رئيس التحرير
عصام كامل

مصالحة مع الشيطان !!


"الصلح خير".. " يا بخت من قدر وعفى".. "يا بخت من بات مظلوم ولا باتش ظالم".. "المسامح كريم"..، وغيرها.. "مصطلحات وعبارات اعتاد عليها مجتمعنا المصرى، وصارت ثقافة وطبيعة لهذا الشعب الطيب.. ولـــكــــــــــن...


إلى متى سيظل هذا الشعب يسامح ويعفو عن الظالم ؟!، إلى متى سيظل هذا الشعب حسن النية؟!، إلى متى؟!... إلى متى؟!.

وترى.. هل تنطبق تلك العبارات على هؤلاء الذئاب بل الضباع.. الذين نهشوا لحومهم وامتصوا دماءهم، وأهانوا كرامتهم بحثا عن لقمة عيش بالمسامير والحشرات..؟!.

وفى محاولة من زبانية النظام السابق، واستغلالا منهم للأزمة المالية الطاحنة التى تعصف بالبلاد، عاد الحديث مجددا عن المصالحة مع رجال أعمال النظام السابق، المصالحة مع الفاسدين، من أجل الحصول على جزء من الأموال التى نهبوها من ثروات هذا البلد الطيب، جزءا قليلا من قوت هذا الشعب الذى خطفوه من أفواههم، وتركوهم جوعى ومرضى وعرايا.. تنعموا بأموالهم فى قصور عاجية، وداسوا على دمائهم بأقدامهم.. سرقوا أعمارهم وأفراحهم وألقوهم تحت صخور الدويقة وعجلات القطارات، وروت دماؤهم الطرقات، نهشتهم أمراض السرطان وفيروس سى والفشل الكلوى.

 ولكن...

هل يملك متخذو القرار سلطة الموافقة على المصالحة؟!، هل تملك الحكومة سلطة اتخاذ قرار التصالح والعفو عن رجال النظام منفردة، ومن جانب واحد ؟!، هل تتولى الحكومة نيابة عن القتلى والمرضى والجوعى وأولى الدم، التفريط فى حقوقهم ؟ !، هل تُدخل الحكومة نفسها فى أزمة جديدة مع الشعب المقهور؟!، أم أن هناك سيناريوهات أخرى وبدائل لهذا الخيار؟!.
 
إننى أرى أن ما ارتكبه رموز النظام السابق من جرائم لا يمكن معه التنازل عن الحقوق، ولو بأموال الدنيا كلها، وبعضهم يمكن التصالح معه بشروط.

إن هؤلاء أجرموا فى حق البلد وأهلها، وعلى كل الأحوال فإن هناك عدة أمور يجب الفصل والتمييز بينها، على سبيل المثال وليس الحصر.. أولا: من أصابه جُرم واستتبعه إراقة دم أو إصابة، وهؤلاء لهم الحق وحدهم دون غيرهم فى الإقرار بالمصالحة أو المسامحة مع رموز النظام، فهم أولياء الدم وأهالى المصابين.

ثانيا: جُرم سياسى.. استتبعه تخلف الدولة فى شتى نواحى الحياة، وهذا لا مصالحة فيه ولا مسامحة، مهما بلغت قيمة التعويض، ولا مفر من المحاسبة.

ثالثا: جُرم مالى.. وهذا يمكن معه التصالح والمسامحة بشروط قاسية، وباسترجاع الأموال كاملة.. وكلمة أخيرة أود أن أذكر بها، من منطلق قوله تعالى:( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) الــذاريـات 55)،"إننا سنظل ندور فى حلقة مفرغة، طالما أننا لم نسن قوانين وتشريعات صارمة وواضحة، وقواعد ونظما إدارية صارمة تحرم المال العام"، وأؤكد أخيرا.. "أن المصالحة والمسامحة بإعادة جزء من الأموال المنهوبة.. ستؤسس لقانون يفتح الأبواب أمام مخالفات جديدة".


الجريدة الرسمية