رئيس التحرير
عصام كامل

الوجه الآخر للمقاطعة، أصحاب محلات وأكشاك: خسرنا كتير بس كله فدا فلسطين (فيديو وصور)

كشك سلع استهلاكية،
كشك سلع استهلاكية، فيتو

لن توقف مقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية القذائف من السقوط ولن يمنع الإحجام عن شرائها المقاتلات من التحليق على ارتفاع منخفض، واستهداف المدنيين بل لن تقف النزعة الاستهلاكية حاجزا بين طفل خرج لتوه وهو يلفظ أنفاس النجاة من تحت أنقاض منزلًا مهدم ليجد بانتظاره قذيفة دبابة موجهة نحوه.

لن تمنع المقاطعة الحرب أبدا، ولن تساهم في إحلال السلام على كوكب ما أن ينفض غبار كارثة طبيعية حتى يُعفر بغبار أخرى من صنع بني البشر.

المقاطعة متنفس الشعوب للتعبير عن الغضب

ولكن ماذا تفعل الشعوب في زمن الحرب للبحث عن متنفس من كل هذا الغيظ والقلق المحيط بها غير أنها تحسس جيوبها من الخلف عند الإقدام على شراء بعض المنتجات الاستهلاكية خشية أن تقع في خطيئة شراء منتج ينسب إلى شركة يقال إنها تدعم عدوها، أو أن تكون إحدى ذيوله الخفية؟!

هذا ما حدث في الشارع المصري والذي مع أول يوم من إعلان الاحتلال الإسرائيلي حربه العشوائية وغير المتكافئة على قطاع غزة، وتداول بعض الصور والفيديوهات على المنصات الرقمية للتجاوزات العسكرية والميدانية والتي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بحق الأطفال والنساء والعُجز في قطاع غزة.

 شن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حملات مقاطعة واسعة لبعض المنتجات الأجنبية التي تدعم الكيان المحتل، وتحت شعار" متدفعش تمن الرصاصة" تداول مواقع التواصل صورا لمنتجات إسرائيلية وأجنبية مناشدين المواطنين بضرورة الامتناع عن شرائها.

 بدأ الأمر عرضيًا في بدايته ولم يحمل الكثير من الفردية في طيه قبل أن يتحول إلى مبادرة شعبية بالإمكان القول إنها أتت ثمارها، حيث امتنع عدد كبير من المواطنين عن شراء منتجات أجنبية بعينها مقابل إفساح المجال للمنتج المحلي.

الجانب الآخر من المقاطعة

ولكن ماذا عن الخسائر المادية جراء تلك المقاطعة والتي تعرض لها بعض أصحاب المحلات والأكشاك والذين يتاجرون في تلك المنتجات ويدفعون ثمنها مسبقًا، التي أصبحت الآن طريحة السوق؟! 

هذا هو الجانب الخفي من حملة المقاطعة، ولأجل ذلك قامت "فيتو" بجولة "ميدانية" والحديث مع عينة عشوائية من مناطق مختلفة لبعض أصحاب الأكشاك والمتاجر وسؤالهم عن شعورهم تجاه تلك المقاطعة ومدى تقبلهم لها ومقدار الخسارة المادية والتي ربما تعرضوا لها جراء ذلك.

خسارة ولكن...

البداية كانت من وسط البلد كشك صغير يقتطع جزء من شارع شمبليون لا يتسع إلا لبعض البضائع المتخمة بداخله ومقعد صغير يجلس عليه مصطفى السباعي (44 عاما* يقول إنه أحد الذين توافدوا من صعيد مصر إلى العاصمة منذ ثلاثين عامًا بحثًا عما أسماه هو"لقمة عيش" وأنه قام بشراء ذلك الكشك ليقتات منه.

