رئيس التحرير
عصام كامل

القبطان نبيل عبد الوهاب: فجّرنا إيلات ومحدش من جنود العدو شافنا.. هذه تفاصيل استشهاد البرقوقى الحقيقية.. وفرحت بفيلم «الطريق إلى إيلات»

لحظة تكريم القبطان
لحظة تكريم القبطان نبيل عبد الوهاب، فيتو

50 سنة انتصارات أكتوبر، يوبيل ذهبى وملحمة تاريخية أظهرت معدن المصريين، هكذا هو نصر أكتوبر الذى يعد محطة فارقة لتصحيح المسار المصرى على المستويين العسكرى والشعبى، بل ويعدّه مؤرخون ولادة جديدة للمصريين الذين أثبتوا تفردهم بتكاتف غير مسبوق.


ولأن الحرب كانت للجميع، فى البر والجو والبحر، “فيتو” تحاور أحد أبطال الملحمة، وهو القبطان البطل نبيل عبد الوهاب أحد أبطال الضفادع البشرية، والذى أعطى مثالا فى الشجاعة والصمود، إذ شارك فى ٣ عمليات بمدينة إيلات الإسرائيلية أثناء حرب الاستنزاف، ولم يترك زميله بالعملية، بل قام بالسباحة وهو يحمله لأقرب نقطة التقاء.


فى الحوار التالى، فيتو تكشف أهم عملية فى تاريخ الضفادع البشرية:

 


- لماذا قامت الضفادع البشرية بأكثر من عملية فى ميناء إيلات الإسرائيلى؟

عندما ضربت إسرائيل مصر وعددا من الدول العربية المجاورة تفوقت عليهم بقواتها الجوية، والتى كنا نطلق عليها اليد الطولى للعدو، وطالت هذه اليد العديد من المواقع، وكان قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن نكسر نظرية الأمن الإسرائيلى فى عقر داره، لأن إسرائيل كانت تبنى لهم كبيوستات أو مستعمرات ويقومون بتأمينها بالكامل، وقال عبد الناصر فى خطابه الشهير «العمق بالعمق»، فبدأنا باختراق إسرائيل من الداخل بعمليات ميناء إيلات، ولماذا إيلات لأنها ميناء حربى، فإذا كانت إسرائيل تستبيح المدنيين نحن لا نعامل العدو بالمثل، لأننا جيش له تقاليد ومبادئ.


- اروِ لنا كيف تم التنسيق لدخول إيلات والقيام بالعمليات؟

قبل أي عملية لا بد أن يكون هناك استطلاع كامل لأماكن العملية وما حولها، أما العمليات التى تنفذ خارج حدود الوطن لا بد من التنسيق بين مخابراتنا ومخابرات الدول الصديقة، عمليات إيلات برعت فيها أجهزة المخابرات والتحريات بالتعاون بين الدول العربية، وهو ما نفتقده الآن، فكان هناك تنسيق بين مصر والجانب الأردنى فى جمع المعلومات، ثم صدرت لنا الأوامر من القيادة بالسفر إلى عمان وسلموا لنا جوازات مزيفة.


- أهم المواقف التي صادفتكم خلال العملية؟

عندما وصلت للمطار، المخابرات استخرجت لى جواز سفر مزور باسم طالب فى السنة النهائية حقوق، والتأشيرة مكتوب بها سبب السفر للفسحة ووقت العملية كان يتوافق مع امتحانات آخر العام، فكيف أسافر لقضاء إجازة وسط الامتحانات، مما أثار الشك لدى ضابط المرور بالمطار، وأوقفونى، وكان سيتسبب هذا الموقف فى ضياع العملية بالكامل لولا المراقبة الجيدة لرجال المخابرات لعناصر العملية فى كل مراحلها، ووجدت شخصا يشير للضابط من بعيد برأسه، فتركنى أمُر، فى هذا الوقت شعرت باطمئنان وأيقنت بيقظة رجال المخابرات فى متابعتنا وتذليل أي عقبات نواجهها.


أقمنا فى عمان يومين، حتى أحضروا لنا المعدات والألغام، ثم تحركنا إلى مكان قريب من ميناء العقبة، وكل واحد منا معه البودى الخاص به، وهو صف الضابط أو الشريك الآخر لأننا نخرج مجموعات كل مجموعة تضم فردين، وتحركنا من نقطة الإنزال فى مكان بين الحدود الأردنية السعودية وكانت الأوامر بعد إتمام العملية هى العودة إلى نقطة الإنزال أو تسليم أنفسنا إلى المخابرات الأردنية.


- ممكن أن تصف آخر دقائق فى حياة الشهيد فوزى البرقوقى؟

هذه اللحظات اتذكرها وكأنها حدثت بالأمس، فعندما نزلت أنا وفوزى البرقوقى كان فرحا جدا باختياره للعملية وكأنه ذاهب للقاء حبيبته، وكان مبتسما لم أعرف وقتها أنه يشعر بملائكة الجنة ووصلنا إلى السفينة "داليا"، أنا قمت بزراعة اللغم، وشاهدته يشعر بالتعب وبعد زرعه اللغم الخاص به وضبطه طلب منى الصعود به إلى الأعلى لأنه يحتاج لاستنشاق الأكسجين، وبالفعل صعدنا وأخذ نفسا عميقا ثم وجدته فارق الحياة، فهو كان يشعر بالدوار منذ وقت كبير، ولكنه رفض الخروج إلا بعد إتمام مهمته فى زرع اللغم حتى لا يكتشفه أحد من الإسرائيليين الموجودين بالسفينة فتفشل العملية، مما أدى إلى مشكلة فى الرئتين.


ثم وجدت الألغام تنفجر فى السفينة وشعرت وقتها بخليط من الحزن والفرح الحزن لفقدان البرقوقى الذى كانت علاقتى به لا تقتصر على ضابط ورقيب، ولكننا كنا أصدقاء منذ دخولنا القوات الخاصة نأكل ونتدرب ونخرج لا نفارق بعضنا أبدا، فقررت سحبه، وهذا جعلنى أتأخر على نقطة التجمع.


- هل قمت بتغيير خطة الوصول؟ وماذا حدث وقتها؟

العمليات الخاصة مضبوطة بتوقيت محدد وهناك خطة بديلة فى حالة فشل الوصول إلى نقطة اللقاء الأولى، وعندما فشلت بسبب التأخير طلعت فى قرية سياحية بجوار خليج العقبة مهجورة منذ حرب 67 تابعة للأردن، ولم أجد أحدا فيها، فبحثت حتى وجدت كشكًا خارج القرية وبه ضباط حرس حدود أردنيين فعرفتهم بنفسى وقلت لهم إن هناك طائرة هليكوبتر أنزلتنا وقمنا بالعملية، وقالوا لنا سلموا أنفسكم للإخوة الأردنيين، فسألونى هل أنتم أصحاب التفجير الكبير الذى حدث فى السفن الإسرائيلية! قلت له نعم، فأخذونى بالأحضان من الفرحة لأننا عرب ولدينا ثأر مشترك مع العدو الإسرائيلى، وطلبوا لنا الإسعاف، وأوصلونى إلى المستشفى، تم حجزى يومين وعدت أنا وجثمان أخى وصديقى فوزى البرقوقى أحد الأبطال الذين سجلوا بروحهم أغلى معانى التضحية والفداء، ولن أنساه أبدا أنا وزملائى فى العمليات الخاصة أو الضفادع البشرية.

ثم بعد هذه العملية بـ3 شهور اشتركت فى عملية تدمير الميناء الحربى "إيلات" مع صديق عمرى القبطان عمر عز الدين وكانت عملية كبيرة وجعت العدو الإسرائيلى.


- كم عملية تمت فى إيلات الإسرائيلية، وهل شاركت فيهم كلهم؟

تم عمل ٥ عمليات للإغارة على ميناء إيلات، أنا اشتركت فى ٣ مرات منها فقط، وكانت حصيلة مشاركتى تدمير السفينة "داليا" والرصيف الحربى "إيلات".


- هل شعر الإسرائيليون بكم عندما دخلتم إيلات؟ وأين نظرية الأمن الإسرائيلى؟

إسرائيل تعتمد فى ردعها على وسائل إعلام تمتلكها وتقول فيها ما تريد، لكن الواقع مختلف، فإسرائيل لم تشعر بنا فى أي عملية وإلا كانت قامت بتصفيتنا، حتى الضحايا الحقيقيين لم تفصح عنهم خوفا من انقلاب الرأى العام الداخلى لديها، أما فى مصر كانت هناك موضوعات بسيطة فى الجرائد ولم تأخذ الصفادع البشرية حقها وقتها والناس لم تعرف بعمليات إيلات إلا من خلال فيلم الطريق إلى إيلات، والكثير كانوا يعرفون تدمير المدمرة إيلات فقط التى تم تدميرها أمام ساحل بورسعيد فى 67 وكانت تحمل على ظهرها طلبة الفرقة النهائية للكلية البحرية الإسرائيلية ولكن باقى العمليات ظلت مجهولة، حتى تم عمل فيلم "الطريق إلى إيلات"، ولكن الفيلم اختصر الـ٥ عمليات التى قامت بها البحرية من الوصول إلى الميناء وتدمير 4 سفن ثم الميناء نفسه، وأنا كنت سعيدا عندما شاهدت الفيلم لأنه لولاه لما عرفَنَا الجيل الحالى ولا القادم، ولكن لا بد أن يكون هناك أفلام وثائقية توثق الأحداث الحقيقية لكل بطولات الوحدات الخاصة والبحرية والضفادع البشرية وبطولات حرب الاستنزاف وأكتوبر حتى نعطى للشباب دفعة بأنه لا يوجد مستحيل.


- الفيلم يوضح أن هناك ضرب نار من الجانب الإسرائيلى، وكان السبب فى استشهاد البرقوقى؟

 

هذا الكلام لم يحدث فهو للحبكة الدرامية فقط للمخرج والمؤلف، أما بشأن ضرب نار علينا من الإسرائيليين خلال تنفيذ العملية، فإن هذا أمر لم يحدث مطلقا، فكل العمليات دخلنا فيها إلى الميناء وخرجنا منه ورأينا التفجيرات بأعيننا، ولم ترنا أجهزة المخابرات الإسرائيلية وهنا تظهر عظمة التخطيط وبراعة التنفيذ قبل العمليات وبعدها فلو كانت لدينا رهبة من الأسلحة المتقدمة التى تمتلكها إسرائيل التى أطلقت على نفسها "الجيش الذى لا يقهر" لم نقوم بعملية واحدة ولكن بعد أول عملية تأكدنا تماما أن عقل وإصرار المصريين فاق كل التوقعات، وأن الأسلحة المتقدمة لم تقف عائقا أمام تحقيق أهدافنا، وهى كسر شوكة إسرائيل وضربها فى العمق.


وعمليات إيلات لم تكن مقياسا لحجم الخسائر المادية الإسرائيلية من الجنود والمعدات، ولكن بحجم الرعب والحالة النفسية التى سببناها لهم فى عقر دارهم، ولم يكتشف الإسرائيليون دخولنا أو خروجنا خلال 5 عمليات.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية