رئيس التحرير
عصام كامل

سفير أرمينيا بالقاهرة يكتب لـ فيتو: أسرار خطة التطهير العرقي في ناغورنو كاراباخ على يد أذربيجان

سفير أرمينيا بالقاهرة،
سفير أرمينيا بالقاهرة، فيتو

شنت أذربيجان هجومًا عسكريًّا واسع النطاق ضد شعب ناغورنو كاراباخ (آرتساخ) في 19 سبتمبر 2023، بهدف التطهير العرقي في المنطقة لتفريغها من سكانها الأصليين (الأرمن)، وتمكنت من تنفيذ هجومها بحضور قوات حفظ السلام الروسية.

ناغورنو كاراباخ أصبحت منطقة أشباح

في غضون عدة ساعات، أصبحت ناغورنو كاراباخ منطقة أشباح، واضطر أكثر من 99.9 بالمائة من سكانها إلى الفرار.

نتيجةً للهجوم العسكري والعدوان الذي شنته أذربيجان، على الأرمن في ناغورنو كاراباخ، أُجبر أكثر من 100.000 أرمني على الفرار من ديارهم وأرضهم التي عاشوا فيها طيلة حياتهم، وتركوها بعد 10 أشهر من الحصار والتجويع.

لم يبقَ في ناغورنو كاراباخ تحت حكم أذربيجان، سوى بضع عشرات من الأرمن (السكان الأصليين)، من بينهم كبار السن والمعاقون الذين لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم. والحصيلة المؤكدة لقتلى العدوان تتجاوز 220 شخصًا غالبيتهم من المدنيين العزل.

أذربيجان تمارس تطهيرًا عرقيًّا ممنهجًا

ما فعلته الحكومة الأذربيجانية في ناغورنو كاراباخ، هو مثالٌ حي على التطهير العرقي الذي يحمل سمات الإبادة الجماعية، على أقل تقدير، وقد أعدت "باكو" لذلك منذ فترة طويلة.

على الرغم من أن أذربيجان تدعي باستمرار أنها تقصف أهدافًا عسكرية فقط، فإن الكثير من المباني والمنازل السكنية المدنية تم استهدافها وإلحاق الضرر بها وتدميرها عن عمد.

في الفترة التي أعقبت البيان الثلاثي بشأن وقف إطلاق النار الذي وقع عليه قادة أرمينيا وأذربيجان والاتحاد الروسي يوم 9 نوفمبر 2020، انتهك الجانب الأذربيجاني بشكل صارخ بنود البيان بشكل متكرر، ولجأ إلى التصعيد العسكري، وتعطيل الحياة الطبيعية للسكان المدنيين في الإقليم، وشن هجمات جسدية ونفسية وأعمال عنف ضد المواطنين.

إضافةً إلى ذلك، بدءًا من 12 ديسمبر 2022، وفي انتهاك للنقطة السادسة من بيان 9 نوفمبر، قامت أذربيجان بإغلاق ممر لاتشين، مما أدى إلى عرقلة الطريق البري الذي يربط ناغورنو كاراباخ بأرمينيا وبقية العالم، فارضًا على جميع سكانه المقدرين بأكثر من 100 ألف شخص حالة من العزلة التامة، وحرمانهم من الإمدادات الغذائية والطبية الحيوية.

تدمير البنية التحتية في ناغورنو كاراباخ 

وإلى جانب الحصار المفروض على ممر لاتشين منذ 10 أشهر، دمرت أذربيجان عمدًا البنية التحتية الحيوية في ناغورنو كاراباخ التي شملت (إمدادات الغاز الطبيعي، وإمدادات الكهرباء، والإنترنت والاتصالات المتنقلة) بهدف زيادة تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل، والتسبب في معاناة إنسانية مفرطة لشعب ناغورنو كاراباخ، وهذا ما حوَّل حياتهم إلى جحيم.

وأصبح من الواضح، أن الحصار المستمر لـ ناغورنو كاراباخ، وتدمير البنية التحتية الحيوية من قبل أذربيجان، فضلًا عن الهجمات المسلحة بشكل منتظم ومستمر، كان يهدف إلى إخضاع ناغورنو كاراباخ للتطهير العرقي من خلال الترهيب الجسدي والنفسي، والذي اكتمل في 19-20 سبتمبر باستخدام القوة العسكرية المفرطة. 

وتعرضت "ستيباناكيرت" وجميع المدن والمناطق الأخرى تقريبًا في ناغورنو كاراباخ، لهجوم واسع النطاق من قبل القوات المسلحة الأذربيجانية، استخدمت فيه الصواريخ الإسرائيلية الصنع في الغالب، والمدفعية الثقيلة والطائرات القتالية والمسيرات، ولم يسلم الأمر من استخدام الذخائر العنقودية المحظورة دوليًّا، في انتهاك خطِر للقانون الدولي. 

ارتكب العدوان انتهاكات خطرة للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الاستهداف المتعمد للمدنيين، وقصف المستوطنات غير المحمية، والبنية التحتية المدنية، التي شملت المدارس، وكل ذلك في وضح النهار على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.

الهجوم سبقه نشر معلومات كاذبة من كافة الجهات، بما في ذلك وزارة الخارجية الأذربيجانية حول أنشطة التعدين والتخريب، ما يشير إلى التخطيط للهجوم وإعداد الحقل المعلوماتي لتبريره. 

أكاذيب أذربيجان حول عمليات التعدين

وصرحت الحكومة الأرمينية مرارًا وتكرارًا، بأن القوات المسلحة والمعدات العسكرية لجمهورية أرمينيا غير منتشرة في ناغورنو كاراباخ، وأن جميع الادعاءات المتعلقة بعمليات التعدين كاذبة وملفقة.

 لقد سحبت أرمينيا جميع قواتها وفقًا للبيان الثلاثي الصادر في 9 نوفمبر 2020، ولا تُقدم باكو الرسمية هذه الروايات الساخرة إلا لتبرير سياسة الإبادة الجماعية التي تنتهجها.

اقرأ أيضًا: 

100 ألف نازح يرحلون إلى أرمينيا بعد إعلان حل جمهورية كاراباخ

الواضح، أن الأعمال العدوانية المستمرة التي تقوم بها أذربيجان ضد ناغورنو كاراباخ، والخطابات الدعائية غير الخفية، والدعاية الكاذبة والمستهجنة تمامًا المتمثلة في وصف السكان وقوات الدفاع في ناغورنو كاراباخ بـ "الإرهابيين"، فضلًا عن الحصار غير القانوني المفروض على ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيد الذي يربط ناغورنو كاراباخ بأرمينيا، سعي ممنهج إلى تحقيق هدف واحد وهو إخضاع سكان ناغورنو كاراباخ للتطهير العرقي من خلال استخدام القوة وحرمانهم من الحق في العيش بحرية وأمان. 

عملية اندماج وهمية في الإقليم 

والآن تدعو باكو السكان الأرمن في الإقليم إلى البقاء و"إعادة الاندماج" في أذربيجان، قائلة إنه سيتم الحفاظ على حقوقهم، لكن الأرمن لا يريدون العيش كجزء من أذربيجان خوفًا من الاضطهاد المستمر والتطهير العرقي، وهو ما قد حدث بالفعل. 

وتنشغل وسائل الإعلام الأذربيجانية بنشر "مشاهد" تزعم أن هناك "أرمن" يريدون الاندماج في أذربيجان.

 ومن الواضح، أن هذه دعاية السلطات الأذربيجانية التي تحاول التخلص من سمعة دولة ارتكبت تطهيرًا عرقيًّا. إنه لأمر مثير للسخرية حقًّا أن يتم إجبار أكثر من 100 ألف أرمني على الخروج من وطنهم ثم محاكاة اندماج بضع عشرات من الأرمن (ليس أكثر من خمسين شخصًا)، وخاصة إذا كان "الاندماج" في مصطلحات باكو يعني الاستيعاب القسري.

لقد أدان المجتمع الدولي بشدة العدوان العسكري الأذربيجاني، ووصف العديد من الدول عن حق تصرفات باكو بأنها عمل من أعمال التطهير العرقي.

في 5 أكتوبر الجاري، على سبيل المثال، ذكر البرلمان الأوروبي أن الوضع الحالي مع الأرمن الفارين من ناغورنو كاراباخ يرقى إلى مستوى التطهير العرقي، ودعا المجلس الأوروبي إلى اعتماد عقوبات مستهدفة ضد مسؤولي الحكومة الأذربيجانية عن انتهاكات وقف إطلاق النار وانتهاكات حقوق الإنسان في ناغورنو كاراباخ. 

وإشارة إلى أحداث ناغورنو كاراباخ، صرحت السيدة كاثرين كولونا، وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، بأنها في الواقع تطهير عرقي، موضحة أن "الناس مجبرون على مغادرة أرض أجدادهم، وأجبروا على تركها بعد الأعمال العدائية الأخيرة، أو تحت تهديد أعمال عدائية جديدة، فمغادرتهم ليست مغادرة طوعية”.

أكذوبة تدمير المساجد وتربية الخنازير داخلها

حاولت أذربيجان لسنوات عديدة إعطاء سياق ديني على صراع ناغورنو كاراباخ، وكثيرًا ما يزعم المسؤولون الأذربيجانيون، أن الأرمن يحتفظون بالخنازير داخل المساجد، وأنهم دمروا مساجد ناغورنو كاراباخ، وهي بالطبع كذبة ودعاية أخرى لأذربيجان. 

ومن الحقائق المعروفة أن الاتحاد السوفييتي، كانت لديه إيديولوجية ملحدة، وقد تم تدمير أكثر من 1500 مسجد في أذربيجان خلال فترة الاتحاد السوفييتي، وأرمن ناغورنو كاراباخ ليسوا مسؤولين عن سياسة الاتحاد السوفييتي.

خلال الحكم السوفييتي، دمر الشيوعيون أيضًا آلاف الكنائس، بما في ذلك الكنائس الأرمنية، في جميع أنحاء الاتحاد. ومن الكذب المطلق أيضًا أن الأرمن احتفظوا بالخنازير في الضريح الإسلامي. 

في الواقع، قام الأرمن بترميم مسجد يوخاري جوهر آغا في شوشي. علاوةً على ذلك، هناك المسجد الأزرق في يريفان الذي تم بناؤه في القرن الثامن عشر الميلادي وهو قائم اليوم. 

ومن ناحية أخرى، تتمتع أذربيجان بخبرة كبيرة في القضاء على الأحرام الأرمنية وتدمير أي أثر تاريخي وثقافي أرمني في الأراضي الخاضعة لسيطرتها. 

ومن الأمثلة الصارخة على ذلك تدمير أذربيجان لعشرات الآلاف من المنحوتات الحجرية القديمة المحمية من قبل منظمة اليونسكو، خاتشكار (أحجار الصليب) في جلفا، في ناخيجيفان، في الفترة 1997-2006. لقد كان ذلك مذبحة ثقافية واسعة النطاق نُظمت على مستوى الدولة، ونتيجة لذلك تم تدمير 28 ألف قطعة ثقافية بالكامل، 89 منها كانت كنائس ونحو 6 آلاف خاتشكار من العصور الوسطى.

استهداف وتدمير متعمد للكنائس والأضرحة الأرمنية 

 إن الاستهداف والتدمير المتعمد لمئات الكنائس والمقابر والأضرحة الأرمنية في ناغورنو كاراباخ في أثناء وبعد الاعتداءات الأخيرة يشكلان أمثلة أخرى على هذه السياسة التي تتبعها أذربيجان، والتي تثبتها الأدلة العديدة التي نشرها الأذربيجانيون أنفسهم. 

بعد الهجوم العسكري الذي وقع في 19 سبتمبر وتهجير الأرمن من ناغورنو كاراباخ، دمرت القوات المسلحة الأذربيجانية الصليب الموضوع بالقرب من ستيباناكيرت، وقامت بمحاولات لتشويه هوية غاندزاسار، من إحدى أشهر الأديرة الأرمنية في العصور الوسطى. وتظهر الخطوات المذكورة مرة أخرى نية أذربيجان بتدمير أي أثر أرميني في ناغورنو كاراباخ. 

ومن الجدير بالذكر، أن السلطات الأذربيجانية، "القلقة للغاية" بشأن المساجد في ناغورنو كاراباخ، لم تعرب عن أي قلق أو انتقاد بصدد تعرض المساجد والمقدسات الإسلامية للهجوم والتدمير في مختلف دول أوروبا والشرق الأوسط.

الواضح، أن الدعاية الأذربيجانية المناهضة للأرمن المذكورة أعلاه، والتي يحاولون تنفيذها هنا في مصر، أيضًا تهدف بوضوح إلى تشويه سمعة الأرمن في عيون أصدقائهم المسلمين والعرب، ولكننا نأمل ألا يصدق ذلك الشعب المصري الذي يعرف الأرمن جيدًا ويعيش معهم منذ قرون.

نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية