رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى وفاته الـ 45.. أبرز المحطات في حياة الشيخ عبد الحليم محمود.. بشّر بحرب أكتوبر.. ورفض قانون الأحوال الشخصية والوجودية

الشيخ عبد الحليم
الشيخ عبد الحليم محمود، فيتو

تحل اليوم الثلاثاء الذكرى الـ 45 على رحيل العارف بالله الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف الأسبق، أحد أبرز ركائز علماء العصر الحديث ممن أسهموا في إثراء الحركة العلمية في مصر والعالم الإسلامي، كما كان له العديد من المواقف التي سطرها التاريخ من خلال رفضه الخضوع لأي تأثيرات سياسية تقلص من صلاحيات شيخ الأزهر حيث أعاد للمنصب هيبته واستطاع التوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية ونشر الفكر الوسطي في شتى ربوع الجمهورية. 

وتستعرض “فيتو” خلال التقرير التالي أبرز المحطات في حياة الشيخ عبد الحليم محمود بداية من نشأته مرورا بتعيينه في منصب شيخ الأزهر وموقفه في حرب أكتوبر وصدامه مع الرئيس السادات ورفضه لمجموعة من القوانين.

 

نشأة الشيخ عبد الحليم محمود 

وُلد الشيخ عبد الحليم محمود في 12 مايو 1910، في قرية أبو أحمد التابعة لمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، ونشأ في أسرة طيبة عرف عنها الصلاح والتقوى، حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر سنة 1923م، حصل على العالمية سنة 1351 هـ / 1932م ثم سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي، حيث حصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عن الحارث المحاسبي سنة 1359 هـ / 1940م. 

Advertisements

بعد عودته عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بكليات الأزهر ثم عميدا لكلية أصول الدين سنة 1384 هـ / 1964م وعضوا ثم أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية فنهض به وأعاد تنظيمه عين وكيلا للأزهر سنة 1390 هـ / 1970م فوزيرا للأوقاف وشئون الأزهر.

 

 الشيخ عبد الحليم محمود ، فيتو 



تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر 

تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر في ظروف بالغة الحرج، وذلك بعد مرور أكثر من 10 سنوات على صدور قانون الأزهر سنة 1381 هـ / 1961م، لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتوقع للشيخ عبد الحليم محمود أن يحقق هذا النجاح الذى حققه في إدارة الأزهر، فيسترد للمشيخة مكانتها ومهابتها، ويتوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية على نحو غير مسبوق، ويجعل للأزهر رأيا وبيانا في كل موقف وقضية، حيث أعانه على ذلك صفاء نفس ونفاذ روح، واستشعار المسئولية الملقاة على عاتقه، وثقة في الله عالية، جعلته يتخطى العقبات ويذلل الصعاب.

 

الشيخ عبد الحليم محمود

 

الشيخ عبد الحليم محمود يبشر بحرب أكتوبر  

روى الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، قصة تحكي جانبًا من دور الأزهر الشريف وعلمائه في حرب أكتوبر المجيدة، فيقول إن الشيخ عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الراحل رحمه الله، قبيل حرب رمضان المجيدة، رأى رسول الله ﷺ في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرًا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنًا إياه بالنصر.


ثم لم يكتف بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينًا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب في سبيل الله، وأن الذي يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق.

 

 الشيخ عبد الحليم محمود

 

تحدي عبدالناصر

بعد عودة الشيخ محمود من فرنسا كان يرتدي البدلة، غير أنه بعد سماع خطبة للرئيس عبدالناصر يسخر فيها من الأزهر وعلمائه بقوله: "إنهم يُفتون الفتوى من أجل ديكٍ يأكلونه" غضب الشيخ غضبًا شديدًا، فخلع البدلة على الفور ولبس الزيَّ الأزهري، وطالب جميع زملاءَه بذلك فاستجابوا له، وقتها اعتبر هذا تحديًا للرئيس عبدالناصر.

صدام الشيخ عبد الحليم محمود مع السادات

صدر قرار تعيين الشيخ عبد الحليم محمود شيخا للأزهر في 22 صفر 1393هـ / 27 مارس 1973م، وكان هذا هو المكان الطبيعي الذي أعدته المقادير له، وما كاد الشيخ يمارس أعباء منصبه وينهض بدوره على خير وجه حتى صدور قرار جديد من رئيس الجمهورية في 17 جمادى الآخرة 1394هـ == 7 يوليو 1974م يكاد يجرد شيخ الأزهر مما تبقى له من اختصاصات ويمنحها لوزير الأوقاف والأزهر، وما كان من الشيخ إلا أن قدم استقالته لرئيس الجمهورية على الفور، معتبرا أن هذا القرار يغض من قدر المنصب الجليل ويعوقه عن أداء رسالته الروحية في مصر والعالم العربي والإسلامي.

روجع الإمام في أمر استقالته، وتدخل الحكماء لإثنائه عن قراره، لكن الشيخ أصر على استقالته، وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه، ورفض تناول راتبه، وطلب تسوية معاشه، وأحدثت هذه الاستقالة دويا هائلا في مصر وسائر أنحاء العالم الإسلامي، وتقدم أحد المحامين  برفع دعوى حسبة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية ووزير الأوقاف، طالبا وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية.

إزاء هذا الموقف الملتهب اضطر أنور السادات إلى معاودة النظر في قراره ودراسة المشكلة من جديد، وأصدر قرارا أعاد فيه الأمر إلى نصابه، جاء فيه: شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر،تضمن القرار أن يعامل شيخ الأزهر معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش، ويكون ترتيبه في الأسبقية قبل الوزراء مباشرة، وانتهت الأزمة وعاد الشيخ إلى منصبه ليواصل جهاده، جدير بالذكر أن قرارا جمهوريا صدر بعد وفاة الشيخ بمساواة منصب شيخ الأزهر بمنصب رئيس الوزراء.


 

 الشيخ عبد الحليم محمود

 

 

وقوفه ضد إصدار قانون الأحوال الشخصية

وقت إصدار قانون الأحوال الشخصية والذي سمي آنذاك بقانون جيهان، وتضمن هذا القانون قيودًا على يقيد الطلاق ومنَع تعدد الزوجات، وعندما نما إلى علم الإمام الأكبر هذا القانون انتفض قائلًا: "لا قيودَ على الطلاق إلا من ضمير المسلم، ولا قيودَ على التعدد إلا من ضمير المسلم"، وأصدر بيانًا على الفور حذر فيه من الخروج على تعاليم الإسلام، وأرسله إلى المسئولين وأعضاء مجلس الشعب والصحف، ومنعت السلطة نشر هذا البيان في الصحف، إلا أنه في النهاية لم يتم إصدار هذا القانون وذلك نتيجة لإصرار الشيخ محمود ووقوفه ضده.

 

موقفه من اقتراح تدريس الكتب الدينية المشتركة

اقترح البابا شنودة تأليف كتب دينية موحدة للطلبة المسلمين والمسيحيين تدرس فيها القيم الأخلاقية المشتركة، تكون بديلا للتربية الدينية، وكانت دوافعه في ذلك هى تعميق الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة وتقوية الروابط بينهما، وزار الدكتور مصطفى حلمي وزير التربية والتعليم آنذاك الإمام الأكبر ليستطلع رأيه في هذا الاقتراح، لكن الشيخ واجه الوزير بغضبة شديدة قائلًا له: "يوم يُطلب منا مثل هذه الكتب فلن يكون ردي عليها سوى الاستقالة"، ولكن الوزير استرضى الشيخ الغاضب وقدم اعتذارًا له ووضح له أنه جاء ليستفتيه في هذا الأمر.
 

موقف الشيخ عبد الحليم محمود من الوجودية


حارب الشيخ عبد الحليم محمود الوجودية وهاجمها بشدة وذلك عندما دعى البعض لها كمذهب حر، فتوجه الشيخ لهم بتساؤل عن مكمن الحرية في المذهب الوجودي، منسائلا أهي حرية مطلقة فتكون بمثابة أداه للإعتداء على حقوق الآخرين، وإذا كانت هذه الحرية في عقيدة الوجوديين تدعو إلى قضاء كل رغبة يتعشقها المرء، فماذا يصنع هذا الوجودي إذا اصطدم بوجودي آخر يريد أن يقطف الثمرة من يده، إذن فهي حرية فرد تنال بظلم فرد آخر.

مؤلفات الشيخ عبد الحليم محمود 

كانت كتابات الامام الاكبر عبد الحليم محمود عن  الصوفية في الكثير من مؤلفاته؛ فمنها قضية التصوف المنقذ من الضلال، والذي عرض فيه لنشأة التصوف، وعلاقته بالمعرفة وبالشريعة، وتعرض بالشرح والتحليل لمنهج الإمام الغزالي في التصوف، كما كتب عن المتصوفة في العصور القديمة والحديثة، ولقب بأبو المتصوفين.


وصل عدد مؤلفاته سواء بالكتابة او الترجمة الى اكثر من 100 كتاب، أما أول كتبه فقصة كان قد ترجمها عن الفرنسية من تأليف أندريه موروا عام 1946، وهى رواية (وازن الأرواح ) وهى من روايات الخيال العلمى.
 

وفاة الشيخ عبد الحليم محمود 

في ظل هذا النشاط الجم والرحلات المتتابعة لتفقد المسلمين شعر بآلام شديدة بعد عودته من الأراضي المقدسة فأجرى عملية جراحية لقي الله بعدها في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق (15 ذو القعدة 1397 هـ / 17 أكتوبر 1978م) تاركا ذكرى طيبة ونموذجا لما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

الجريدة الرسمية