رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا لا تخيفنا !


الحشد الشعبى الهائل والضخم يوم ٢٦ يوليو لم يمنح فقط الجيش تفويضا لمواجهة الإرهاب بحزم وقوة وبأس، إنما منحه أيضا تفويضا واضحا وصريحا للخروج من أسر تبعية، يريد الأمريكان فرضها علينا.


الذين هتفوا في الميادين ضد إرهاب الإخوان هتفوا أيضا ضد الأمريكان وضغوطهم علينا، ومحاولات للتدخل في شئوننا وسلبنا إرادتنا.

لقد عرف المصريون بمنطقهم أنهم لن يتخلصوا من إرهاب الإخوان إلا إذا قاومنا بقوة ضغوط الأمريكان وحافظنا على استقلال إرادتنا وحقنا وحدنا في اتخاذ القرارات التي تخص حياتنا ومستقبلنا.

إن انحياز الجيش في ٣٠ يونيو للشعب تم على غير هوى الأمريكان وضد رغبتهم، ورغم الضغوط العديدة والمتنوعة التي مارسوها على قيادته.. فكان للشعب ما أراده، وتخلصنا من حكم استبدادى وظالم وفاسد خطط لتحويلنا إلى سبايا وعبيد، والاستيلاء على ثروات بلدنا باعتبارها غنائم.. لذلك يتعين أن نستمر أقوياء، جيشا وحكما في مواجهة الضغوط الأمريكية التي تتصاعد يوما بعد الآخر على جيشنا وبلدنا.

نحن الآن في حرب أخطر من حرب ١٩٧٣ لأنها حرب ضد إرهاب خسيس غادر مخادع يخطئ بدعم إقليمى وعالمى ولديه السلاح والتمويل الكافى، ولا سبيل أمامنا سوى تحقيق النصر في هذه الحرب، لأن الهزيمة معناها تدمير جيشنا آخر الجيوش العربية القوية الباقية، وسلب استقلالنا وضياع هويتنا المصرية، ووقوعنا في أسر تخلف شرير.. لذلك لا يجب أن نخشى من ضغوط الأمريكان الذين اصطفوا مع الإخوان في خندق واحد.

أعرف أن أمريكا دولة عظمى، وأن ضغوطها علينا ليست هينة أو بسيطة، وأن الإدارة الأمريكية الحالية تحاربنا لأننا أفسدنا لها خططها التي دبرتها لنا ولمنطقتنا، وهى الخطط التي عولت عليها كثيرا للاحتفاظ بسيطرتها على دول وشعوب هذه المنطقة، ومنها مصر.

أعرف أن بعض هذه الضغوط مؤثر وموجع لنا، خاصة ما يتعلق بتسليح جيشنا الذي اعتمد منذ أواخر التسعينيات في تسليحه على الولايات المتحدة الأمريكية بعد إبرام اتفاقيات كامب ديفيد وبعد أن وضعنا ٩٩٪ من أوراقنا في السلة الأمريكية.

لكن أعرف أيضا -مثل كل بنى وطنى- أننا لن نموت إذا نفذ الأمريكان تهديداتهم وقرروا المضى حتى نهاية الشوط في طريق معاداتنا.. فهذه ليست هي أول مرة نتعرض فيها لضغوط أمريكية.. لقد ذقنا هذه الضغوط حتى في ظل سنوات اعتمادنا على المساعدات الأمريكية عسكرية واقتصادية.. فمنذ أن شرعنا في بناء السد العالى والأمريكان يلاحقوننا بضغوطهم التي لا تتوقف، حدث ذلك منذ الستينيات لمنعنا من بناء هذا السد، وحدث ذلك في السنوات الأخيرة لتمكين الإخوان من حكم البلاد ولحماية حكمهم في مواجهة ثورة شعبية عارمة.

وأعرف كذلك أن أمريكا لم تعد تخيف الآن، كما كانت من قبل بعد اختفاء الاتحاد السوفيتى، حينما صارت هي القوة العظمى الأوحد في العالم.. فهى صارت أشبه بالأسد العجوز الضعيف الذي فقد مخالبه وأسنانه، خاصة بعد توريطه في حروب أنهكته مثل حربى أفغانستان والعراق.. وإذا كانت أمريكا في هبوط الآن فإن ثمة قوى عالمية أخرى في صعود، مثل روسيا والصين.. وهذه القوى لا تناصبنا العداء الآن ولا تمارس ضغوطًا علينا مثل الأمريكان.. بل على العكس تمد هذه القوى اليد لنا بالتعاون والصداقة.. وهذا وضع يساعدنا على مواجهة الضغوط الأمريكية التي نتعرض لها الآن، وينال جيشنا النصيب الأكبر منها.

إذا مددنا أيدينا إلى تلك الأيدى العالمية الممدودة لنا سوف نقوى عزيمتنا وقدراتنا على مواجهة الضغوط الأمريكية.. وأيضا سوف يعيد الأمريكان حساباتهم حتى لا يفقدوا كل شيء في منطقتنا، حتى لا ينالوا كراهية الشعب المصرى مثلما نالها بجدارة حلفاؤهم الإخوان.

هكذا.. نحن قادرون على مواجهة الضغوط الأمريكية.. وهذا هو قرار الشعب يوم ٢٦ يوليو.
الجريدة الرسمية