نجيب سرور شاعر العقل والحذاء.. حاولت إسرائيل اغتياله.. عارض الإقطاع والنظام الملكي والاحتلال.. ونهايته كانت في مستشفى الأمراض العقلية
الشاعر نجيب سرور، عرف بشاعر العقل والبذاءة، والشاعر طويل اللسان، وكذا شاعر العقل والحذاء، وفى نفس الوقت هو أديب وفنان متمرد، كتب بالشعر الحر فمزج بين الفصحى والعامية عبر في كلماته عن المعاناة بكل أشكالها، اعتمد على التراث الشعبى في تقديم مسرحياته الشعرية، شارك في الحياة الثقافية كفنان شامل ناقدا وكاتبا ومخرجا وممثلا مسرحيا ورحل في مثل هذا اليوم عام 1978عن 46 عاما.
كتب الشاعر نجيب سرور قصيدته الأولى عام 1956 بعنوان (الحذاء) ونشرها بمجلة الرسالة إثر موقف تعرض له والده أمامه للصفع من عمدة القرية صاحب الجاه والجبروت، الذى كان جشعا وقاسي القلب على فلاحى القرية وكان سببا في تمرده على الواقع الذى يعيشه، وشارك في عروض الفرقة النموذجية بالأقاليم،
قال سرور: منين أجيب ناس يا ناس بمعناه الكلام يتلوه.. البحر بيضحك ليه وأنا نازلة أتدله أملا القلل.. بينى وبينك سور ورا سور وأنا لا مارد ولا عصفور".
وكتب نجيب سرور أيضا عن نفسه: أنا ابن الشقاء.. ربيب الزريبة والمصطبة / وفي قريتي كلهم أشقياء.. وفي قريتي عمدة كالإله".. وهذه الكلمات هى أشهر ما كتبه الشاعر نجيب سرور.
البحر بيضحك ليه ؟
لقب نجيب سرور بشاعر العقل فكان يكره الظلم وعاش حياة الاضطهاد والبؤس والحرمان طوال حياته، نشأ فى بيئة ريفية وسط الفلاحين وشاهد معاناتهم مما خلق فى نفسه بذور الثورة والحقد على الإقطاعيين والأعيان.
أعمال مسرحية شعرية
ولد محمد نجيب محمد هجرس ـ الشهير نجيب سرور ـ عام 1932 بقرية إخطاب مركز أجا الدقهلية وهو شاعر مصري، ودرس بكلية الحقوق ثم معهد الفنون المسرحية، وتخرج منه عام 1956 لتبدأ علاقته المتميزة مع الكتاب والأدباء والمفكرين والمناضلين والفنانين من خلال أعمال مسرحية شعبية برز فيها كمؤلف وممثل ومخرج كعبقرية نادرة.
إيداع مستشفى الأمراض العقلية
سنوات مشواره الفني قضاها معارضًا لكل ما هو ضد أحلام الفقراء، فقد كان معارضًا للإقطاع والنظام الملكي والاحتلال، بدأ معارضته من خلال قصيدة كتبها عام 1946 معارضًا للاحتلال البريطاني، ولكن حياته السياسية والأدبية بدأت عام 1964، تم طرده من عمله بسبب آرائه المعارضة، حيث انتقد سياسة الحكومة أثناء حكم الرئيس السادات، ووضع في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية حتى رحل عام 1978.
سافر الشاعر نجيب سرور في بعثة إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج، ثم انتقل من روسيا إلى المجر ليعمل في قسم الإذاعة العربية في بودابست، وطلب منه القائمون على المحطة المساهمة في الهجوم على مصر فرفض وترك العمل، وكتب إلى والده يخبره بأنه لو قتل في المجر فسيكون بأيد صهيونية وأنه يريد العودة إلا أنهم سرقوا منه جواز سفره فلم يستطع العودة الى مصر.
ونشر والده الخطاب بإحدى المجلات ولما قرأ عبد الناصر الخطاب أرسل إلى سفير مصر بالمجر يطلب عودة نجيب سرور إلى أرض الوطن، وتزامن ذلك مع عرض مسرحيته "آه يا ليل يا قمر" التي تنبأت بنكسة 67 قبل حدوثها، وعمل مخرجا بمؤسسة فنون المسرح وتدريس الإخراج والتمثيل، وأعلن في ذلك التوقيت عن اعتناقه المذهب الماركسى.
البحر بيضحك ليه
كان نجيب سرور شخصية سيطرت عليه التشاؤم فقال في ذلك "عرفت أن الشمس لم تعبر بقريتنا، ولا مر القمر، بدروبها من ألف جيل ولا العيون تبسمت يومًا لمولود ولا دمعت لإنسان يموت.. فالناس من هول الحياة موتى على قيد الحياة" ويقول أيضا "أنا لست أخشى الذئب ذئبا، إنما أخشاه في جلد الحمل، رعبى عدو لا أراه.. أو لا أراه، إلا إذا فات الأوان"، وقال أيضا: البحر بيضحك ليه.. وأنا نازلة أدلع أملى القلل، البحر غضبان ما بيضحكش.. أصل الحكاية ما تضحكش.
كتب نجيب سرور مسرحية "ياسين وبهية" عام 1964؛ لتصور مأساة الفلاح المصري واخرجها كرم مطاوع، وقدم "آه يا ليل يا قمر"؛ لتتناول نضال الشعب ضد الاستعمار، وقدم "قولوا لعين الشمس" عن أزمة المثقف المصرى بعد نكسة يونيو، وكتب الشاعر نجيب سرور "يا بهية وخبرينى، الكلمات المتقاطعة، الحكم قبل المداولة، الذباب الأزرق، منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه" التي قدمت على مسرح السامر.
ونظرا لتمرد طباعه وكتاباته الجريئة كانت للشاعر نجيب سرور مواجهات مباشرة مع كل الأنظمة الداخلية والخارجية، فسجن عام 1964 وعذب العديد من المرات، ونفى الى سرنديب، وأودع بمستشفى الخانكة أكثر من ثلاثة أعوام.
كتب نجيب سرور مسرحية بعنوان " الذباب الأزرق " واقام بإخراجها أيضا واتهم فيها الملك حسين بالتسبب في مجازر بحق الفلسطينيين عرفت بمذابح أيلول الأسود كنوع من الكوميديا السوداء عام 1971،مما اعتبر تجاوز الخط الأحمر فتدخلت المخابرات الأردنية لدى السلطات المصرية لإيقاف عرض المسرحية، وقد كان، وبدأت منذ ذلك التاريخ مواجهة جديدة بين الأمن والشاعر انتهت بعزله وطرده من عمله ومحاصرته ومنعه من النشر وسجنه واتهامه بالجنون.
إثر نكسة يونيو على المثقفين
كانت لهزيمة 1967 أثرا سيئا في نفسه فكتب شعرا هاجم فيه المسئولين، وانتقد الانفتاح وكان نصيبه الاعتقال، وخرج منه وقد أصبح يهيم على وجه في الشوارع حافي القدمين يتسول قوته، رث الثياب أشعث الشعر، يتردد على مقاهى زملائه الشعراء والمثقفين، ثم دخل بعد ذلك مستشفى الأمراض العصبية عام 1973 وظل به سنتين وكتب فيه مسرحيته الشهيرة "منين أجيب ناس" ورحل أثناء إقامته بالمستشفى.
وكانت آخر كتاباته عام 1978 وهما ديوانى الطوفان الكبير وفارس آخر زمن ولم ينشرا إلا بعد وفاته بعام واحد، وعن معاناته في السجون كتب نجيب سرور يقول: حارس السجن ليه خايف من المسجون.. هي الحيطان اللي بينا قش يا ملعون.. ولا السلاسل ورق ولا السجين شمشون.
بروتوكولات حكماء ريش
لم يتعد إنتاج نجيب سرور الشعري إلا بضعة دواوين شعرية نذكر منها "لزوم ما لا يلزم" التي كتبها في المجر وصدرت عام 1975، و"بروتوكولات حكماء ريش"، و"رباعيات نجيب سرور"، وديوانا "الطوفان" و"فارس آخر زمن".
قصيدة جدلية
وعبرت قصيدة "الأميات" لنجيب سرور عن المرارة الشديدة التي شعر بها سرور إزاء الأوضاع في مصر، كانت القصيدة أشبه بصرخة الرفض التي أطلقها سرور ردًا على ما آلت إليه أوضاع بلده، وقد أحدثت جدلًا كبيرًا داخل المجتمع المصري، حيث تميزت بقسوتها الشديدة وألفاظها الجارحة والخادشة للحياء، حيث انتقد سرور فيها رموز السلطة في مصر.
الهجوم على روايات نجيب محفوظ
تمتع نجيب سرور بحس نقدى رفيع المستوى، فقدم عددًا من الأعمال النقدية الهامة منها "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات الكاتب الشهير نجيب محفوظ حتى انه كتب من خلال رسائل الى الاديب يوسف ادريس وصف فيها نجيب محفوظ بأنه كاتب "روتيني" موهبته محدودة بعالم محدود، ومهما قيل عن "ثورية" نجيب محفوظ فهو لم ولن يكون أبدا ثائرًا، وأنت ثائر ـ يقصد يوسف ادريس ـ من الرأس حتى القدمين، وهذا قدرك، ومهما قيل عن عالم نجيب محفوظ فسيظل عالمًا محدودًا دائمًا في حدود الطبقة الوسطى، أما عالمك فلا تحده حدود، إن عالمك هو كل العالم!.. ثم إن نجيب محفوظ هو القمة ككاتب الطبقة الوسطى المصرية المستعدة دائمًا لخدمة أي سلطة تتلو السلطة في أي عهد وأي نظام، أما أنت فكاتب الجماهير والملايين.
تمصير مسرحية الشخص
كما نشر أيضًا عدد من المقالات النقدية في بعض الدوريات الأدبية، أبرزها (تحت عباءة أبي العلاء، وهموم في الأدب والفن، وحوار في المسرح)،و قام بتمصير مسرحية " الشخص "التي قامت ببطولتها فيروز لبنان وأعيد عرضها بمصر بطولة عفاف راضى.
رحيل فى مستشفى الأمراض العقلية
انتهت حياة الشاعر نجيب سرور نهاية حزينة حيث توفي عام 78 عن 47 عاما داخل مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية بعد معاناة كثيرة في الحياة والسياسة لكتابته قصيدة "أميات"، وكان قد كتب في إحدى قصائده يقول: "أنا عارف إني هموت في عمر الورد"، ولم يكن يتوقع أن الموت سيكون في مستشفى الأمراض العقلية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
