التاريخ الأسود لثعلب أمريكا المراوغ هنري كيسنجر.. قدم سلاما هشًّا للدول العربية لحساب إسرائيل.. اعتبره قادة الاحتلال رجلهم في البيت الأبيض.. وصاحب مبادرة تفتيت الشرق الأوسط
هنري كيسنجر، وصف بالثعلب والمراوغ الماكر، المنحاز بقوة إلى إسرائيل، راوغ القادة العرب، بحسب كتاب لمارتن إنديك "مهمة كيسنجر بعد حرب 1973"، صاحب التاريخ الأسود في منطقة الشرق الأوسط، وصاحب مبادرة تفتيته.
أخطر وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة
في 1973، عندما قطعت المملكة العربية السعودية البترول عن دول الغرب، أثناء حرب أكتوبر، زار هنري كسينجر الملك فيصل وقال له في الزيارة ضاحكًا: "أتمني أن تقوموا بتزويد طائرتي بالوقود كي أتمكن من العودة"، فرد عليه الملك فيصل قائلًا: "وأنا أتمني أن تقلني طائرتك لأصلي في القدس"، عندها قال كيسينجر: "ماذا ستفعلون في اقتصادكم إذا ما توقفتم عن بيع البترول لنا"، فرد الملك فيصل: "لقد كنا نعيش في الخيام إلى وقت قريب ولا مانع لدينا من العودة إلى العيش فيها"، حينها عاد كيسنجر إلى أمريكا ووضع خطة تفتيت الشرق الأوسط.
ويعد هنري كيسنجر أول وزير خارجية أمريكي مهاجر، وُلد خارجها، وأول يهودي يتولى هذا المنصب، ساهم بدور كبير في إنقاذ إسرائيل من هزيمة ساحقة في حرب أكتوبر 1973، بمدها بجسر تسليح جوي ضخم، رغم تحفظات البنتاجون، واستغل كيسنجر انشغال الرئيس الأمريكي نيكسون باستقالة نائبه وبفضيحة ووترجيت.
كيسنجر استغل ثقة السادات كوسيط محايد
كما استغل هنري كيسنجر ثقة الرئيس الراحل السادات به كوسيط محايد، لتحسين علاقات مصر بأمريكا في إنهاء الحرب وفض الاشتباك وفق الشروط الإسرائيلية، بما فيها إطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين بعد شهر واحد من الحرب، بينما لازالت القوات الإسرائيلية تحتل الضفة الغربية من قناة السويس.
الغريب أن هنري كيسنجر لم يعترف علنا بأنه ساعد إسرائيل في حرب أكتوبر بسبب ديانته اليهودية وحرصه على أمنها، إلا بعد خمسين عامًا في مقابلة صحفية أجراها هذا العام.
حاول هنري كيسنجر خلال المفاوضات بين مصر وإسرائيل، حفظ سلامة الاحتلال الإسرائيلي وأمنه، في الوقت الذي اعتبر المفاوض الإسرائيلي وجود كيسنجر في دائرة صنع القرار الأمريكي، الكفيل لحماية مصالح إسرائيل، لأنه يهودي، أما القادة العرب فاعتقدوا أن يهوديته كفيلة بدفع إسرائيل إلى قبول تنازلات كبيرة، وذلك ما أكده كتاب مارتن إنديك، والمبعوث الأمريكي الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، بعنوان "سيد اللعبة: كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط".
سيد اللعبة يناور الدول العربية لأجل إسرائيل
ذكر إنديك في كتابه "سيد اللعبة" أن هنري كيسنجر عندما أجرى مفاوضاته مع الرئيس الراحل السادات، في سبعينيات القرن الماضي، ورئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، ورئيس سوريا حافظ الأسد، والملك الأردني حسين بن طلال، والملك السعودي فيصل بن عبد العزير آل سعود، تمكّن من المناورة معهم لتحقيق ما وصفه بـ"السلام"، حيث وصفه إنديك قائلًا: "كيسنجر كان سيد اللعبة".
