رئيس التحرير
عصام كامل

معبد هيبس يكشف الوجه الخفي للحضارة الفارسية في التاريخ المصري من 660 إلى 330 ق. م.

معبد هيبس، ڤيتو
معبد هيبس، ڤيتو

قصة مثيرة عن تاريخ الزراعة والنماء في مصر القديمة، ترويها بوابات معبد «هيبس»، في واحات الوادي الجديد، وكيف كانت تلك الصحراء مترامية الأطراف، واحدة من أكبر مخازن الغلال والحبوب في البلاد لقرون من الزمان.

سمي المعبد بهذا الاسم "هيبس أو هبت"، نظرًا لخصوبة الأرض في تلك الواحة التي كانت غنّاء، ودورها الكبير في الزراعة المصرية، نظرًا لتوافر المياه بها في العصور القديمة، وانتشار العديد من عيون الماء، التي تشير إلى ازدهار الزراعة بتلك المنطقة التي كانت تمثل واحدة من سلال الغلال ليس في مصر القديمة وحدها، وإنما للإمبراطورية الرومانية.

 

الصحراء الغربية بمصر سلة الغذاء للإمبراطورية الرومانية

وقال الأثرى محمد حسن جابر مفتش آثار الخارجة، في تصريحات لـ"ڤيتو": إن اسم هيبس هو المصطلح اليوناني للكلمة الهيروغليفية القديمة هبت والتى تعنى المحراث، وقد سمى المعبد على اسم الواحة (هبت)؛ نظرا لخصوبة الأرض وارتباطها بالزراعة، حيث كانت الأرض خصبة نظرا لتوفر المياه فى العصور القديمة من خلال العيون المتوفرة، وهي تؤكد ازدهار الزراعة قديما بالمنطقة، حيث كانت سلة غلال مصر بل كانت الصحراء الغربية بمصر تعتبر سلة الغذاء للإمبراطورية الرومانية. 

وكانت الواحة الداخلة تسمى (تا كمنت) أي الأرض السوداء، وكذلك (تس تس) بمعنى "اقطع اقطع"، أي جهز الأرض للزراعة، وسميت الواحة الفرافرة باسم (تاحت) أي أرض البقرة، وكل هذه الأسماء مرتبطة بالزراعة.

أقدم وأكبر مباني الواحة الخارجة

وأوضح جابر أن أهمية المعبد ترجع إلى أنه المعبد الوحيد الباقى من العصر الصاوي الفارسي، وهو من أهم وأشهر المعابد الموجودة فى الصحراء الغربية، وكذلك هو أقدم وأكبر مبانى الواحة الخارجة، وكذلك فإنه يمثل العصور المصرية القديمة، فهو يضم عدة عصور ابتداء من العصر الفرعونى فترة العصر الفارسى والأسرة الصاوية ثم العصر البطلمى، وانتهاء بالعصر الرومانى (اليونانى) تتمثل فى الإضافات والملحقات التي تمت به.

وأضاف: لقد كرس المعبد لعبادة ثالوث طيبة المقدس (آمون وموت وخنسو) الأب آمون وزوجته موت وابنهم الطفل خنسو، وكذلك كرس لعبادة الثالوث العام أوزيريس وزوجته إيزيس وابنهـم الصقر حورس.

"العصر الصاوي" هيبس شاهد على العصر

وأوضح محمد حسن جابر، أنه وبحسب كتاب "لمحات من الدراسات المصرية القديمة" للدكتور باهور لبيب، فإن ذلك العصر الصاوي هو العصر التاسع من التاريخ القديم، بحسب تقسيم علماء التاريخ المصرى الحديث، ويعرف بالعصر الصاوى، أو عصر النهضة المصرية، وعصر الأسرة السادسة والعشرين، وأطلق عليه الكتاب اسم عصر وحدة مصر الرابعة، وذلك لأن إبسماتيك كان فى أول الأمر أميرا على "صا الحجر" من قبل الآشوريين إلا أنه عمل على التخلص من حكم الآشوريين فاستمال باقي الأمراء إليه وجلب الكثير من الجنود المرتزفة من الإغريق وقبل المساعدة التي قدمها له ملك ليديا الذى كان يريد هو أيضا التخلص من سيادة الآشوريين، فتمكن إبسماتيك حوالى سنة 663 قبل الميلاد، من طرد الحامية الآشورية ثم إخضاع الأمراء الآخرين، مستعينا ببعضهم على البعض الآخر حتى استقل بمصر، وأعاد إلى البلاد وحدتها الرابعة واعتلى عرش مصر باسم الملك إبسماتيك الأول وخلفه ابنه نخاو ونهج نهجه وعاد إلى مصر مجدها ثم تولى الحكم بعدهما الملك أحمس الثانى، وفى عهد إبسماتيك الثالث آخر ملوك هذه الوحدة أى حوالى 525 قبل الميلاد تغلب قمبيز ملك الفرس على مصر.

 

 غزو الفرس لمصر 

ويقول جابر: سبب غزو الفرس لمصر بعد الأسرة السادسة والعشرين حالة كبيرة من الجدل بين علماء المصريات والمؤرخين، وأصبح هناك فريق يرى أن الفرس لم يدمروا الحضارة المصرية القديمة بل العكس لقد أنقذوا الحضارة المصرية القديمة من أيدي المغتصبين، والدليل على ذلك ما قاموا به من تعمير في مناطق جديدة مثل الواحات ومنف وغيرها من الأماكن، وقاموا ببناء المعابد ذات الطراز أو التصميم المصري ليرضوا المصريين، وهناك فريق آخر يرى أن مصر مرت بنكبة كبيرة أو كارثة بسبب غزو الفرس وأن المصريين اعتبروا الفرس غزاة وبحق، وأنهم من قاموا بتدمير معابدهم والتحقير من آلهتهم، وبين كلا الفريقين قام الباحث بتحديد واحة الخارجة التي اهتم بها الفرس، وقاموا بتعميرها من خلال ثلاث محاور أهمها الزراعة التي مكنتهم من تعميرها وأصبحت منطقة جاذبة للسكان وقاموا ببناء معابد ثلاث قام الباحث بشرحهم لتوضيح رؤية الفرس الفنية وتخليهم عن جزء من هويتهم في مقابل إرضاء المصريين آنذاك. 

 

ويستنتج الباحث أن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء اختيار منطقة الخارجة بالتحديد أهمها البعد الإستراتيجي واعتبارها أحد النقاط الحصينة لصد أي عدوان قادم من الصحراء الغربية ثم البعد السياسي الخاص بفرض سيطرة الفرس على مصر بأكملها من الشمال للجنوب، ومن الشرق للغرب وأخيرًا البعد الاقتصادي المتمثل في التنمية الزراعية الخاصة بالخارجة وإنتاج كميات وفيرة من المحاصيل تساعد في تقوية مملكة الفرس وتساعدها على بسط نفوذها في اتجاه الغرب وبالتحديد ليبيا.

الموقع:
يقع معبد هيبس على بعد حوالى 3 كم شمال المحافظة على الجانب الغربى للطريق الصحراوى المؤدى إلى أسيوط، وكان قديما يشغل مكانا مرتفعا عما يحيط به من أراضى حتى يتسنى للزائرين رؤيته وزيارته كمكان مقدس ومركز لعباده الالهه. وكانت المدينة القديمة (هبت) تمتد علي مساحة واحد كيلو متر مربع لم يتبقى منها إلا بعض الآثار التى تدل عليها مثل المعبد وكذلك معبد الناضورة فى الشرق وبعض المقابر الصخرية المنقورة فى الصخر شمال المعبد بحوالى 500 متر وقد اندثرت باقى المدينة اسفل الزراعات التى تحيط بالمعبد والتي تمتد إلى الشمال والغرب والجنوب منه.

المساحة والمحور:
يتجه محور المعبد من الشرق إلى الغرب ويبلغ طوله حوالى 42 م بخلاف البوابات وطريق الكباش وعرضه حوالى 19م ومساحته حــوالى 798 م، وجاءت أحجار معبد هيبس من منطقة جبل المقطع.

تاريخ المعبد:
يرجع تاريخ المعبد إلى العصر الصاوى الفارسى وقد أنشأ المعبد الملك داريوس الأول عام 510 ق.م فى الأسرة 27 على أثر مبنى قديم يرجع الى عصر الأسرة 26 فى عهد الملك بسماتيك الأول ( واح –ايب – رع ) ( ابرس ) والذي أنشأ المعبد ثم أكمل انشائه خلفه الملك احمس الثانى ( امازيس ). ولكن نقوشه استكملها الملك الفارسي 'دارا الأول' ( داريوس )( انتريوشا ) حوالي عام 500 ق.م، ويرجح أن المعبد له أصول قديمة ترجع الى عصر الدولة الوسطى. بنى معبد هيبس الفرعون أحمس الثانى ورممه داريوس ملك الفرس إرضاء لكهنة آمون والذى حكم مصر فى فترة احتلال فارسي لمصر وبناه إرضاء لكهنة آمون حيث إن داريوس جاء خلفا للملك قمبيز الذي أراد احتلال مصر ولكن كهنة معبد آمون بالواحة أرشدوه عند توجه لواحة سيوة إلى طريق خطأ فغرق هو وجيشه فى بحر الرمال العظيم ولم يتمكن من غزو مصر ويوحى أن سلطة الكهنة كانت كبيرة ومؤثرة فى ذلك الوقت فاراد داريوس ان يتقرب منهم فقام ببناء المعبد وترميمه أو قد يكون الملك الفارسى المحتل قد تأثر بعبادة الإله آمون..
وفي العصور اللاحقة للعصر الفارسي أضيفت للمعبد اضافات عديده حتي اكتملت عناصره وكان ذلك في الفترة مابين عام 390 قبل الميلاد إلى عام 69 ميلادية. وقد حدثت هذه الإضافات في عهد كل من الملك هكر (اخوريس 390_380 ق.م) من الأسرة التاسعة والعشرين والملكين نختانو الأول والثاني (نخت حور حب ) من الأسرة الثلاثين (380_361 ق.م)، ثم في عهد الملك بطليموس الثاني عام(285_246 ق.م) وأخيرا في عهد الإمبراطور الروماني جلبا (عام 69) ميلادية.

تخطيط المعبد ومكوناته:

يماثل المعبد في تخطيطه تخطيط المعبد المصري في الدولة الحديثة ( البوابة – طريق الكباش - -الفناء المكشوف، صالة الاعمدة الأولى والثانية – ردهة قدس الأقداس- ثم قدس الأقدس ) وهو التخطيـط الذى استمرت عليه المعابد المصرية التي نشأت في العصرين البطلمي والروماني.

ويبدأ المعبد من الشرق (بالمرسى) وهو عبارة عن ميناء (مرفىء) صغير لاستقبال المراكب التي تحمل البضائع للمعبد والقوارب المقدسة ويقع على حافة بحيرة قديمة تسمى البحيرة المقدسة تجمعت مياهها فى منطقة منخفضة بفعل الأمطار والمياه الجوفية وتسريب مياه الزراعات المحيطة وهى جفت الآن وضحلت، وكانت ترى منذ عصر قريب وتمتد حتى بداية الطريق الأسفلتى القديم المتلاشى الآن.
وبعد المرسى نتجه شرقا فنجد أمامنا عدة بوابات تبدأ (بالبوابة الرومانية) وعليها نص مكتوب باللغة اليونانية القديمة يرجع إلى عصر الإمبراطور الرومانى (جلبا) ويمثل عدد من التشريعات القانونية والاقتصادية والاجتماعية وبعض الإصلاحات الإدارية وكذلك فرض الضرائب والرسوم وتحصيلها وهذا النص يسمى نص الستين أو (السته وستين) لأنه مكون من ستين سطر تقريبا أو 66 سطر وهذا النص غير خاص بالواحة فقط ولكنه تشريع خاص بمصر عامة. حيث طلب الإمبراطور الرومانى فى ذلك الوقت وهو الإمبراطور جلبا من حاكم الواحات فى هذه الفترة وهو( تيبريوس يوليوس الكسندر) أن يضع المرسوم (القانون) الذى أصدره فى مكان مميز بارز حتى يمكن رؤيته فقام الحاكم بانشاء البوابة الرومانية ونقش عليها لوحة بالخط اللاتيني القديم تمثل نص المرسوم.

ومن خلال هذه البوابة نصل إلى (طريق الكباش) والذي شيد فى العصر البطلمى وهو طريق صغير للكباش على الجانبين ربما كان عددها 8 كباش 4 على كل جانب أحدثها هو الموجود فى البداية على يمين الداخل للمعبد حيث تم الكشف عنه فى عام 2007م تحت الرمال اثناء اعمال الترميم فى المعبد وهو بحالة جيدة نوعا ما عن الآخرين الذين تأثروا بعوامل التعرية. يمتد طريق الكباش إلى البوابة الكبرى (البوابة الثانية) أو ما يعرف بالبوابة البطلمية وكان هذا الطريق يبدأ من المرسى ولكن تم إزالة جزء منه لإقامة البوابة الرومانية والدليل على ذلك نجـد بقايا أثر لهذه الكباش فى الأرضية أمام المرسى قبل البوابة مباشرة.

وبعد ذلك نتجه إلى (البوابة البطلمية) أو ما يعرف بالبوابة الكبرى والتى بنيت فى العصر البطلمى فى عصر الملك بطليموس الثانى وتعتبر أكبر هذه البوابات الثلاثة وأعلاها وهذه البوابة تعرضت إلى زلازل كبير هز مصر كلها أواخر القرن 18 منذ حوالى ما يقرب من 300 سنة دمر الجانب الشمالى لهذه البوابة وتهدم اغلبه بالكامل ولكن تم إعادة بنائه مجددا بواسطة الامريكان الذين قاموا بالنشر عن هذا المعبد أما عن الجانب الجنوبى فهو بحالة جيدة ويوجد عليه نقش وحيد يمثل تقديم القرابين من الملك إلى المعبودات.و من خلال هذه البوابة نصل الى البوابة الثالثة( البوابه الفارسيه) والتى ترجع إلى العصر الفارسى وقام ببنائها الملك دارا الأول فى عصر الأسرة 27 عام 500 ق.م ومن خلف البوابة الأخيرة قاعدتان لمسلتين يليهما (رواق للملكين نختانبو الأول والثاني) من (الأسرة الثلاثين) أو ما بعرف (بالبورتيكو) أى الفناء وتحيط بهـا أساطـين ذات تيجان نباتية مركبة مختلفة الطرز تفصل بينها ستائر من الحوائط وله مدخلان جانبيان من الشمال والجنوب حـتى يســهل على الزوار الدخول وهذا الفناء مكرر فى أغلب معابد هذه الفترة مثل معبد دندرة.

ومن خلال مدخل فى الجانب الشرقى للبورتيكو نصل إلى (بهو الأعمدة الأول) من عصر الملك اخوريس ويتكون من 12 أسطوانة في أربعة صفوف وقد غطت جدران هذا البهو بطبقتين من كتل الحجر الرملي لكي تتحمل ثقل الاعمده والحوائط والأساطين من فوقها ويلي ذلك (بهو الأعمدة الثاني) وهو قاعة مستعرضة تحتوي على أربع أساطين بعدها نصل إلى (بهو الأعمدة الثالث) والذى يحتوي على أربع أساطين أيضا وحول البهو توجد ست حجرات جانبيه مقامة على ثلاثة جوانب منه اثنتان علي الجانب الشمالي واثنتان علي الجانب الجنوبي وواحدة في الـجـانب الغربي وإلى جنوبها يوجد قدس أقداس.

الركن (سلم) يؤدي إلى (هيكل اوزوريس) المقام فوق الحجرات إلى الجنوبيـة لبـهو الأعمدة الثالث ومنه إلى (سطح المعبد).

وإلى الشمال من المعبد كانت توجد (كنيسة قديمة) لم يتبـــق منهـا إلا بقايا أحجار قليلة وآثار لفتحات فى الحائط االشمالـى للمعـبد كانت ترتكز عليها أبنية الكنيسة قديما.

وحول المعبد توجد بقايا من الحجر الرملي كان يحيط بالمعبد من ثلاثة جوانب هي الشمالية والجنوبية والغربية تهدم ولم يتبق منه إلا أجزاء قليلة الارتفاع كانت تمثل (سور حول المعبد) من الخارج حيث كانت تشكل أرضيته المرتفعة نسبيا دعامة مع جدران المعبد.وفى الجانب الجنوبى الشرقى يوجد بقايا مبنى صغير قليل الارتفاع يسمى بمبنى ( الماميزى) أى بيت الولادة. وخـارج المعبد كانت هناك بيوت الكهنة والمـخازن والمـنشات الإداريـة الخـاصه بالمـعبد.

النشر والتوثيق:-
تم نشر المعبد فى أكثر من جزء بواسطة بعثة متحف المتروبوليتان بأمريكا حيث تم النشر فى ثلاثة أجزاء حيث قام كل من ديفيد ووين لوك والبرت بزيارة المعبد والتكشيف عنه وقاموا بنشر النقوش والزخارف فى جزء ونشر التفاصيل المعمارية فى جزء آخر.

أعمال الترميم:-
بدأ اهتمام الرحالة والدارسين بالمعبد في النصف الأول من القرن التاسع عشر شأنه في ذلك بقية الآثار المصرية وكان ذلك عندما هوسكينس في عام 1832 وتبعه هي قــــام بزيارتــــه كاثروود الأربعينات من هذا القرن (قـــام مسيو باريز وهو مرمم ( فرنسي)، قام بترميم المعبد وتقوية العناصر القابلة للانهيار منه وإعادة بناء وتركيب بعض الأحجار التي وجدت متساقطة من المعبد على الأرض وفي الخمسينيات وحتى بداية السبعينيات أجرت مصلحة الآثار العديد من اعمال الترميم بالمعبد شملت ملء الشقوق والشروخ والفوالق ببعض الملونات معظمها أسمنتي كما اشتملت إحلال عناصر جديدة كاملة من حجر منحوت بدلا من العناصر الأصلية المفــقودة ومنها أعمدة كامله وأعتاب وحوائط وأجزاء من حوائط وسقوف خاصة في الجزء الخلفي من المعبد ومع ذلك فان هذه التــــرميمــات لم تؤد إلى ثــــبات حـــــالــــة المــــــعبد.

ولم تحل دون تداعي عناصره إذ لوحظ تحرك الحوائط وظهور العديد من الفوالق والشروخ في جميع أجزاء المعبد الداخلية خاصة في رواق الملكين نختانبو الأول والثاني وبهو أخوريس وبهو الأعمدة الأول والثاني والثالث والحجرات الداخلية وقدس الأقداس والسقوف والحوائط الخارجية والأرضيات هي شروخ أفقية رأسية يتركز أغلبها بين العناصر الأصلية والأجزاء المرممة ترميما حديثا إذ لوحظ وجود شقوق وفواصل واسعة إلى حد كـــــــبير في هذه العـــــناصر بــــــــــعضها البــــــعض وكانت نتيجة لازدياد الشروخ وميل الحوائط وتحركها قامت هيئة الآثار في السنوات الأخيرة لعمل صلبات خشبية ودعامات خشبية شملت كافة العناصر الداخلية للمعبد ابتداء من الرواق وانتهاء بصاله قدس الاقداس وفضلا عن ذلك احيط المعبد من الخارج بدعامات قوية من الخشب وذلك كإجراء وقائي مؤقت لحين اتخاذ إنقاذ المعبد كوحدة واحدة ولولا هذه الدعامات والصلبات لانهارت حـــــوائط المعبد تماما وتهدمت الـجدران الداخـــلية والخارجيــة.

أهم المناظر بالمعبد:-
يحتوى هذا المعبد على مجموعة فريدة من المناظر واللوحات المنقوشة والتى لم تتكرر فى أغلب المعابد المصرية حيث توجد بالمعبد بعض المناظر النادرة التى لا توجد إلا فى هذا المعبد.

وتتركز أغلب المناظر فى ان الملك يقدم القرابين والعطايا للآلهة والمعبودات حيث يضم هذا المعبد مجموعة كبيرة جدا ومتنوعة من المعبودات على رأسها ثالوث طيبة المقدس وكذلك ثالوث منف والتاسوع المقدس وايضا ثامون الأشمونين بالاضافة الى العديد من المعبودات المحلية والخارجية مثل المعبودة السورية (عشتارت) التي عبدت فى مصر فى فترة من الفترات واتحدت مع المعبودات المصرية حيث يحتوى قدس اقاس المعبد على ما يقرب من 550 أو 600 معبود حيث أراد الملك الذي أنشأ المعبد التقرب من اهالى الواحة ومن كهنة المعبد فقام بجمع العديد من المعبودات وتم تصويرهم على جدران قدس الأقداس.

ونبدأ باللوحة الشهيرة التى توجد على الحائط الشمالى للبوابة الرومانية والتي تعرف بلوحة نص الإمبراطور جالبا عام 69م وهو عبارة عن نص مكتوب باللغة اليونانية القديمة يرجع إلى عصر الإمبراطور الرومانى (جلبا) ويمثل عدد من التشريعات القانونية والاقتصادية والاجتماعية وبعض الاصلاحات الادارية وكذلك فرض الضرائب والرسوم وتحصيلها وهذا النص يسمى نص الستين أو (السته وستين) لأنه مكون من ستين سطر أو 66 سطر تقريبا وهذا النص غير خاص بالواحة فقط ولكنه تشريع خاص بمصر عامة. حيث طلب الإمبراطور الرومانى فى ذلك الوقت وهو الإمبراطور جلبا من حاكم الواحات فى هذه الفترة وهو( تيبريوس يوليوس الكسندر) أن يضع المرسوم ( القانون) الذى أصدره فى مكان مميز بارز حتى يمكن رؤيته فقام الحاكم بانشاء البوابة الرومانية ونقش عليها لوحة بالخط اللاتينى القديم تمثل نص المرسوم.
وتحتوي البوابة البطلمية على نقش على الحائط الجنوبى للداخل يمثل الملك يقدم القرابين لثالوث طيبة ( آمون وموت وخنسو) وكذلك (اتوم وشو وتفنوت).

وعلى جدران البوابة الفارسية توجد العديد من الزخارف والنقوش ذات الألوان الزاهية وأهمها المنظر المنقوش على الحائط الجنوبى والذى يمثل الملك داريوس يقدم الماعت رمز العدالة إلى آلهة (آمون وموت) وأمامهم مائدة القرابين موضوع عليها الورود والبخور واجود الأطعمة كذلك الخبز المصرى وعلى اليسار للداخل فى أقصى الطرف الشرقى نجد رسم للمعبود حورس ناشرا جناحيه الملونين بالون الازرق المزركش وبجواره كتابه بالهيرغليفى تعنى ( حورس المنتمى إلى إدفو المعبود العظيم الذى يخرج فى الأفق ).

وعلى الحائط الشمالى يوجد منظر للملك داريوس يقدم نبات الخس رمز الخصوبة فى مصر القديمة الى المعبود( امون كا موت اف ) أى ( آمون ثور أمه) للدلالة على الخصوبة والاستمرار حيث نرى المعبود واقف بالهيئة الآدمية ويبرز منه العضو الذكرى للرجل والذى تم كشطه فى العصور اللاحقة حتى لا يخدش حياء الزائرين للمعبد ولم يبق منه إلا أثره ظاهرا.

وعلى سقف البوابة نجد طائر الرخمة ( انثى العقاب ) واقفة تنشر جناحيها على اليمين واليسار ويحيط بها نجوم السماء الزرقاء. وتعتبر ألوان هذه البوابة من أجمل ألوان النقوش الواضحة وبحالة جيدة نوعا ما ولاتزال فى هذا المعبد.
ننتقل بعد ذلك للنقوش الموجودة بالفناء الأمامى او البورتيكو حيث يوجد نقش بالهيروغليفية على عتب وجدران المداخل الثلاثة للبورتيكو تصف الملك يامر جميع الداخلين الى المعبد بضرورة التطهر( wcb ) مرتين حيث يوجد نقش يمثل فيه الملك ممسكا بأناء الماء وهو يتدلى منه الماء ويصبه للطهاره.

وفى واجهة الفناء أعلى المدخل أمام الداخل للمعبد يوجد منظر لقرص الشمس المجنح يمتد منها أجنحة ترمز للصقر حورس أحدهما لليمين والآخر لليسار ويحيط بقرص الشمس من الجانبين حية الكوبرا التى تتجه الى الشمال ترتدى فوق رأسها التاج الأحمر تاج الشمال ( الوجه البحرى ) والتى تتجه إلى الجنوب ترتدى التاج الأبيض تاج الجنوب ( الوجه القبلى ) أى أن الملك صاحب المعبد قابض على الوجهين وملك مصر كلها السفلى والعليا وهذا من خصائص الملك، واعلى هذا المنظر نجد الكورنيش المصرى الذى يزخرف الحواف العليا للجدران ونجده منتشر فى أغلب المعابد المصرية.

نأتى بعد ذلك إلى أهم منظر فى هذا المعبد وهو الذى يوجد فى اقصى اليمين من الحائط الغربى لصالة الأعمدة الكبرى ذات الاثنى عشر عمود وهو عبارة عن نقش بارز منحوت فى الحائط يمثل المعبود ست يصرع الثعبان إبوفيس كرمز للشر حيث كانت المثولوجيا القديمة تصف ست كآلهة للشر فى قصة أوزيريس حيث إن ست قتل أخيه اوزيريس حقدا عليه من أنه تزوج أخته الجميلة إيزيس وتزوج هو من أخته الأقل جمالا نفتيس الأمر الذى دعاه لقتله وتقطيع جثته وتوزيعه فى جميع أنحاء مصر مما اضطر حورس ابن أوزيريس من أخذ ثأر والده وقتل عمه ست ومن هنا أصبح حورس يمثل كإله طيب ويمثل ست كإله شرير فنفى إلى الصحراء وأصبح يعبد كإله حامى للصحراء ونحن نعلم إذا اجتمع الهين للشر فى مكان واحد فأحدهما إله خير ففى هذا المنظر يصور ست كإله طيب مصور بشكل وجه الصقر حورس وجسم الأسد ويمسك بالحربة حيث يقضى على المعبود ابوفيس الذى يرمز له بالثعبان رمز الشر ويطعنه فى رأسه وهذا المنظر من المناظر الفريدة التى تصور ست كإله طيب ونادرا أن وجد هذا المنظر فى أى من المعابد المصرية.

نصل بعد ذلك إلى أهم نقوش الصالة المستعرضة ذات الأربعة أعمدة ومن أهمها المنظر الموجود على الحائط الشرقى للصالة والذى يصور الملك يقدم القرابين لتاسوع هليوبليس ( اتوم وشو وتفنوت وجب ونوت وإيزيس ونفتيس وست وأوزيريس)، وكل معبود منهم مصور بالشكل الخاص به من حيث الأشياء التي يرتديها وما يمسك به.

أما عن صالة الأعمدة الثالثة فتحتوي على العديد من المناظر والنقوش والرسومات الجميلة والهامة والتى تصف تقديم القرابين للآلهة والمعبودات المختلفة.

أما عن أهم جزء فى المعبد وهو قدس الأقداس فاننا نلاحظ أن جدرانه الثلاثة مكتظة كلها جميعا بأشكال المعبودات المصرية وكذلك غير المصرية حيث يحتوى قدس الأقداس على اكثر من 600 معبود فى مساحة حوالى 8 أمتار مربعة منتظمة فى صفوف طولية من الارضية إلى السقف المنخفض نسبيا عن باقى أجزاء المعبد كل صف يحوى مجموعة من الآلهة مصورة بأشكالها الخاصة المعتادة. حيث أراد الملك التقرب من أهالى الواحة فقام بجمع أغلب المعبودات التى عبدت فى مصر وفى غير مصر مثل المعبودة السورية (عشتارت) التي عبدت فى مصر فى فترة من الفترات واتحدت مع المعبودات المصرية.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية