امرؤ القيس.. حكايات الملك الضليل.. ترك الحكم والسلطة من أجل اللهو والنساء.. تزوج أول ناقدة أدبية في الجاهلية وطلقها لهذا السبب
امرؤ القيس –الذي تحل ذكرى وفاته اليوم كما ترجح المصادر التاريخية- شاعر جاهلي عظيم، وصاحب إحدى المعلقات الشعرية، لا يزال شعره خالدًا حتى الآن، تدور حوله الدراسات والأبحاث، ويُدرَّس في الجامعات، وتنتج من أجله المسلسلات وتقام المهرجانات.
اسمه: "جندح بن حُجر بن الحارث الكندي"، وُلد –على الأرجح- العام 497 ميلاديًا، عُرف بـ"المَلكُ الضِّلّيل"، لأنه انشغل عن أمور الحكم والسلطة بالشعر والنساء، واشتهر بـ"ذي القروح" –سنعرف سر هذا اللقب لاحقًا- كما كان يُنادى بـ"أبي وهب" و"أبي زيد" و"أبي الحارث".
"امرؤ القيس فى باريس" على مسرح ثقافة أسيوط
ولد امرؤ القيس في ديار "بني أَسَد" بـ"نجد"، ونشأ في قبيلة "كندة"، وهي أسرة ملوك كأسرتي "الغساسنة" و"المناذرة"، وكانت ديارها في جنوبي بلاد العرب غربيّ حضرموت، وكان يدين بالوثنية!
توارث آباء امريء القيس السيادة على قبيلة "بني أسد" بـ"نجد"، وصار الأمر إلى أبيه "حُجر"، فكان يأخذ من "بني أسد" الإتاوة، وكان طاغية جبارًا، فثاروا عليه، وامتنعوا عن أداء الإتاوة، فسار إليهم فأخذ سادتهم وضربهم بالعِصيِّ، فسُمّوا "عبيد العصا"، واستباح أموالهم وطردهم من ديارهم، فحقدوا ونقموا عليه قتلوه..كما ورد في "ديوان العرب".
أبوه يطرده لهذا السبب
لم ينشغل امرؤ القيس بحب السلطة وأمور الحكم، بل شغف بالشعر يصور به عواطفه وأحلامه، وقد طرده أبوه وخلعه لمجونه ولتشبيبه بنساء القبيلة وتصديه لهنّ، فهام مع جماعة من الصعاليك وكانوا إذا وجدوا ماء أقاموا عليه يصطادون وينحرون ويحتسون الخمرة ويلهون. اُشتهر امرؤ القيس بكثرة علاقاته العاطفية وتعرضه للنساء، ويُقال أنّه كان يعترض طريق أية امرأة يراها وكان من أشهر النساء اللواتي تحدّث عنهن في شعره فاطمة بنت العبيد التي قال عنها:
أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل/ وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي/ وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ/ فسلي ثيابي من ثيابك تنسل.
امرأة واحدة تكفي!
ورغم انفتاح امريء القيس وتحرره وتعدد علاقاته إلا إنه تزوج مرة واحدة من "أم جندب" التي تُعدّ أوّل ناقدة أدبية في العصر الجاهلي..ولكنه طلقها لسبب غريب!
ورد في كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني: كانت تحت امرئ القيس امرأة من طيئ تزوجها حين جاور فيهم، فنزل به عَلْقمة الفَحْل بن عَبَدة التميمي، وكان شاعرًا مفوهًا، فقال كل واحد منهما لصاحبه: "أنا أشعر منك"، فتحاكما إليها؛ باعتبارها ناقدة أدبية لا يشق لها غبار، تتذوق الشعر وتفهم النظم والقوافي، فأنشد امرؤ القيس قوله:
خليليَّ مُرّا بي على أُمّ جُنْدُبِ، حتى مر بقوله: فللسَّوط أُلهوبٌ وللسَّاق دِرَّةٌ، وللزَّجر منه وَقْعُ أخْرجَ مُهذِب.
فأنشدها علقمة قوله: ذَهَبْتَ من الهِجران في غير مَذْهَب/ ولم يك حقًا كل هذا التجنب/ حتى انتهى الى قوله: فأدركهنّ ثانيًا من عِنانه/ يمُرُّ كغيث رائحٍ مُتَحَلَّب.
وعندما آل الأمر إلى أم جندب للنطق بالحكم، حكمت بأن "علقمة" أشعر من زوجها، فقال لها مندهشَا: وكيف؟ فأجابته: "لأنك زجرت فرسك، وحركته بساقك، وضربته بسوطك، أمَّا هو فجاء هذا الصيد، ثم أدركه ثانيًا من عنانه"، فغضب امرؤ القيس، وقال لزوجته: "ليس كما قلتِ، ولكنك هَوِيتِه، فطلقها، فتزوجها "علقمة" بعد ذلك، وبهذا لُقب "علقمة الفحل"؛ لأنه خلَف امرأ القيس في زوجته..والقصة بتفاصيلها وردت في كتاب "الشعر والشعراء".
مُعلقة امريء القيس وطبيعة أشعاره
الميراث الأهم لامريء القيس هو المُعلقة المنسوبة إليه، والتي نظمها في القرن السادس الميلادي، وهي واحدة من أشهر المعلقات. توصف مُعلقة امريء القيس بأنها من أفضل ما قيل من الشعر العربي. نُظم امرؤ القيس قصيدته على البحر الطويل، وقُدِّر عدد أبياتها بين 77-92 بيتًا. والهدف الأساسي للقصيدة هو الغزل والوصف، وتتضمن الوقوف على الأطلال ووصف الخيل والليل ورحلة الصيد حيث قال استهلها بـ: قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ/ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُول فَحَوْمَلِ.
تعددت قصائد امريء القيس، وكان شعر الغزل عنده فاحشًا يحكي تفاصيل قصصه الغرامية، وكان بذلك من أول شعراء العرب الذين اتبعوا هذا الأسلوب، مخالفًا بذلك التقاليد المتعارف عليها، فذاع صيته باللهو والمجون. ومن بين القصائد المنسوبة إليه: قصيدة "لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر"، قصيدة "خليلي مُرّا بي على أم جندب"، قصيدة "ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي"، قصيدة "غشيت ديار الحي بالبكرات"، قصيدة "أرانا موضعين لأمرِ غيبٍ"، وقصيدة "قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان".
قال "جرير" عن امريء القيس: "كان مقتدرًا شديد التّمكن من شعره، وامتدح "الآمدي" في شعره دقة معانيه، وتشبيهه البليغ، ووصفه البديع. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من أحسن الشّعراء وأسبقهم"..ولعل الأخير قصد شعره البعيد عن الغزل الفاحش.
وفاة ذي القروح
لا يوجد كلامٌ مؤكد عن وفاة امرؤ القيس فهناك الكثير من الجدل إلا أنّ الأكثر ترجيحًا أنّه قد توفي بسبب مرض الجدري وهو ما يفسره حصوله على لقب ذي القروح، ويقال أنّه توفي –على الأرجح- في مثل هذا اليوم من العام 545 ميلاديًا؛ متأثرًا بمرض الجدري؛ وهو ما كان سببًا في تسميته بـ"ذي القروح".
هل ورد في امريء القيس أحاديث نبوية؟
تروى بعض الكتب التراثية أحاديث منسوبة للرسول الكريم عن امريء القيس، من بينها ما يؤكد أنه “رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة، شريف في الدنيا خامل في الآخرة، يجيء يوم القيامة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار”، ولكن أكثر أهل العلم أجمعوا على ضعف إسنادها وعدم صحتها.
حضور طاغٍ رغم الغياب البعيد
ورغم كل هذه السنين التي باعدت بينا وبين رحيله..إلا إن حياة وأعمال امريء القيس –على قصرها- لا تزال ملهمة على الصعيد الفني والثقافي، حيث أنتجت الدراما الأردنية في العام 2003 مسلسلًا تليفزيونيًا من 30 حلقة استعرض السيرة الذاتية للشاعر الجاهلي، كما تغنى المطربون بقصائده، ومنهم مادلين العنسي التي أنشدت قصيدته "لمن طلل"، وفي أكتوبر الماضي..نظمت وزارة الثقافة السعودية مهرجان "امرؤ القيس شاعر الغزل"، ضمن مبادرة "عام الشعر العربي 2023"، حيث ألقى المهرجان الضوء على سيرة وحياة الشاعر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.