إسرائيل من الداخل «طوفان الأقصى» تكشف المستور.. فقدان الثقة فى حكومة نتنياهو.. معتز سلامة: «طوفان الأقصى» أربكت حسابات الصهاينة
أثارت عملية «طوفان الأقصى» تسونامى حقيقيا داخل المجتمع الإسرائيلى، وفى هذا الإطار يقول الدكتور معتز سلامة الخبير فى مركز الأهرام للبحوث والدراسات السياسية، أن عملية طوفان الأقصى أثبتت فشل التيار اليمينى المتطرف فى إدارة دولة الاحتلال، فهذه الحكومة وهذا الائتلاف الحاكم المتشدد لم يقدرا على استيعاب متطلبات السلام أو حتى على استيعاب خصومهم بما فيهم حركة حماس.
وأضاف: بروز التطرف داخل إسرائيل يعنى شحنه فى الجانب الفلسطينى وبنفس ندية التطرف، وإن كان الأخير فى الجانب الفلسطينى لديه قضية عادلة تهدف لاستعادة أراض محتلة، ولكن الطرف الإسرائيلى يتطرف من أجل الاستيلاء على حقوق الآخرين والنهب والسرقة.
وتابع الخبير فى مركز الأهرام: عملية طوفان الأقصى أكدت أن التيار المتطرف الحالى فى إسرائيل غير قادر على صناعة السلام لأنه لا يؤمن بأقل الحقوق المتعلقة بالفلسطينيين، بل يستغل أوقات الاسترخاء الفلسطينى فى سرقة المزيد من الأراضى الفلسطينية ونهب حقوق المواطنين، كما أنه خلال فترة الغضب الفلسطينى والحرب يصبح غير قادر أيضًا على وضع تصور سلمى لسيناريو ما بعد الحرب.
واستطرد: الائتلاف الحاكم فى إسرائيل يندفع للتطرف دائمًا، ولا أظن أن الحكومة المتطرفة الحالية ستستمر، موضحا أن الثقة المفرطة تجعلهم لا يتخيلون مجرد وجود قوة للطرف الآخر، لافتا إلى أن طوفان الأقصى أربك حساباتهم، وأوضح أن هذا التيار لا يمكن أن يعول عليه داخل المجتمع الإسرائيلى.
وأكد أن فتح تحقيقات بشأن المتسبب فى هذا الخطأ العسكرى الذى أضاع هيبة الاحتلال، سيؤدى إلى إجراءات تقلص قوة هذا التيار داخل المجتمع الإسرائيلى، لكن فى الوقت نفسه الحكومة القادمة ستتنصل من مسئولية الهزيمة الساحقة التى تعرضت لها دولة الاحتلال فى السابع من أكتوبر أمام المجتمع الإسرائيلى، ولن تشعر بالضعف مما يدفعها لعدم تقديم تنازلات للفلسطينيين، كما لن تكون مدينة للولايات المتحدة الأمريكية أو إدارة بايدن بشيء.
وتابع: “نحن ننتقل من تشدد أصولى دينى عقائدى إلى آخر تحت ستار العقلانية، متوقعا أن يدير الاحتلال بعد انتهاء الحرب قادة من جيش الاحتلال”، لحسابات المنطق السياسى وصراع الجغرافيا والحدود وصراع النفوذ فى المنطقة “.
وأوضح أن سيناريو السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن تحقيقه إلا حال وجود ضغط كبير من الإدارة الأمريكية على الاحتلال، مؤكدا أن طرح السلام الآن حجته أقوى، فالحكومة الحالية من جهة مدينة للولايات المتحدة بمساعدتها على مواجهة العاصفة، كما أنها ما زالت ترغب فى استكمال مشوار التطبيع مع العديد من الدول فى المنطقة.
واختتم: نتنياهو انتهى داخل المجتمع الإسرائيلى، بعد أن فشل فى حماية إسرائيل عسكريا وهدم مكانة وكرامة الاحتلال وكشف زيف أكاذيبهم أمام العالم أجمع، كما يملك أرشيف سيئ قبل عملية طوفان الأقصى، بعد أن أشعل الغضب ضده على المستوى الشعبى والسياسى بسبب تطرفه وتغوله على جميع سلطات الدولة، والجميع يحمله اللوم حاليا ولن يكون قادر على تشكيل أى حكومات فى المستقبل”.
من جانبه قال الدكتور كرم سعيد، الخبير فى مركز الأهرام للبحوث والدراسات الاستراتيجية، إن عملية طوفان الأقصى، وفى المقابل العملية العسكرية التى شنتها إسرائيل “السيوف الحديدية”، والفشل الذريع لدولة الاحتلال فى تحقيق أهدافها ومخططاتها داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى الطريقة التى تمت بها عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس والكيان الصهيونى، كل هذا ترك أثر وتداعيات كبيرة على الداخل الإسرائيلى.
وأضاف الخبير فى مركز الأهرام: “هناك حالة من فقدان الثقة بين المجتمع الإسرائيلى وجيش الاحتلال، موضحا أن جدار الثقة بين الطرفين تصدع بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى والخسائر الفادحة التى تكبدتها دولة الاحتلال وانهيار أكاذيب الجيش الذى لا يقهر”.
وتابع: المرحلة القادمة ستشهد مزيد من الانقسامات الشديدة داخل إسرائيل، ومن المتوقع صعود تيارات جديدة إلى الواجهة بدلا من الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية، أبرزها تيار اليسار.
وشدد على أن اتجاه جيش الاحتلال إلى إنهاء الهدنة والإصرار على عسكرة ملف الأسرة والابتعاد عن طاولة المفاوضات والحلول الدبلوماسية رغم عدم تحقيق أى من أهداف الاحتلال داخل غزة خلال نحو شهرين من بدء عملية طوفان الأقصى، سيؤدى إلى تآكل شعبية التيار الدينى اليمينى المتطرف داخل دولة الاحتلال.
وأضاف الخبير فى مركز الأهرام: المرحلة المقبلة ستشهد تغير فى الصورة الذهنية للفلسطينيين داخل الوعى الجمعى الإسرائيلى، موضحا أن عملية تسليم الأسرى أفشلت الآلة الإعلامية التى تبنتها إسرائيل خلال العقود الماضية لتشكيل عقول مواطنيها وتصوير الفلسطينيين على أنهم همج وإرهابيين.
واستكمل: “قد نشهد إعادة صياغة للعقل الجمعى الإسرائيلى خلال الفترة المقبلة، ومن المرجح ظهور أصوات عاقلة فى الداخل الإسرائيلى تكون أكثر انحيازا وميلا تجاه حل الدولتين، وخاصة حال غياب بنيامين نتنياهو والكثير من أعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة من المشهد السياسى، بعد فشلهم فى حرب غزة، وأيضًا لقضايا الفساد التى كانت تلاحقهم قبل عملية طوفان الأقصي”.
واختتم: هناك حاليا مزايدات سياسية ومحاولات من الجميع للظهور من موقع البطل، إذ يعلم الكل أن الحرب ستنتهى، وهناك تغير واضح مقبل فى التركيبة السياسية داخل دولة الاحتلال، وحال فشل العمليات العسكرية فى قطاع غزة وهذا هو المرجح، قد نشهد اتباع سياسة أكثر ليونه تجاه الجانب الفلسطينى وخاصة فى مسألة فتح المعابر وعدم التضييق على الفلسطينيين ومخصصات السلطة الفلسطينية.