هدى شعراوي، حكاية رائدة تحرير المرأة التي تحولت إلى أسوأ حماة في مصر
هدى شعراوي، مناضلة سياسية شهيرة، دافعت عن المرأة وأنشأت الاتحاد النسائي المصري، هي الهانم بنت باشا، ابنة عائلة أرستقراطية وإقطاعية ووالدها "محمد سلطان باشا" وزوجها علي شعراوي باشا، رفيق سعد زغلول في المنفى، شخصية ثورية قادت المظاهرات النسائية أثناء ثورة 1919 ونادت بتحرير المرأة ولقبت برائدة الحركة النسائية المصرية والعربية، ورحلت في مثل هذا اليوم 12 ديسمبر عام 1947.
أقامت مجلة روز اليوسف عام 1999 استفتاء لاختيار سيدة القرن العشرين من بين 97 سيدة من بينهم هدى شعراوي وأم كلثوم وصفية زغلول وعائشة عبد الرحمن ولطيفة الزيات ونبوية موسى وفاطمة اليوسف وأمينة السعيد وسهير القلماوي وفاتن حمامة وسميحة أيوب ونادية لطفي وهدى سلطان وفاطمة رشدي وسناء جميل وشادية وغيرهن، شارك فيه مائة من الشخصيات العامة والوزراء السابقين والمفكرين لاختيار سيدة القرن العشرين ووصلت قمة المنافسة بين هدى شعراوي وأم كلثوم وفازت هدى شعراوي بلقب سيدة القرن وحصلت على 91 صوتًا.
هدى هانم شعراوى
ولدت هدى محمد سلطان الشهيرة بـ "هدى شعراوي"، منتسبة إلى زوجها محمد شعراوي عام 1879، والدها من الأعيان حصل على لقب الباشوية وكان رئيس مجلس النواب فى عهد الخديوي توفيق، وأحد أهم قادة الإصلاح في القرن التاسع عشر.
بدأت هدى شعراوى نشاطها العام في العشرين من عمرها عندما شاركت في الجهود الأهلية لمقاومة الوباء الأصفر الذي اجتاح البلاد، وفي سنة 1907 دعت إلى جمع تبرعات لإنشاء "جمعية رعاية الطفل" وتحمس الناس لها لكن الحكومة حينها أوقفت المشروع بشكل كامل، وفي سنة 1908 بدأت الدعوة لمحاضرات ثقافية للسيدات في قاعة من قاعات الجامعة الأهلية ووافق الأمير أحمد فؤاد في عام 1909 على تخصيص قاعة لمحاضرات السيدات يوم الجمعة فقط من كل أسبوع، وعندما قامت ثورة 1919 اجتمعت بسيدات من مصر، وتم انتخاب اللجنة التنفيذية للنساء الوفديات برئاسة هدى شعراوي، التي نظمت مظاهرة ضد الاحتلال، واستمر نشاطها بعد الثورة بالدعوة لاستقلال مصر من المحتلين.
الاهتمام بالقضية الفلسطينية
بجانب الثورة اهتمت هدة شعراوي بالصحافة اهتمامًا خاصًّا وأسست مجلة معنونة بــ "المصرية" باللغة الفرنسية عام 1925، ورأست تحريرها سيزا نبراوي، ثم أصدرتها باللغة العربية، واهتمت هذه المجلة بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وقد تعدت شهرة هدى شعراوي حدود مصر إلى مختلف دول العالم العربي.
وفي عام 1923 أسست هدى شعراوي الاتحاد النسائي المصري في ذكرى أول مظاهرة نسائية في ثورة 1919، وقد تولت رئاسة الاتحاد حتى وفاتها مشاركة في القضايا المصرية والعربية دفاعًا عن القضايا الوطنية والقومية ودفاعًا عن حقوق المرأة حتى إنها قامت بتنظيم أول مؤتمر نسائي للدفاع عن فلسطين.
تكوين الاتحاد النسائي
في كتابها (مذكرات هدى شعراوي) كتبت الرائدة النسائية هدى شعراوي تتحدث عن ظروف رئاستها للاتحاد النسائي المصري تقول: تلقينا دعوة من الاتحاد النسائي الدولي، دعوة موجهة إلى نساء مصر لحضور المؤتمر النسائي الدولي الذي سيعقد في روما عام 1923 فقمنا بتشكيل جمعية الاتحاد النسائي المصري من بين أعضاء لجنة الوفد النسائية بغرض رفع مستوى المرأة المادي والاجتماعي لتأهيلها للاشتراك مع الرجال في العمل الاجتماعي والسفر إلى المؤتمر، وسافرنا نحن الثلاثة أنا وسيزا نبراوي ونبوية موسى بموافقة الأعضاء إلى روما وكانت أول مرة يرتفع فيها صوت المرأة المصرية في الخارج.
وصفها بأمنا إيزيس
واهتمت شعراوي بحقوق المرأة ونادت بتحريرها من القهر الذي عاشته آنذاك، فحاربت تعدد الزوجات، ودعت إلى رفع سن زواج الفتاة إلى 16 عامًا، وأسهمت في وضع قانون يمنع تعدد الزوجات إلا للضرورة، وهي أول من دعت لإنشاء دور حضانة في أماكن العمل للتخفيف على المرأة العاملة، كما كانت من أوائل من خلعت الياشمك عن وجهها ـ حجاب الوجه ـ أثناء استقبال سعد زغلول وزوجها محمد شعراوي ورفاقهم عائدين من المنفى وسط جموع المصريين.
تعددت أدوارها في الحياة المصرية، وتنوع عطاؤها حتى أطلق عليها المثال محمود مختار لقب "أمنا إيزيس" تشبيهًا برمز العطاء في الحضارة المصرية القديمة.
مظاهرة نسائية في استقبال سعد زغلول
وكما ذكر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي عن المظاهرة النسائية التي خرجت للثورة يقول: خرجت طالبات مدرسة السنية رافعين شعار مدرستهم تتقدمهن السيدة نبوية موسى خريجة المدرسة والمعلمة فيها هي وزميلات الدراسة والكفاح منهن هدى شعراوي وكريمة ابنة محمود سامي البارودي وحرم قاسم أمين وجولييت صليب وغيرهنَّ.. خرجن في حشمة ووقار وعددهنَّ يزيد على الثلاثمائة من كرام العائلات، وقد أعددن احتجاجًا مكتوبًا لتقديمه إلى معتمدي الدول الأجنبية في مصر طالبين فيه إبلاغ احتجاجهن على الأعمال الوحشية التي يقوم بها الإنجليز في مصر قاصدين بيت الأمة، ومنعتهم قوات الأمن من العبور إلى بيت سعد زغلول.
رفعت النقاب شوقًا إلى الزعيم
تقول هدى شعراوي في مذكراتها: رفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي سيزا نبراوي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه.. تلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرًا لأول مرة بين الجموع، فلم نجد له تأثيرًا قطُّ، لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته.
أخذ على هدى شعراوى تناقضها في الدفاع عن قضايا المرأة حين رفضت زواج ابنها محمد شعراوي بالمغنية فاطمة سري واعتبرته إهانة لها ولعائلتها الأرستقراطية، وأنكرت حفيدتها منها، وضغطت عليها بأنها ستلفق لها ملفًّا سريًّا فى شرطة الآداب يتهمها بالدعارة، لكن فاطمة سرى وقفت بقوة ودافعت عن ابنتها حتى صدر حكم قضائي بثبوت نسب الطفلة لعائلة هدى شعراوي.
ثم لجأت هدى شعرواي إلى حيلة الترغيب فأرسلت لفاطمة مع محاميها٬ يعرض عليها 25 ألف جنيه، ( وكان مبلغًا كبيرًا آنذاك)، ووعدها برجل يتزوجها٬ ويكتب طفلها المرتقب على اسمه٬ مقابل الطلاق من ابنها وإلغاء هذه الفترة من ذاكرتها نهائيًّا، "وردت فاطمة بما لا يجوز نشره على المحامي الذي فر مذعورًا من الذعر الذي تلبسها، وقبل أن تستسلم وتنهار".
غادرت فاطمة سري إلى أوروبا للحاق بزوجها محمد شعرواي، لكنها قبل أن تسافر التقت مصطفى النحاس باشا، (رئيس وزراء مصر في العهد الملكي وكان وقتها محاميًا حرًّا)، وبعد الحديث المتبادل نصحها بالاحتفاظ بإقرار شعراوي المكتوب بخط يده، ونسخ آخر يشبه الأصلي تمامًا.
التقت فاطمة زوجها في فرنسا، ووعدها أن ينهي الخلافات ويحقق لها ما تريد، وأن يحتفل معها بالطفل القادم، ولكنه طلب منها الورقة التي كتبها من قبل يقر فيها بالحقيقة، فأعطته الورقة المنسوخة مستسلمة لطلبه، وهي تعلم أن حقها لن يضيع. أنقذت نصيحة النحاس قضية فاطمة سري، فبعد الولادة يوم 7 سبتمبر 1925، وفور علمه أن الطفل بنت واسمها "ليلى"، ترك منزلها وظل يهمل اتصالاتها، وأفصح في النهاية عن رغبته الدفينة في التنكر للعلاقة والابنة، ويخبرها في النهاية "أنا لست زوجك.. وطفلتك ليست ابنتي".
هكذا رفض محمد شعراوي أن ينسب الطفلة له، وشجعته والدته على إنكار النسب، وكتبت فاطمة رسالة موجعة إلى هدى شعرواي، جاء فيها: "سيدتي سلامًا وبعد، إن اعتقادي بك وبعدلك ودفاعك عن حق المرأة، يدفعني إلى التقدم إليك طالبة الإنصاف، وبذلك تقدمين للعالم برهانًا على صدق دفاعك عن حق المرأة، ويمكنك حقيقة أن تسيري على رأي النساء مطالبة بحقوقهن، ولو كان الأمر مقصورًا عليَّ لما أحرجت مركزك، ولعل أنك أم تخافين على ولدك العزيز أن تلعب به أيدي المساء وتخافين على مستقبله من عشرتهن، وعلى سمعته من أن يقال إنه تزوج امرأة كانت فيما مضى من الزمان تغني على المسارح، ولك حق إن عجزت عن تقديم ذلك البرهان الصارم على نفسك، لأنه يصيب من عظمتك وجاهك وسرف عائلتك، كما تظنون يا معشر الأغنياء".
وفي الرسالة قالت فاطمة: "طالبت بحق هذه الطفلة المعترف بها ابنك كتابيًّا، قبل أن يتحول عنها وينكرها وينكرني.. وما مطالبتي بحقها وحقي كزوجة طامعة في مالكم، كلا.. لكن خوفًا على شرفكم وسمعتكم وسمعتي، ولو أنني كما تظنون لا أبالي، فربما كانت مبالاتي في المحافظة على سمعتي وشرفي أكثر من غيري في حالتي الحاضرة، فهل توافقين يا سيدتي على رأي ولدك في إنهاء المسألة أمام المحاكم؟ أنتظر منك التروي في الأمر، والرد عليَّ في ظرف أسبوع، لأننى قد مللت كثرة المتداخلين في الأمر".
رفضت هدى شعراوي الاستجابة لما جاء في رسالة فاطمة، وواصلت تهديدها، فلجأت فاطمة إلى المحكمة. وأصبحت المسألة قضية رأي عام تتداولها الصحف، ويتناقل الناس تطوراتها على المقاهي والحانات.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.