51 عامًا على عرض فيلم أنف وثلاث عيون.. أثار أزمة رقابية مدوية وأغضب إحسان عبد القدوس من توفيق الحكيم
في الأسبوع الأول من نوفمبر وفي مثل هذا اليوم 1972 عرض الفيلم المصرى "أنف وثلاث عيون " المأخوذ عن قصة بنفس الاسم كتبها الأديب إحسان عبد القدوس، بدار سينما ريفولى بالقاهرة.. كتب السيناريو والحوار للفيلم مصطفى كامل وأخرجه حسين كمال وقام ببطولته كوكبة من الفنانين والفنانات منهم ماجدة ونجلاء فتحي وميرفت أمين، محمود ياسين، صلاح منصور، حمدى أحمد، جلال عيسى، إحسان شريف، فتحية شاهين، اعتدال شاهين، كوثر العسال، نعيمة الصغير.
أعمال فنية قدمت مرتين بنفس الاسم، العار والباطنية أبرزهم، وفيلم أنف وثلاث عيون آخرهم
تدور أحداث قصة “ أنف وثلاث عيون ” التي كتبها الأديب إحسان عبد القدوس عن مشكلة البحث عن الحب والاستقرار العاطفي بعد النكسة ومع حدث فيها من انكسار من خلال قصة طبيب مشهور هو الدكتور هاشم طبيب التجميل وقام بدوره الفنان محمود يس له العديد من المغامرات النسائية، وثلاث فتيات الأولى: أمينة ـ ماجدة ـ وهى متزوجة ورغم ذلك تنشأ بينها وبين الطبيب علاقة ثم ينصحها بالعودة الى زوجها الذى تمل الحياة معه فيهجرها ويبعدها عنه، والثانية: نجوى ـ نجلاء فتحى ـ وهى إحدى مريضاته التي تعيش مع رجل ثري ينفق عليها هروبا من تعنت أسرتها وزوج أمها، والثالثة: رحاب ـ مرفت أمين ـ رمز الفتاة المتحررة التي تعيش حياتها بلا ضابط ولا رابط ويرفض تحررها فيطردها من حياته، ويذهب الى أحد البارات ليجد أمينة الحبيبة الأولى وقد أصبحت إحدى بائعات الهوى..
عالج إحسان عبد القدوس من خلال قصة أنف وثلاث عيون موضوعات اجتماعية واقتصادية يعانى منها المجتمع بعد الثورة، وبعد تطبيق النظام الاشتراكي وأصبح الفلاحين ملاكا فى الأراضى مركزا على التغيرات السلبية التى طرات على المجتمع الجديد من انحلال أخلاقى وقيمى.
أمير رمسيس يتحدث عن تخوفه من إعادة تقديم فيلم أنف وثلاث عيون
رؤية معاصرة لأمير رمسيس
كما قدمت قصة أنف وثلاث عيون مسلسلا فى التلفزيون عام 1980 بطولة ليلى علوى ويسرا، وماجدة الخطيب وكمال الشناوى وإخراج نور الدمرداش، وانتهى حاليا 2023 أي بعد 51 عاما تصوير فيلم أنف وثلاث عيون بنسخة جديدة ـ الفيلم معالجة سينمائية مُعاصرة ورؤية درامية لرواية إحسان عبد القدوس، والتي تم تقديمها في فيلم سينمائي عام 1972 سيناريو وحوار وائل حمدي وإخراج أمير رمسيس، ومن المقرر طرحه بدور العرض خلال الشهور القليلة المُقبلة بطولة ظافر عابدين وصبا مبارك وصدقى صخر وامينة خليل ومجموعة كبيرة من الممثلين الشباب.
ومرت قصة “ أنف وثلاث عيون ” عند بداية نشرها بهجوم شديد عند عرضها مسلسلة بمجلة روز ليوسف نهاية عام 1963 فبالرغم من إقبال القراء عليها وارتفاع توزيع المجلة نتيجة لذلك، جاءها الهجوم من البرلمان.
محاكمة برلمانية لعبد القدوس
وتقدم النائب البرلماني عبدالصمد محمد عبدالصمد إلى الدكتور محمد عبدالقادر حاتم نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة والإرشاد القومي وقتئذ، بلاغا حول رواية "أنف وثلاث عيون" التي ينشرها الكاتب إحسان عبدالقدوس في مجلة روزاليوسف خلال عام 1963 وأوائل 1964، والتي اعتبرها النائب مخلة بالآداب ومطالبا بوقف النشر وعدم نشرها في كتاب أو تمثيلها للسينما أو للإذاعة.
