صواريخ المقاومة تغير أوراق اللعبة في فلسطين وإسرائيل، وحماس - عباس - نتنياهو في مهب الريح
لعنة ينتظر أن تطال الجميع، إذ قد تخلف عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في السابع من شهر أكتوبر الجاري، ورد عليها الاحتلال بعدوانية غير مسبوقة تداعيات صعبة على مستقبل القضية الفلسطينية وربما منطقة الشرق الأوسط بشكل كامل.
وتعالت التحذيرات العالمية من خطورة التصعيد وتوسيع القتال بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية ونقله إلى مناطق أخرى، خاصة بعد التحذيرات التي أطلقها حزب الله اللبناني والمقاومة بفتح جبهات جديدة للقتال من جنوب لبنان وسوريا.
وعلى الرغم من أن مصير المقاومة والسلطة الفلسطينية يظل مجهولا حتى الآن، خاصة بعد تعهد دولة الاحتلال الإسرائيلي بالقضاء على حركة حماس، إلا أن هناك تقارير أكدت أن عملية طوفان الأقصى قضت على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة اليمين المتطرف فى الحكومة.
وكشف استطلاع للرأي فى إسرائيل أن 84% من الإسرائيليين يحملون حكومة نتنياهو مسئولية الإخفاق فى غزة، كما أثبت الاستطلاع أن 56% من الإسرائيليين يطالبون بإقالة نتنياهو.
ومن المعروف أن ملف القضية الفلسطينية في الوقت الحالي لم يعد مقتصرا على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، خاصة مع الموقف غير الحيادي الذى تنتهجه واشنطن، ودعمها الواضح لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، إذ أكدت بشكل علني على لسان وزير دفاعها لويد أوستن خلال زيارته لتل أبيب، أنها لن تكون حيادية وستدعم إسرائيل بكل الوسائل العسكرية والسياسية ضد فلسطين.
ويفتح الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل الباب أمام لاعبين جدد فى القضية الفلسطينية على رأسهم الصين وروسيا، إذ أبدت الدولتان مواقف راشدة ومسئولة عبر المطالبة بوقف فورى لإطلاق النار والدخول فى مفاوضات سياسية لإنهاء الأزمة.
وأعربت الصين أنها تدعم حل الدولتين وطالبت بوقف العنف وتجنب استهداف المدنيين، وهو ما أثار استياء حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب جرائم في حق الشعب الفلسطيني، كما جاء الموقف الروسي متوافقا مع الموقف الصيني وقال الرئيس فلاديمير بوتين، أن موسكو مستعدة لإجراء محادثات مع أطراف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ودعا بوتين إلى ضرورة إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى أن التوغل البرى الإسرائيلي في غزة سيؤدى إلى خسائر كبيرة والأهم وقف إراقة الدماء، وانتقد الرئيس بوتين موقف أمريكا من الأزمة خاصة بعد قيامها بإرسال حاملة طائرات وتدخلها بالدعم العسكري لإسرائيل بدلا من الدفع إلى التهدئة.
من ناحيته، قال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الملف الفلسطيني مرتبط بجانبين، أحدهما سياسي والآخر عسكري، مشيرا إلى أن الحرب الأخيرة بين المقاومة وجيش الاحتلال أثبتت مدى تأثير انخراط الأجيال الجديدة فى الصراع على هذا الملف.
وأضاف سعد الزنط أن هناك حاجة إلى تجديد دماء القيادة الفلسطينية وإفساح المجال للكوادر الشبابية للصعود إلى مراكز القيادة، بالإضافة إلى الاستمرار فى تقوية المقاومة موضحا أنه لا يمكن الوصول إلى الهدف بدون وجود مقاومة قوية وشرسة.
وأكد الزنط أن عملية طوفان الأقصى أثبتت مدى القوة والشراسة التى أصبحت عليها المقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال غير قادر على القضاء عليها.
وأشار إلى أن هذه الحرب سيكون لها تأثير إيجابى على القضية الفلسطينية لأنها وحدت صفوف المقاومة واستطاعوا التنسيق فيما بينهم وشنوا حربا شرسة ضد الاحتلال الإسرائيلى كبدوه فيها خسائر فادحة.
وشدد الزنط على أن هناك سيناريو متفق عليه بين حكومة الاحتلال الإسرائيلية وإدارة بايدن تمثلت فى زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن لتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد والدفع بالفلسطينيين إلى سيناء.
وأوضح مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية أن الهدف من الاتفاق الأمريكى الإسرائيلي هو اذابة القضية الفلسطينية من خلال بناء صورة ذهنية منحاز عبر الإعلام الغربى الذى نجح فى إقناع العالم أن الإسرائيليين يتعرضون لمحرقة جديدة كما حدث معهم من قبل النازية، مؤكدا أمريكا وحلفاءها الأوروبيين يتخذون حالة التعاطف الدولى ذريعة لتنفيذ مخططهم والضغط على المواطنين فى غزة وتهجيرهم من القطاع.
وذكر الزنط أن الموقف المصري القوي أعاق تلك المخططات، خاصة بعد اللهجة القوية التى استخدمتها القاهرة للتعبير عن رفضها الشديد لهذا المخطط، وهو ما دفع إسرائيل للتراجع عن دعواتها للفلسطينيين بالنزوح إلى سيناء.
أما السفير عزت سعد، سفير مصر السابق فى روسيا، فيرى أن إسرائيل لن تقبل بوساطة أي دولة ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أنها لا تريد أى حل يمنح الشعب الفلسطينى الحق فى إقامة دولته.
وأضاف أن التصريحات الروسية وموقفها الحالى لم يتغير منذ فترة طويلة، لأنها دائمًا ما كانت تدعم حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية بناء على حدود ما قبل عام 1967، أن تصريحات بوتين حولة الوساطة الروسية فى الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، ما هى إلا رد فعل للتصعيد الخطير الذى يحدث وقد يجر المنطقة بأكملها إلى صراع طويل الأمد، مشيرا إلى أن روسيا تعلم جديا تأثير تلك الأحداث على اتفاقات السلام التى وقعتها إسرائيل مع الدول العربية، الأمر الذى كان له مردود على المنطقة، فهى تخشى انهيار تلك الاتفاقات وعودة الحرب العربية الإسرائيلية من جديد.
وأضاف على أن روسيا، باعتبارها عضوا دائما فى مجلس الأمن، كانت حريصة على حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية.
وأشار السفير عزت سعد إلى أن الصين موقفها متوافق مع الموقف الروسى ودائمًا ما تطالب بضرورة إيجاد حل سلمى للقضية الفلسطينية على أسس حل الدولتين.
وفى سياق متصل، قال الدكتور يسرى عبيد، الباحث فى الشئون العربية، إن عملية طوفان الأقصى التى نفذتها المقاومة الفلسطينية والعدوان الذى يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة سيكون لهما تأثر كبير على مستقبل القضية الفلسطينية بشكل شامل.
وأضاف الدكتور يسرى عبيد أن مدى تأثير هذه الأحداث المتسارعة متوقف على النتيجة النهائية للحرب والطرف الذى سيحقق الانتصار فيها، مشيرا إلى أن مستقبل المقاومة الفلسطينية مرهون بصمود قطاع غزة فى وجه العدوان الإسرائيلى.
وأكد يسرى عبيد أنه نجاح إسرائيل فى شن عدوان برى على قطاع غزة وفرض سيطرتها عليه، فذلك يعنى نهاية حركة حماس والجهاد الإسلامى كجبهات للمقاومة.
ونوه يسرى عبيد إلى أن دولة الاحتلال تسعى للقضاء على المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة وتقوية حكم السلطة الفلسطينية وفرض سيطرتها على الضفة والقطاع معًا.
وأوضح الباحث فى الشئون العربية، أن تل أبيب تسعى لتفريغ القطاع من المواطنين ونقلهم للعيش فى مخيمات تسهل السيطرة عليها.
وحول مستقبل الحكومة الإسرائيلية، ذكر يسرى عبيد أن مستقبل نتنياهو مرهون بمدى نجاحه فى القضاء على المقاومة الفلسطينية على الأرض، لهذا يدفع الجيش الاحتلال الإسرائيلى إلى تدمير البنية التحتية فى قطاع غزة وتحويل القطاع إلى منطقة منكوبة لا تصلح للعيش فيها.