يقول إنديك إن كيسنجر كان المبعوث لعملية السلام خلال عهدي بوش وأوباما، وسفيرا مرتين لدى إسرائيل، وكان كيسنجر المخطط والمنفذ لـ3 اتفاقيات، اثنتين بين مصر وإسرائيل، وواحدة بين إسرائيل وسوريا عقب حرب أكتوبر 1973.
ويكشف إنديك عن مكر كسينجر في حرب أكتوبر 1973، حيث قال: "في أكتوبر 1973 كنت طالبا أستراليا أدرس العلاقات الدولية في الجامعة العبرية بإسرائيل، وكنت متطوعا في إحدى المستوطنات القريبة من قطاع غزة، عندما وقعت الحرب، وكنت أسمع كل يوم طائرات النقل الأمريكية الضخمة من طراز (سي- 5 إيه)، وهي تنقل كل شيء من عتاد عسكري من مدرعات ودبابات، وغيرها".
كيسنجر قدم سلام هشًا لصالح إسرائيل
الغريب، وذلك ما أكده إنديك في كتابه، أنه مع الإمدادات الأمريكية بالسلاح لإسرائيل، تحرك كيسنجر للتوصل إلى وقف إطلاق النار!
وإنديك، أهم إنجازات كيسنجر في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرب أكتوبر 1973، وفي الوقت الذي عانت فيه الولايات المتحدة من تبعات تدخلها المكلف في فيتنام من ناحية، مع تدهور مكانة الرئيس ريتشارد نيكسون وتركيزه بسبب فضيحة ووترجيت، استخدم كيسنجر دبلوماسيته الماكرة لتهميش الاتحاد السوفييتي في خضم الحرب الباردة وبناء نظام شرق أوسطي جديد بقيادة الولايات المتحدة.
لم تسببت وساطة كيسنجر في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما كان يأمل جيمي كارتر وبيل كلينتون لاحقا، حيث أكد إنديك أن وساطته لوقف إطلاق النار والوصول إلى اتفاقيات محدودة مؤقتة حافظت على استقرار هش من دون أن تهدف إلى الكثير.
السادات يحتال على كيسنجر المناور الماكر
ويكشف كتاب "سيد اللعبة" أن كيسنجر آمن بأن السلام سيتحقق عندما يستنفد العالم العربي كل البدائل، ويعتاد مع مرور الوقت وجود الاحتلال الإسرائيلي، وبذلك قدمت دبلوماسية كيسنجر اعتمادا على طريق طويل نحو السلام.
كان الرئيس السادات يعرف أن كيسنجر مناور ماكر، فكشف إنديك عن مناورة قام بها السادات عندما أرسل مستشاره للأمن القومي حافظ إسماعيل إلى واشنطن في فبراير 1973 حاملا مبادرة للسلام، وقابل كيسنجر إسماعيل واستمع إليه، وأجّل الرد من دون جدية ومن دون استعجال على الرغم من تأكيد إسماعيل على ذلك.
عرض كيسنجر الفكرة على نيكسون، وناقش المبادرة مع السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، إسحاق بيريز، الذي قلل من أهميتها ورفضها، كما فعلت جولدا مائير التي قضت على المبادرة، وقالت: "انسوها".
ويقول إنديك متحدثا عن كيسنجر: "تصورنا أن السادات غبي، ولا يمكن له القيام بشيء ذي قيمة، ولم يكن كذلك".
كيسنجر يعتبر منظمة التحرير إرهابية
كان هنري كيسنجر يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية، وكان يرى ياسر عرفات مسئولًا عن قتل دبلوماسيين أمريكيين في الخرطوم عام 1972.
تعامل كيسنجر مع الدول ذات السيادة، وترك نائب رئيس "السي آي إيه" (CIA) ليقابل عرفات في المغرب، ليقنعه بعدم إثارة الفلسطينيين نحو العنف أو الفوضى أثناء المفاوضات، وبالعمل على احتوائهم ولو حتى حين.
وآمن كيسنجر بأهمية التعامل مع اللاعبين الكبار أولا، ورأى أن الجماعات غير الدول، ومن هنا تعامل بوجه أساسي مع مصر وسوريا وإسرائيل في اتفاقيات فض الاشتباك الثلاث، ولم يكترث كيسنجر بالأردن رغم إلحاح الملك حسين، وتركه للمرحلة اللاحقة، وركز على إستراتيجية مصر أولا، وكان له ما أراد، حسبما جاء في كتاب "سيد اللعبة".
كيسينجر يدافع عن إسرائيل بسبب عقيدته
أعترف كيسنجر انه تعامل مع الاحتلال الإسرائيلي من قبيل عقدي، حيث قال للمؤرخ نيل فيرجسون: "أنه من الصعب أن تكون جزءا من شعب عانى ما عاناه اليهود على مدار ألف عام من دون أن يكون لديك إحساس قوي بهويتك، وإحساس بالواجب تجاه عقيدتك اليهودية".
وذكر كتاب "سيد اللعبة" أن كيسنجر خسر 13 من أفراد عائلته على يد النازيين والهولوكوست، كما قُتل كثير من زملائه في المدرسة، لذا تحرك كيسنجر إلى دعم إسرائيل جاء من هذا المنطلق، فتجربته وفراره من ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية جعلته يشعر بخيبة الأمل إزاء "المثالية الويلسونية التي سعت إلى السلام لإنهاء جميع الحروب"، وهذا ما دفعه إلى التعامل مع ملف عملية السلام بتقديم دعم كبير لإسرائيل.
كان معروف عن الرئيس ريتشارد نيكسون ميوله المعادية للسامية، وحساسيته من يهودية كيسنجر، ولم يعهد إليه بملف العلاقات العربية الإسرائيلية إلا في السنوات الأخيرة من حكمه، وتركه لفوستر دالاس بضع سنوات. لذا لم يشرف الماكر كيسنجر على ملف الشرق الأوسط إلا قبل اندلاع حرب أكتوبر 1973.
ومن خلال مفاوضات السلام مع مصر وسوريا، عمل كيسينجر على حفظ سلام إسرائيل وأمنها في وقت اعتبر القادة الإسرائيليون وجوده كيسينجر في دائرة صنع القرار الأمريكي كفيلا بحماية مصالحهم لأنه يهودي، واستغل كيسنجر رؤية الأطراف له لتحقيق ما رآه مصلحة لإسرائيل وأمريكا، وفقا لما ذكره إنديك.
كيسنجر يدعم الإرهاب في أمريكا الجنوبية
وفي برقية دبلوماسية مؤرخة بالعام 1978؛ كتب السفير الأمريكي راؤول كاسترو عن زيارة كيسنجر لبوينس أيريس، حين كان ضيفًا على خورخي رافييل فيديلا، وقتما كانت الأرجنتين تستضيف بطولة كأس العالم. يقول السفير في برقيته: "قلقي الوحيد، هو أن مديح كيسنجر المتكرر لتصرفات الأرجنتين في القضاء على الإرهاب، ربما نقل رسالة بعينها لمضيفيه". وواصل السفير في عصبية: "هناك خطورة في أن يستخدم الأرجنتينيون مديح كيسنجر المبالغ فيه لتبرير المزيد من التشدد ضد حقوق الإنسان".
وقال سفير الأمريكي: "سيموت أي عدد من الناس في الأرجنتين حتى نتأكد أن الدولة قد استعادت الأمن" - خورخي فيديلا 1975، وذلك كان يعني أن كسينجر أعطى رئيس الأرجنتين الفرصة لقتل المزيد بدعوى الإرهاب.
فصورة كيسنجر لم تكن مشجعا مخلصا، لكن كان متآمرا فاعلا ضد شعوب أمريكا الجنوبية لشغلهم بجرائم حرب، في أدلة ظهرت خلال الإفراج السابق عن وثائق خلال فترة حكم بيل كلينتون؛ ظهر أن كيسنجر كان يشجع على إرهاب شعوب أمريكا الجنوبية بشكل فاعل.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.