تزامنًا مع اليوم الدولي للتضامن مع شعبها، 76 عاما على تقسيم فلسطين.. قرار مشئوم للأمم المتحدة يبيح للصهاينة احتلال أرض كنعان.. تخبط دولي تاريخي
يناسب اليوم ذكرى صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 181 عام 1947، والذي دعا إلى تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وكان بداية الألم الذي نعيشه حتى اليوم، بإقرار وضع دولي كارثي يمنح من لايملك ما لا يستحق، ويضع بيض الصهيونية في سلة أرض كنعان التاريخية، واللافت أن هذا اليوم يتزامن أيضًا مع اليوم الدولي للتضامن مع الفلسطينيين، وتلك مفارقة غريبة ومؤلمة؛ لا سيما أن الخمسين يومًا الماضية، وتحديدًا منذ بدء الحرب على غزة، كشفت تواطؤ المجتمع الدولي وصمته عن المجازر الوحشية الإسرائيلية.
أسباب التقسيم من وجهة نظر غربية
أعطت عصبة الأمم ـ الأمم المتحدة حاليا ـ دولة بريطانيا العظمي صفة رسمية في التحكم بمصير فلسطين، بإقرار انتدابها عام 1923 في خطوة إضافية لما بعد تقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية أثر تداعيات ونتائج الحرب العالمية الأولى التي أنهت على الخلافة العثمانية.
وأكد الانتداب من جديد الالتزام البريطاني الذي بدأ عام 1917 فيما سمي بـ" وعد بلفور" لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، مع أن التعداد البريطاني لعام 1918 قدر عدد العرب بحوالي 700 ألف فلسطيني، واليهود نحو 56 ألف فقط.
ضغوط الثورة العربية عام 1937
لم يستسلم العرب والفلسطينيون للمخططات التي استهدفت تقسيم بلادهم، واندلعت الثورة العربية عام 1937 في أعقاب أضراب عام لتتطور الأحداث ويحمل العرب السلاح ضد الوجود الصهيوني نحو 6 أشهر في محاولة لتحقيق الاستقلال الوطني وتأمين البلاد من السيطرة الأجنبية.
فور اشتعال الأحداث أنشأ البريطانيون لجنة بيل التي انتهت إلى استحالة التوفيق بين السكان العرب واليهود خاصة القادمين من الشتات ودول الغرب، وأوصت اللجنة بالتقسيم إلى دولة عربية مرتبطة بشرق الأردن، ودولة يهودية صغيرة، ومنطقة انتداب.
وحتى يتم معالجة المشاكل الناشئة عن وجود الأقليات القومية في كل منطقة، اقترحت اللجنة حل غير عادل بالمرة، من خلال نقل السكان الفلسطينيون الذين بلغ عددهم وفقا للتعداد حوالي 225 ألف عربي يعيشون في الدولة اليهودية المتوقعة، بينما نقلت 1250 يهوديًا فقط يعيشون في الدولة العربية المستقبلية، ولم تترك خيارات للفلسطينين، بل اعتبرت تصوراتها إلزامية على الجميع، وبالطبع كانت جميعها في صالح الدولة اليهودية الناشئة.
راي العرب في تقسيم فلسطين
على الفور رفضت الدول العربية والقيادات الفلسطينية التقسيم واعتبرته تجاوز غير مقبول، نظرًا لعدم المساواة في التبادل السكاني المقترح ونقل ثلث فلسطين إلى اليهود، بما في ذلك معظم أفضل أراضيها الزراعية إلى المهاجرين الجدد.
في خلفية الحدث، ينسب الإنجاز الصهيوني في السعي نحو إقامة الدولة اليهودية الناشئة بهذا التقسيم الشيطاني إلى اليهوديان حاييم وايزمان، وديفيد بن جوريون، وهما من رموز إسرائيل، بعد ان نجحا في إقناع المؤتمر الصهيوني بإعطاء موافقة مؤقتة على توصيات بيل كأساس لمزيد من المفاوضات، واعترف بذلك بن جوريون في رسالة إلى ابنه أكتوبر 1937 أوضح فيها أن التقسيم مناورة وخطوة أولى نحو الاستحواذ على الأرض بالكامل.