لم يوافق على التسجيل في البداية ولكن عندما نجحنا في إقناعه أن الأمر كله عبارة عن استبيان شارع إزاء حملة المقاطعة وليس له دوافع إحصائية وافق على الفور، وهذا ما قاله:

“تلقينا بعض الخسائر المادية نتيجة تلك المقاطعة نظرًا لأننا نقوم بشراء كميات كبيرة من تلك المنتجات والتي امتنع المواطنون عن شرائها وهذه البضاعة أصبحت مستنفدة أو عديمة القيمة نظرا لعدم الإقبال عليها مما يعني أن ”فلوسنا طارت”.

مضيفًا: "إحنا بنشتري البضاعة دي بكميات كبيرة ممكن تكفي أسابيع وبنحطها في المخازن على أمل بيعها وده كان قبل اللي حصل في فلسطين ولكن بعد ما الناس وقفت شراء البضاعة دي بقت ملهاش لازمة لأنها غير مطلوبة".

مستطردًا: "ممكن يكون خسرنا بس دي أقل حاجة ممكن نقدمها لإخواننا في فلسطين ومش زعلانين على الخسارة طالما ده هيعوض شعورنا بقلة الحيلة".

صاحب محل: أي حاجة تخسر الصهاينة إحنا معاها

وأوضح: "أي حاجة ممكن تخسر الصهاينة إحنا معاها حتى لو هنخسر إحنا، أهم حاجة هما يخسروا".

لم يستطع مصطفى إخفاء جزء من شعوره الوطني يبدو أنه كان غافلا عنه إذ قال بما يشبه الحماس الأممي عند سؤاله عن رأيه في تصدر بعض المنتجات المصرية الواجهة التسويقية "دي حاجة حلوة جدا وكلنا فرحانين بكدا، أخيرا المنتجات المصرية الناس عرفت قيمتها".

مضيفًا: "ياريت من زمان كانت المقاطعة دي عشان الناس تعرف قيمة بلدها ومصانع بلدها".

خالد عبد الفتاح وهو أحد أصحاب الأكشاك المتخصصة في بيع المنتجات الاستهلاكية كسلعة أولية بجانب بعض الأنواع من السجائر قال هو الآخر: إن حملة المقاطعة تسببت في خسائر مادية كبيرة لهم مقارنة بظرفهم الاقتصادي كتجار صغار على أمل الترقي.

مضيفًا: "إحنا كلنا مع المقاطعة طالما ده هينفع إخواتنا في فلسطين".

"ولكن ماذا عن الخسارة" سألناه فأجاب: "ربنا بيعوض".

وعند سؤاله عما إذا كان فعلًا يتم طلب بعض المنتجات المصرية على حساب بدائلها الأجنبية قال: "آه طبعًا وأول حاجة بيجي يسأل عليها الزبون ده أجنبي ولا مصري؟".

مستدركًا: " كلنا فرحانين باللي حصل ومكنتش أتوقع إن حد يدخل ويسألني ده منتج مصري ولا لا؟ ولما أقوله لا، يسيبه ويمشي!".

المنتج المصري هو الأعلى طلبًا

يافطة صغيرة جدا مكتوب عليها بخط يدوي يبدو مرتعشا بعض الشيء جملة "بقالة الرزاق" تعلو كشك يبدو عتيقا جدا محيازًا بمقهى الحرية يجلس بداخله شاب ثلاثيني امتنع عن بيع المنتجات الأجنبية منذ حملة المقاطعة واستعاض عنها ببعض المنتجات المحلية ويصر على عدم بيع منتجات أجنبية مرة أخرى ولأجل وبحسب قوله: "بيقتلوا إخواتنا".

سألناه عن هل تعرض لخسارة مادية في معروضه جراء حملة المقاطعة الأخيرة أجاب "أيوة".

سألناه عن هل هذه الخسارة قد تؤثر على مشواره المهني كتاجر صغير على أمل الترقي أجاب "أيوة" وأضاف:"أكيد حاجة زي دي لازم تخسر بس هعمل أي أفضل أبيع الحاجات دي بعد ما عرفت إنهم بيدعموا الصهاينة".