كما تقدم النائب بطلب إلى رئيس مجلس الأمة محمد أنور السادات يطالب فيه أيضا بوقف نشر قصة أنف وثلاث عيون التي وصفها بالجنسية الهدامة، واتهام مؤلفها الكاتب إحسان عبد القدوس بنشر الفساد والرذيلة فى المجتمع وتحويله إلى نيابة الآداب للتحقيق معه وإدانته، وتحدث أنور السادات إلى إحسان وأخبره أن هناك اتهاما موجها إليه بسبب روايته وأنه سينظر الطلب.
توفيق الحكيم صديق العمر
لجأ إحسان عبد القدوس إلى لجنة القصة بالمجلس الأعلى للفنون والآداب ليستجير بها مطالبا بإنصافه أمام البرلمان، وكان يرأس اللجنة صديق عمره الأديب توفيق الحكيم وتضم عضويتها د. طه حسين ونجيب محفوظ، وأرسل إليه خطابا يقول فيه: إن القضية قضية أدبية وإن لجنة القصة هي صاحبة الحق في أن تبدى رأيها في هذا الاتجاه الأدبي فإذا وجدت أنه اتجاه ليس من الأدب في شيء أو أن نشره يعارض المصلحة العامة توقفت عن السير فيه رغم إيمانى به لأن الرأي هنا سيكون رأى لجنة من المتخصصين..أما إن كان هذا الاتجاه صالحا للنشر فمن حقى أن أسير فيه.
يقول إحسان عبد القدوس في مقال نشر بالمجلة يشرح فيه إبعاد مشكلة القصة: تحمست اللجنة لموقفى وأبدت تأييدا، وعندما طلبت من الأستاذ توفيق الحكيم تسجيل رأى اللجنة كتابة في محضر الجلسة لاستعين به لو قدمت للمحاكمة لا للنشر في الصحف.. وهنا تراجع توفيق الحكيم وطلب أن يستشير في الأمر الأديب يوسف السباعى، وكان يقصد استشارة الحكومة، خرجت من اللجنة يائسا، وقلت للحكيم: إنه إذا حققت النيابة معه فستكون البداية لكل الأدباء.
وفي جلسة مناقشة الطلب رد الوزير عبد القادر حاتم على سؤال النائب في حضور أنور السادات رئيس المجلس، بالقول: إن الصحافة حرة ولا تتبع الحكومة ولها نظام خاص.
إحسان يصف الأمر بالكارثة
علق إحسان عبدالقدوس مؤلف الرواية كما نشرت روز اليوسف عام 1964 على هذه الجلسة البرلمانية بقوله "إنها كارثة على الأدب العربي على وشك أن تهب عندما تمتد يد غير المتخصصين لتحاول خنق إنتاج أدبي.. فهي كارثة بكل المقاييس، ووسط هذه الأزمة أعفيت من منصبى كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف، ولم يكن الإعفاء في حد ذاته يهمنى فقد كنت أسعى إليه منذ وقت طويل لإعفاء نفسى من كل المسئوليات الإدارية لكن كان كل همى ألا يكون لإنتاجى الأدبى دخل في هذا الإعفاء.
ثارت الصحف كلها تنال من مؤلف قصة أنف وثلاث عيون، وتشوه صورته ووصل الأمر إلى الرئيس جمال عبد الناصر، وحتى لا يتهم بخنق وحبس الحريات انحاز إلى الرواية وإلى الكاتب، وأمر باستمرار نشر الرواية التي تنتقد الأوضاع فى مصر بالرمز.
كلمة أخيرة للمؤلف
وكتب إحسان يقول: “لست الكاتب المصري الوحيد الذي كتب عن الجنس، فهناك المازنى في قصة (ثلاث رجال وامرأة) وتوفيق الحكيم في قصة (الرباط المقدس ) وكلاهما جنس أوضح مما كتبت، كما أن نجيب محفوظ يعالج الجنس بصراحة في رواياته إلا أن رواياته تدور حول المجتمع الشعبى الذي لا يقرأ ولا يكتب، أو يكتب في مواضيع تاريخية، أما أنا فقد كنت واضحا وصريحا وجريئا فكتبت عن الجنس حين أحسست أن عندي ما أكتبه عنه سواء عند الطبقة المتوسطة أو الطبقة الشعبية دون أن أسعى لمجاملة طبقة على حساب طبقة أخرى، لكن ثورة الناس على هؤلاء الأدباء جعلتهم يتراجعوا لكنى لم أضعف مثلهم عندما هوجمت فقد تحملت سخط الناس على لإيماني بمسئوليتى ككاتب.”
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، القسم الثاني، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.