هل للعمرة أوقات معينة؟ وما الأوقات المستحبة لها؟.. دار الإفتاء تجيب
ورد سؤال إلي دار الإفتاء يقول فيه صاحبه:"هل للعمرة أوقات معينة؟ وما الأوقات المستحبة لها؟، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي
مشروعية العمرة وفضلها
العمرة من شعائر الإسلام التي تقرَّرت مشروعيتها وفضلها بالكتاب والسُّنَّة والإجماع؛ فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]، ووجه الدلالة من الآية أنَّه إذا جاء الأمر بالتمام، فإنه يدلّ على المشروعية من باب أولى.
وقد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ».
ويُبَيِّنُ فضلَها أيضًا ما أخرجه ابن ماجه في "سننه" عن عمر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ».
آراء الفقهاء في الأوقات التي يجوز فيها العمرة
وقد نقل الإمام ابن رشد المالكي اتفاق العلماء على مشروعية العمرة وجوازها في أيام السَّنَة كلها.
قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 90، ط. دار الحديث): [وأما العمرة؛ فإن العلماء اتفقوا على جوازها في كلِّ أوقات السَّنَة] اهـ.
بينما ذهب الحنفية والإمام أحمد في رواية إلى كراهة العمرة في يوم عرفة ويوم النَّحر وأيام التشريق الثلاثة، مع صحتها لمَن أتى بها في هذه الأيام غير حاجٍّ.
والأصل في ذلك ما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت تكره العمرة في هذه الأيام الخمسة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [والظاهر أنها قالت سماعًا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه بابٌ لا يدرك بالاجتهاد] اهـ.
كما أنهم استدلوا بأنَّ الله تعالى سمَّى هذه الأيام أيام الحج؛ فيقتضي أن تكون متعينة للحج الأكبر، فلا يجوز الاشتغال فيها بغيرها، والعمرة فيها تشغلهم عن ذلك، وربما يقع الخلل فيه فيكره. ينظر: "المبسوط" للسَّرَخْسِي (4/ 178)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 227).
حكم العمرة للمحرم بالحج
اتفق الفقهاء أيضًا على أنَّ العمرة وإن كانت جائزة في أيام السَّنَة كلها إلا أنَّها تمتنع على المحرم بالحج، فإنه يمتنع عليه الإحرام بها من حين إحرامه إلى آخر أيام التشريق، ولا يعتمر حتى يفرغ من حجه.
قال الإمام أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 30، ط. دار الكتب العلمية): [أما العمرة فلها ميقاتان: مكاني وزماني، فذكر المكاني.. ثم قال: وأما الزماني فجميع أيام السَّنَة وفي يوم النحر وأيام التشريق؛ إلا أن يحرم بالحج فيمتنع عليه الإحرام بها من حين إحرامه إلى آخر أيام التشريق، ولا يعتمر حتى يفرغ من حجه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 148، ط. دار الفكر): [وقد يمتنع الإحرام بالعمرة في بعض السَّنَة لعارض لا بسبب الوقت، وذلك كالمحرم بالحج لا يجوز له الإحرام بالعمرة بعد الشروع في التحلل من الحج بلا خلاف] اهـ.
وقد زاد المالكية قيدًا، وهو ألَّا يعتمر قبل غروب شمس رابع أيام النحر حتى ولو انتهى من جميع أعمال الحج، قال الإمام العدوي في "حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 564، ط. دار الفكر): [قوله: (فإنه لا يعتمر حتى تغرب الشمس من أيام منى) وهو رابع النحر، فلو أحرم بعد فراغه من جميع الرمي ومن طواف الإفاضة وقبل غروب الرابع، فقد ارتكب مكروهًا وينعقد، إلا أنه يمتنع من فعلها حتى يخرج وقت الحج] اهـ.
وقد نص الشافعية على جوازها عند الفراغ من مناسك الحج ولو قبل غروب شمس رابع أيام النحر، وإن كان الأفضل الانتظار حتى تنقضي هذه الأيام، قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 385، ط. دار البشائر الإسلامية): [وأما الحاج فلا يصح إحرامه بالعمرة ما دام محرمًا بالحج، وكذا لا يصح إحرامه بها بعد التحللين ما دام مقيمًا بمنى للرمي، فإذا نفر من منى النفر الثاني أو الأول جاز أن يعتمر فيما بقي من أيام التشريق، لكن الأفضل أن لا يعتمر حتى تنقضي أيام التشريق] اهـ.
العمرة في رمضان
كما ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ من الأمور المندوبة والتي رغَّب الشرع فيها: العمرة في رمضان.
فوجه الدلالة من هذا الحديث أن العمرة في رمضان تعدل حجةً مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الثواب، لكنَّها لا تجزئ عن حج الفريضة.
العمرة في رجب وشعبان، وباقي أيام شهر ذي الحجة بعد أيام التشريق
ورد عن الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم ما يدل على مزيد فضل العمرة في بعض الأوقات غير شهر رمضان؛ كرجب وشعبان، وباقي أيام شهر ذي الحجة بعد أيام التشريق.
كما أن من الأوقات الفاضلة للعمرة: أشهر الحج؛ وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة؛ وقد نص على ذلك الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (2/ 90، ط. مؤسسة الرسالة): [والمقصود أن عُمَرَهُ كلَّها كانت في أشهر الحج مخالفة لهدي المشركين، فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج ويقولون: هي من أفجر الفجور، وهذا دليل على أن الاعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك.
وأما المفاضلة بينه وبين الاعتمار في رمضان، فموضع نظر، فقد صح عنه أنه أمر أمَّ مَعْقِلٍ لما فاتها الحج معه أن تعتمر في رمضان، وأخبرها أن عمرة في رمضان تعدل حجة.
وأيضًا: فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان، وأفضل البقاع، ولكن الله لم يكن ليختار لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في عُمَرِهِ إلا أولى الأوقات وأحقها بها، فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله تعالى بهذه العبادة، وجعلها وقتًا لها، والعمرة حج أصغر، فأولى الأزمنة بها: أشهر الحج، وذو القعدة أوسطها، وهذا مما نستخير الله فيه؛ فمن كان عنده فضلُ علمٍ فليرشد إليه] اهـ.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن العمرة تجوز لغير الحاج في جميع أيام السَّنَة، أمَّا الحاج فيمتنع عليه الإحرام بها من حين إحرامه إلى آخر أيام التشريق، ولا يعتمر حتى يفرغ من حجه، ولو أحرم بالعمرة في هذه الأيام لا تنعقد ولا تلزمه، وأما الأوقات المستحبة لها فأكثرها استحبابًا شهر رمضان، ثم أشهر الحج، ثم رجب وشعبان.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية