعربية، وبالفعل انتشرت الأغنية من خلال أم كلثوم ونسبت اليها، مما أحزن المطرب عبده السروجى وشعر بالظلم وامتنع عن تقديم اى لحن بعد ذلك للموسيقار رياض السنباطى.
على بلد المحبوب
ويؤكد الملحن رياض السنباطى هذه المعلومة عن عبده السروجى ويقول: أول لحن قدمته في حياتي، كان «على بلد المحبوب»، ولحنته علي أن تغنيه أم كلثوم، لكن ما حدث أن أم كلثوم لم تغني هذا اللحن لأسباب لا أعلمها. على أن مدير استديو مصر أحمد سالم الله يرحمه أعطى اللحن لمطرب آخر، وهو عبده السروجي، وتجاوب الجمهور مع السروجى في صالة السينما خلال عرض الفيلم وأصبحت الأغنية تردد بين الجميع لكونه لحنا سلسا وبسيطا للدرجة التي استسهلها الجمهور، وعندما لمست أم كلثوم نجاح لحن أغنية "على بلد المحبوب"، وتجاوب الجمهور معه وحماسهم له، سجلت اللحن على أسطوانة بصوتها.
ملكة المسارح مع بديعة مصابنى
اتجه عبده السروجى بعد ذلك الى الغناء في الأفلام فغنى في فيلم " ملكة المسارح " مع الراقصة بديعة مصابنى عام 1936 وتبعها الغناء في عدد قليل من الأفلام لم تتعد تسعة أفلام منها: يا مؤمنين بالله، بين نارين، أحلام الحب، من الجانى، حب من السماء، أهلا أهلا رمضان، وادى النجوم، حياة الظلام، وكان آخر الأفلام التي غنى فيها فيلم " نجف " مع أنور وجدى والراقصة تحية كاريوكا عام 1947.
النوبة دى سماح
ومن أشهر الاغاني التي غناها عبده السروجى الى جانب أغنيته الأولى على بلد المحبوب، والثانية " غريب الدار التي حققت انتشارا منقطع النظير، غنى:بكت في إيدى الشموع، غنيت على عودى، انهاردة العيد عيد علينا سعيد، كما طان من أوائل من غنى للمسحراتى في الإذاعة في شهر رمضان، يانيل هدية واكثر شوية..ياشهد صافى والاسم فيه، الفجر لاح والطير غنى ن خصام الاحبة، عواطفك، النوبة دى سماح، ولو كنت غالى.
وبسبب نجاحه وانتشاره في فترة قليلة دارت صراعات بينه وبين مطربى عصره ومنهم إبراهيم حمودة ومحمد فوزى وعبد الغنى السيد ومحمد عبد المطلب وأحمد عبد القادر وعباس البليدى وغيرهم.
استعان بـ عبده السروجى المخرج صلاح السقا للغناء في أوبريت الليلة الكبيرة مع العمالقة صلاح جاهين وسيد مكاوى وأدى فيه شخصية بائع الملبن حيث غنى: فتح عينك تاكل ملبن، فينك فينك تاكل ملبن " ولم يعرف أحد وقتها انه هو الذى يؤدى هذا الكوبليه بصوته، ومن خلال هذا الأوبريت وهذا التعاون وقع النسب مع المخرج صلاح السقا حيث تزوج ابنته التي أصبحت ام الفنان أحمد السقا الذى يعتز كثيرا بجده عبده السروجى ويقول عنه في ذكرى رحيله: "الله يرحمك يا جدي، عبده السروجي أول من غنى (بلد المحبوب) و(غريب الدار)، وإذا بحثتم عن تاريخه تجدوا المزيد.. هو من غنى لفلسطين أغنية تعد من الروائع اسمها (الله يصونك يا فلسطين)، عبده السروجي جدي ولي الفخر".
اعتزال الفن
ونظرا لشعور عبده السروجى بالظلم الدائم من خلال حذف اسمه من أفيشات أفلامه إلى نسب أغنياته إلى آخرين وغنائها مثلما فعلت أم كلثوم عاش بقية حياته في مسكنه بحي عابدين بالقاهرة مبتعدا عن الإذاعة لفترة كبيرة وحتى وفاته .
وفى حوار مع عبده السروجى مع مجلة الراديو المصرى عام 1949 قال: تفتحت عيناى على الحياة فى نشأة متواضعة، فقد نشأت يتيما فقيرا لا أملك لنفسى خيرا ولا شرا، ودخلت فى طفولتى مكتبا تعلمت فيه القرآن والقراءة والكتابة، ثم التحقت بمدرسة أولية مكثت فيها حوالى عامين، بيد أننى لم أواصل طلب العلم نزولا على إلحاح طلب العيش، وكان أهلى متعهدى الصحف، فبدأت كفاحى فى طلب العيش مبكرا، واشتغلت بتوزيع الصحف.
واضاف: وأول ما طرق أذناى من الأنغام، هى ألحان المرحوم الشيخ سيد درويش، الذى كان عالى الصوت فى ذلك العهد.. كنت أسمع ألحانه تتردد فى الطريق، ومنها "يا منعنشة يا بتاعة اللوز" و"يا سالمة يا سلامة" وما إليها فكنت أرددها وأتغنى بها بين أصحابى وجيرانى، كما كان هناك مسرح شعبى متنقل فى حى "أبو الريش" فكنت أقصده أحيانا وأسمع فيه ألوانا من الألحان فأحفظها وأغنيها وكبرت مع الزمن، فتعلقت بالرياضة، وكانت هوايتى المفضلة كرة القدم، فاشتركت فى عدة نواد رياضية، وكنت أغنى لزملائى اللاعبين بين المباريات، وبعد الانتهاء منها كنا نسير جماعات فى الطرقات، فأغنى وتحتشد حوالينا الناس، وكان الغناء وقتئذ عزيزا والناس يتلهفون على السماع، قبل ظهور الراديو.
وتابع: أصبحت أرتاد المسارح أسمع السيدة منيرة المهدية فى رواياتها المشهورة بمسرح الأزبكية وبرتانا والكورسال، فأحببت أغانيها وغنيتها كما أن الأستاذ "عبداللطيف البنا" كان فى أوج مجده فى ذلك العصر فحفظت عنه أكثر أغانيه ومنها "تعالى يا شاطر نروح القناطر" "حذر فظر" إلخ، ثم بدأ نجم أم كلثوم يشرق، فما لبثت أن وعيت جميع ألحانها وسمعنى رجل طيب من محبى الفن، فأخذنى إلى الأستاذ يعقوب بك عبدالوهاب، وكان يومئذ وكيلا لمعهد الموسيقى، وغنيت أمامه فأعجب بصوتى وألحقنى بالمعهد فى سنة 1929، فدرست هناك التواشيح والأدوار القديمة، وقضيت به نحو أربع سنوات تتلمذت خلالها على أساطين النغم، ومنهم الشيخ درويش الحريرى والأساتذة السيد كامل وإبراهيم عثمان وعلى محمود وفؤاد الاسكندرانى وغيرهم، وكان مصطفى رضا بك والمرحوم الأستاذ مصطفى العقاد يأخذانى معهما فى الجلسات الفنية الخاصة، وكانت لمصطفى العقاد فرقة تحيى الأعياد الملكية والمناسبات القومية فى الأقاليم، فكان يأخذنى مع فرقته للغناء.
وقال: كل هذا وأنا فى المعهد، وكنت فى الوقت ذاته أواصل عملى فى توزيع الصحف من أجل العيش، وكثرت مطالب العيش، كما ذاع اسمی ولقيت إقبال الليالى على، فاستجبت لنداء الحاجة، وتركت المعهد قبل أن أنجز دراستى فيه، آسفا على تركه كل الأسف، ولكن ما حيلتى ومسئوليات الحياة تثقل كاهلى؟
توزيع الصحف مع الغناء
وعن اتجاهه الى احتراف الغناء قال السروجئ: اجتذبنى الاحتراف، ومضيت فى طريقين الغناء وتعهد توزيع الصحف، ومازلت حتى الآن أقسم وقتى بينهما، فنهاری موهوب للصحف، وليلى موهوب للفن، ولعل فكرتى هذه القسمة أن الفن كثيرًا ما يغدر بأهله، أريد أن أتكئ فى حياتى على شىء ثابت، ذلك هو عمل النهار، الذى أعتز به خشية أن تدور الدوائر على الفن يوما، فلا تضيق علىّ سبل العيش.
لم احقق احلامى
واختتم عبده السروحى:أما السينما، فقد كان لى فيها رصيد مختصر بدأت بأغنية "على بلد المحبوب ودينى" التى غنتها فى فيلم "وداد"، ثم غنت أفلام "ملكة المسارح" و"حياة الظلام" و"مسرح الحياة" و"حب من السماء" و"النجوم" و"نجف"، وكانت أدوارى كلها هذه محدودة، وأعتقد أن عملى الآخر- أعنى الصحف- قد شغلنى عن المشتغلين بالسينما والمنتجين والمخرجين، ولهذا قل معهم نصيبى ولم أحقق أحلامى على الستارة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.