مستطردًا: " المنتج المحلي دلوقت هو إللي عليه الطلب والمصريين أخيرا عرفوا قيمة منتجات بلدهم".
.وعند سؤاله عما إذا كان هناك فعلا بعض المنتجات المحلية يتم طلبها دون غيرها أجاب "الحمد لله كل المنتجات الأجنبية ليها بدائل مصرية وجودة أحسن كمان فكل حاجة المصريين بطلوا يشتروها من الشركات الأجنبية، الشركات المصرية وفرتها".

وعند سؤاله عن رأيه في استمرار حملة المقاطعة أو إنهائها أجاب "لا طبعًا لازم تستمر وبشكل أكبر عشان ندي فرصة للمنتجات المصرية تظهر".

مستدركًا بالقول: "إحنا عندنا مصانع وشركات محترمة ونقدر نعوض السوق بالمنتجات الأجنبية إللي المصريين بطلوا يشتروها".

 

رمضان السيد 26 عامًا صاحب محل لبيع السلع الاستهلاكية يقول هو الآخر: إنه مع استمرار حملة المقاطعة واشتدادها أكثر من ذلك وإعطاء الفسحة للمنتج المصري لأنه وبحسب وصفه يستحق إن لم يكن أفضل.

مضيفًا: "المقاطعة دي كان لازم تحصل من زمان حتى قبل أحداث فلسطين عشان نعرف قيمة منتجات بلدنا".

وعن سؤاله عن هل هناك خسارة مادية قد تعرض لها نتيجة تلك المقاطعة أجاب "هو في خسارة بس مش كبيرة لأني مش بشتري بكميات كبيرة".

مستطردًا: "بس في ناس خسرت كتير بصراحة، وربنا يعوضهم".

وعند سؤاله عن هل هناك بعض المنتجات المصرية يتم بيعها الآن في متجره؟ أجاب "أيوة عندي أكتر من نوع من أول المياه حتى المشروبات الغازية وكلها صناعة مصرية".

وعن الإقبال أجاب: "الحمدلله فيه إقبال كبير على المنتجات المحلية بكل أنواعها من أول الألبان حتى أدوات النظافة والمشروبات الغازية".

 

طارق 22 عاما، صاحب أحد أكشاك بيع السجائر كمنتج أولي بجانب بعض السلع الاستهلاكية الأخرى يقول هو الآخر: إنه يشيد بحملة المقاطعة للمنتجات الأجنبية والتي تنتجها شركات أثبت تورطها في دعم الكيان الصهيوني.

مضيفًا: "دي حاجة كان لازم تتعمل من الأول عشان نساعد أخواتنا الفلسطينين باللي نقدر عليه".

منوهًا: "في فعلًا خسارة اتعرضنا ليها لأن الناس قاطعت مرة واحدة وإحنا مكناش عاملين حسابنا".

وعن رأيه في انتشار المنتجات المحلية بالسوق أجاب: "حاجة جميلة جدا إننا نبيع منتج بلدنا في بلدنا، وإن شاء الله تكون خطوة لأننا نصدر برا كمان المنتجات دي".

 

علم الاقتصاد يجيب

ربما تعد حملات المقاطعة واحدة من الأسلحة التي تستخدمها الشعوب لردع بعض السياسات أو الكيانات المحتلة حيث إنها تعتبر كورقة ضغط جماهيري لرفض أمر أما أو عدم تمريره، ولكن ماذا عن جانبها السلبي؟!

يجيبنا الدكتور أحمد علي حسن أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة بني سويف قائلا: وجب التنويه أن حملات المقاطعة تعد عاملا فاعلا في السياسات الدولية، حيث إنها ترمز إلى الغضب الشعبي مجسما في صورة الامتناع عن شراء منتجات بعينها تتبع لجهات ما بغية إعاقتها اقتصاديا وهو ما سينعكس على طموحها السياسي والعسكري إن كان لها ولكن لا يمكننا إخفاء الجانب السلبي أو ما أسماه هو "النسخة السودا" إذ يقول أستاذ الاقتصاد "هناك تأثير سلبي نتيجة هذه المقاطعة إذ إنها تعرض بعض العاملين في هذه الشركات إلى فقدان وظائفهم أو تسريحهم دون وجهة معلنة".

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية