جوتيريش يلوح بتفعيلها، هل المادة 99 تتصدى لجرائم الاحتلال في غزة؟ خبير يجيب
قال الدكتور ماهر أبو خوات،عميد كلية الحقوق بكفر الشيخ وأستاذ القانون الدولي: إن تلويح الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو جوتيريش بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة ضد دولة الاحتلال، هي محاولة لإرضاء ضميره أمام الجرائم الإسرائيلية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، وسط صمت غريب وعجيب من المجتمع الدولي، وبالتالي الأمين العام للأمم المتحدة يريد القول إن هناك قانونا دوليا.
حق الفيتو عقبة تفعيل المادة 99
وأكد في تصريح لـ "فيتو" أن تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة يلزمه موافقة الأمم المتحدة، وهذا لن يحدث نتيجة حق الفيتو الذي تستخدمه الولايات المتحدة وبريطانيا لصالح إسرائيل، بدليل أن حق الفيتو استخدم لصالح إسرائيل 43 مرة منذ نشأتها، وبالتالي أمريكا ستعيق الأمر رغم أن ما يحدث يشكل بالفعل تهديدا للسلم في المنطقة، فضلا عن أنه يشكل تهديدا أيضا لمصداقية الأمم المتحدة.
الأمين العام كشف الأكاذيب الإسرائيلية
وواصل حديثه قائلا: من الممكن أن يكون هناك دور للاتحاد من أجل السلم من خلال تدخل الجمعية العامة وأخذ قرار واجب التنفيذ للحفاظ على الأمن الدولي، وهذا يلزمه أمن جماعي دولي، مثلما حدث في الكونغو عام 64 وضد العراق في غزو الكويت.
وتابع أبو خوات: إن الهجوم الإسرائيلي على الأمين العام للأمم المتحدة بسبب التلويح بالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لأنه يكشف أن الحرب على غزة أبطلت الأكاذيب الإسرائيلية والمظلومية التي تلجا إليها، فضلا عن كشف فشل دور الأمم المتحدة على مدى 70 عاما من الخروج عن سيطرة القوى الكبرى التي تلجأ إلى حق الفيتو، والذي أصبح أداة بيد الدول الكبرى لحماية المخططات الإسرائيلية.
أقوى أداة يمتلكها
أثار أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، قلق إسرائيل بتلويحه لأول مرة بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، منذ أن أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة عام 2017.
وجاء تلويح جوتيريش بهذه المادة بعد أن دفعته مشاهد القتل والدمار اليومية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلى تفعيل "أقوى أداة يمتلكها" في ميثاق المنظمة لينبه مجلس الأمن أن ما يجري هناك "يهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".
يقول النص الصريح للمادة 99 إن "للأمين العام أن ينبّه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".
وأكد جوتيريش في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، أنه لمواجهة الخطر الجسيم لانهيار النظام الإنساني في غزة، "أحث مجلس الأمن على المساعدة في تجنب وقوع كارثة إنسانية وأناشد إعلان وقف إنساني لإطلاق النار".
وقال، ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن الأمين العام "يُفعّل السلطة التي يمنحها له الميثاق"، فيما يمكن أن يُوصف بـ "الخطوة الدستورية الكبرى"، لأن المادة 99 هي "أقوى أداة" يمتلكها الأمين العام في إطار ميثاق الأمم المتحدة.
وقال دوجاريك إن الأمم المتحدة "تقترب من نقطة الشلل التام" لعملياتها الإنسانية في غزة في مكان قُتل فيه أكثر من 15 ألف شخص، و130 من العاملين بالأمم المتحدة.
وأضاف أن الأمين العام لا يستخدم كلمة "كارثة" باستخفاف، وأعرب عن الأمل في أن يستمع مجلس الأمن لدعوة الأمين العام.
هجوم إسرائيلي على جوتيريش
تلويج الأمين العام للأمم المتحدة بالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة عرضه لهجوم جديد من وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي اعتبر ولايته أنطونيو جوتيريش تمثل “تهديدًا للسلام العالمي”.
وقال كوهين في منشور على منصة إكس إن "ولاية جوتيريش تمثل تهديدا للسلام العالمي. إن مطالبته بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة) والدعوة لوقف لإطلاق النار في غزة يشكّلان دعمًا لحركة حماس ".
ما هي المادة 99؟
من بين المواد الخمس في ميثاق الأمم المتحدة التي تحدد مهام الأمين العام، تعد المادة 99 الأكثر أهمية، لأنها تختص بالسلام والأمن الدوليين. فهي تمنح الأمين العام سلطة "لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".
وبهذه الطريقة، تسمح المادة 99 للأمين العام ببدء مناقشة في مجلس الأمن حول قضية معينة للضغط على الأعضاء لاتخاذ إجراءات وخطوات حاسمة في الأمر لحفظ الأمن والسلم الدوليين.
