سيناء وادي مصر المقدس.. قراءة في العقل الصهيوني.. جزء من حلم إسرائيل الكبرى.. والإرادة المصرية عبر العصور حالت دون التفريط في ذرة واحدة من رمالها
تواجه مصر مخططات نقل الفلسطينيين إلى سيناء، وتهجير أهل غزة بزعم حمايتهم من الصراع بين إسرائيل وحماس، لكن المطلع على الداخل الإسرائيلى يعرف جيدا أنها المرحلة الأولى للتخلص من القضية الفلسطينية، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يزيح الستار عن أسرار الكيان الصهيونى ورؤية قادته ومواطنيه لسيناء التى يتحينون الفرصة لالتهامها من جديد سواء لأسباب دينية أو أمنية وسياسية واستراتيجية.
وتذكر الإنسكلوبيديا اليهودية فى موقعها، أن سيناء ذكرت 17 مرة فى التوراة كاسم جبل سيناء؛ 12 مرة، و5 مرات فقط باسم “سيناء”.
من بين هذه الأحداث الخمسة، فى سفر واحد (خروج 16: 1) الإشارة إلى صحراء سيناء، وفى جميع الأحداث الأخرى (تثنية 33: 2؛ قضاة 5: 5؛ مزمور 6: 9: 18) إلى جبل سيناء، ومن الممكن إذن أن تكون شبه الجزيرة بأكملها قد سميت فى فترة لاحقة بهذا الاسم التوراتى لوجود جبل سيناء المقدس بداخلها.
وتستطرد الإنسكلوبيديا اليهودية، زاعمة أنه فى وقت مبكر من الألفية الرابعة قبل الميلاد، كانت شبه جزيرة سيناء بمنزلة مفترق طرق للتجارة الدولية ومكان التقاء بين الثقافات القديمة لدول الفرات والنيل، ويبدو أنه فى أيام أجداد اليهود إبراهيم وإسحاق ويعقوب (فى العصر البرونزى الأوسط) كانت هناك بالفعل مستوطنات على جوانب الطرق الرئيسية، والتى كانت متاخمة لمصادر المياه.
وتتحدث الموسوعة، أن الإسرائيليين الذين خرجوا من مصر واجهوا بعضهم من سكان سيناء أثناء تجوالهم كالمدينيين والقينيين، كما توغل أسباط إسرائيل الذين غزوا كنعان فى النقب، ضاربة المثل بتخم الأرض من الجنوب (وهو التخم الجنوبى لسبط أملاك يهوذا)، ويمتد من “من النقب إلى مقدس برنيع” (بمدبار 4: 4؛ يش 15: 3)، أي: فى شمال شرق سيناء.
وترتبط سيناء بالكثير من الأعياد اليهودية، حيث تتحدث القناة الثانية العبرية أن عيد العرش بمنزلة تذكير بالخروج من مصر، وهو أحد رحلات الحج الثلاثة، كل عام فى الثانى عشر من تشرى ويستمر سبعة أيام، ويذكر التقليد أن العيد هو تذكير بالخروج من مصر وعيد العرش حيث جلس إسرائيل فى صحراء سيناء لمدة أربعين عامًا.
ويكشف دكتور خالد سعيد، الباحث بمعهد يافا للدراسات الإسرائيلية، أن إسرائيل تطمع فى أرض سيناء دينيا واستراتيجيا، ويعتبروها جزءا من إسرائيل الكبرى، حيث لا تزال فكرة من النيل إلى الفرات تسيطر عليهم، مبينًا أنه من قبل حرب ١٩٤٨ وهناك مطامع لتوطين اليهود نفسهم فى سيناء.
وأكد سعيد فى تصريحات خاصة لـ”فيتو”، أن مؤسس الفكرة الصهيونية تيودور هرتزل قام برحلة إلى مصر عام 1902 لتنفيذ هذه الفكرة، ولكن طلبه قوبل بالرفض من السلطات المصرية.
وفى العشرينيات جاء بعض اليهود إلى مصر وعرضوا نفس العرض على السلطات فى مصر والسلطات رفضت إعطاء أي قطعة من الأرض للأجانب فى سيناء.
وأضاف الباحث فى الشئون الإسرائيلية، أن البعد الدينى لشبه جزيرة سيناء بالنسبة لإسرائيل يتمثل فى ٣ أعياد يهودية مرتبطة بسيناء، وهى أعياد يوم الغفران وعيد المظلة وعيد الفصح.
وأكد سعيد أن وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق موشيه ديان وُجد فى منزله كمية كبيرة من الآثار المصرية المستخرجة من سيناء، إذ حاولوا وقتها إخراج أي آثار تثبت وجودهم فى شبه الجزيرة، وهو ما أخفقوا فيه بشكل كبير.
وأوضح سعيد أن حجم المنشآت الإسرائيلية داخل أراضى سيناء كانت تؤكد إصرارهم على البقاء داخل سيناء للأبد وعدم الجلاء عنها، ولعلمهم أن تلك الأرض ليست أرضهم كانوا يغدقون بالهداية على بدو سيناء الأمر الذى رفضوه، ومن قبل منهم العطايا الإسرائيلية نسبة بسيطة من قوام بدو سيناء فى هذا الوقت.
وأشار الباحث فى الشئون الإسرائيلية إلى ما يسمى بعقدة بيجن، حيث رفض رئيس الوزراء السابق مناحم بيجن تسليم سيناء كاملة للجانب المصرى، وحاول الإبقاء على مدينة رفح تحت السيطرة الإسرائيلية وكان يرفض تسليمها إلى المصريين، وهو ينطبق على أجزاء أخرى مثل طابا وحتى شرم الشيخ.
وتابع: لكن الإرادة المصرية فى هذا الوقت حالت دون التفريط فى ذرة رمل واحدة، مبينا أن سبب التشبث الإسرائيلى بتلك المناطق كونها استراتيجية، سواء رفح على البحر المتوسط أو طابا على البحر الأحمر، ومثلهما كانت مدينة شرم الشيخ أثناء احتلال سيناء التى اعتبرها الكيان الصهيونية رئة لإسرائيل بسبب موقعها الفريد بين الأردن ومصر وإسرائيل وقربها من جزيرتى تيران وصنافير وتحكمها فى مضيق تيران على خليج العقبة، وبالتالى كانت هناك رؤية للسيطرة على تلك المناطق بشكل خاص.
وأشار سعيد إلى أن قصة الخروج من سيناء، وتوظيف تلك المكانة الدينية فى الخطاب السياسى من بعض المتطرفين مثل ليبرمان، بجانب اعتبارها قضية أمن قومى إسرائيلى.
واستكمل: كان رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شارون يحدد دائرة من الخليج إلى المحيط الأطلسى ويعتبرها منطقة أمن قومى، يحدد دائرة أصغر بلون آخر لمنطقة أكثر أهمية للأمن القومى الإسرائيلى، وهكذا حتى الوصول إلى حدود إسرائيل الحالية.
وانتقل سعيد للحديث عن المخطط الخاص بنقل الفلسطينيين إلى سيناء، مبينا أن هناك تفكيرا قديما يدور حول تهجير أبناء قطاع غزة إلى سيناء وتهجير أبناء الضفة الغربية إلى الأردن، بهدف إزاحة الفلسطينيين من أرضهم التاريخية وتوطين يهود العالم بدلًا منهم.
وأردف الباحث فى الشئون الإسرائيلية: ما يحدث فى حرب غزة الأخيرة والسعى لتوطين الفلسطينيين فى سيناء أمر مرفوض تماما، سواء من الرئيس السيسى أو من وزير الخارجية سامح شكرى، إذ تعتبر سيناء جزءا أصيلا من الأراضى المصرية ولا تفريط فيها بأى شكل.
من ناحيته كشف دكتور إبراهيم البحراوى أستاذ اللغة بكلية آداب، قسم الدراسات العبرية، جامعة عين شمس، ونائب رئيس مجلس إدارة مركز الدراسات الإسرائيلية، وأحد الذين حققوا مع الأسرى الإسرائيليين فى حرب 1973، أن معاهدة السلام مع مصر كانت انكماشا جبريا أجُبرت عليه بسبب أطماع التوسع الإسرائيلية فى سيناء.
وأوضح أن حرب أكتوبر التى حطمت أساطير التفوق فى عقول القيادات والجماهير الإسرائيلية وأيقظتهم على أهمية اتقاء الخطر المصرى الذى قد يتجدد مرة أخرى، لافتا إلى أن الرئيس السادات تمكن من استمالة الولايات المتحدة باعتبارها الراعى والحامى وممول إسرائيل، بعد أن وجدت مصالحها العليا تقتضى تشديد الضغط على أطماع التوسع الإسرائيلية لتبتعد عن سيناء.
وبين البحراوى فى كتابه “انتصار أكتوبر فى الوثائق الإسرائيلية”، أن خلاصة تجربته فى دراسة العقلية الإسرائيلية عن بعد من خلال المصادر الإعلانية وعن قرب من خلال استطلاع مفاهيم الضباط الإسرائيليين الأسرى بالسجن الحربي المصرى فى أكتوبر عام 1973 أعانته على تلخيص المسألة كلها فيما يعرف بقانون التمدد الطوعى والانكماش الجبرى للأطماع التوسعية.
وأضاف: الأمر فى نظره مثل فرامل السيارة التى تنكمش إذا ضغطت عليها بقدمك، فيتوقف اندفاع السيارة، وبالمثل يتوقف تمدد أطماع التوسع الإسرائيلية، وإذا رفعت الضغط بقدمك تنطلق السيارة من جديد وبالمثل فى حالة تغير موقف الولايات المتحدة من مصر، ستتمدد أطماع التوسع الكاملة فى قاع العقول الإسرائيلية باعتبارها جزءا من الأيديولوجية الصهيونية التى عبرت عنها بوضوح عناصر اليمين الإسرائيلى العلمانية والدينية بعد عام 1967.
وأوضح أن هذه العناصر تعتبر سيناء حتى الآن جزءًا عضويًّا من أرض إسرائيل، ويظهر هذا فى عبارة مناحم بيجن عام 1968: أن سيناء جزء عضوى من أرض إسرائيل وسأتخذ فيها مرقدى الأبدى، لافتا إلى أن هذا التعبير عن التمدد الطوعى للأطماع عرضت بواسطة نفس الرجل عندما أصبح رئيسًا للوزراء، ولكنه أجبر على انكماشا جبريا بتوقيعه معاهدة عام 1979 بعد أن شاهد المخاطر التى لحقت بإسرائيل أثناء زلزال حرب أكتوبر.
وأضاف البحراوى: الدليل على ذلك أنه رغم الإفراج عن العديد من الوثائق اعتبارا من عام 2013، لكن الجيش الإسرائيلى حرص على حذف مقاطع عديدة من سطور هذه الوثائق تتراوح ما بين كلمة واحدة إلى فقرات امتدادا لعدد من الصفحات، وهى دلاله على أن هناك أسرار يريدون إخفاءها عن عيوننا رغم مرور 40 عاما.
وأوضح أن رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى عارض النزوح من سيناء، وبعض المسئولين الإسرائيليين الحاليين كانوا يرفضون الخروج أيضًا، ومنهم من كان يسكن فى مستوطنات سيناء قبل تهجير الإسرائيليين عنها.
ويورد موقع “نيوز وان” الإخباري الإسرائيلي، قصة عن رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى وأحد المقربين من نتنياهو تساحى هنيجافى الذى قاد مجموعة الطلاب الذين عارضوا فى ذلك الوقت الإخلاء عن طريق البحر، وتسلقوا النصب التذكارى فى سيناء وحصنوا أنفسهم فى مكانه، وطالبوا بمعاملتهم كأبطال والسماح لهم -وهم وحدهم من بين جميع الإسرائيليين- بالوصول إلى دخول مصر كسائحين بدون تأشيرات خاصة.
ويضيف: تحدث الرئيس السيسى أن نقل الفلسطينيين إلى سيناء سيحول المنطقة إلى قاعدة للهجوم على إسرائيل، وهو أمر ينسجم مع الخطوط الحمراء الثلاثة الإسرائيلية التى تبيح لها التدخل فى المنطقة، وحددها شلومو جازيت، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، بحسب ما ذكره إسرائيل شاحاك فى كتابه “الأسرار المفتوحة”.
وجاءت خطوط جازيت كالتالى: الأول إرهاب معاد لإسرائيل ينطلق من أراضى دولة مجاورة، وهو ينسجم مع ما قد يخلفه نقل الفلسطينيين إلى سيناء، واتخاذها قاعدة للهجوم على إسرائيل، والثانى سماح دولة عربية لأى منظمه إرهابيه بالتحرك الحر فيها الأمر الذى يخلق وحشا داخليا قد يخرج ويقضى عليها عاجلا أم آجلا إذا لم تتخذ الخطوات المناسبة لوقف أي تطور يمس سيادتها، بما يعرضها لفقدان سيطرتها على الدولة فى وقت لاحق.
بينما يرى جازيت، أن الخط الأحمر الثالث هو دخول قوة عسكرية عربية إلى أراضي دولة عربية أخرى مجاورة لإسرائيل الأمر الذى يمس سيادة الدولة ويزعزع استقرارها، ويتسبب التدخل فى وقوع أحداث وتطورات فى المنطقة مثل التهديد بالثورة العسكرية أو الشعبية، والتى قد تأتي بمتطرفين ومتعصبين إلى السلطة يهددون إسرائيل، وفى هذا الخط تحديدا وطبقا لجازيت لا يتوقف الأمر على الأقطار العربية المجاورة لإسرائيل، بل يصل إلى أي دولة أخرى يمكنها تهديد إسرائيل، على حد قوله.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.