الأحرار، قصة صدور أول جريدة معارضة في مصر.. قادت الديمقراطية في بلاط صاحبة الجلالة.. وصلاح قبضايا أول رئيس تحرير
في مثل هذا اليوم من العام 1977، صدر العدد الأول من جريدة الأحرار، أول جريدة معارضة في مصر بعد ثورة يوليو 52، عن حزب الأحرار الاشتراكيين بزعامة مصطفى كامل مراد، وبرئاسة تحرير الدكتور صلاح قبضايا.
وجاء إصدار جريدة الأحرار بعد إعلان التجربة الحزبية الجديدة في مصر بثلاثة منابر في البداية تحولت فيما بعد الى أحزاب هى: حزب مصر وهو حزب الحكومة، الأحرار الاشتراكيين ، التجمع التقدمى الوحدوى، وأصدر حزب مصر الحاكم جريدة مصر كأول جريدة حزبية تتحدث بلسان الحزب الحاكم، وصدرت جريدة الأحرار كجريدة معارضة للرد على بيانات الحكومة وانتقادها ومقاومة الفساد فيها.
كانت قصة ظهور أول صحيفة معارضة في مصر مليئة بالعقبات والصعوبات، جاءت بناء عن فكرة من رئيس الحزب مصطفى كامل مراد وبين الكاتب الصحفى الراحل جلال الدين الحمامصي وذلك بعد دراسة مستفيضة لاصدار جريدة معارضة أعدها الدكتور صليب بطرس أحد خبراء الإدارة في مصر، ووافق الحمامصى على أن يقوم بالإشراف فقط مرشحا الصحفى صلاح قبضايا لرئاسة التحرير، وتضامن مصطفى أمين بل شجع اختيار صلاح قبضايا واختير الصحفى محمد الغلبان مديرا للتحرير وعلى الفولى رئيسا لمجلس الإدارة.
بدأت صحيفة الأحرار بحجرتين في مبنى اللجنة المركزية بكورنيش النيل ـ تم هدمه الآن ـ حيث مقر حزب الأحرار بعد أن اشترط قبضايا عدم تدخل الحزب أو رئيسه في سياسات الجريدة مع الاحتفاظ بحق الحزب في نشر بياناته وأخباره.
بدأ الإعداد للأعداد صفر للجريدة والعدد الأول بقرض من بنك مصر ومبلغ من شركة التوزيع تحت حساب توزيع العدد الأول، ورشح الغلبان وحيد غازى الصحفى بالجمهورية نائبا لرئيس التحرير، وقام سعيد إسماعيل سكرتير تحرير الأخبار بتصميم الصفحة الأولى والأخيرة، وصمم أستاذ التصميمات الفنية على مهيب شعار جريدة الأحرار على شكل الشمس، كما ابتكر أول رسام بالجريدة نبيل صادق شخصية مخلص الوسطانى وأصبح الكاريكاتير بديلا للصورة في الصفحة الأولى والأخيرة، وتم اختيار المهندس محمود فوزى مديرا للإعلانات إلى جانب شئون الفلاحين.
وكانت أولى حملات الأحرار الصحفية "كارثة القطن"؛ بسبب فساد المبيدات واستجواب النائب البرلماني محمد عبد الشافي عن هذه الكارثة، التي بلغت خسارتها مليون قنطار قيمتها 112 مليون دولار، ونشر المانشيت في العدد الأول (استجواب ممدوح سالم)، (رئيس الوزراء متهم بالإهمال وإخفاء كارثة القطن)، وجاء رد جريدة مصر على حملة كارثة القطن بإعلان الحكومة تعويض الفلاحين.
وما أن صدرت الاحرار حتى توافد المراسلين الأجانب على الاتصال بالجريدة طلبا لزيارتها ولقاء الصحفيين فيها، لتبدأ المواجهة مع الحكومة فأصدر عبد المنعم الصاوى قرارا بمنع نشر اى اعلان عن الاحرار في التليفزيون ومنع اى من رموز المعارضة من الظهور في التليفزيون.
وكتب رئيس التحرير صلاح قبضايا في عموده (آخر كلام) بالعدد الأول يقول: "بين يديك عدد تاريخي من صحف مصر في عهد الديمقراطية والحرية.. بين يديك الآن أول صحيفة معارضة تظهر في مصر منذ قيام ثورة يوليو أي منذ 25 عاما، والطريق أمام هذه الصحيفة طويل وشاق، ولدت ولادة طبيعية في كنف الحريات وتعدد الأحزاب.
وحول قصة صدور الجريدة كتب صلاح قبضايا في كتابه "صحفى ضد الحكومة"، قال: "اعتدت دائما وبصفة منتظمة التردد على أستاذي جلال الدين الحمامصي دون موعد أو استئذان، وفتحت باب مكتبه في الدور السادس في أخبار اليوم، لكني لم أجده وحده، وفوجئت بأن ضيفه هو مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار وزعيم المعارضة في البرلمان، بادرنى الحمامصي، قائلا: هل ستعمل معنا في جريدة الأحرار؟ وبدون تفكير قلت له: إنه لشرف لي أن أعمل في جريدة معارضة، واستأذنت وانسحبت.
وتابع: "كان أملى دائما أن أرى صحفيين ضد الحكومة يتصيدون أخطائها ويكشفون إهمالها، وبدأ حلم العمل في جريدة معارضة يظهر عندى من جديد، خاصة لو كان الحمامصي رئيسا لتحريرها، تعثرت بعد ذلك فكرة إصدار الأحرار التي تحمس لها الحمامصي، لكن انفرد حزب الحكومة بإصدار صحيفة مصر برئاسة تحرير صديقى وزميل اخبار اليوم وجيه أبو ذكرى.
وأضاف "قبضايا": "كان هناك غضب من المسئولين وبعض الفئات من الحمامصي بسبب كتاباته للتشكيك في ذمة عبد الناصر بعد رحيله.. زرت الحمامصى وفاتحته في أمر رئاسته للأحرار، فقال إنه سيشارك في الإعداد فقط، وإنه يجب أن تكون رئاسة تحرير الصحف للشباب، وإنه رشح اثنين من الشباب لمصطفى مراد، هم العبد لله وسمير عبد القادر.. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقترن فيها اسمى بلقب رئيس التحرير بكل ما فيه من بريق ورهبة.
واستطرد: "قلت لأستاذي من حق أي شعب بعد حكم فردي طويل أن تكون له صحف معارضة، وطلبت منه أن يعاون بكل طاقته في إصدار الأحرار، لكن سافر الحمامصى في إجازة إلى أوروبا، وانقطع الحديث عن صحيفة المعارضة، وكان تم ترشيح سمير عبد القادر لقيادة الإعداد للجريدة إلا أن موسى صبري رئيس تحرير الأخبار التي نعمل بها أنا وسمير رفض السماح لأي من العاملين بالجريدة الجمع بين العمل بالأخبار والعمل بجريدة حزبية، فانسحب سمير عبد القادر من العرض وكان على أن اختار لكني فضلت العمل في جريدة معارضة، وقابلت موسى صبري وأبلغته بقراري، وقلت له: إني أفضل العمل محررا في المعارضة على العمل رئيسا لتحرير الأخبار ذاتها.. وإنني أحلم أن أكون صحفيا ضد الحكومة وأخذت إجازة بدون مرتب، بعد أن كلفني مصطفى مراد المشاركة في الإعداد لجريدته بوصفي رئيسا للتحرير.
وواصل قبضايا في مقاله: اعتذرت عن المنصب دون أن اعتذر عن المهمة، واقترحت عليه اسم الصحفى عبد السلام داوود، وتشاور معه لكن داوود وضع شروطا، وهي نشر عموده اليومي في الأخبار "ماقل ودل"، مع الاحتفاظ بمنصبه ومرتبه بالأخبار، وأن يقابل هو شخصيا الرئيس السادات، ويستمع منه شخصيا رغبته في وجود صحيفة معارضة.. وحسما للأمر اتصل به مصطفى كامل مراد يعلن تمسكه بي رئيسا للتحرير، وعلمت منه أن موسى صبري رشحني لذلك، وكذلك مصطفى أمين، وقال إني الوحيد المتحمس للجريدة، وبناء عليه اجتمعت الهيئة العليا لحزب الأحرار، وقررت انتخابي رئيسا للتحرير، ومحمد الغلبان مديرا للتحرير، لأصبح أول رئيس تحرير مصري يعين بالانتخاب.
جريدة مصر صديقة
يحكى وجيه أبو ذكرى معاركه كرئيس تحرير جريدة مصر مع جريدة الاحرار برئاسة رفيقه صلاح قبضايا الذى كان في الاتجاه المعاكس فيقول: كان هناك تنسيقا كبيرا بين صحيفة الحزب الحاكم وصحيفة المعارضة وكانت لقاءاتى بصديقى اللدود مستمرة وبالرغم ان مكاتبنا متجاوره بمبنى اللجنة المركزية الا اننا كنا نلتقى في النادى نناقش القضايا السياسية وننتهى دائما الى حوار مثمر يؤدى في النهاية الى ترسيخ مبادئ الصحافة الحرة، والحقيقة ان صلاح زميل دفعة الصحافة بكلية الاداب منذ 1954 وعندما انتخب رئيس تحرير طلعت مكتبه ابارك له وقلت له عاوزين نعمل ديمقراطية صحفية نتحرى الحقيقة، ويكتب هو عن السلبيات ولو فيه خطأ أرد انا عليه ولا نخسر بعض في حالة اختلافنا في الرأي".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.