وكان، داغ همرشولد، الذي شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، (10 أبريل 1953 إلى 18 سبتمبر 1961)، قال إن المادة 99 "أهم من أي مادة أخرى، لأنها حولت الأمين العام من مسؤول إداري بحت إلى مسؤول يتمتع بمسؤولية سياسية واضحة".
وحين فكر واضعو ميثاق الأمم المتحدة بإدراج المادة 99، فإنهم كانوا معنيين بإسناد مسؤولية للأمين العام للأمم المتحدة "تتطلب ممارسة أسمى الصفات، الحكم السياسي واللباقة والنزاهة".
الهدف الأساسي من المادة 99
والهدف الأساسي من المادة 99 هو التعامل مع الحالات التي تواجه فيها ديناميكيات مجلس الأمن صعوبات في التوصل إلى اتفاق بشأن مناقشة الصراعات الناشئة، وذلك لأن لفت انتباه المجلس إلى الحالات التي تشكل خطرا على الأمن والسلم الدوليين من شأنه أن يدفع أعضاء المجلس إلى التركيز على دورهم في منع نشوب الصراعات، وتفعيل مجموعة أدوات منصوص عليها في الفصل السابع. وهذا قد يدفع المجلس إلى اتخاذ خطوات فعالة.
والتفكير في إدارج المادة 99 جاء نتيجة لإدراك مجلس الأمن الدولي منذ فترة طويلة بالحاجة إلى الإنذار المبكر بالأزمات الدولية الوشيكة، لتكون مهام مجلس الأمن الدولي منصبّة على الوقاية أكثر من التعامل المتأخر مع المشاكل التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
ورغم أن الوقاية غالبا ما يتم تبنّيها كهدف للمجلس، إلا أنه كان من الصعب تنفيذها. فغياب الإنذار المبكر، وتحليل المخاطر، والقدرة على جمع المعلومات الاستخبارية، كان من بين الأسباب التي أدت إلى فشل الأمم المتحدة في الرد على الإبادة الجماعية في رواندا وسربرينيتسا، في عامي 1994 و1995 على التوالي.
على سبيل المثال، خلص تقرير أعد حول فشل الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة الإنسانية في رواندا إلى أنه "من الضروري الاستمرار في تحسين قدرة المنظمة على تحليل المعلومات المتعلقة بالصراعات المحتملة والاستجابة لها، وقدرتها التشغيلية على اتخاذ إجراءات وقائية".
ماذا يعني اللجوء للمادة 99؟
نادرا ما يتم اللجوء إلى المادة 99، وكانت المرة الأولى التي أدى فيها استخدم المادة 99 إلى اتخاذ مجلس الأمن الدولي إجراء، هي رسالة همرشولد المؤرخة في 13 يوليو عام 1960، والتي يطلب فيها عقد اجتماع عاجل للمجلس بشأن الكونغو.
وبينما لم يشير الأمين العام على وجه التحديد إلى المادة 99، فقد استخدم لغتها عندما قال: "يجب أن ألفت انتباه مجلس الأمن إلى مسألة، في رأيي، قد تهدد صون السلم والأمن الدوليين".
وأدى الاجتماع الذي عقد عقب رسالة همرشولد إلى تفويض المجلس في اليوم التالي لعملية عسكرية تابعة للأمم المتحدة لمساعدة حكومة الكونغو.
ولكن هل ينجح الإنذار الذي يطلقه الأمين العام بموجب المادة 99؟
تشير مراجعة أجراها، والتر دورن، أستاذ دراسات الدفاع في الكلية العسكرية الملكية في كندا (RMC) وكلية القوات الكندية، لتاريخ الأمم المتحدة في التعامل مع الصراعات إلى أنه من بين أكثر من 100 صراع تدخل فيها الأمين العام، لم يتضمن سوى عددا قليلا جدا منها اللجوء رسميا لاستخدام المادة 99.
وبالإضافة إلى ثلاث دعوات صريحة اعترفت بها الأمم المتحدة (الكونغو 1960، وإيران 1979، ولبنان 1989)، هناك أكثر من 12 استدعاء ضمنيا في مجلس الأمن.
ومع ذلك، كانت معظم هذه التحذيرات متأخرة أو بيانات تأييد للتحذيرات التي قدمتها الدول الأعضاء بالفعل.
وكانت بعض التحذيرات التي أطلقها أمناء عامون للأمم المتحدة تتم في اجتماعات غير رسمية لمجلس الأمن، بمعنى أنها لا تستند مباشرة إلى المادة 99، كما تفسرها الأمم المتحدة، حيث أن الأمين العام لم يضع في تلك الحالات بندا جديدا على جدول أعمال مجلس الأمن أو دعا إلى عقد اجتماع خاص.
والأهم من ذلك أنه في الغالبية العظمى من الصراعات التي شهدها العالم، لم يتم تقديم أي تحذير على الإطلاق يستند إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.