تم إنشاء لجنة بريطانية جديدة عرفت باسم لجنة وودهيد لدراسة التطبيق العملي للتقسيم، لكن مع تزايد الغضب والاجتجاج الفلسطيني، رُفضت نتائج خطة بيل واعتمدت اللجنة الجديدة النظر في بديلين محتملين.
ورطة بريطانيا في أرض فلسطين
الصراع الدائر على الأرض بين الفلسطينيين واليهود دفع الحكومة البريطانية عام 1938، إلى أصدار بيان أعلنت فيه الصعوبات السياسية والإدارية والمالية لتنفيذ مقترح إنشاء دولتين عربيتين ويهوديتين مستقلتين داخل فلسطين، وحاول البحث عن حل بدعوة ممثلين عن العرب واليهود إلى لندن لحضور مؤتمر سانت جيمس للتوافق على تفاهمات مناسبة، ولكنه لم ينجح أيضا.
تزايدت الأحداث اشتعالا، وفي مايو 1939 أعلنت بريطانيا أن اقتطاع جزء من الأراضي الفلسطينية وتحويله إلى دولة يهودية لم يعد أمر ضمن حسابات المملكة المتحدة، وحاولت الحد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتقييد مبيعات الأراضي العربية لليهود، لكن لجنة عصبة الأمم رأت في قرار بريطانيا تراجعًا عن توصيات الكتاب الأبيض ـ الوثيقة التي وضعت مبادئ المملكة المتحدة وأهدافها من إدارة فلسطين خلال فترة الانتداب عليها.
الفلسطينيون يساندون ألمانيا واليهود يدعمون بريطانيا في الحرب العالمية الثانية
أدى اندلاع الحرب العالمية الثانية إلى تعليق أي مداولات أخرى، وفي هذا الوقت نشطت الوكالة اليهودية في محاولات مكثفة لإقناع البريطانيين باستعادة حقوق الهجرة اليهودية، ومن أجل ذلك أعلنت الانحياز إلى بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا، بينما انحاز مفتى القدس في هذا التوقيت الشيخ أمين الحسيني إلى القيادة الألمانية، وكان لذلك أبلغ الأثر في تحول موقف بريطانيا لاحقا وزيادة حدة الصراع والعداء مع الصهاينة.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 بانتصار بريطانيا وحلفائها، طلب الرئيس الأمريكي هاري ترومان السماح بدخول 100 ألف يهودي من الناجين من محرقة النازية الألمانية إلى فلسطين، لكن البريطانيين أبقوا حدودًا على الهجرة اليهودية بما يتماشى مع ضوابط الكتاب الأبيض.
ورفضت الجالية اليهودية القيود المفروضة على الهجرة وأشعلت مقاومة مسلحة ضد القوات البريطانية، وأدت المواجهات والضغوط الشديدة التي مارستها الولايات المتحدة إلى إنهاء السياسة المناهضة للهجرة مع إنشاء لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية في أبريل 1946.
وتوصلت اللجنة إلى قرار بالإجماع بالقبول الفوري لـ 100 ألف لاجئ يهودي من أوروبا إلى فلسطين، وإلغاء قيود الكتاب الأبيض على بيع الأراضي لليهود، واشترطت بريطانيا في المقابل الحصول على مساعدة أمريكا حال اندلاع ثورة عربية مرة آخرى ردا على انهاء السياسة المناهضة للهجرة.
لكن كما توقعت بريطانيا، أثارت التوصيات مظاهرات عنيفة في فلسطين والدول العربية، وارتفعت الدعوات إلى الجهاد لطرد جميع اليهود الأوروبيين في فلسطين.
خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين
مع اشتعال الأحداث وزيادة تكلفة الخسائر البشرية والاقتصادية، أعلنت بريطانيا بحلول عام 1947 رغبتها في إنهاء الانتداب ووضع قضية فلسطين أمام الأمم المتحدة التي ورثت عصبة الأمم لتصبح قضية دولية لا شأن لبريطانيا وحدها في تقرير مصيرها.
أنشأت الأمم المتحدة لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بفلسطين في 15 مايو 1947، وضمت ممثلين عن 11 دولة، وعقدت اللجنة جلسات استماع واستطلعت الوضع في فلسطين، ثم أصدرت تقريرا في 31 أغسطس يوصي بإنشاء دولتين عربيتين ويهوديتين مستقلتين، مع وضع القدس تحت الإدارة الدولية.
في 29 نوفمبر عام 1948 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 33 صوتًا مقابل 13 وامتناع 10 أعضاء عن التصويت، لتبني قرار يوصي باعتماد وتنفيذ خطة التقسيم، وأصبح من المقرر وضع التقسيم حيز التنفيذ اعتبارًا من تاريخ الانسحاب البريطاني.
تطلبت خطة التقسيم أن تمنح الولايات المقترحة في كلا الدولتين حقوقًا مدنية كاملة لجميع الأشخاص داخل حدودها بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، وأيدت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي القرار، وصوت الأعضاء الخمسة في جامعة الدول العربية الذين كانوا أعضاء لهم حق التصويت في ذلك الوقت على رأسهم مصر ضد خطة التقسيم، بينما قبلت الوكالة اليهودية رؤية الأمم المتحدة.
وتضمنت الخطة المقترحة تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أجزاء، دولة عربية، ودولة يهودية، ومدينة القدس، ويربطها مفترق طرق خارج الحدود الإقليمية.
وتضمنت الدولة العربية المقترحة وسط وجزء من الجليل الغربي، مع مدينة عكا، وتلال السامرة ويهودا، وجيب في يافا، والساحل الجنوبي الممتد من شمال إسدود (أسدود الآن) بجانب قطاع غزة مع جزء من الصحراء على طول الحدود المصرية.
بينما اقتطعت الدولة اليهودية المقترحة الجليل الشرقي الخصب، والسهل الساحلي الممتد من حيفا إلى رحوفوت ومعظم صحراء النقب، بما في ذلك البؤرة الاستيطانية الجنوبية أم الرشراش (إيلات الآن)، ومنطقة القدس المنفصلة التي تشمل بيت لحم والمناطق المحيطة بها.
رد فعل العرب على خطة تقسيم فلسطين
ورفضت القيادة العربية الفلسطينية ومعظم السكان العرب خطة التقسيم بشكل قاطع، وفي اجتماعها بالقاهرة في نوفمبر وديسمبر 1947، اعتمدت جامعة الدول العربية سلسلة من القرارات التي تؤيد الحل العسكري للصراع.
في المقابل أعلنت بريطانيا قبولها خطة التقسيم، لكنها رفضت تنفيذها بحجة عدم قبولها من قبل العرب، كما رفضت بريطانيا تقاسم إدارة فلسطين مع لجنة فلسطين التابعة للأمم المتحدة خلال الفترة الانتقالية، وفي ظل اشتعال الأحداث أعلنت بريطانيا في سبتمبر 1947 انتهاء الانتداب على فلسطين عند منتصف ليل 14 مايو 1948.
فور اعتماد القرار من قبل الجمعية العامة اشتعلت الأحداث واشتبك الفلسطينيون واليهود ولم يتم تنفيذ خطة الأمم المتحدة، واللافت أن بعض المنظمات اليهودية لجأت للمزايدة على الموقف الفلسطيني والعربي وبدأت تتعامل باعتبارها صاحبة حق تاريخي ورفضت هي الآخرى قرار التقسيم، وروجت الرواية المستمرة حتى الآن حول حقوقهم التاريخية وجدلية إسرائيل من البحر للنهر.
اندفعت المنظمات اليهودية في التمرد وأعلن زعيم عصابة الإرجون المسلحة مناحم بيجن ـ وزير الدفاع رئيس مجلس الوزراء لاحقا رفض خطة التقسيم واعتبر القرار غير قانوني وباطل، وزعم أن القدس كانت وستظل عاصمتهم إلى الأبد، ورفع شعار الأرض ستُعاد إلى شعب إسرائيل، ليبدأ صراع آخر لم ينتهي إلى الآن، بينما تظل الحقيقة واضحة، الأرض فلسطينية عربية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري القسم الثاني , دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.