دراسة بحثية تكشف عدم جدوى طمي بحيرة ناصر لرفع خصوبة أراضي الاستصلاح، والحل في خامات الصحراء المصرية
كشفت دراسة بحثية صادرة عن مشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بمركز بحوث الصحراء عن عدم الجدوى الاقتصادية والعلمية لاستخدام الطمي المتراكم ببحيرة ناصر أمام السد العالي في رفع خصوبة الأراضي الصحراوية في مصر لخفض استهلاكها من المياه والأسمدة العضوية والكيميائية، إلى جانب الإثبات بالتجارب إلى وجود بدائل أفضل من الناحية الاقتصادية والعلمية متمثلة في عناصر السلت والطين الجاف المتوافرة في الصحراء المصرية.
وقام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين برئاسة الدكتور علي عبد العزيز الأستاذ المساعد بشعبة مصادر المياه والأراضي الصحراوية بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي منذ انطلاقه في 2017، بدراسة وحصر وتصنيف مصادر الطين المختلفة فى مصر وتحليلها لتحديد افضلها علي الاطلاق وترتيب أولويات استخدامها لاستصلاح الأراضي الصحراوية وذلك لضمان استدامة المشروع.
مصادر الطين الرطبة والجافة
وتم خلال المشروع تقسيم مصادر الطين فى المشروع الى نوعين، الأول هو مصادر الطين الرطبة وهى تشمل تكريك طمى بحيرة ناصر والاستفادة منه، وكذلك نواتج تكريك وتطهير القنوات والترع والمصارف، والثاني مصادر الطين الجافة وهى منتشرة فى الصحارى المصرية بكميات كبيرة جدا.
وخلص المشروع إلى أن هناك معوقات للاستخدام أهم مصادر الطين الرطبة المتمثلة فى تكريك طمى بحيرة ناصر واستخدامه فى مشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين، حيث يبلغ طول بحيرة ناصر 500 كيلو متر طولي ويقع الجزء الأكبر منها داخل الحدود المصرية بحوالى 350 كم، وحوالى 150 كم طولى داخل الحدود السودانية كما يلاحظ أن الرواسب الطميية المستهدفة في بحيرة ناصر تبلغ حوالي ٧ مليارات متر مكعب 90 % من هذه الكمية تقع داخل الحدود السودانية كما أن أغلب الرواسب الطميية تقع أقصى جنوب الأراضى المصرية فى آخر 150 كم بين مصر والسودان.
طمي بحيرة ناصر
وأضافت دراسات الفريق البحثي أن كميات الرواسب الطميية داخل الأراضى المصرية تقع أسفل منسوب تشغيل السد العالى الأدنى (منسوب 147 م) كما أوضحت دراسات الهيئة الهندسية أن كميات الرواسب الطميية الموجودة داخل الأراضى المصرية والتى منسوبها أعلى من منسوب السد العالى الأدنى لا تتخطى 60 مليون متر مكعب كما ان عمق بحيرة السد 180 م3، وبالتالى ارتفاع التكلفة الاقتصادية لإجراء عمليات التكريك لاستخراج الرواسب الطميية من بحيرة ناصر.
حيث ان عمق التكريك فيها أضعاف عمليات التكريك فى قناة السويس الجديدة والتى يبلغ عمقها 24م علما بأن الدراسة الاقتصادية التى قمنا بها فى المشروع أثبتت أن عمليات استصلاح الأراضي الصحراوية باستخدام هذه الرواسب لا يتجاوز 400 ألف فدان فقط كما أن تكاليف النقل قد تصل إلى خمسة أضعاف تكاليف الاستخراج، وبالتالى تتوقف جدواها الاقتصادية عند منطقة توشكى فقط ولا يمكن الاستفادة من هذه الرواسب الطميية فى مناطق الاستصلاح الحديثة مثل محافظة الوادى الجديد وهى تمثل حوالى 44% من مساحة مصر أو الأراضى المستصلحة فى شبه جزيرة سيناء وهى تمثل 6% من مساحة مصر أو حتى أحد المشروعات التنموية مثل مشروع المليون ونصف فدان أو مشروع الدلتا الجديدة.
ضعف التركيب الجيولوجي لطمي ببحيرة ناصر
كما قام الفريق البحثى للمشروع بأخذ حوالي 15 عينة من الرواسب الطميية لبحيرة ناصر فى آخر 150 كم من الحدود المصرية السودانية (بمعدل عينة /10كم ) وتم تحليلها وتحديد نوع معادن الطين السائدة فيها ونسبة كل معدن الا ان الفريق البحثى توصل الى ان معدن الطين السائد فى هذه العينات هو معدن الكالونيت وهو معدن طين 1:1 ضعيف جدا فى الاحتفاظ بمياه الري والأسمدة المعدنية عند إضافته إلى الأراضى الرملية المستصلحة بهذه الطريقة ويحتاج إلى أحقاب جيولوجية ليتحول إلى معدن طين المنتومنوريت 1:2، وهو معدن قوى فى مسك مياه الرى والأسمدة الكيميائية كما حدث فى تكوين أراضى الدلتا المصرية الخصبة جيدة الاحتفاظ بالأسمدة بمياه الرى والعناصر الغذائية اللازمة للنبات مما ينعكس على ارتفاع إنتاجيتها.
التماسيح عائق أساسي
كما أن وجود التماسيح فى بحيرة ناصر يمثل خطرا كبيرا على القائمين بعملية التكريك للرواسب الطميية لبحيرة ناصر، حيث بلغت أعدادها حسب الدراسات التى أجريت مؤخرا من 6000 – 30 ألف تمساح ويقال إنها من أحد أهم أسباب انخفاض إنتاجية بحيرة ناصر من الثروة السمكية، وقد تم تقديم العديد من المشروعات الجيدة لتنمية بحيرة ناصر ومنها الصيد المحدود للتماسيح البالغة فى البحيرة دون الإخلال بالتوازن البيئى وتصدير جلودها ولحومها إلى الخارج ويعد هذا المشروع ذو جدوى اقتصادية مرتفعة مقارنة بتكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر كما يجب الاتجاه نحو الاهتمام بتنمية الثروه السمكية فى البحيرة، حيث أن بها حوالي أكثر من 50 نوعا من الأسماك والتي انخفضت إنتاجيتها من الأسماك تدريجيا لتصل حاليا الي 25 ألف طن سنويا فقط بعدما كانت تبلغ إنتاجيتها عند إنشائها حوالى 50 ألف طن/سنويا، كما يجب الاهتمام بإقامة المشروعات الأخرى مثل إنشاء السدود الركامية عند مداخل الأخوار والتي قد تقلل مسطح البحيرة بأقل تكاليف ممكنة ومن ثم تقليل فواقد البخر وغيرها، والذي يمكن معه زيادة الضاغط الهيدروليكى على توربينات السد العالى بنفس حجم المياه المخزنة، وبالتالي زيادة معدلات توليد الطاقة الكهرومائية من محطة توليد السد العالى كما سيوفر هذا الحل مساحة من الأراضى تقدر بحوالى 300 ألف فدان خلف السدود الركامية يسهل ريها بالراحة حال امتلاء بحيرة السد بالمياه، ولكن استصلاح هذه الأراضى سيكون له تأثيرا سلبيا على مياه بحيرة ناصر نتيجة لصرف هذه الأراضى الزراعية على مياه البحيرة كما ان وجود مجتمعات سكانية حول البحيرة يلوث مياها فيجب مراعاة ذلك عند اقامة مثل هذه المشروعات.
ارتفاع التكلفة الاقتصادية
وأيضا من الأسباب التي حالت دون استخدام الرواسب الطميية لبحيرة ناصر فى هذا المشروع أن نواتج التكريك من الرواسب الطميية تخرج فى صورة مبتلة فيلزم لنقلها للأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها أن نقوم بنشرها وتجفيفها أولا لسهولة نقلها، وبالتالى سوف يتم تبخير كميات كبيرة من المياه العذبة من هذه الرواسب الطميية أو نقلها كما هي وهذا يحتاج إلى حاويات ضخمة وبالتالى ستكون تكاليف النقل مرتفعة جدا، ومن ثم ارتفاع التكلفة الاقتصادية لاستصلاح الفدان بهذه الطريقة.
وللأسباب سالفة الذكر قام الفريق البحثى للمشروع باستبعاد أهم مصادر الطين الرطبة المتمثلة فى تكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر لصعوبة أستخرجها وانعدام جدواها الاقتصادية.
نواتج تكريك الترع والمصارف
كما قام الفريق البحثي بدراسة المصدر الثاني من مصادر الطين الرطبة وهى استخدام نواتج تكريك وتطهير المصارف والترع والقنوات والرياحات وفصل حبيبات السلت والطين منها وحقنها فى الأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها، ولكن حال دون ذلك الممارسات الخاطئة مثل إلقاء مياه صرف المصانع والصرف الصحى وإلقاء القمامة والحيوانات النافقة بها ومن المعروف أن الطين يتمتع بسعة تبادلية كاتيونية مرتفعة ومساحة سطح معرض كبيرة جدا علاوة على أنه سالب الشحنة مما يجعله يدمص العديد من العناصر الثقيلة على أسطح معادن الطين مما يسبب تلوث الأراضي الصحراوية المستهدف استصلاحها بهذه الطريقة بالعناصر الثقيلة التى تؤثر سلبا على صحة الإنسان والحيوان والإصابة بالأمراض والأوبئة الخطيرة.
مصادر الطين الجافة
قام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بعمل خريطة إلكترونية لحصر وتصنيف ودراسة مصادر الطين الجافة المنتشرة فى الصحارى المصرية وترتيب أولويات استخدامها في حقن التربة الرملية بها لرفع خصوبتها وتحسين خواصها المائية، ولكن الاستصلاح بهذه التقنية لابد أن يكون قائما على دراسة مستفيضة لمصادر الطين الجافة في مصر من حيث أماكن تواجدها بكميات اقتصادية وتحليل خواصها الطبيعية والكيميائية والمنرالوجية وتحديد معدن الطين السائد بها ونسبته ويتم توقيع كل هذه المعلومات لكل منطقة دراسة بإحداثياتها على خريطة إلكترونية يتم تحديثها بشكل دوري عند دراسة منطقة جديدة ويتم ترتيب أولويات إضافة مصادر الطين الجافة المدروسة للظهير الصحراوى القريب من كل منطقة دراسة لتحسين الخواص الطبيعية والكيميائية والمائية للتربة الرملية ورفع خصوبتها وبناءا على هذه الخريطة سيتم تحديد أماكن وضع خطوط الإنتاج لفصل حبيبات السلت والطين في الأماكن المدروسة بحيث تكون قريبة من المناطق المستهدف استصلاحها بهذه التقنية لتوفير تكاليف النقل، وذلك لضمان استدامة المشروع وجدواه الاقتصادية. لذا تم تقسيم مصر إلى 4 نطاقات (المنطقة الغربية التي تمتد من الضبعة إلى السلوم) - (محافظة الوادى الجديد والواحات) - (شبه جزيرة سيناء وتشمل شمال ووسط وجنوب سيناء) – (المنطقة الجنوبية (صعيد مصر) ويمتد من الجيزة إلى أسوان) من أجل استصلاح الظهير الصحراوى لهذه المناطق الأربع.
خط إنتاج السلت والطين لتخصيب التربة
كما قام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع من خلال إنشاء خط الإنتاج (قادر1) لتكسير وطحن وفصل حبيبات السلت والطين من المصدر ويخدم هذا الخط الأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها فى نطاق الساحل الشمالى الغربى (من الضبعة وحتى السلوم) وتم وضعه فى مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح بمنطقة القصر ويتم تغذيته بخامات الطين التى تم دراستها فى المنطقة الغربية، ويقوم بفصل حبيبات السلت والطين منها تمهيدا لحقنها فى التربة الرملية المستصلحة حديثًا لتحسين خواصها الطبيعية والكيميائية والمائية ومن ثم توفير 50 -60% من كميات مياه الري المضافة وتوفير 35 – 50% من معدلات الأسمدة الكيميائية وكذلك توفير أكثر من 70% من الأسمدة العضوية المضافة بالإضافة إلى زيادة إنتاجية الفدان المنزرع بالمحاصيل الحقلية والخضروالمستصلح بأستخدام هذه التقنية من 15 – 35%. والجدير بالذكر أنه لا توجد تربة طينية تحتوى على نسبة 100% من حبيبات السلت والطين فأخصب أنواع الأراضي الطينية فى مصر لاتزيد نسبة حبيبات السلت والطين فيها عن 50% والباقى رمل وشوائب لذا فأن خطوط فصل حبيبات السلت والطين من المصدرتوفر اكثر من 50% من تكاليف النقل من خلال فصلها لحبيبات السلت والطين وهو المكون الأقتصادى للمشروع وليس الرمل والشوائب.
ثم قام الفريق البحثى بتنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع باستخدام تقنية حديثة لمعالجة الأراضي الرملية والرملية الجيرية المتدهورة بالملوحة والقلوية ورفع خصوبتها من خلال حقنها بحبيبات السلت والطين المعالج ويحتاج الفدان المحقون كليا من 20 -25 طنا فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 40 – 50 سم وهى منطقة انتشار الجذور الفعالة للخضر والمحاصيل الحقلية يتم ذلك من خلال معدات مبتكرة خاصة بذلك. كما تحتاج الشجرة من 70 - 100 كجم فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 1 - 1,5م ويتم ذلك من خلال حاقن خاص بالشجر.
ووجد الدكتور علي عبد العزيز – رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالطين أن خامات الطين الجافة تتوافر بمليارات الأمتار المكعبة فى شتى ربوع الصحارى المصرية، مما يحقق الاستدامة لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين وتمكنه من التوسع الأفقى فى مشروعات استصلاح الأراضي الصحراوية الحديثة من خلال مياه الرى التى يتم توفيرها باستخدام هذه التقنية، كما أن تواجد هذه الخامات يفتح آفاق التصدير لتميز هذه الخامات بجودتها العالية مقارنة بالدول الأخري. لذا أوصي بضرورة التوسع في إنشاء خطوط إنتاج للسلت والطين في مختلف المناطق المستهدفة بسعة إنتاجية كبيرة لتحقيق المردود الاقتصادي للمشروع وضمان استدامة المشروعات القومية الزراعية الحالية والمستقبلية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ،أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الأدبية والفنية