بيزنس «حضانات الأطفال».. أرقام صادمة ورقابة غائبة، أولياء الأمور: الأسعار «نار» وإغراءات «الانترناشيونال» لا تراعى الظروف الاقتصادية
تلجأ الكثير من الأسر المصرية نتيجة لظروف مختلفة إلى إلحاق أطفالها فى سن مبكرة بدور الحضانة، وتتنوع ما بين دور أهلية، وأخرى ملحقة بالمدارس الخاصة أو الحكومية، كما تلجأ بعض المؤسسات أحيانا إلى إنشاء دور الحضانة بها، من أجل تحقيق الاستقرار النفسى للعاملين بها من سيدات، وتتباين شروط الحضانات فى سن قبول الأطفال بها، فمنذ انتهاء إجازة الوضع تبدأ معاناة السيدات العاملات اللاتى تضطر معظمهن للعودة إلى العمل، لذلك يبدأ عدد كبير منهن فى البحث عن حضانة بمواصفات خاصة، مما يتطلب تخصيص ميزانية مناسبة، ومنهن من يبدأ فى البحث مبكرا عن حضانة للبدء مع الطفل فى مراحل التعليم، وتحسين مستواه قبل الدخول إلى المدارس الخاصة أو الدولية، التى تتطلب شروطا ومواصفات خاصة فى الطفل من خلال إجراء انترفيو قبل التحاقه بها.
ولكن مع بدء بحث الأسرة عن حضانة تبدأ المعاناة والأعباء المادية، إذ أصبحت أسعار الحضانات أزمة تؤرق كل بيت، بعد أن تحولت إلى بيزنس فى العديد من المناطق، وأصبح هناك تفاوت فى أسعار الحضانات بكل منطقة على مستوى الجمهورية، فيختلف سعر الحضانة وإمكانياتها من منطقة إلى أخرى، وهناك تفاوت فى الأسعار بين المناطق الشعبية والراقية، والأسعار قد تصل من 2000 لـ 7 آلاف جنيه شهريا بالمناطق الراقية مثل التجمع الخامس وأكتوبر ومصر الجديدة ومدينة نصر، فى حين تتراوح فى الأحياء المتوسطة ما بين 300 إلى 2500 جنيه شهريا للطفل الواحد، بينما يصل سعر الحضانات الشعبية من 100 لـ 150 جنيها شهريا، وتعتبر الحضانات الأرخص والأنسب لميزانية معظم الأسر رغم تراجع نسب الأمن والسلامة فيها مقارنة بالأخرى.
عن مصاريف الحضانات وأسعارها قالت ولية أمر: روحت عشان أقدم لابنى فى حضانة لقيت سعرها وصل إلى 7٠٠٠ آلاف فى الشهر، بحجة أنها انترناشيونال ويقومون بتطبيق أنظمة تعليمية مميزة تقوم بتأهيل الأطفال لانترفيوهات المدارس الدولية، وعندما بحثت عن إحدى الحضانات الشهرية بمنطقة الشيخ زايد، اتضح لى أن مصاريفها وصلت لـ 12 ألف جنيه شهريا بدون الباص، وأن الطفل بيتعمل معاه انترفيو، أى إننا لابد أن ندفع 144 ألف جنيه فى السنة لطفل عمره سنتين بحجة أنها حضانة انترناشيونال”.
فيما قال ولى أمر آخر: “الحضانة فى مدينة أكتوبر أقل حاجة ألفين ونص جنيه فى الشهر، وبعد الخصم وصلت ألفين جنيه والباص وحده بـ450 جنيها شهريا، وإمكانيات الحضانة مميزة ومستواها كويس، ودى تعتبر أقل سعر حضانة فى أكتوبر وتصل بالوجبات إلى 3 آلاف جنيه، والحضانة عبارة عن عمارة كاملة، وهناك اختبارات بسيطة عن الألوان والأرقام لتحديد مستوى الطفل، والحضانة لها يونيفورم خاص بها، وتابع قائلا: هناك عدد من الخدمات التى تقدمها تلك الحضانة مثل المالتى ميديا التى يمكن من خلالها الاطمئنان على الطفل عبر فيديو كول.
ومن جانبها قالت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء الأمور: إن ارتفاع أسعار الحضانات فى ظل الظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم أجمع أمر غير مبرر وغير مقبول، واصفة ذلك بـ«الاستغلال»، وأضافت عبير فى تصريحات خاصة لـ«فيتو»، إن رفع أسعار الحضانات شهريا بشكل مبالغ فيه، يعتبر استغلالا لولى الأمر والأسرة بشكل عام، موضحة أن فكرة الحضانات بشكل عام فكرة جيدة، تعلم الطفل وتؤسسه، ولا جدال على أهميتها، ولكن لابد وأن يراعى أصحاب الحضانات الظروف الاقتصادية لأولياء الأمور، وأن يكون هناك رقابة عليها من جانب وزارة التضامن الاجتماعى للتأكد من جودة هذه الحضانات فيما يتعلق بالنظافة والتعليم والتربية، بالإضافة لعدم استغلال أولياء الأمور.
من ناحيته، كشف الدكتور تامر شوقي، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، عن عدد من الاسباب لإلحاق الأسر أطفالها بتلك الحضانات، ومنها عدم تفرغ الأم والأب لرعاية الطفل فى الفترة الصباحية نظرًا لظروف عملهما، إضافة إلى رغبة الأم فى تعويد الطفل على الانفصال عنها فى مرحلة سنية مبكرة، وميل الأسرة الى إكساب أطفالها مهارات ومعلومات مهمة فى مرحلة عمرية مبكرة، وعدم انتظار قبول طفلها فى رياض الأطفال فى سن أكبر نسبيًا، وميل بعض الأسر إلى تقليد الآخرين سواء من الأهل أو الجيران فى إلحاق أطفالهم بالحضانة كنوع من المنظرة الاجتماعية، وأوضح أن هناك أسبابا أخرى تتلخص فى ميل بعض الأمهات إلى إراحة أنفسهن من أعباء رعاية الطفل من خلال إرساله إلى الحضانة، ولا شك أن الحضانة تلعب أدوارا نفسية وتربوية مهمة منها تدريب الطفل على الانفصال نفسيا ووجدانيا عن الأم وتقليل التعلق الشديد بها، وإكساب الطفل بعض المهارات والمعلومات الأساسية اللازمة لرياض الأطفال فيما بعد، وللحياة بصفة عامة، وإكسابه بعض المهارات الاجتماعية الضرورية للتعامل الفعال مع الآخرين، وأشار الخبير التربوى إلى بعض السلبيات المتعلقة بالحضانات منها احتمال تعرض الطفل للعدوى والإصابة بالأمراض المختلفة فى ضوء انخفاض مناعته، كما قد يكتسب الطفل بعض السلوكيات غير المرغوبة مثل العدوان والعنف، نتيجة رؤيته بعض أقرانه يميلون إلى ممارسة تلك السلوكيات، بخلاف اكتساب الطفل بعص الألفاظ غير الملائمة نتيجة سماعها من الآخرين.
ولفت إلى أن المغالاة الشديدة فى أسعار بعض الحضانات لا يتناسب مطلقا مع ما تقدمه من خدمات، وخاصة فى ضوء عدم خضوع الكثير منها لرقابة وزارة المالية والتضامن الاجتماعى، خاصة أن هناك تأثيرات تنعكس على الطفل من سوء اختيار الحضانة بمنطقة عشوائية أو مزدحمة بالسكان، أو فى مكان غير جيد التهوية، أو تكون العاملات بها غير مؤهلات علميا للتعامل مع الأطفال، وتستطيع الأسرة بوجه عام الاستغناء عن الحضانات إذا كان لديها القدرة على رعاية أطفالها طوال الوقت، كما تستطيع الأسرة القيام بوظائف الحضانة وأكثر منها، ولابد أن يكون اختيار الأسرة لدار الحضانة هو الاختيار الأخير بعد نفاد كل الحلول الأخرى لعدم إلحاق الطفل بها، وتكون الحضانة هى الحل الوحيد المتاح.
واستكمل: لا بد أن تلعب الجهات الإشرافية والرقابية دورًا فى مراقبة الحضانات وتقنين أوضاعها مما يوفر بعض الأمور المهمة مثل توفير شروط الاختيار المناسب لدار الحضانة من حيث المكان والمساحة وعوامل الأمن والسلامة، وانتقاء العاملين بها من المتخصصين فى التعامل مع الأطفال فى مراحل عمرية مبكرة من خريجى كليات رياض الأطفال وتجديد مصروفاتها بشكل مناسب وغير مغال فيه.
وحسب وزارة التضامن الاجتماعي، تصل العقوبة القانونية لإنشاء حضانة بدون ترخيص وفقا للمادة 44 من قانون الطفل إلى الحبس وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من أنشأ أو أدار دارًا للحضانة أو غير فى موقعها أو مواصفاتها قبل الحصول على ترخيص من السلطة المختصة، وتصل عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة إذا لم يتوافر فى الدار أحد الشروط المقررة بالبنود 1، 2، 3 من المادة (34) من هذا القانون، كما يجوز للنيابة العامة بناء على طلب مديرية الشئون الاجتماعية أن تأمر بإغلاق الدار المنشأة بغير ترخيص مؤقتًا لحين الفصل فى الدعوى، ولصاحب الدار أن يتظلم من هذا الأمر إلى القاضى الجزئى المختص خلال أسبوع من إخطاره به.
“منقول عن العدد الورقي”